أنبوبةُ الغاز وصراعُ المرجعيات
#عـبدالله_عـلي_صبري
ينامُ المواطنُ ويصحو على إيقاع أزمة الغاز المنزلي التي تُعَدُّ من أهمِّ تجليات الحرب والحصار المضروب على بلادنا منذ ما يقارب الأربعة أعوام.
وحين استبشر السوادُ الأعظمُ من اليمنيين بنجاح مشاورات السويد، فلأنهم كانوا ولا يزالون ينتظرون الأثرَ المباشرَ للتهدئة في الحديدة على الاقتصاد والمعيشة اليومية، الأمرُ الذي يعني توفيرَ حاضنةٍ شعبيّة داعمة للسلام ولمسار العملية التفاوضية حتى وإن انطوت على غبن وتنازلات هنا أَو هناك.
في القراءة الإيجابية لنتائج مشاورات السويد، يمكنُ القولُ: إن التهدئةَ في الحديدة تعني فيما تعنيه تخفيفَ الحصار على الشعب اليمني، وفتح المجال بشكل واسع لاستيراد السلع والمشتقات النفطية بعيداً عن التحكم المباشر لقوات تحالف العدوان، إضافةً إلى تقديم المزيد من التسهيلات وتدفّق المساعدات الأُمَــمية إلى اليمن، وضمان وصولها إلى مستحقيها في مختلف مناطق البلاد، بما فيها محافظة تعز.
وقد تعاطت حكومةُ الإنقاذ مع الأثر الإيجابي المحتمل لمشاورات السويد ونتائجها، فأعلنت عزمَها على استيراد مادّة الغاز من الخارج، باتّجاه المعالجة الجذرية لأزمة الغاز في المناطق الخاضعة لسلطة صنعاء.
في هذه الجزئية سيدركُ المواطنُ أن اتّفاق ستوكهولم بين الأطراف اليمنية، انطوى على معالجة أولية للأزمة الاقتصادية والإنْسَانية المتفاقمة. وفي حال صمدت التهدئةُ بالحديدة، وأمكن دخولُ السلع والمشتقات النفطية بما فيها مادة الغاز، تكونُ صنعاءُ قد سحبت جانباً من الورقة الاقتصادية التي يتحكّمُ بها العدوانُ ومرتزِقته.
أبعد من ذلك، فإن المدخلَ الإنْسَاني لمواجهة الأزمة الاقتصادية في اليمن، قد منح الأُمَــمَ المتحدة فرصةَ الضغط على مختلف الأطراف باتّجاه التفاوض على إجراءات بناء الثقة، التي هيمنت على مشاورات السويد وصولاً إلى تبنّي القرار 2451، الذي جعل من نتائج مشاورات السويد أمراً ملزماً لمختلف الأطراف، تحت قوّة الفصل السابع من ميثاق الأُمَــم المتحدة، تماماً كما هو الحالُ مع القرار 2216، الذي ظل سلاحاً يستخدمُه مرتزِقة الرياض لإعاقة أية فرصة للسلام والحَلِّ السياسيّ. وبهذا يكونُ الوفدُ الوطنيُّ قد نجح في اختراق الجدار الأصمِّ فيما يتعلَّقُ بالمرجعيات الحاكمة للتفاوُض وللعملية السياسيّة مستقبلاً.
ومن الآن وصاعداً لن يكونَ بمقدور طرف الرياض ومرتزِقتها التذرعُ بحاكمية القرار 2216، وسيكونُ لزاماً على جميع الأطراف التعاطي مع القرار 2451؛ باعتباره الجسرَ إلى مفاوضاتٍ شاملةٍ تضعُ حَــدًّا نهائيًّا للحرب والحصار.
20-1-2019