رقصة الفرح والحرب اليمانية … تنوع حضاري وموروث شعبي فريد
يمانيون – متابعات
خلال العصور الماضية عاشت معظم شعوب العالم حياتها بناءً على مجموعة من العادات والتقاليد الخاصة بها، بحيث كان لكل بلد من بلدان العالم وكل قبيلة عادات وتقاليد تميزها عن غيرها من البلدان والقبائل الأخرى، كما أنه في بعض البلدان قد تمتلك منطقة ما عادات وتقاليد تختلف عن باقي المناطق المجاورة لها في نفس البلدوهذا ما نشهده بكثرة في مختلف البلدان العربية بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص. ففي اليمن توجد الكثير من القبائل كقبيلة حاشد وقبيلة بكيل ومذحج التي يعود نسبها إلى دولة سبأ القديمة التي كانت تحكم اليمن في القرون التي سبقت ظهور الإسلام.
ونظراً إلى أن اليمن يعد موطناً لأقدم الحضارات السبئية والحميرية ومنبع لمعظم الثقافات والفنون في شبه الجزيرة العربية، فأنه يمتلك في وقتنا الحاضر مخزوناً هائلاً من الموروثات الشعبية والفنية التي من الصعب حصرها في هذا المقال ولهذا سوف نتناول بشكل موجز رقصة “البرع” التي تعد اهم مورث شعبي حفظه اليمنيين خلال القرون الماضية والذي تعد أيضا من اهم الفنون التي يتغنى بها اليمنيين في أفراحهم وحروبهم لأنها تعبر عن انسجام أعضاء المجتمع اليمني وتجسده في منظومة موسيقية يجهل الكثيرون أسرارها وتعابيرها.
إن رقصة “البرع” اليمنية تختلف من منطقة إلى أخرى باختلاف عادات وتقاليد القبائل اليمنية المتنوعة، فهنالك البرعة الصنعانية والحاشدية والبكيلية والهمدانية والتهامية والماربية وغيرها من الأنواع المنتشرة في مختلف المناطق اليمنية ويصحب كل نوع من هذه الأنواع، موسيقى وحركات خاصة بها تختلف حسب المنطقة.
يعتبر بعض المثقفين والمهتمين بهذا الفلكلور اليمني أن رقصة “البرع” لها أهمية كبيرة داخل المجتمع اليمني وذلك لإنها تعلم أبناء القبيلة العمل كمجموعة مترابطة ومتماسكة في الظروف الصعبة وتُستخدم الخناجر “الجنبية” في هذا النوع من الفنون اليمنية الشعبية لإضفاء نوع من الدلالات والمعاني الحربية والقتالية لإظهار مدى قوة تلك القبائل. الجدير بالذكر هنا أن اليمنيين يقومون بمثل هذه الرقصات في أيام المناسبات كالأعياد ومراسم الزواج وعند حل بعض القضايا الاجتماعية التي تحدث بين بعض القبائل اليمنية وينتشر هذا النوع من الفنون بشكل كبير في المناطق الشمالية لليمن وتقل في المناطق الجنوبية.
وفي هذا السياق قال الكاتب اليمني “أحمد راجح” إن رقصة البرع عبارة عن “تعبير عن البهجة لدى القبائل” ووصف هذا النوع من الفلكلور، حيث قال: “إن رقصة “البرع” حالة جمالية رائعة تبعث النشوة والفرح والسوية النفسية“.
من جهتها ذكرت الأديبة والمختصة النفسية اليمنية “ريم القاضي”، في إشارة لها حول دلالة الرقص في التعبير عن ثقافة الشعوب وإلى دور الرقص في الكشف عن خصوصيات المجتمعات، حيث أعربت: “كما يبدو من خلال الرقص لدى بعض الشعوب الآسيوية كاليابان والصين، والذي يوحي في أدائه الجماعي ودقة الراقصين، عن التماسُك والنظام والدقة التي يتميز بهِ أبناء هذه الشعوب“.
أنواع الرقص “البرع” اليمني:
- رقصة البرع الصنعاني
- رقصة البرع الحاشدي
- رقصة البرع البكيلي
- رقصة البرع الهمداني
- رقصة البرع الصعدي
- رقصة البرع الماربي
- رقصة البرع اليافعي
تجدر الإشارة هنا أن هذه الأنواع التي ذكرت أعلاه لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض ولهذا فإننا سوف نركز في مقالنا هذا على اهم نوع من تلك الرقصات وهي رقصة البرع الصنعاني التي يجيدها معظم المواطنين اليمنيين في شمال البلاد.
رقصة البرع الصنعاني
تعد رقصة البرع الصنعاني من اهم أنواع البرع الموجود في اليمن لما لها من دلالات ومعاني إذ أنها كانت خلال القرون الماضية تستخدم كوسيلة لإيصال خبر أو حدث ما وذلك من خلال آلة “الطاسة” وكانت تلك الرقصة بمثابة أسلوب نداء ليحتشد جموع الناس ليتم إعلامهم بخبر ما. و”الطاسة” عبارة عن وعاء نحاسي يسمح بإعطاء صوت رنان قوي يسمع على بُعد وشكل الطاسة فهي تبدو مقعرة الشكل مغطاة بالجلد الطبيعي. وتتكون هذه الرقصة الجميلة من أربعة إيقاعات مختلفة مبنية بناءً تصاعدياً وذلكم من اجل أن تتخذ تلك الرقصة مراحل متعددة حتى تصل لآخر مرحلة وتبدأ هذه الرقصة الصنعانية بإيقاع بطيء يسمى باللهجة المحلية “الدسعة” وبعد ذلك يأتي ميزان آخر أسرع بقليل يسمي “السارع” وبعد ذلك يتبعه الإيقاع “الوسطي” وهو أسرع مما سبقه من الإيقاعات وبعد ذلك يتسارع الإيقاع إلى أن يصل إلى مرحلة “الهوشلية” إذ أن الراقص يصل إلى ذروة السرعة في أدائه الحركي.
- موفع الوقت التحليلي