صمت عالمي و جرائم يومية تفتك بأطفال اليمن!
بأقدام صغيرة وعارية تجوب ارصفة شوارع خالية من الأشجار ومليئة بالشظايا يبحث أطفال اليمن عن مكان يحتوي الواناً براقة قد تعيد لهم ما فقدوه ولعلهم يتذكرون بها كونهم لايزالون أطفالا ، ماضون بأرواحهم الصغيرة التي تهتف لتنادي بطلبات متواضعة قد لا تزيد عن لقمة عيش تسندهم وتشدهم للاستمرار في طريقهم المليء باللاإنسانية.
في الاتجاه الآخر تستمر الجهات العالمية المسؤولة عن سلامة هذا الطفل بالتغني و التباكي عليه في كل عام وتنشد يومه بحفاوة تخدع الجميع لتصرح من خلالها عن إنجاز وحيد يروج نزلاتها الاحصائية التي تتجدد باستمرار في ارتفاع دوري يؤكد أن الجميع يكتفي فقط بالمتابعة وانه لا يوجد من يلبي بشكل فاعل وانساني نداءات هذا الطفل البريء والباحث عن أقل حقوقه لا أكثر.
تتجاوز بعض قصص الضحايا من أطفال اليمن لبشاعتها قطرية المكان فيسمعها العالم على فترات زمنية متفاوتة وكأنها تذكر الجميع أن المظلوم لا يزال موجودا ليكون كل من تجاهله مدانا بالتفاوض والسكوت عن ذلك الظالم المكشوف ولكن سكونا غريبا يخيم بعد ساعات من ارتكاب الجريمة.
آلاف من الأطفال هم ضحايا هذا العدوان على اليمن ومنهم الطفلة بثينة التي ضج العالم لأيام متضامنا مع قضيتها بعد فقدانها جميع عائلتها في الخامس والعشرين من شهر أغسطس من سنة 2017 ،وفي ذات العام فقدت الطالبة اشراق حياتها ففي الساعة الثامنة من صباح يوم الثلاثاء 10 يناير 2017 م قام طيران العدوان بقصف مدرسة الفلاح الأساسية في مديرية نهم محافظة صنعاء، أثناء دخول الطلاب والطالبات لتأدية اختبارات نصف العام الدراسي ولم تهدأ كثيرا حتى حدثت جريمة استهداف مدرسة للبنات في العاصمة صنعاء تقضي فيها أكثر من 13 طالبة والعديد غيرهن بإصابات شديدة، ويعلق في الذهن موقف الطفل سميح الذي تمسك بجثة والده الشهيد في مساء الأحد يوم 22 من شهر ابريل 2018م في استهداف مباشر لحفل زفاف في منطقة الراقة بمديرية بني قيس محافظة حجة والتي راح ضحيتها أَكثـر من 90 شهيدا وجريحا بينهم عدد كبير من الأَطْفَـال، ليخلد سميح دمعة محفورة في كل قلب شهد مشاعره الحارقة في تلك الليلة المفصلية من عمر هذا الطفل اليمني البريء.
ومن مجلدات الاجرام نقرأ عن الطفل عمار من محافظة صعده :
يصحو عمار عاما بعد عام على حقيقة ما أصابه حين استهدفت الغارات الجوية في أول أعوام العدوان ، في شهر (إبريل من العام 2015) منزله و أصبح كومة من الانقاض، ولم يكن عمار يومها قد تجاوز الاسبوعين من عمره ولكن العناية الإلهية حالت دونه ودون الموت الذي خطف منه كل أفراد عائلته، وبعد ساعات من القصف وجده أحد الأهالي على بعد مسافة من المنزل المدمر وقام بأخذه إلى منطقة أخرى باحثا عمن يكفل الوليد عمار ، لتكون عائلة الوالدة حسناء هي الحاضنة التي حركتها مشاعر الرأفة بهذا الرضيع لتتحمل قائمة احتياجات اضافية رغم قلة ما بذات اليد.
ضلت آلة العدوان تلاحقهم رغم كل معاناتهم، لتنزح عائلة الوالدة حسناء من صعدة الى العاصمة صنعاء وينتقل عمار مع أفراد أسرته الجديدة ليبدأ رحلة مرة تروي حكايتها معاناة النزوح ومرارة المستقبل الغامض الذي تبدو ملامحه مليئة بالدموع والصبر والمعاناة.
لم يكمل عمار الخامسة من عمره غير أنه يحمل الكثير من الاحداث في جعبته، فأمام عدو كهذا لا يكون من الغريب أن ترى طفلاً مثقلاً بالهموم التي تكبره في السن وليس غريباً أن تسمع الطفل يتحدث بتفاصيل الهموم والمشاكل المحيطة به وقد يكون مهتماً بطلبات البحث عن السلام ومتابعاً لقرارات الساسة واصحاب القرار الذين تجاهلوا اتخاذ أي قرار ينصف كونه لايزال طفلاً و يحلم بمجرد حياة هادئة وآمنة.
آخر الاحصائيات ضحايا الأطفال في اليمن:
كشفت وزارة الصحة في آخر إحصاءاتها أن 5 آلاف طفل يمني يصابون سنويا بالأورام نتيجة أسلحة تحالف العدوان بينها محرمة دوليا، كما أكدت أنه في اليوم العالمي للطفل وخمسة ملايين طفل آخرين مصابون بسوء التغذية غالبيتهم دون سن الخامسة من العمر، موضحة أن 30 % من المرضى المحتاجين للسفر بغرض العلاج هم أطفال وقد توفي العشرات منهم.
وأضافت أن اكثر من 65 طفلا دون سن الخامسة يموتون من كل ألف طفل بسبب الأمراض التي عادت للتفشي بقوة جراء العدوان والحصار، كاشفة عن إصابة أكثر من مليوني طفل بالكوليرا خلال العدوان توفي منهم قرابة أربعة آلاف طفل.
وحسب اخر آحصائيات اصدرها مركز عين الانسانية في ذكرى يوم الطفل العالمي الموافق 20 من شهر نوفمبر فان عدد شهداء القصف المباشر من الأطفال هو 3 الاف و672 طفلا من أصل 16 الف و447من الشهداء ، كما يبلغ عدد الجرحى من الأطفال 3الاف و856 طفلا من أصل 25 الف و 688 جريح حرب معظمهم جراحاتهم دائمة وقد تسبب اعاقات كاملة او جزئية للمصاب.
مفارقات عجيبة هي التي يعيشها الطفل في اليمن فيجد نفسه مجبراً على المواجهة في عالم قاسي وملئ بالكوارث من حولة ، فبالإضافة إلى الحرب العسكرية توجد اشباحاً غيرها تلوح أمامهم كشبح سوء التغذية ووباء الكوليرا وكذلك الدفتيريا ومرض الفشل الكلوي التي لازالت تفتك بأطفال اليمن بالتوازي مع استمرا الحصار واغلاق المطار الذي يتسبب في موت العديد من الأطفال بشكل يومي لتكون النتائج كارثية على الطفل اليمني في أكثر من ربع ضحايا العدوان هم من الاطفال الأبرياء.