الحديدة ورجل المبادرات الإنسانية
عبدالفتاح البنوص
عقب حديث قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في سياق كلمته مساء الإثنين الماضي بمناسبة ذكرى ولادة فاطمة الزهراء رضوان الله عليها والتي يحتفل فيها باليوم العالمي للمرأة المسلمة، والذي أعلن خلالها استعداد الجيش واللجان الشعبية والقوى الوطنية بتنفيذ اتفاق إعادة الانتشار والانسحاب من المواقع التي تم التوافق عليها من طرف واحد وذلك بهدف التخفيف من معاناة أهالي الحديدة والحد من التعقيدات التي تفرضها قوى العدوان والغزو والاحتلال والإرتزاق على تدفق المواد التموينية والمساعدات الإغاثية والإنسانية ، قامت اللجنة المشتركة التابعة للقوى الوطنية وقيادة السلطة المحلية بالحديدة ومعها رئيس لجنة التنسيق الأممية مايكل لوليسغارد وممثلون عن منظمات تابعة للأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي وممثلون عن منظمات المجتمع المدني بفتح الطريق المؤدي إلى مطاحن البحر الأحمر وصوامع الغلال وذلك ليتسنى للفريق الأممي زيارتها والاطلاع على الأضرار التي لحقت بها والعمل على تفعيل نشاطها في تقديم المساعدات والمعونات الإغاثية والإنسانية .
التنفيذ العاجل لتوجيهات قائد الثورة يعكس الحس والحرص الوطني ، والمصداقية في القول والعمل التي يتحلى بها الطرف الوطني التواق لإنهاء التوتر في الحديدة وتجنيبها الانزلاق في مستنقع الاقتتال والخراب والدمار ، وأظهرت مدى سلبية الطرف الآخر الذي يمثل قوى العدوان ومرتزقتهم والذين رفضوا تنفيذ اتفاق إعادة الانتشار ، رغبة منهم في الذهاب نحو التصعيد والعودة إلى مربع العنف والفوضى ، الفريق الأممي وبعد فتح الطريق أمامه نحو مطاحن البحر الأحمر وصوامع الغلال تعرض لإطلاق نار من قبل مرتزقة العدوان وهو ما دفع الوفد للتوقف لأكثر من نصف ساعة قبل أن يتوقف المرتزقة عن إطلاق النار بعد أن وصلتهم توجيهات بذلك من الأطراف التي يتبعونها ، كون كل فصيل يتبع جهة معينة ولا توجد لديهم قيادة موحدة ، وحتى بعد وصولهم بوابة مطاحن البحر الأحمر منع الفريق من الدخول لأكثر من خمس دقائق قبل أن يتم السماح لهم بالدخول مع اللجنة المشتركة للمطاحن والاطلاع على الأضرار التي تعرضت لها المطاحن وصوامع الغلال والشروع في تمكينها من أداء المهام الموكلة إليها والتي تهدف للتخفيف من معاناة ملايين اليمنيين الذين طالهم الضرر جراء العدوان والحصار المفروض على أكثر من ثلاثين مليون يمني ويمنية منذ ما يقارب أربعة أعوام .
هذه المبادرة وما أسفرت عنه من انفراجة أولية مرتبطة بتمكين المنظمات الإغاثية والإنسانية من استئناف أنشطتها الإغاثية والإنسانية تضع الكرة في ملعب الأمم المتحدة التي باتت مطالبة بأن تمارس ضغوطاتها على قوى العدوان ومرتزقتها بالكف عن افتعال الأزمات ووضع العقبات والعراقيل أمام تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة وخصوصا أن هذه الأطراف تتعتمد المماطلة والتسويف والعرقلة والانقلاب على التفاهمات التي تم التوافق عليها في السويد ، ولا مجال هنا للمداهنة والدبلوماسية ، فالأمم المتحدة معنية بإطلاع المجتمع الدولي على حقيقة ما يجري في الحديدة ، وتحديد الأطراف التي تعرقل جهود إحلال السلام وتطبيع الأوضاع في الحديدة على ضوء الإحاطات التي يقدمها المبعوث الأممي مارتن غريفيت لمجلس الأمن في ضوء ما تصله من تقارير من لجنة التنسيق والمراقبة الأممية .
بالمختصر المفيد، مبادرة قائد الثورة ، سيد القول والفعل الإنسانية البحتة ، والتي ليست بغريبة عليه ، قياسا على مبادراته الإنسانية السابقة ، تندرج في سياق إلزام الحجة أمام الله عز وجل ، فقد قدمت القوى الوطنية التنازلات ، تلو التنازلات حرصا منها على حقن الدماء وصون الممتلكات العامة والخاصة وللتخفيف من معاناة السواد الأعظم من أبناء الشعب ، وعلى قوى العدوان والغزو والاحتلال وفي مقدمتها السعودية والإمارات ومرتزقتهما أن يدركوا بأن للصبر حدوداً ، وللتنازلات سقفاً لا يمكن تجاوزه ، وإذا ما نفد الصبر وقوبلت التنازلات بتصعيد وتأزيم وإختراقات وتجاوزات فإن الرد اليمني سيكون مزلزلا ولا مكان بعدها للمفاوضات والمشاورات والحوارات والوساطات ، والبادئ أظلم .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .