أفق نيوز
الخبر بلا حدود

طفل الميزان

152

#زينب_الشهاري
لا رفيق يؤنس وحشة ساعات يومي الثقيلة التي أكابدها بين لفحات الشمس الحارقة أتأمل وجوه المارة بصمت سوى رفيقي الذي يشاركني حياتي القاسية و يقاسمني المكان يومياً، و لو كان ينطق لاشتكى من تلك الهموم التي يحملها قلبي الصغير و لأخبرني بأنها أثقل من أن يتحملها طفل في عمري، صديقي الميزان الذي يتحرق شوقاً مثلي و يتأمل المارة عل أحدهم يقترب و تجتمع تلك الريالات لتفي ثمن شيء أسد به رمقي و أسكت صراخ بطني الخاوي، صديقي الميزان الذي تحمل معي حزن السحب و بكائها الذي كان يغرقنا في أيام الشتاء الباردة، و شبح الظلام الذي كان يزحف حولي حين يسدل الليل أستاره و تغرق المدينة في الصمت و نظل ننتظر سوياً فلربما قاسى أحدهم من تغير في مظهره فيلتفت إلي و إلى ميزاني فيقترب منا فأحصل على العشرين ريال أو الخمسين منه أو أرجع إلى أخواتي خالي الوفاض كما هي العادة.

في هذا اليوم كنت يا ميزاني على موعد لتزن شيئاً من نوع خاص و كنت وحدك قادر على ذلك، كشرت وحشية المجرمين عن قبح العالم الذي أعيش فيه و لا يرحم و صبوا حقدهم و إجرامهم عليك يا ميزاني، لتزن يا صديقي مقدار ما يحمله البشر من خبث و مقدار المظلومية التي يعيشها أبناء وطني، لتزن حجم الشر الذي يسكن أولئك، و ترجح كفة وطن مقصوف و شعب مظلوم مقاوم، صامد، مجاهد.

تلقفت يا ميزاني قبح الظالمين الذين أنهوا البؤس و الشقاء الذي افتعلوه بنا و حياة المشقة و الجوع التي صنعوها لنا و انتقلنا حيث نستطيع أن نقاضيهم، حيث العدالة تأخذ مجراها، حيث نستطيع أن نثأر للطفولة المذبوحة ظلماً، الطفولة التي سلبوها البسمة و المستقبل و أطعموها الجوع و الفقر، هنا تستطيع أن تزن بشاعة ما اقترفوه من عدوان بحق الحياة على أرضي و أهلي، و تكون خصماً لهم حيث الحق و العدل فقط يقام.

في يومٍ ما كان هناك طفل مع ميزانه يحتضنه ذاك الرصيف على أرض شبعت من الموت، طفل من بلاد الحرب المنسية!

#طفل_الميزان
#طفل_من_بلاد_الحرب_المنسية

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com