السعودية تحرج الحريري.. وتعرقل تشكيل الحكومة!!
يمانيون | متابعات
كثرت في الآونة الأخيرة التحليلات الإعلامية والتوقعات السياسية حول التأخير الحاصل في ملف تأليف الحكومة التي أوكلت مهمة تشكيلها الى الرئيس سعد الحريري بأغلبية نيابية كبيرة بلغت 112 نائبا سموه خلال الاستشارات التي أجراها رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، والتسمية جاءت مشروطة بأن تكون الحكومة العتيدة هي حكومة وحدة وطنية وهذا ما تطالب به مختلف القوى السياسية والكتل النيابية اللبنانية اليوم.
وبالسياق، تتراوح التقديرات السياسية التي تنقلها مصادر مقربة من هذا الفريق او ذاك، ففي بعض الاحيان تشيع هذه الاوساط ان التفاؤل هو سيد الموقف وتروج لقرب ولادة الحكومة، لتعود بعد ذلك الى إشاعة جو من التشاؤم وحصول عرقلة تمنع التشكيل السلسل للحكومة الاولى في لبنان بعد الانتخابات النيابية التي جرت لاول مرة على اساس قانون الانتخاب النسبي، واللافت ان جميع القوى السياسية تتنصل من تهم التعطيل وتشير الى جهات غير محددة على انها تعطل وتماطل، كما ان الجميع دون استثناء يدعو لتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن.
لكن بالتوازي تطرح الكثير من التساؤلات عن المعطل الحقيقي لعملية التأليف، وهل ان الاطراف في الداخل يتحملون هذه المسؤولية ام ان هناك أياد خارجية تعمل على هذا الموضوع بغية تعطيل ولادة الحكومة وشل البلد ومصالح الناس؟ كما تطرح العديد من التساؤلات حول المعايير المعتمدة لتشكيل الحكومة؟ ومدى جدية الرئيس المكلف في العمل لانجاز المهمة الموكلة اليه؟ ولماذا لا يعتمد معيارا واحدا وموحدا لانجاز المهمة ولماذا هناك اكثر من معيار يريد الرئيس المكلف جمعها تحت السقف الحكومي الواحد؟
والغريب ان بعض الجهات السياسية اللبنانية ومعها بعض وسائل الاعلام تذهب باتجاه مهاجمة وانتقاد خيار المطالبة باعتماد المعيار الواحد لتشكيل الحكومة وتعتبر ذلك من سبل ووسائل عرقلة عمل الرئيس المكلف من دون ان تقدم اي تبرير عملي حول ذلك، فلماذا يدعي البعض ان المطالبة بمعيار واحد يتضمن عرقلة علما ان اعتماد المعيار الموحد هو الاعدل للجميع بحيث يعطي الجميع الحصص بناء لنفس الاسس ولا يفرق في توزيع المقاعد الوزارية بناء لتحالفات من هنا او لخصومات سياسية من هناك.
والحقيقة ان اعتماد نفس المعيار سيجعل الجميع امام أمر واقع منطقي وعقلي لا يجب النفور منه ويسهل ويسرع عملية التشكيل، اللهم إلا اذا كان البعض لا يريد ولادة الحكومة والوصول الى نتائج ايجابية في هذا المجال، معتمدا تقسيم الأدوار بين اكثر من جهة كل منها تسعى للحصول على حصة لا تستحقها أصلا، وبالتالي يصبح التمسك بمطلب الحصول على غير المستحق هو السبب في التعطيل لا عدم الاستجابة لهذا الطلب، ما يدفع الى تكريس الاعتقاد بوجود أيادٍ خارجية تقف خلف تعطيل تشكيل الحكومة لا سيما من قبل السعودية الحليف الاول للرئيس المكلف وبعض القوى اللبنانية التي تعطل التأليف.
هذا يدفعنا الى طرح تساؤلات كثيرة عن المسؤولية الناتجة عن المعاناة التي يعيشها الشعب اللبناني في مختلف المجالات لا سيما في ملف الخدمات وعلى رأسها انقطاع الكهرباء بشكل كبير خلال فصل الصيف بالاضافة الى الشح في المياه وأزمة ازدحام السير وغيرها، ناهيك عن الوضع الاقتصادي الصعب وضرورة إيجاد حكومة بأسرع وقت ممكن لأن تأخيرها يزيد من صعوبة الوضع العام في لبنان، وهذه المسؤولية عن تعطيل تشكيل الحكومة يتحملها بالدرجة الأولى “الفريق السعودي” في لبنان وعلى رأسه الرئيس الحريري الذي بات بشكل او بآخر محرجا نتيجة فشله من التخلص من الضغوط السعودية عليه ومن ناحية ثانية عدم قدرته عن اتمام المهمة التي أوكلت اليه نيابيا على الرغم انها جاءت بزخم لبناني كبير بعد الانتخابات النيابية.
كل ذلك يفتح الباب امام الاعتقاد بوجود رغبة سعودية بحشر الحريري وإظهار عجزه عن تشكيل الحكومة وعدم قدرته على انجاز المهمة التي تقع على عاتقه، وكل ذلك سيصب بشكل كبير في خانة إضعاف الرئيس المكلف والذي حاز على ثقة الكتل النيابية بوجوب تشكيله الحكومة دون غيره، بما يظهر ان السعودية تريد احراج الحريري بهدف تخريب التسوية القائمة في لبنان بين مختلف الافرقاء والتي ساهمت بتنفيس الاحتقان الذي عملت لتأجيجها الرياض في لبنان بعد احتجاز الرئيس الملف واجباره على تقديم استقالته في ظروف غامضة، كان الهدف منها كما أكد اكثر من مصدر(وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون) هو الوصول الى ضرب الاستقرار والامن في لبنان وجر البلد الى فتن واضطرابات مذهبية وطائفية مقيتة.
يبقى التأكيد انه يجب على مختلف القوى السياسية الترفع عن المصالح الضيقة والمحاصصة، والبحث فقط عن المصلحة اللبنانية العليا وتقديم التنازلات المتبادلة لمصلحة الوطن وتسهيل عملية ولادة الحكومة التي باتت حاجة ملحة في لبنان، بينما هي في الواقع يجب ان تكون من البديهيات السياسية في أي بلد من بلدان العالم ولا تحتاج الى كل هذا الأخذ والرد والمناكفات التي طائل منها.
ذوالفقار ضاهر – موقع المنار