أطفال الحديدة ضحايا العدوان السعودي الأمريكي.. آثار نفسية لا تقل فظاعة عن المجازر
أفق نيوز | الثورة | أحمد كنفاني
على الرغم من الصمود الأسطوري الذي يسطره الشعب اليمني في مواجهته للعدوان إلا أن العدوان وخروقاته المتواصلة في محافظة الحديدة وعدم التزامه بوقف اطلاق النار ضمن ما جاء في اتفاق السويد المعلن عنه منتصف ديسمبر العام الماضي والتصعيد العسكري عليها ترك وما يزال بصمات مدمرة تستهدف البنى التحتية والأطفال بالدرجة الاولى هي أبعد من أن تكون جرحا يُشفى بعد قصف جوي او مدفعي واصابة وأقسى من أن تترك علامة أو تقطع يدا ، ومن الحالات المعروفة لأطفال فقدوا معظم أفراد عائلاتهم وآخرين استُهدفوا وقُتلوا وهم يلعبون أو نيام في منازلهم آمنين مطمئنين في مناطق عدة مثل الدريهمي والربصة وغليل والخمسين و7 يوليو والشهداء لخير دليل على ذلك .
« الثورة» تحدثت مع عدد من أطفال الحديدة ممن تعرضوا لإصابات وإعاقات وصدمات نفسية شديدة، وما زالوا يتلقون خدمات العلاج النفسي الشخصي والأسري من خلال بعض المراكز المتخصصة حيث أنّ معظم هذه الصدمات النفسية كانت جراء الاعتداءات المتواصلة على الحديدة وزاد من تأثيرها الحصار والعدوان الأخير، أما أهم أسبابها فهو النزوح وهدم منزل الأسرة، أو مقتل أحد أفراد الأسرة ” الأب أو الأم ” أو أحد الأقارب، أو فقدان الأصدقاء أو مشاهد الدماء والمجازر التي وقعت بالقرب منهم .
الطفل محمد صادق بوخمي يبلغ من العمر 12 سنة تعرض لعدة صدمات نفسية وصفها المعالجون بالصعبة وكان ذلك نتيجة هدم منزلهم بمديرية الدريهمي ومقتل والده وعمه و ثلاثة من جيرانه، وقال في حديثه لـ “الثورة” قُتل والدي أمام عيني ودُمر منزلنا قبل 4 اشهر في منطقة الطائف بالدريهمي واليوم ننزح لأن بيتنا تضرر وتم هدمه وعدد من جيراننا قتلوا من غير ذنب.
وأشار محمد إلى انه لا يستطيع النوم لخوفه من الظلام ولا يستطيع الخروج من المنزل خوفا من أن يموت، وكل يوم يتيخل له انه سيموت.
الطفلان زياد ومحمد ابراهيم داود يقطنان مع أسرتهما بشارع النصر بمديرية الحالي تعرض منزلهم قبل 3 أيام لإطلاق قذيفة هاون من قبل مرتزقة العدوان ما أدى لإصابتهما مع والدتهما ونقلهم جميعا للمستشفى لتلقي العلاج ومن هول الصدمة لا يستطيعون الكلام حتى الآن.
الأطفال محمد قاسم ابراهيم وصفية محسن مشجري ونهى سالم ربيع وابتسام فواز مكي وفطوم ابراهيم الصادق وغيرهم كثيرون من أهالي منطقة سوق الهنود تعرض حيهم للقصف من قبل العدوان في مطلع أغسطس 2017م ،عرف آنذاك بمجزرة سوق الهنود ،ما زالوا يتلقون المساعدة النفسية وأرباب أسرهم يقولون أن العدوان والتصعيد الأخير من قبله على الحديدة وخروقاته المتواصلة فيها فاقم وضعهم الصحي والنفسي السيئ.
أما الطفلة خديجة محمد عنتري من حي الربصة وعمرها 11 سنة، فقد تعرضت لصدمة نفسية شديدة بسبب استشهاد والدتها وهدم منزلهم بالكامل وأفضت لنا بالقول في حديث قصير معها وهي تبكي وأدمعت أعيننا معها عند سماعها : عندما تطلب مني أمي أن أذهب الى الدكان القريب من منزلنا لشراء بعض الحاجات أرفض وبشدة حتى لا يكون مصيري مثل مصير والدي والأطفال الذين كانوا متواجدين في الشارع ووالدي في الدكان لشراء حاجياتنا وأطلق عليهم العدوان ومرتزقته قذيفة وماتوا ما عدا طفل فقد رجله اليسرى”. وتابعت حديثها بالقول « أريد أن أحيا بسلام وأمان وحرية، لا أحب الدماء أريد أبي وصديقتي مريم التي ماتت أيضاً، ماذا يريد منا هؤلاء المجرمون الغزاة ؟ ماذا عمل والدي ليقتلوه؟ ما الذي يريدوه منا؟ هل هم مسلمون ومؤمنون ليفعلوا معنا ذلك؟ أريد أن أنتقم ممن قتل والدي وصديقتي مريم؟ من سينظر لوضعنا أين العالم مما نتعرض له من عدوان وموت وتدمير؟
كما التقينا أيضا بالطفلين ابراهيم عبدالله كداف وحسين عمر يابس وهما يتكئان في أحد شوارع مدينة الحوك ويعانيان من اعاقة جسدية وأعمارهما لا تقل عن 14 عاما وعرفنا من خلال حديثنا معهما أنهما فقدا اسرتهما قبل عامين في مجزرة قام بها العدوان في حي من احياء زبيد وانهما يعيشان الآن في الحديدة، الأول عند خاله والآخر عند عمته وهما الى الآن يتلقيان خدمة العلاج النفسي الشخصي والأسري ويقومان بالتسول لكسب لقمة العيش ووجها سؤالهما لماذا يتركنا العالم وحدنا؟ لماذا يجب أن ننتظر الموت؟ ولماذا لا نستطيع أن نلعب ونعيش حياة طبيعية؟
وطالبا أطفال العالم بالوقوف لجانبهم والمطالبة بإيقاف العدوان على اليمن ومحاسبة مرتكبيه.. وأضافا ” نريد أن نكون أحرارا ونعيش كباقي أطفال العالم “.
دراسة لآثار العدوان وتصعيده على الحديدة
ولمناقشة تأثير العدوان والاحتلال على الأطفال التقت “الثورة” ببعض المتخصصين العاملين في مؤسسات تختص بإيواء الأطفال اليتامى وعلاج اضطرابات الصدمة النفسية التي يتعرض لها أطفال الحديدة الذين عانوا وما زالوا يعانون من ويلات العدوان والحصار المستمر.
الدكتوران فتحي عبدالوحد العامري ومؤمن طلال اليوسفي، أخصائيان في العلاج النفسي بمركزي ابن الهيثم والمطراق الصحي لعلاج ذوي الإعاقة، أكدا أن الحرب النفسية تترك آثارا طويلة الأمد، وأشارا إلى أن الإعاقة النفسية التي هي أكثر ضررا من الإعاقة الجسدية يبرز معظمها من المعاناة اليومية جراء ما تتعرض له الحديدة من خروقات وحصار وقصف وتدهور في مستوى المعيشة وقطع للشوارع وإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وقلة النوم ونقص الدواء وعدم وجود أماكن آمنة والتشرد وتدمير المنازل وتحويل المدارس إلى ملاجئ لإيواء من شُردوا ودُمرت منازلهم، وتصور الموت في كل لحظة، وفقدان الأم والأب والإخوة والأخوات، واليتم والخوف من المستقبل والحصار. واختتما حديثهما بتوجيه عدد من التساؤلات للعدوان ومرتزقته ومن كان على شاكلتهم :ما هي السبل لحماية أطفال الحديدة من وحشية العدوان الذي استهدف الحجر والشجر والبشر؟ كيف نوفر لهم الدعم النفسي والاجتماعي في هذه الظروف الحرجة التي تعيشها الحديدة هذه الأيام؟ !!!
المحرر :
بدورنا نخاطب أبناء اليمن عامة والحديدة خاصة : لا تحزنوا سيأتي اليوم الذي ستمارسون فيه حياتكم الطبيعية.. وسيتذكر العالم أن هنالك بلداً جاع وقُصف وقُتل أطفاله في المدارس وجثثهم ملأت أرضه وحاصروه وحاولوا ابادة من فيه ولكنهم لم يستطيعوا لأن فيه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ولن يستسلموا أبداً للطغاة ولن يحققوا لهم ما يريدونه.