صباح في ملكوت الشهداء
يمانيون | بقلم | سعاد الشامي
في كل صباح أفتح نافذة غرفتي المطلة على روضة للشهداء وأشعر بأني لا أشعر بشيء مما يسمى حياة الا في أرجائها.
أستيقظت هذا الصباح الساعة السادسة والشمس لم تعانق بعد سمرة الجبال وكل من في البيت صرعى النوم ..
كعادتي فتحت نافذتي أطل بنظري إلى هناك ولا أدري لم تملكتني رغبة شديدة بأن لا أحتسي كوب البن المفضل الا بجوار أضرحة الشهداء وربما كانت محاولة مني للهروب من الواقع والتحليق في سماء عالم آخر!!
أسرعت إلى المطبخ لإعداد كوب البن لبست عباءتي وخرجت من البيت .. كان الشارع شبه خال من البشر وكان على مفرق الطريق كلب وأنا بطبعي أخاف من الكلاب وتربطني بها علاقة سيئة منذ صغري.
تعثرت قليلا وأنا مترددة بين المضي الى الروضة او العودة إلى البيت ولسان حالي يقول أتخافين كلبا وأنت ذاهبة لزيارة رجال لم يرعبهم أشرس عدوان بصواريخه ودباباته وبارجاته وجنوده المتكالبين والقادمين من كل حدب وصوب؟!!
أدركت أني في حرب وثوب, الخوف لم يعد مقاسه يناسبني والهروب لايحمي الجبناء تغاضيت عن الكلب و أقدامي تحملني إلى ملكوت الشهداء…
هناك كان صباحي مختلفاً عن بقية أيامي!!
اليوم لم أجلس على ذلك الكرسي الخشبي المصاب بعوامل التعرية نتيجة هطول الامطار عليه فاليوم مكثت على أطهر تراب وأقدس مكان .
صباحي اليوم لم يكن في بستاني الجميل الزاخر بأنواع الورود المختلفة والذي لطالما حسبته جنتي!!
اليوم كنت قاب قوسين او أدنى من جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار فيها من كل الثمرات دائمة خالدة عرضها السموات والأرض كانت جزاء لهم بما بذلوا وكانوا من المخلصين.
اليوم لم أستمع إلى زقزقة العصافير وعجزت نسمات الهواء الباردة أن تدغدغ مشاعري المبعثرة !!
اليوم أنصت خاشعة إلى أصوات قادمة من تحت تلك الأضرحة تهمس في الافق أنتم الأموات ونحن الأحياء.
مدت الحسرة ذراعيها لقلبي وغرس الأسى مخالبه على جسد روحي حينما تذكرت من نحن ومن هم!!
نظرت إلى ساعتي رأيتها تشير إلى السابعة أخذتني آهاتي بين أحداق الثواني والقتني في محاجر الدقائق ولكن بداعي الأمل أن أكون ذات يوم بجانبهم زفرت اليأس خارجها وتلاشت فيَّ ألف دمعة ودمعة وغادرتها بهذه الحروف المتساقطة من أصابعي.