ينبع والفجيرة والرياض.. رسائل ودروس لحلفاء واشنطن! بقلم: حسين موسوي
أفق نيوز | كتابات
قبل أيام كثر الكلام عن عملية استهدفت ميناء ينبع غربي السعودية، عملية أحاط بها تعتيم إعلامي ورافقها إنكار سعودي. بعدها بقليل أتت العملية ضد أربع سفن تجارية قبالة ميناء الفجيرة الإماراتي والذي اعترفت به الإمارات بعد تردد وتجنب للتصريحات لساعات عديدة. وأمس جاءت العملية النوعية للقوات اليمنية في عمق الأراضي السعودية واستهدفت خط أنابيب نفطية تعتبر الأهم في المملكة حيث ينقل النفط من الشرق (منطقة رأس التنورة) إلى الغرب (ميناء ينبع).
ويمكن من هذه الحوادث الثلاثة الخروج بنقاط يمكن القول أنها رسائل ودروس مباشرة وغير مباشرة ومقصودة او غير مقصودة للدولتين الحليفتين للولايات المتحدة.
وبما أن حادثة ينبع لم ترق إلى المستوى الإعلامي بحيث يمكن الحديث عنها، رغم أهميتها فانه بالإمكان الحديث عن حادثة الفجيرة في البداية.
أولا / الملفت في الحادث كان التردد والتوتر الإماراتي في التعاطي معه. فلم نشاهد اي تعامل على أساس مؤسساتي واضح من قبل الحكومة الإماراتية. فلا وزير الأمن خرج بتصريح ولا مسئول امني خرج ليطمئن الإماراتيين على واحد من اهم موانئهم والاهم على البحر الأحمر. بينما كانت تصريحات وزير الدولة للشؤون الخارجية “انور قرقاش” رتيبة بشكل واضح في وقت غاب وزير الخارجية (الأهم) “عبد الله بن زايد” عن المشهد.
ثانيا / بعد الاعتراف الإماراتي باستهداف السفن، كان ملفتا غياب اية معلومات تقنية حول الحادث فهو وصف فقط بالعمل التخريبي. ما يثير تساؤلات حول قدرة الأمارات على التعامل مع هكذا حوادث و السيطرة عليها وتجنبها. وهذا يظهر رسالة مهمة (غير مقصودة ربما) وهي ان الأمن في تلك الدولة خاصة بالنسبة لمرافقها الاقتصادية المحورية في حياة البلاد غير أمنة خاصة أذا ما تذكرنا قضية إرسال طائرة يمنية بدون طيار إلى مطار أبو ظبي قبل أشهر حيث وصلت المطار وعادت دون ان يتم رصدها.
ثالثا / الحديث عن تأثير لأطراف خارجية وبعضها ليست دولا على حكومة أبو ظبي (والحديث هنا عن شركة بلاك ووتر ورئيسها السابق (اريك برنس) حيث ضغطت هذه الأطراف على الأمارات لتأجيل الاعتراف بالتعرض للهجوم حتى معرفة كيفية استغلاله بطريقة تخدم مصالح هذه الأطراف. فكان خروج مصادر أميركية للتلويح بان إيران “قد” تقف وراء الحادث هي أو “قوات موالية لها”. وهو ما يثير تساؤلات وتهكمات مشروعة من هذا التلويح الذي يخدم مصالح واشنطن وتصعيدها المتواصل ضد طهران.
الحادث الثاني كان استهداف أنابيب النفط في السعودية
أولا / الحادث يأتي في إطار الرد اليمني على العدوان السعودي على اليمن وقتل اليمنيين والحصار عليهم من قبل تحالف دول العدوان. والعملية النوعية اليمنية لا تخرج من سياق الرد اليمني الذي لوحت به القوات اليمنية وقيادة حركة أنصار الله وصولا إلى قائدها السيد عبد الملك الحوثي الذي هدد (وقبل التوتر والتصعيد الأميركي ضد إيران) بضرب منشآت اقتصادية حيوية لدول العدوان اذا واصلت جرائمها ضد اليمنيين.
ثانيا / يكشف الحادث هشاشة واضحة وعجزا أوضح عن تعقب ومجاراة التطور النوعي والسريع للقدرات اليمنية في الأرض والبحر وألان في الجو. فأن تطلق سبع طائرات مسيرة مئات الكيلومترات وتصل إلى قلب السعودية وقرب العاصمة الرياض وان تستهدف هذه الطائرات أهم خط أنابيب نفط يصل بين الشرق والغرب فهذا بحد ذاته انجاز من المفترض ان يثير مخاوف كبيرة ويعطي دروسا مباشرة لدول العدوان ويكشف عن رسائل غير مباشرة أيضا..
ففي الدروس.. بات يعلم السعوديون انهم ليسوا بمأمن داخل أراضيهم وليس فقط في اليمن او على الحدود. فلا الأسلحة الأميركية والإحداثيات التي يتلقونها من واشنطن ولا السلاح الأوروبي منع عملية الطائرات المسيرة اليمنية. وبالتالي يدرك السعودي انه أمام تطور سريع في القدرات وفي نوعية الرد اليمني على عدوانه. وهذا الرد مبني على قدرات تكنولوجية إلى جانب القدرات البشرية في الميدان يضاف له العناية في اختيار الأهداف، فلا يختلف اثنان على ان ضخ النفط السعودي تاثر بشكل كبير بفعل العملية.
وهنا ياتي الحديث عن الرسائل غير المباشرة وهي متعلقة بإيران، والرسالة الأولى هي أن سلاح النفط الذي تحارب فيه الولايات المتحدة ومعها السعودية والإمارات طهران بات سلاحا عكسيا. فالأمر احتاج فقط لسبع طائرات مسيرة يمنية الصنع لوقف ضخ ثلاثة ملايين برميل نفط في السعودية وقبل ذلك في الفجيرة حيث سيهز اي حادث ثان هناك ثقة اية شركة عالمية بالإماراتيين. والرياض وأبو ظبي يعتمدان بشكل كبير جدا على النفط.
الرسالة الثانية هي أن مساعي واشنطن لطمأنة العالم بان النفط الإيراني الخاضع لإجراءات حظر ظالمة يمكن تعويضه بالنفط السعودي والإماراتي. فبعد ما حصل بات الأمر في خبر كان وفشلت خطة دونالد ترامب.
أما الرسالة الثالثة “الأهم” فهي مختصرة ومفيدة.. اذا كانت السعودية غير قادرة على مواجهة ومجاراة رد يمني تم تحضيره في ظل ظروف كارثية في اليمن نتيجة العدوان، وإذا كانت الإمارات غير قادرة على حماية موانئها من عمل تخريبي محدود، فهل تدرك الرياض وابو ظبي طبيعة وسياق الأمور فيما يخص اي رد من إيران التي لا توفر السعودية والإمارات اي جهد للتحريض ضدها ولدفع ترامب باتجاه حرب معروفة النتائج معها؟ وهل يفهم اللبيب من إشارات الرد اليمني وما يحصل في الأيام الأخيرة؟؟