بعد 40 يوما من اتفاق السويد .. هدنة الحديدة إلى أين؟
يمانيون – متابعات -تقارير
يمضي 40 يوما على اتفاق السويد بين الوفد الوطني ووفد الرياض لوقف اطلاق النار في الحديدة في ظل الخروقات المستمرة لقوى العدوان ومرتزقته والتدخلات السعودية الإماراتية في شؤون اليمن.
وفيما شدد المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، على ضرورة تنفيذ اتفاق الحديدة من قبل الطرفين، أكدت ناطق القوات المسلحة العميد ان قوى المرتزقة ارتكبت 3558 خرقاً منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
تشير الوقائع إلى أنها ما زالت دون تغيير منذ اتفاق السويد. ويعيش المواطنين ظروفاً إنسانية صعبة للغاية، في نقص شبه كامل لأساسيات الحياة، وتحذيرات أممية من تدهور الأوضاع أكثر، في ظل انتهاكات كبيرة ضد المدنيين من قبل المليشيات المدعومة من قبل الإمارات والسعودية.
وقضى الاتفاق بالوقف الفوري لإطلاق النار في الحديدة، وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وانسحاب جميع القوات إلى خارجها، والالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية للمدينة.
كما قضى بتسليم المدينة للسلطة المحلية، والموانئ لقوات خفر السواحل، وتشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لتنفيذ الاتفاق برئاسة الأمم المتحدة.
وأقرّ مجلس الأمن أواخر ديسمبر تشكيل اللجنة برئاسة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت لمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة الذي دخل حيز التنفيذ يوم 18 من الشهر ذاته، وتنفيذ اتفاق الانسحاب.
وفي جلسة أخرى منتصف يناير، أقر المجلس بالإجماع إضافة 75 مراقباً أممياً لتنفيذ الاتفاق.
وقبل انتهاء مشاورات السويد بيومين، تبادلت الاطراف قوائم بأسماء 16 ألف أسير، على أن يتم الإفراج عن كل الأسرى في 20 يناير، عبر مطاري سيئون وصنعاء، بوساطة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وانقضى الموعد المحدد وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين حول المتسبب بعرقلة الاتفاق.
لكن يبقى ملف الأسرى هو الأقرب حتى اللحظة للتنفيذ، حيث بدأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي الوسيطة في تنفيذ الاتفاق، بالتهيئة لتبادل الأسرى وأوفدت 15 موظفاً لأجل العملية، واستعدت بطائرتين لنقل الأسرى.
وكانت مشاورات السويد قد جمعت الاطراف على تفاهمات حول ملف تعز، قاضية بتشكيل لجنة مشتركة من الطرفين تضم ممثلين من المجتمع المدني وبمشاركة الأمم المتحدة، لمعالجة الوضع في المدينة اتفقوا على تسليم الأسماء إلى مكتب المبعوث الأممي في موعد لا يتعدى أسبوعاً من تاريخ انتهاء المشاورات، لتحدد الأمم المتحدة موعد ومكان الاجتماع الأول للجنة المشتركة، وخلال الاجتماع ستقوم اللجنة بتحديد صلاحيتها وآلية عملها.
واتفق الطرفان على عقد جولة جديدة من المشاورات، قد تكون السادسة بينهما منذ اندلاع الحرب مطلع 2015، على أن يكون موعدها نهاية يناير الجاري. لكن حتى اللحظة لم يحدد لها أي موعد ولم تبدِ أي دولة استعدادها لاستضافتها. وكانت تقارير سابقة رجحت بأن تكون الكويت هي مقراً للجولة الجديدة.
من جانبه، أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، مارتن غريفيث حرص الأمم المتحدة على تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة، كونه يشكل مدخلًا لإجراء مشاورات قادمة. وأوضح أن لدى الأمم المتحدة خطة متكاملة لتجنيب الحديدة الحرب، معربًا عن تطلعه لإحراز تقدم بخصوص ملف تعز.
كما اكد السيد عبد الملك الحوثي، في كلمة له تمسك حركته باتفاق السويد قائلا: “حاضرون للسلام المشرف وأثبتنا هذا في السويد مؤخرًا وفي كل الجولات السابقة”.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ضرورة ضمان تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة غرب اليمن.
وقال غوتيريش في حوار مباشر على موقع “فيسبوك” خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: “إن الحوار أداة أساسية لحل المشاكل”.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة عن “الأمل في تحقيق تقدم باتجاه الحل السياسي والعملية السياسية لإنهاء القتال في أرجاء اليمن”.
وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، لوكالة “رويترز”، الجمعة، إن الأمم المتحدة تعتزم تعيين الميجر جنرال الدنماركي، مايكل أنكر لوليزغارد، بدلاً من الجنرال كاميرت، الشهر القادم والذي يعتزم التنحي من منصبه هذا الشهر دون أسباب واضحة.
وعجز كاميرت عن تنفيذ مهمته، كما قالت حكومة الانقاذ وهو منذ اليوم الأول شكل العقدة الأبرز في تعثر اتفاق وقف إطلاق النار بالحديدة رغم تقارب الطرفين في بعض اللقاءات التي جرت برعاية اللجنة الأممية في الحديدة.
وكشف رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام بأن الجنرال كاميرت مثّل العقدة الأبرز لتعثر اتفاق الحديدة، يضع بداية العد التنازلي لإنهاء مهمته كرئيس للجنة المراقبين ما لم يعد إلى حدود مهمته وهو تطبيق بنود اتفاق استكهولم على الأرض وليس إجراء حوار جديد بشأنها، أو التطبيق الانتقائي.
ومضى الجيش واللجان في تنفيذ إعادة الانتشار من ميناء الحديدة بشكل أحادي لدعم الاتفاق وبناء الثقة، في الوقت الذي ظل كاميرت يطالب إلى تأجيل الخطوة، وحين تمت وصفها بغير العملية.
وبدلا من إلزام الطرف الآخر بتنفيذ الخطوة المقابلة بإعادة الانتشار من ضواحي المدينة وكيلو 16، تبنى كاميرت وجهة نظر الطرف الآخر بفتح ممر إنساني من طريق كيلو 16 ورفع قوات الجيش واللجان لتحصيناتها، دون أن تنفذ قوات العدوان ما يستوجب من إعادة الانتشار بحسب مقتضيات الاتفاق.
وأصر كاميرت على فتح طريق كيلو 16 وهو ما يتناقض وروح اتفاق استكهولم، وأن إلزام قوات العدوان من الانسحاب من كيلوا 7 و8، ما يهدد المدينة والمتواجدين فيها بحصار كامل.
وانحرف كاميرت عن مهمة فريقه الأساسية بتطبيق ما اتفق عليه في مشاورات السويد فيما يتصل بالحديدة إلى رعاية جلسات حوار جديدة حول الحديدة وهو ما رفضه وأدانه في وقته ممثلو حكومة صنعاء.
وصمت كاميرت عن آلاف الخروقات التي ارتكبها طرف العدوان ولم يكلف نفسه بإصدار بيان يدين الطرف الذي يستمر بخرق وقف إطلاق النار رغم وصول قذائف العدوان والمرتزقة إلى محيط إقامته ولجنته.
وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اكد في المؤتمر الصحفي الأول له خلال العام الحالي 2019 عن مفاجئات وقدرات تسليحية عالية باتت في حوزة الجيش واللجان الشعبية، وهي تؤجل إظهارها لمنح السلام فرصة ليس إلا.
ومن المؤكد أن الصور الجوية لخروقات العدوان الاستراتيجية حول مدينة الحديدة عرضت على كاميرت، وهو قرر الاستمرار في لعبته كسب الوقت بشكل مفضوح، ومن هنا يفهم خروج صنعاء إلى العلن لتقول للجنرال الهولندي “ساعتك الرملية قلبت”.