أفق نيوز
الخبر بلا حدود

صماد2… الامتداد الطبيعي للصماد الأول

199

يمانيون – الوقت التحليلي

في بلاد تنعت بـ “السعيدة” رغم تعاستها تتجذر سعادة الوعد الصادق، ونشوة الانتصار المجيد، وفي ربوعها المترامية الأطراف، حصار مطبق منذ الوهلة الأولى لانطلاق العدوان عليها، ويضيق الخناق عليها بكلاليب الموت من الجهات الأربع، وفي وقتٍ ظن العالم أنه قد اغتالها وأجهض حلمها ومستقبلها، ووأد هويتها وكينونتها، تفاجئ بمخاض تصنيعها، وولادتها توائماً من الطائرات المسيّرة، لا تنتظر الحبو، وتحلّق عالياً قاطعة آلاف الكيلومترات فلم يكن أمام “ارامكو” إلا أن تندب حظها في قلب الرياض، وتحصد ثمار استخفافها بقدرات التصنيع اليمني الذي لم يعد خافياً، وتجني فواتير سخريتها من التحذيرات التي كررتها القيادة اليمنية مراراً وتكراراً.

 

كثيرة هي المرات التي استهان فيها تحالف العدوان بالقدرات اليمنية، وغلبت على خطبه نبرة الاستعلاء في كل حديث له عن الإنجازات العسكرية التي يوكل أمرها لنسج خياله، فالصواريخ الباليستية كانت وما زالت في قاموسه “مقذوفات” يمنية، ودمارها الهائل والكبير ليس أكثر من نيازك وأجرام سماوية جاء بها إرهاب الطبيعة، حتى المقاتل اليمني ببسالته وشجاعته لم يسلم من تلك الفرقعات الطريفة التي جاءت على لسان ناطق العدوان السابق اللواء أحمد عسيري يوم أن نسب بطولات المقاتل اليمني لـ “لفافات ورقية” من التمائم والحروز تستخدمها “أنصار الله” لطمس الرؤية عن الجندي السعودي في مواجهاته مع المجاهدين لكن الغريب في الأمر هو ذلك العويل والاستجداء الذي نسمعه بين فينة وأخرى من النظام السعودي وهو يشكو التهديد اليمني على مدن المملكة من أسلحة دمار شامل تزعزع أمن المنطقة، وبين غمضة عين وانتباهتها لم تعد مقذوفات يمنية البتة، بل صواريخ فتاكة ومطورة قدمت من طهران والضاحية الجنوبية.

 

صماد2، أحدث امتداد لمجموعة من الطائرات المسيّرة، وصفها العدوان بطائرات ورقية للتسلية، وفي أفضل الأحوال طائرات بسيطة تستخدم لأغراض التصوير، وبإمكان الجميع اقتناؤها كون ثمنها لا يتجاوز المئة دولار، بل أشفق أحدهم على السيد الحوثي من استغفال جماعته له بعرضهم لما وصفوه بإنجازات لعب الأطفال، وهكذا دواليك.. بالغوا في السخرية، وأفرطوا في الهرج لكن ما أحدثته هذه الطائرة اليوم أمر مخيف ومرعب حتى في دلالة اسمها، يتساءل الجميع أين هي “صماد1″، ولماذا قفزت وحدة التصنيع إلى الرقم الثاني دون الأول، وهل هذا يعني أن هناك أجيالاً من الطائرات القادمة التي لم يفصح عنها بعد؟.

 

يرى اليمنيون ولسان أحدهم: أن استهداف كعبة النفط “أرامكو” في الرياض بطيران مسيّر بعيد المدى خبر مزلزل بكل المقاييس لكن ما هو أشدّ زلزلة في تفاصيل هذا الخبر هو اسم الطائرة التي كشف عنها سلاح الجو في الجيش واللجان، فباستعادة تفاصيل خبر استهداف قصر الخزامى الملكي بالرياض في 20 ابريل الفائت، وأثناء وجود ولي العهد محمد بن سلمان فيه يتكشف لنا سرّ ترميز الطائرة بالرقم “2”، ويفسر أن طائرة الخزامى المسيّرة التي داهمت مضجع العائلة المالكة السعودية عقب اغتيال الشهيد الرئيس صالح الصماد بنحو يومين كانت هي “صماد1″، وأوصل من خلالها الجيش واللجان رسالة عاجلة إلى العدو: “لن تعود قواعد الاشتباك إلى سابق عهدها باغتيالكم للرئيس الصماد، ومضاجع ملوككم الاقتصادية والسياسية لن تكون في مأمن بعد اليوم”.

 

أما السعوديون فيسترجعون اليوم الشهيد الصماد مجدداً، ويجدون في شخصه الطراز المجهول “صماد1″، ويرون طرازه أشد فتكاً وعصفاً مما تلاه، فإذا كانت “صماد2” قد استحدثت هدفاً استراتيجياً وسط العاصمة الرياض فإن “صماد1” قد جعلت كل جغرافيا المملكة هدفاً جماعياً لعامٍ باليستي بامتياز.

 

وبدخول منظومة هذا السلاح اليوم أجواء المعركة باتت كل رموز وقيادات المملكة في خطر داهم وحقيقي في حلّها وترحالها، ومقرات أعمالها، وتحركات مواكبها، وهذا يعني أن كل منشأة حيوية صغرت أم كبرت، قربت أو بعدت، ستكون هدفاً سهلاً، وبدقة متناهية دون قيود، وستكون المنشآت الاقتصادية هي الهدف الأشهى والألذ لما له من تبعات خطيرة تصيب الاقتصاد السعودي في مقتل، وتهدد الاستثمار المحلي والخارجي، وتجفف فرص العمل، وتبعث على مخاوف السواح والمتنزهين، وتقضي على أحلام الفتى الشاب الذي فتح المملكة على مصراعيها لتكون باريس الحرمين.

 

إن الرسالة الأقوى التي يبعثها اليمنيون اليوم للرياض وأبو ظبي خصوصاً، وللعالم الصامت عموماً، أن الحرب لم تنل من صمودهم وعزيمتهم، وأن إطالة أمدها لن يزدهم إلا قوة وإصراراً وثباتاً، وأن معركة الحديدة التي حشد لها العدوان كل ثقله وقوته لم تؤثر أبداً على معركة النفس الطويل، ولم تثنِ الأيدي اليمنية الفتية عن التصنيع والتحديث والتطوير، وفوق هذا وذاك لم تتوقف الصواريخ الباليستية اليومية على المدن السعودية، بل تعززت بـ “الطائرات المسيّرة” التي ستكون كلمة السر في خطوات قادمة ستلقف ما يأفك القوم ويزعمون.

 

بقلم: فؤاد الجنيد

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com