العقيدة العسكرية للجيش اليمني (دفاع – هجوم – اجتياح) .. بقلم/ عبدالقوي السباعي
أفق نيوز | كتابات
لا يخلو جيشٌ من جيوش العالم في أي زمانٍ وأي مكان من عقيدةٍ عسكريةٍ يتمثلها سلوكاً وممارسةً، يجسّدُها قولاً وعملاً؛ لذا فالعقيدةُ العسكريةُ تمثل “مجموعة من القيم والمبادئ الفكرية التي تهدفُ إلى إرساء نظريات العلم العسكري وعلوم فن الحرب؛ لتحدّد بناءَ واستخداماتِ القوات المسلحة في زمن السلم والحرب، بما يحقّق الأهداف والمصالح الوطنية”، ولو تمعنا في هذا التعريف لوجدناهُ يغطي جميع مستويات العقيدة – الاستراتيجية – العملياتية “العقيدة القتالية” – التعبوية “عقيدة القتال”.
إن الجيشَ اليمنيَّ وعبر مختلف المراحل التاريخية وتعاقب الدويلات –وبحسب الكثير من النقوش المسندية والنصوص التاريخية– جسّد “عقيدة قتالية هجومية” إلى أن يستقر الحكم ويستقيم الأمر، فيسهم بشكل مباشر في بناء الدولة، ثم ينتقل إلى تفعيل “عقيدة قتالية دفاعية” حتى إذَا ما تعرضت الدولة لعدوانٍ خارجي يستهدف كيان الوطن وهُوية الأمة، شكّل مع الشعب في تلاحمٍ وثيق سياجاً منيعاً مستلهماً عقيدة قتالية تفرد بها وهي “دفاعية – هجومية – ثم اجتياحٍ واجتثاث” وكم هي الشواهد التاريخية التأديبية التي لا يتسع المجال لحصرها.
ولأهميّة العقيدة العسكرية لا بد من أَسَاسات تقوم عليها، ومصادر تغذي لها؛ كي تستمر وتتجدد حتى تصل إلى مرحلة النضوج، ويمكن تلخيص مصادر العقيدة العسكرية في العقيدة الشاملة للدولة التي تُعد المصدر الأَسَاسي لجميع مستويات العقيدة بشكل عام، والعقيدة العسكرية الأَسَاسية بشكل خاص، وفي تأملٍ فاحص للعقيدة العسكرية للجيش اليمني بعد ثورة الـ21 من سبتمبر2014م وفي إطارها العملياتي والتعبوي وخصوصاً منذُ بدء العدوان على الوطن اليمني (الأرض والإنسان) في 26/3/2015م لا زال الجيش اليمني مجسداً عقيدةً قتاليةً دفاعيةً متمثلاً رؤية السيد القائد المؤكّـدة يقوله: “نؤكّـد أن عملياتنا العسكرية بكل اشكالها الصاروخية والمسيرة والبرية والبحرية، إنما تأتي في سياق حقنا المشروع في الرد على عدوانكم وجرائمكم”، وقد يقول قائلٌ متسائلاً: وما تلك العمليات التي يقوم بها سلاح الجو المسيّر والصواريخ البالستية وَ…، نقول لهم –وبحسب المنظور الاستراتيجي العسكري– تلك أعمالٌ هجومية تخدم أغراض الدفاع؛ وذلك لأَن الجيش اليمني بات متحرّراً من التبعية للعقائد المستوردة (شرقية أَو غربية) بل يمنية خالصة مستلهماً النظرية الإسلامية الجهادية، فالجهاد الذي كان غير وارد في العقيدتين العسكريتين الشرقية والغربية، بل تقف هاتان العقيدتان المستوردتان منه موقف الرفض والعداء، وجسّدَهُ الجيشُ اليمني كعقيدةٍ عسكريةٍ ثابتة ومدرسة محمدية تأمر بالجهاد وتحث عليه، وتنهى عن تركه، وتعلم أُسُسَه ومبادئه، وتخرّج المجاهدين الصادقين في شتى المجالات، كما ظل التاريخ العسكري مصدرًا فعالًا وناجحًا لبناء العقيدة العسكرية اليمنية وتطويرها.
وفي إطار أخلاقيات العقيدة العسكرية اليمنية فهي دينية إنسانية وأخلاقية؛ وذلك لأن العقيدة العسكرية بصفتها الجهة التي تمنح المشروعية لتلك الطريقة وتوجّـهها وتضبط سلوكياتها وإجراءاتها أثناء قيام القوات العسكرية بتنفيذ مهامها؛ لكي لا تنصرف للكسب المادي للأهداف وعلى حساب القيم الإنسانية والأخلاقية، ولعل التاريخ سجّل الكثيرَ من المواقف الناصعة للجيش اليمني المتمثلة بتجسيدهِ للضوابط الدينية والأخلاقية والقيم الإنسانية في التعامل مع كافة الأعمال ومختلف الإجراءات العدائية التي تقوم بها قوى تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، وليست عملية نصرٌ من الله عنكم ببعيد.
وختاماً فالعقيدة العسكرية في مستواها العملياتي قد تتغير بتغير السلاح ومداه وكثافة المعدات والتشكيلات وطبيعة الأرض وطبيعة التهديد ومدى القدرة على إدامة المجهود الحربي وغير ذلك من الأمور، وصولًا إلى إنجاز المهام شاملة الأهداف والنتائج؛ لذلك نجد الجيش اليمني يتعامل مع مختلف المتغيرات بحيوية وتجدد ووفق استراتيجية (معركة النفَس الطويل) والتي جاءت انعكاساً لرؤية السيد القائد المؤكّـدة على “أن القدرات العسكرية للجيش واللجان الشعبيّة ستتطور أكثر فأكثر من واقع الحاجة في حال استمر العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الذي في حال استمر فلن يحقّق لدول العدوان الأمن والاستقرار، بل أصبح يشكل عليها الخطرَ الأكبر”، الأمر الذي يشير إلى احتمالية انتقال الجيش اليمني واللجان الشعبيّة من استراتيجية الدفاع إلى استراتيجية الهجوم الذي يعني الاجتياح العارم لدول العدوان والبدء بمرحلة التأديب.