أفق نيوز
الخبر بلا حدود

قرية القيمة!

178

مصباح الهمداني
يحلق الطيران بكثافة في جيزان، ويرسل إشارته للأمريكان، في غرفة القيادة، ويقول المتحدث في عجالة:
-لقد اختلط الحابل بالنابل، وأصبحت المواجهات بالقنابل، ولم نعد نفرق بين السودانيين، ولا (اليمنة)المستأجرين، ولا اليمانيين المهاجمين..
ويأتِ الجواب باقتضاب:
-وماذا عن السعوديين.
-لقد فر بعضهم بالعربات، وآخرين بسيقانهم العاريات، والوضع في أشد الأزمات.
وتصدر الأوامر بلا إمضاء:
-فلتتحركوا إلى صنعاء، واقصفوها بكل بلاء، قبل أن تسقط جيزان، وينفضح جمعنا للعيان…
ويضربُ الجنرال الأمريكي صلعته بكفيه ويقول:
-وفي نجران سقطت من الصواريخ خمسة،على معسكرات المرتزقة.. وأُسقِطت طائرة.. إن هذه الحرب أصعب معركة.. فهل يا ترى نحارب جنًا أم ملائكة…
وما هي إلا لحظات، حتى اهتزت صنعاء من الغارات، فامتدت الأيادي لرب السماوات، بقلوب مبتهلة بالدعوات، أن يثبت الله قلوب الأسود في الفلوات…
وفي قرى ومواقع جيزان، كان التقدم في زيادة بلا نقصان، فلم يهدأ الفرسان، ولم تنم لهم أجفان، واقتحموا الأخطار، يرافقهم ظل الأشجار، ويسددهم القوي الجبار، ولم يكتفوا بسقوط عشرات المواقع، خاصة وهناك بعض المدافع، تساقط قذائفًا حميمة، من قرية يسمونها القيمة..
رسموا الخطة على عجَلْ، وحركوا الخُطى وصوبوا المُقَل، فلا مكان أو مجال للكسَلْ، وحددوا مواضع النيران، وعين بعضهم على الطيران…
ونارهم تُساقط القطعان، فذاك أسودٌ مبهذل القمصان، وذاك أسمرٌ يموتُ في الأغصان، وذاك مرتزق يصيحُ بالأمان، وسبعةٌ هناك كالأشباح، بكاؤهم يشابه النباح، قد أوقفوا القتال، وأرقدوا سلاحهم على الرمال، وطالبوا الأمان، وأقسموا بأنهم أعيان، لكنهم قد غرروا، وأنهم قد خدِّروا، وعُنوةً قد أُُحضِروا، وموتهم محتمٌ لو عبَّروا، أو أغفلوا أميرهم وعَبَروا، وناشدوا أن يُستروا…
ولم يكُن هناك فاصل، أو لحظة لقول قائل، فكل واحدٍ من السُّرى ينازل، فقائمٌ يصيد موقعًا ببازوكة، وجالسٌ يلاحق الضباط بقناصة، ومُسرعٌ يرش من أمامه برشاشه، وكل واحدٍ يسابق الزمن..
مجاهدٌ يطوي الطريق في العلن ، وهاربٌ يخشى الردى بلا ثمن، وترتوي الأشجار والأحجار بالدماء، وتسكن الرصاص في جماجم العملاء، وتنحني المواقع العنيدة، وتعتذر من قولها بأنها عتيدة، وترتمي بطولها، وتنحني بعرضها، تقبل الأقدام، وتكشف اللثام، وتخرج الكنوز من أحشائها، وتستمر في عطائها..لكن قائد الأبطال، يقول للأشبال.. خذوا الجديد والمتاح، ولا تحملوا كل السلاح…
ما أكثر السلاح..ما أحدث السلاح..في ساحة الكفاح..غنائمٌ كثيرة، حديثةٌ وفيرة، مدافعٌ أمريكية، ورشاشاتٌ صهيونية، منها المغلف في غلافه، ومنها النادر في أوصافه..كأنها فواكه منوعة، تشفي القلوب الصادعة…
ويستمر سيرهم مد النظر، ويدخلون مواقع العدو المندحر، وتظهر بيوت الخوبة، والخالية من أهلها المنكوبة، وفرار جندها المعطوبة، وتصعد النيران والحرائق، في كل منعطف ومفرق..
ويصدح الشبل بقوله الفصل:
-هاهي قرية القيمة، في جيزان الحدودية، وعليهم أن يعرفوا اليمنيين، بأن لليمن رجال، شامخين بشموخ جباله..هاهم أبطال الجيش، يتمركزون بعد قتل الجنود السعوديين، ومرتزقتهم من السودانيين…
وفي ملحمة سريعة وخاطفة، تلفظ قرية القيمة، كل الوجوه الذميمة، وتلعنُ الفارين من مواقعهم، بكل جنسياتهم وأجناسهم، وتتبرأ من رجسهم ودنسهم..
وترحب بأهلها الأبرار، من الأبطال والأحرار..
ومن هُنا، نرسل أعبق آيات الشكر والتقدير والإجلال والإكبار، لأولئك العظماء الأطهار، وإلى قائدهم التقي النقي المغوار..
وإلى كل أم وأخت وزوجه لها أسد في الجبهات، نوجه أكمل وأنبل وأزكى التحيات…
وأخيرًا؛يا أتباع ترامب الحشرات..
لقد سقطت من مواقعكم العشرات..في يومٍ أو يومين وساعات..وقُتِل وأُسِرَ وجُرِح المئات..فلتعتبروا مما فات.. أو فلتنتظروا ما هو آتٍ آت.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com