السواحل والجزر اليمنية .. مزايا عسكرية واقتصادية معرضة للسطو الاستعماري
تقرير : عبدالحميد الغرباني
ضمن ما يستهدفه العدوان في المعركة على امتداد الجبهة المائية لليمن ومنها الساحل الغربي السيطرة على الميزات التي تتمتع بها جزر وسواحل اليمن، والتي تعيش برأي عدد من المراقبين حالة من التداخل الوثيق في وفرة الموارد الغذائية والنفطية والغازية وغيرها، من جانب ومن جانب آخر فيما توفره من نفوذ عسكري لثراء الجغرافي الذي تحظى به..
تتزاحم المزايا العسكرية والاقتصادية التي تتمتع بها جزر وسواحل اليمن، فغير التحكم بطرق الملاحة والتجارة الدولية بين شرق العالم وغربه؛ تزخر بموارد اقتصادية مختلفة أهمها الثروة النفطية والغازية، في هذا السياق يقول المؤرخ والكاتب محمد ناجي أحمد: “الجزر اليمنية في البحر الأحمر هي قلاع عالية الارتفاع بمعنى أنها قلاع وقواعد عسكرية بحد ذاتها فهي مواقع حماية متقدمة لليمن في ظل وجود الدولة القوية والمستقلة، وهي تؤمن أي استراتيجية تجاه وسط آسيا وشرق آسيا أيضا، بداية من تأمين المراقبة والاستطلاع والتمركز ثم الانطلاق”، ويضيف ناجي: “هذه ميزة ضمن ميزات استراتيجية تتميز بها جزر اليمن اقتصاديا وسياحيا، فهي منبع لموارد حيوية هامة كما هو البحر الأحمر ككل”.
من جانب آخر ثمة حالة من التداخل الوثيق بين جزر اليمن وساحلها الممتد من ميدي في أقصى شمال غربي اليمن إلى حضرموت في الجهة الشرقية من الوطن ووصولا إلى جزيرة سقطرى الواقعة على عقدة الطرق البحرية، والتي لابديل لها بين شرق العالم وغربه.
يؤكد الباحث والناشط السياسي إدريس الشرجبي: “عندما تمر من قناة السويس وباب المندب قاصدا شرق أسياآسيا أو تعود منه أو تذهب باتجاه القارة السمراء (أفريقيا) أخذا الطرق الملاحية في المحيط الهندي والهادي ستجد أن جزيرة سقطرى تتحكم بكل تلك الطرق”، ويتابع الشرجبي: “من هنا فالمعركة في الساحل تأخذ هذا البعد، أو بمعنى أدق تركز في ما يؤمن حراكها العسكري البحري ومشاريعها العالمية”..
وهذا من منظور الشرجبي ما يعلل الحديث عن: “تشابك بين الاحتلال الأمريكي لجزيرة سقطرى وبين معارك الساحل الغربي لليمن، ثم هناك رابط معين يربط الجزيرة بساحل اليمن الممتد لأكثر من 2500كيلو متر”.
ضمن هذه القراءة التي تستقصي أبعاد وزوايا المعركة في الجبهة المائية لليمن يؤكد نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق عبد الباري طاهر: “أن توسيع رقعة المواجهات في الساحل الغربي لليمن لا يبعد عن استراتيجية القضم الاستعماري التي تعرضت معها جزيرة سقطرى لسطو الغزاة الجدد”، ويوضح المؤرخ عبد الباري طاهر: “الأطماع الاستعمارية تجاه جزر وسواحل اليمن ومنها جزيرة سقطرى.. هي مطامع قديمة جديدة، فالجزيرة على مستوى عالمي من أهم الجزر وهي درة المنطقة وميزاتها تبدأ بالموقع وتنتهي بالخيرات”.
ويضيف طاهر “لدى المؤرخين والرحالة والجغرافيين جزيرة سقطرى أهم جزيرة في العالم وهي أغرب جزيرة في العالم تحتوي ثلث غرائب العالم، إذ أن فيها غابات من النخيل وفيها غابات من الأشجار، منها أكثر من ثمانمائة شجرة لا توجد في أي مكان في العالم ولديها مغارات تمتد لمسافات طويلة جدا، وبعضها لم يكتشف حتى اللحظة، وهي حافلة بالشواهد التاريخية والحضارية اليمنية”، وينبه طاهر في حديثه إلى أن الجزيرة “حافلة بموارد اقتصادية أخرى، إذ أن البريطانيين خلال استعمارهم للجزيرة كانوا قد بدأوا بالتنقيب فيها”.
من الواضح وفق القراءة السابقة _هي قراءة واقعية تنفض عن اليمن واليمني الشعور بالنقص تجاه الآخر أي كان _ من الواضح أن العين الاستعمارية ومن منظور استراتيجي ترى أن ثمة تكاملا وترابطا لا بدّ من تحقيقه بين إرساء النفوذ العسكري والاقتصادي لها على مستوى العالم واليمن بلد محوري بكتلته السكانية وبهويته وبجزره وسواحله، حيث يحاول الغزاة تثبيت نفوذهم العسكري والاقتصادي، وعبر مخطط استكمال احتلال ساحل اليمن والسطو عليه وتحويلها إلى نقاط ارتكاز اقتصادية، تسهم في انشاء مناطق تجارية وصناعية ولكن لصالح الغزاة الجدد وليس اليمن.