كم ستحتاج إيران من الوقت لإنتاج قنبلة نووية لو أرادت ؟
عبد الباري عطوان
هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني اليوم الأربعاء بأن بلاده ستزيد نسبة تخصيب اليورانيوم فوق المعدل المتفق عليه في الاتفاق النووي، أي 3.67 بالمئة، وستزيد مخزونها من اليورانيوم المخصب المحدد بثلاثمائة كيلوغرام، اعتبارا من يوم الاحد المقبل 7 تموز (يوليو) اذا لم يتم تخفيض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
هذا التاريخ مهم لانه يعني نهاية مهلة الستين يوما التي حددتها ايران للدول الاوروبية الموقعة على الاتفاق للاقدام على خطوات للالتفاف على العقوبات الامريكية، ويبدو ان اللقاء الأخير بين السيد عباس عراقجي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، مع ممثلي هذه الدول الذي انعقد في فيينا الأسبوع الماضي فشل في الحصول على أي ضمانات أوروبية تلبي الشروط الإيرانية وتخفف حدة الحصار.
من المفارقة ان إدارة الرئيس دونالد ترامب التي انسحبت من هذا الاتفاق كليا، ولم تلتزم بالتالي بأي من بنوده، وفرضت عقوبات على ايران لإجبارها على الجلوس على مائدة المفاوضات للتوصل الى اتفاق جديد بشروط أمريكية، وتهدد ايران بعظائم الأمور اذا تخلت عن التزامها به، فهل هناك اوقح من ذلك؟ تخرج من الاتفاق وتريد ان تفرض على ايران الالتزام به؟
ايران تحتاج الى 1050 كيلوغراما من اليورانيوم بنسبة تخصيب منخفضة لتكون نواة لانتاج قنبلة نووية، ويمكن زيادة معدلات تخصيب هذه الكمية بنسبة 90 بالمئة، وتوفير 25 كيلوغراما من اليورانيوم فقط لإنتاجها حسب تقارير الخبراء.
***
عام 2015 الذي جرى فيه توقيع الاتفاق بين ايران والدول الست العظمى كان مخزون ايران من اليورانيوم المخصب بالنسبة المقررة دوليا للاستخدامات السلمية حوالي 10 آلاف كيلوغرام، وجرى شحن 98 بالمئة منها الى الخارج، ولكن ايران التي تملك حاليا 19 الف وحدة طرد مركزي تستطيع انتاج هذه الكمية، وربما بنسب تخصيب اعلى في غضون أسابيع مثلما ابلغ خبراء مجلة فورين بوليسي الامريكية.
ايران تملك القدرة والخبرة على انتاج قنبلة نووية في غضون عام، ولكنها تؤكد انها لا تسعى لذلك التزاما بفتوى من السيد علي خامنئي، مرشدها الأعلى، التي تحرّم هذه الخطوة من منطلق إسلامي، ولكن الفتاوى يمكن تعديلها وفق المصلحة العامة اذا لزم الامر.
العالم يقف حاليا على حافة المواجهة العسكرية بين ايران والولايات المتحدة التي ستزداد احتمالاتها بعد يوم الاحد المقبل، فالدول الأوروبية لن تستطيع تلبية الشروط الإيرانية بتخفيف حدة العقوبات الاقتصادية قبل نهاية المهلة، ولا نعتقد ان السلطات الإيرانية ستتراجع عن تهديداتها هذه الا اذا حدثت معجزة، وتم التوصل الى اتفاق بتمديد هذه المهلة، ونحن لسنا في زمن المعجزات، مضافا الى ذلك ان الوقت بات قصيرا جدا.
الرعب الإسرائيلي من حجم الرد الانتقامي الإيراني هو الذي أدى الى تراجع ترامب عن خطته بهجوم عسكري على ايران يستهدف ثلاثة مواقع صاروخية ونووية انتقاما لإسقاط طائرة التجسس المسيرة، وقبل عشر دقائق من انطلاق الطائرات لتنفيذ المهمة، ويبدو ان هذا الرعب الإسرائيلي في محله بالنظر الى “نبوءة” السيد محبتي ذو النور، عضو البرلمان الإيراني المخضرم، التي توقع فيها تدمير إسرائيل خلال نصف ساعة فقط اذا هاجمت الولايات المتحدة بلاده، ونعتقد ان الرعب الإسرائيلي ما زال موجودا، وربما تضاعف عدة مرات.
اما اللواء حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني، فقد اكد اليوم الأربعاء في حديث لوكالة انباء إيرانية ان القدرات العسكرية الإيرانية هي التي أجبرت ترامب على التراجع عن خططها بقصف بلاده، وأضاف بأن العدو خائف من الحرب، وزادنا الجنرال امير صباحي قائد سلاح الجو الإيراني من الشعر بيتا عندما تحدث عن أسلحة سرية خاصة بها ستفاجئ الجميع في حال اندلاع فتيل الحرب، ولكنه لم يكشف عن كنهها، وهذا غير مفاجئ، فالحرب خدعة.
مجلة “لوموند دبلوماتيك” الفرنسية الشهرية قالت ان هناك 15 سببا تمنع واشنطن من شن اي هجوم على ايران، ابرزها خسارة الجيش الأمريكي لكل حروبه في الشرق الأوسط، وخاصة العراق وأفغانستان وسورية، ولان القدرات الدفاعية الإيرانية تتمتع بكفاءة عالية.
الرئيس ترامب الذي تعهد بسحب جميع القوات الامريكية من الشرق الأوسط في حملته الانتخابية “اجبن” من ان يكسر هذه التعهدات ويشن هجوما على ايران تدفع إسرائيل وحلفائه في منطقة الخليج ثمنه الباهظ جدا، وتؤدي الى خسارته الانتخابات الرئاسية المقبلة.
***
يوم الاحد المقبل سيكون يوما مختلفا في جميع الأحوال بالنظر الى المواقف المحتملة التي قد تتخذها عدة اطراف رئيسية في الازمة، مثل الأوروبيين والامريكان والإسرائيليين، الى جانب الإيرانيين، أصحاب العرس، بطبيعة الحال، وسيكون من السهولة معرفة الخيط الأبيض من الأسود بالنسبة الينا وغيرنا من المراقبين.
نتفق مع مجلة “لوموند دبلوماتيك” في احجام أمريكا عن شن حرب ضد ايران للأسباب التي ذكرتها، ونضيف اليها سببا آخر، وهو ان إسرائيل حليفة أمريكا ورأس حربتها في الشرق الأوسط، لم تكسب أيضا أيا من حروبها منذ هزيمة العرب عام 1967، وخسرت جميع حروبها رغم الدعم الأمريكي غير المحدود، ولن تكون نتائج الحرب المقبلة، اذا ما اشتعل فتيلها، مختلفة، ونستبعد ان تخرج إسرائيل من هذه الحرب بالصورة التي هي عليها الآن على الصعد كافة.. والأيام بيننا.