أفق نيوز
الخبر بلا حدود

صحيفة عطوان : هذه هي الأسباب الحقيقية لخسارة الحريري وتيار المستقبل في انتخابات لبنان

132

يمانيون – متابعات

يَرفُض السيد سعد الحريري زَعيم تَيَّار المُستَقبل الاعتراف بمَسؤوليّتِه المُباشِرة عن خَسارَتِه وتَيَّارِه، ثُلُث مَقاعِده في مَجلس النُّوّاب اللُّبناني، ويُحاوِل إلقاء عِبء هذا الفَشل على بَعضِ المَسؤولين مُعظَمُهم من الصَّفِ الثَّاني، باستثناءِ مُدير مَكتبِه وابن عمَّتِه نادر الحريري الذي أبعده من مَنصِبِه في عَمليّةِ تَطهيرٍ جَرَت في اليَومين الماضِيين.

كُل التَّوقُّعات كانَت تُؤَكِّد بأن؟ السيد الحريري يُمكِن أن يعود بِقُوَّة إلى السُّلطة، وزِيادة مَقاعِده في البَرلمان، بسبب الالتفافِ الشَّعبيّ والرَّسميّ الذي حَظِي بِه مِن الغالبيّة السَّاحِقة من اللُّبنانيين عِندما أُحتُجِز في الرِّياض وجَرى إجباره على قراءةِ استقالةٍ مَكتوبة، ولكنّه أضاع هذهِ الفُرصَة التَّاريخيّة، وبَدَّد التَّعاطُف الشَّعبيّ تُجاهَه، عِندما رفض الحَديث عن أوقاتِه الصَّعبة في العاصِمة السعوديّة، وتَبنَّى بالكامِل مَواقِف المملكة السِّياسيّة مُقَدِّمًا مَصلحته الشخصيّة والعائِليّة والماليّة على مَصلحة لبنان، بل ومَصلحة الطَّائِفة التي يَنتَمِي إليها.

خسارَة ثُلُث مَقاعِد تيّار المُستقبل مُصيبة، لكن خَسارة غالبيّة المَقاعِد في بيروت العاصِمة مُصيبة أكبَر لأنّ هذهِ المَدينة كانت دائِماً خاضِعة لنُفوذ أُسرَة الحريري، وقبلها الأُسَر اللبنانية السُّنيّة المَعروفة الأُخرى، حسب التَّقسيمات الطَّائِفيّة اللُّبنانيّة البَغيضة، ولكن الحِسابات السِّياسيّة الخاصَّة للسيد الحريري ورُضوخِه لإملاءاتٍ خارجيّة، جَعلته يَفوز بخَمسة مقاعِد من أصل 11 مِقعَداً في دائِرة بيروت الثَّانِية، وخسارة مُرشَّحِه في الدَّائِرة الأولى.

تَيّار المُستَقبل الذي مُنِي بنَكسَةٍ كُبرى في الانتخابات البَرلمانيّة الأخيرة، قد يُواجِه التَّفكُّك من جَرَّاء الانقسامات التي يَعيشها حاليًّا، وستُساهِم التَّغييرات التي تَجري حاليًّا لإعادة هيكليَّته الإداريّة في تَعميق هذهِ الانقسامات، التي يُمكِن أن تمتد لأُسرَة الحريري نفسها والقِيادات المُخَضرمة، التي ساهَمت في تأسيس هذا التيَّار بالتفافِها حول الرَّاحِل الشَّهيد رفيق الحريري.

هُناك حالة من الإجماع في أوساط النُّخبةِ السِّياسيّة اللُّبنانيّة تُؤكِّد أنّ السيد سعد الحريري سيَتِم تكليفه من الرئيس ميشال عون بتَشكيل الحُكومةِ الائتلافيّة الجَديدة، والأمر المُؤكَّد أنّه سَيكون في مَوضِع ضعف، وليس في مَوضِع قُوّة مِثلما كان عليه حاله عندما شَكَّلها بعد “حَرَدِه” وابتعادِه عن حُلفائِه السُّعوديين، نتيجةً لقَطع الأموال عنه، وعَدم تسديد مُستحقَّات شَرِكَتِه العِملاقة “سعودي أوجيه” التي كانت تُقدَّر بأكثَر من سبعة مليارات دولار في حينها، وسيَجد نفسه مُضطرًّا للتَّحالُف، أو على الأقل للتَّعايش، مع الكُتلَتين الفائِزتين بأغلبيّة المَقاعِد في البَرلمان، وهُما “حزب الله” و”حركة أمل”، ومن المُفارَقة أنّه أقسَم لأنصارِه بأنّه لن يَتحالَف مُطلقًا مع الأولى، أي “حزب الله”، لا في الحاضِر ولا في المُستَقبل”.

الطَّائِفة السُّنيّة في لبنان، حَظِيت دائِمًا باحترام مُعظَم اللُّبنانيين بسب وُقوفِها بقُوّة في خَندق المُقاومة، سواء كانَت فِلسطينيّة أو لبنانيّة، وكُل من يدعمها عَربيًّا، وخاصَّةً سورية، وكانَت من أكبر المُدافِعين، بل والمُتعصِّبين لثَوابِت هذهِ القَضيّة، وخَسارَتها الآن لمُعظَم مكانَتها، وبالتَّالي نِسبة كبيرة من نُفوذِها، يعود إلى تَخلِّيها، أو بالأحرى قِيادَتها، عن مُعظَم هذهِ الثَّوابِت تَجاوبًا مع ضُغوط اللُّوبيّات الماليّة في الخَليج العَربيّ.

هذا هُو السَّبب الحَقيقيّ لخَسارة تيّار المُستقبل، وتَراجُع مكانَتِه، وليس التَّعديلات على قانون الانتخابات، واعتماد النِّسبيّة مِثلَما كَرَّر السيد الحريري أكثر مِن مَرَّةٍ في تبريراتِه لهذهِ الخَسارة.. والله أعلم.
“رأي اليوم”

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com