أفق نيوز
الخبر بلا حدود

من رحم السعودية ولد تنظيم “القاعدة” .. وفي الحضن الأمريكي ترعرع الإرهاب (حقائق وتفاصيل)

137

يمانيون – تقارير

انقلبت الولايات المتحدة الامريكية على نفسها في زمن الحرب الباردة، وانتهكت تعهداتها المبنية على أساس ما يعرف باسم “مبدأ مونرو”، وهو البيان الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو سنة 1823، والمتضمن أن الولايات المتحدة لن تتدخل في شؤون العالم واتجهت نحو العالمين العربي والاسلامي وسعت لاستثمار الاسلام المتطرف وتوجيهه لمحاربة النفوذ السوفياتي في الدول العربية والاسلامية آنذاك. فقسمت امريكا العالم الى قسمين: شطر يدين بالقوميات والحركات الوطنية التحررية يدعمه ويسانده الاتحاد السوفياتي، والشطر الآخر يحركه الاسلام السياسي المتشدد، والذي اعتبرته امريكا حليفا في الكفاح ضد الاتحاد السوفياتي وتوسيع نفوذها وهيمنتها على العالم وتحويل العالم الاسلامي إلى ميدان لمعاركها بل وجعلته ملكية خاصة ومعملا لتجاربها السياساتها المتعددة التي تستهدف اخضاع وتركيع الحكومات والشعوب.

لهذا السبب ساندت واستخدمت وكالة المخابرات المركزية الامريكية في منتصف الستينيات وبداية السبعينيات، جماعة الاخوان المسلمين في الوطن العربي تحت مزاعم إحباط التوسع السوفياتي ومنع انتشار الأيديولوجية الماركسية بين الجماهير العربية كما. وتوالى الدعم الأمريكي ليشمل الحركات الاسلامية المتطرفة ضد سوكارنو في إندونيسيا، والجماعة الاسلامية ضد ذو الفقار علي بوتو في باكستان. وأخيرا وبالتأكيد ليس آخرا، خلقت امريكا تنظيم “طالبان” وتنظيم “القاعدة”، في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، كأداة لإرهاب الاتحاد السوفياتي وطرده من افغانستان.

هيلاري كلينتون
هيلاري كلنتون تقول: ” دعونا نتذكر هنا أن أولئك الذين نقاتلهم اليوم نحن من قمنا بدعمهم يومًا ما قبل عقود، فعلنا ذلك لأننا كنا عالقين في صراع مع الاتحاد السوفيتي، ولم يكن بإمكاننا أن نسمح لهم بالسيطرة على آسيا الوسطى، لقد قمنا وبمباركة الرئيس ريجان وبموافقة الكونغرس بقيادة الحزب الديموقراطي بالتعامل مع المخابرات الباكستانية ودعمنا تجنيد هؤلاء المجاهدين من السعودية وأماكن أخرى،.. استوردنا العلامة الوهابية للإسلام حتى نستطيع الإجهاز على الاتحاد السوفيتي،.. لم يكن استثمارًا سيئًا فقد أسقطنا الاتحاد السوفيتي ولكن علينا أن نوقن أننا سنحصد ما زرعناه”.

مدير وكالة الأمن القومي في عهد الرئيس رونالد ريجان “وليام أودوم” تحدث –أيضا- عن علاقة أمريكا بالإرهاب وقال:

“تستخدم الولايات المتحدة الإرهاب منذ فترة ليست بالقصيرة. في 1978-1979 كان مجلس الشيوخ يحاول تمرير قانون لمكافحة الإرهاب الدولي – لكن كل النسخ التي قدموها كانت تدين الولايات المتحدة بالإرهاب، حسبما علق المحامون ..ولأن الولايات المتحدة نفسها لديها سجل طويل في دعم الإرهابيين واستخدام التكتيكات الإرهابية، فإن استخدامها لشعارات الحرب على الإرهاب اليوم يجعلها تبدو منافقة في نظر العالم”.

..نجحت الولايات المتحدة الامريكية في تنفيذ سياساتها وبدأت بتنفيذ خطتها بالتعاون مع المخابرات الباكستانية (ISI) والمخابرات السعودية واتجهت للترويج ودعوة المقاتلين من كافة أنحاء العالم الإسلامي للقتال في أفغانستان ضد السوفييت أعداء الإسلام- من وجهة نظر أمريكا- التي أقامت ودعمت معسكرات التدريب في باكستان، التي تشير بعض التقديرات إلى أن هذه المعسكرات نجحت في تدريب أكثر من 100 ألف مسلح..

ووفقًا للسيرة الذاتية لقائد تنظيم القاعدة الأسبق «أسامة بن لادن» الموجودة في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، فقد غادر «بن لادن» السعودية لمقاتلة السوفييت في عام 1979 وخلال 5 سنوات، أسس «بن لادن» مؤسسة معروفة باسم مكتب الخدمات.. الجدير بالذكر بشأن الأمر هو ما تكشف لاحقًا أن مكتب الخدمات كان يرعاه جهاز الاستخبارات في باكستان، وهو الوكيل الرئيسي لجهاز المخابرات الأمريكية في الحرب ضد موسكو في ذلك التوقيت.

لم يكن لدى الأمريكيين رغبة في التدخل المباشر في أفغانستان وأرجع الخبراء ذلك لعدة أسباب: أولها أن الولايات المتحدة لم تكن لها مصلحة مباشرة في أفغانستان، وإنما تتعلق مصالحها المباشرة بالجوار في باكستان ودول الخليج، إضافة إلى كونها لا تمتلك مبررًا شرعيًّا مثل اتفاق التدخل الروسي يبرر لها التدخل العسكري المباشر في كابول.

من ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة كانت لديها الخطة المسبقة لاستدراج الروس إلى حرب مفتوحة لا تطلق فيها الولايات المتحدة رصاصة واحدة.. الأمر لخصه “بريجنسكي” مستشار الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر والذي يعتبر العراب الذي كان له الدور الاكبر في بناء وتشكيل “تنظيم القاعدة” بدقة حين عندما قال: “خططنا لكي نجعل أفغانستان فيتنام الروس وقد كان”.

البداية كانت بزيارة قام بها «بريجنسكي» إلى القاهرة حيث التقى الرئيس المصري «أنور السادات» وكان المطلوب من مصر أمرين محددين: أولهما مشاركة المؤسسة الدينية المصرية في حملة الحشد للقتال ضد السوفييت ونجدة المسلمين في أفغانستان، الأمر الآخر والأكثر أهمية هو الحصول على الأسلحة السوفيتية القديمة المخزنة في المخازن المصرية من أجل شحنها إلى المسلحين في أفغانستان. كانت الولايات المتحدة ترغب بوضوح في طمس أي بصمة رسمية لها في دعم المسلحين لذلك فضلت ألا تمدهم بأسلحة أمريكية وإنما بأسلحة روسية حتى يظهر أنه تم اغتنامها من الروس أنفسهم.

أمر السادات بتخصيص مطار قنا العسكري ليكون مقرًا لشحن الأسلحة إلى باكستان حيث توزع بمعرفة الـ «سي آي أيه» والمخابرات الباكستانية، كما أمر الرئيس المصري بجعل ميناء بورسعيد قاعدة خلفية لتخزين وشحن السلاح إلى ميناء كراتشي.

بعد يوم واحد من اجتماعه بالسادات في مصر توجه «بريجنسكي» إلى غزة والتقى الأمير «فهد بن عبدالعزيز» ولي العهد السعودي آنذاك والأمير «سلطان» وزير الدفاع، وكان على السعودية تحمل الشق الأكبر من نفقات العملية إضافة لذات الدور الإعلامي لمؤسستها الدينية في الدعوة إلى الجهاد ضد السوفييت. وفي عام 1980 رحل «كارتر» و«بريجنسكي» عن البيت الأبيض وجاء «رونالد ريغان» خلفًا لهما ليكمل المهمة..

كان التحدي الأكبر الذي واجهته إدارة «ريغان» أن الولايات المتحدة عليها أن تتحمل حصة مالية هي الأخرى في تمويل العملية الأفغانية. وهنا يأتي الأمر الأكثر طرافة في العملية برمتها. اقترحت الاستخبارات الفرنسية على الرئيس الأمريكي الاستفادة من شحنات المخدرات التي يصادرها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، وبيعها في السوق السوداء واستخدام عوائدها في تمويل العمليات الأفغانية.

لاقت الفكرة فيما يبدو قبولًا أمريكيًّا.. وفي تلك الفترة ارتفع إنتاج المزارعين الأفغان من الخشخاش مرات عدة حتى صار مردوده المالي يقارب ستة مليارات دولار سنويًّا، وأصبح الأفيون وتقطيره أهم صناعة وطنية في البلاد. ووفقًا للصحفي الباكستاني «محمد رشيد»، فإنه في الثمانينيات من القرن العشرين اقترب حجم المخدرات الأفغانية المتداولة في العالم من 70% من إجمالي الإنتاج.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com