هل العالم بحاجة إلى حذاء؟!
أحمد يحيى الديلمي
منذ أن أطلق الرئيس السوفيتي خور تشوف حذاءه وضرب به طاولة الاجتماعات بالأمم المتحدة والعالم يعيش في حالة اضطراب وفشل ذريع في تسوية النزاعات ، واليوم على هامش افتتاح الدورة الـ74 للأمم المتحدة نتذكر ذلك الموقف الذي أرهب الزعماء المتحلقين حول الطاولة وجعل أمريكا تضع ألف حساب للاتحاد السوفيتي القطب الآخر في الهيمنة على العالم ، فلقد احتج الرئيس السوفيتي على مندوب الفلبين بأن ر فع حذاءه بوجه قادة العالم ثم ضرب به الطاولة مما جعل الجميع يقف ، واليوم تنعقد هذه الدورة في ظل ارتخاء كامل في السلوك العام واضطراب في العلاقات بعد أن توالى فشل هذه المنظمة الدولية وعدم قدرتها على ترجمة ميثاقها الذي أبرمته الدول قبل أربعة وسبعين عاماً ، حيث تتعاطى مع القضايا العالقة والمشاكل والحروب بأفق ضيق لا يخلو من الانتقاء وازدواج المعايير مما أدى إلى الفشل الذريع في حل النزاعات وعدم القدرة على كبح جماح غرور وغطرسة الدولة الأمريكية البلد المضيف للمنظمة التي باتت تتحكم في شؤون هذه المنظمة وتدقق في كل صغيرة وكبيرة وكأنها المعنية بالأمر وحدها ، وكأنها المعنية وحدها بالعهد الميثاقي الذي أبرمه العالم لضمان السلام والأمن والاستقرار ، لذلك نجد أن المنظمة لم تتمكن من ترسيخ سيادة مبدأ التعايش وفق آلية تجنب العالم ويلات الحرب والدمار وتضمن سيادة وأمن واستقرار الدول على أساس عادل يخفف المعاناة ويمنع اندلاع الحروب ، بالمقابل فشلت أيضاً في حماية حقوق الإنسان وصيانة الحريات نتيجة التباين والتناقض في المواقف ، وهذا ما رأيناه واضحاً في المقدمة التي بدأت بقمة المناخ ففي حين حضر الرئيس الأمريكي ترامب هذه القمة إلا أنه فضل أن يكون مستمعاً خلافاً لسلوكه المعهود وولعه الكبير بكثرة الكلام وحشر أنفه في كل شأن من شؤون العالم ، ها هو ذا يلتزم الصمت ويحضر بشكل سلبي ليؤكد أنه سبب مباشر في الاضطرابات المناخية وكارثة الاحتباس الحراري لأن أمريكا بالذات كانت من رفض هذه الإجراءات من خلال عدم التوقيع على معاهدة باريس وفق الرؤية التي أفصحت عنها تلك القمة وانتهت بانسحاب أمريكا وعدم الموافقة على المعاهدة ، بينما فرنسا بدت في هذه القمة الأكثر حماساً حيث أعلن ماكرون عن ضخ بلاده مبلغ مليار وخمسمائة مليون يورو كمساعدة للصندوق الأخضر مؤكداً أن مساهمة فرنسا وعدد من الدول الأوروبية ستصل إلى سبعة مليارات دولار بينما المبلغ المطلوب لهذا العام عشرة مليارات دولار بحسب إفادة الرئيس ماكرون كجزء من المبلغ الأساسي المطلوب حتى عام 2025م والمقدر بمائة مليار دولار ، كل هذا والرئيس الأمريكي يلتزم الصمت وكأن الموضوع لا يعنيه .. كيف لا وهو من يحمل معول الهدم والدمار في العالم وكل همه إشعال الحروب لتفعيل سوق السلاح وليتمكن من تسويق أكبر كمية من أسلحة الدمار الشامل ، هذا هو أساس التناقض الذي جعل الرئيس ترامب غير مهتم بقضايا المناخ والاحتباس الحراري، المهم أن كل المؤشرات تدل على ضرورة وجود شخص في هيبة خورتشوف يرفع الحذاء مجدداً ليوقظ العالم من سباته العميق !!؟ والله من وراء القصد ..