هل تحلُّ الحديدة مكان سقطرى.. وما هي نوايا المحمدين من الهجوم عليها؟
يمانيون – تقارير – الوقت التحليلي
يوماً بعد آخر تتوضح الأهداف الخفيّة من استماتة المحمّدين “ابن سلمان وابن زايد” للسيطرة على مدينة الحديدة وميناءيها البحري والجوي خصوصاً، لما تتمتع به من أهمية بسبب إطلالتها على البحر الأحمر الأمر الذي جعلها تفرض استراتيجيتها على الملاحة البحرية في باب المندب وقناة السويس كما أنها تستطيع عرقلة الحركة البحرية في المضيق المهم، بالإضافة لتمتعها بمزايا استراتيجية حيث إنها رقعة جغرافية كبيرة على ساحل البحر، وتبعد عن صنعاء مسافة 226 كيلو متراً، وتضم ثاني أكبر ميناء بحري يمني.
وترى مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية في تقريرٍ لها أنّ استماتة قوات العدوان للسيطرة على المدينة لا ترتبط بمصلحة اليمن كما ادّعت البيانات التي تصدرها قوات العدوان، حيث إن معركة “الحديدة” لم تعد قضية يمنية، بل هي مجرد محاولة من التحالف “السعودي ـ الإماراتي” لتحسين وضعهم الميداني والتفاوضي بعد ثلاث سنوات من العدوان الفاشل الذي يشنّ على اليمن، حيث إنّ المدينة البحرية تمتلك أكبر ميناء بحري يغذي أغلبية اليمن بالمواد الغذائية والإغاثية.
ورقة تفاوضية
“ناشونال إنترست” قالت وعلى لسان خبراء “إنّ المعركة هي محاولة لتحسين المواقف الميدانية السعودية والإماراتية قبل المفاوضات المستقبلية، خاصة وأن مبعوث الأمم المتحدة الجديد مارتن غريفيث، يقوم حالياً بتسويق خطة سلام لإنهاء أزمة الحرب في اليمن، حيث تقترح الخطة وقف إطلاق النار وتسليم جماعة أنصار الله أسلحتها من الصواريخ المتوسطة وبعيدة المدى، وأيضاً تشكيل حكومة انتقالية برئاسة رئيس وزراء متفق عليه بصورة متبادلة وإشراك جميع الفصائل السياسية، ومع ذلك يبدو أن الخطة تؤجل بسبب قضايا مثل التغييرات الدستورية والترتيبات الانتخابية والمصالحة”.
وبحسب خبراء فإنّ مدينة الحديدة برزت كنقطة محورية في مناورات قوات العدوان وذلك لتقوية أوراقها التفاوضية في مواجهة أنصار الله، غير أنّ المبعوث الأممي “غريفيث” أكد أنّ معركة الحديدة ستعرقل المفاوضات حتى قبل أن تبدأ، مقترحاً على أنصار الله مغادرة الميناء وتركه لإدارة أممية، الأمر الذي قبلت به الجماعة غير أنّ هجوم الميليشيات التابعة للإمارات على الحديدة دفعت أنصار الله لتجاهل هذا الاقتراح.
تعويض عن الخسارة
بعد أنّ وسَّعت أبو ظبي علاقاتها التجارية والعسكرية في مناطق جديدة كأرض الصومال وجيبوتي وإرتيريا وهو جزء من الخطة الإماراتية للسيطرة على ممر قناة السويس والمحيط الهندي الحيوي المتمركز حول باب المندب المائي في اليمن، إلّا أنّه وبعد فشل هذه الخطة في الصومال وجيبوتي، أرسلت أبو ظبي في شهر مايو الماضي قوات عسكرية لاحتلال جزيرة سقطرى اليمنية عند مدخل خليج عدن دون علم الحكومة الشرعية، الأمر الذي دفع حكومة هادي إلى الاعتراض على هذا الإجراء مُطالبة السعودية بالتدخل بشكل مباشر، الأمر الذي أدّى لانسحاب القوات الإماراتية من الجزيرة ذات الأهمية الاستراتيجية.
تلك الخسائر الاستراتيجية التي أصابت النفوذ الإماراتي على طرفي البحر الأحمر، دفعتها للبحث عن منفذٍ جديد تستطيع من خلاله تعويض تلك الخسائر، وهنا برزت مدينة الحديدة على جدول الأعمال الإماراتي وذلك لأهميتها على مدخل البحر الأحمر لتبدأ بعدها قوات إماراتية وميليشيا تابعة لها بحملة عسكرية بهدف تعويض خسائرها في الصومال وجيبوتي وسقطرى.
معارك مستمرة
بالرغم من الهجوم الإماراتي الكبير، وتحقيقه بعض النجاحات الصغيرة، إلّا أنّه وكما يرى خبراء فإنّ المعركة لن تكون سهلة وقصيرة، كما أن الواقع الميداني لمسار معارك الساحل يشير إلى أن أنصار الله ما زالوا هم من يحددون أسلوب المعارك مع قوات العدوان، ويفرضون رؤيتهم عليه عبر السيطرة على الطرق الرئيسية والمهمة والاستراتيجية.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ معارك الساحل لا تعني بأي حال من الأحوال أنها نقطة تحوّل عسكري، خصوصاً إذا استمرت وتيرة تلك المعارك على هذا النحو، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ معركة الحديدة وإن انتهت؛ غير أنّها لا تُشكل إلّا جزءاً صغيراً من اليمن الذي توجد فيه قوات أنصار الله.
خلاصة القول.. إنّه وبغض النظر عن التطورات الميدانية في الحديدة والتي أحد لا يعرف نهايتها، تبقى النوايا السعودية والإماراتية نحو اليمن ومعركة الحديدة بشكل خاص غامضة، كما لا يوجد هناك حتى الآن أيّ موقفٍ واضح مما يُعرف بالـ “الحكومة اليمنية” التي يترأسها الفار “عبد ربه منصور هادي” على عكس ما جرى في جزيرة سقطرى، الأمر الذي يوحي بأنّ عمليات العدوان في الحديدة تحظى بدعمٍ خفي من حكومة هادي الذي أراد تعويض الإمارات عن خسارتها جزيرة سقطرى.