العودة للمفاوضات بعد فشل التحالف العسكري السعودي في اليمن!!
منذ السادس والعشرين من شهر مارس 2015م قادت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تحالفاً وحشياً، دمر البنية التحتية وقتل المدنيين من أجل دعم حكومة الشرعية وإعادة الرئيس المنفي عبدربه منصور هادي ودحر الحوثيين المدعومين من إيران، لكن السؤال هل تتسارع عملية إعادة السلام في اليمن؟ اشتدت الباليه الدبلوماسية في غضون الأسابيع الأخيرة في الخليج بينما أطلقت المملكة العربية السعودية يوم الخميس صراح 128 من الحوثيين الاسرى، وتم إعادتهم إلى العاصمة اليمنية صنعاء من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتعتبر إشارة ينظر إليها كخطوة إضافية نحو السلام، حيث أن في اليوم السابق، توجه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان (MBS)، إلى الإمارات العربية المتحدة للقاء مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وأمير دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، ومع ذلك قبل تسليم مدينة عدن أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة في الصيف إنها ستسحب قواتها بشكل جزئي من جنوب اليمن وستسلم مدينة عدن في نهاية شهر أكتوبر للقوات السعودية، لكن الميليشيات التي تدعمها أبو ظبي مازالت في الميدان.
علاوة على ذلك، يبدو أن الكثير من المسؤولين السعوديين الرسميين يتحدثون من وراء الكواليس بأن الجزيرة العربية غارقة في الصراع، وفي منتصف نوفمبر قام نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بزيارة إلى مسقط لمناقشة القضايا الإقليمية مع السلطان قابوس.
وتضيف وكالة الأنباء الفرنسية بأن شقيق MBS الأمير خالد بن عبدالعزيز الذي كان يشغل منصب سفيراً للسعودية في الولايات المتحدة سابقاً، بأنه سيلعب دوراً إيجابياً في المفاوضات. وبعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018م، داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، تم استدعاؤه بشكل طارئ إلى المملكة لإيجاد حل للصراع. حيث تم تعيينه نائباً للوزير في فبراير 2019م من قبل شقيقه MBS البالغ من العمر 31 عاماً، كما نقلت المجلة الأمريكية فورين بوليسي مقالاً للوزير اليمني السابق أبو بكر القربي قال فيه إن زيارة الأمير خالد إلى عمان تعكس الالتزام بتحقيق سلام شامل ونهائي.. مدركاً أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في اليمن.
ووفقاً لما قاله مسؤولون حوثيون لوكالة «أسوشيتيد برس» أنه في شهر سبتمبر تم فتح قناة في سلطنة عمان للمفاوضات مما سمح للأطراف المتنازعة للتواصل عبر مؤتمرات موثقة بالفيديوهات، وكذلك من خلال الوسطاء الأوروبيين، أما إليزابيث كيندال وهي باحثة في الدراسات العربية والإسلامية في بيمبروك في جامعة أكسفورد، قالت لصحيفة «لورينت لو- جور الفرنسية» لا توجد أي ثقة بين الطرفين، لكن عُمان قادرة على أن تكون وسيطاً مناسباً ويبدو أنها تحاول أن تبني الثقة بينهما، أيضاً كما تلاحظ بأن هناك نافذة للمفاوضات وإعادة السلام في اليمن، وتؤكد بأن جميع الأطراف تسعى إلى اتفاق ومشاركة الطرفين في السلطة، وهذا هو ذاته ما أراده الحوثيون منذ بداية الحرب.
العديد من الطرق
وفي نهاية سبتمبر، أعلن الحوثيون بأنهم سيوقفون جميع الهجمات على المملكة العربية السعودية، جاء هذا الإعلان قبل إطلاق سراح 290 سجينا، ووفقاً لاتفاق استوكهولم الموقع في ديسمبر 2018م بالإفراج عن 15,000 محتجز.
وقبل بضعة أسابيع، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجومين على المنشآت النفطية تابعة لأرامكو السعودية، حيث أن هذه الضربتين أثرت بشدة على أهم مصدر رئيسي لإيرادات المملكة، وكانت الرياض، تعزو العملية إلى طهران التي تميزت بصمت ردة فعلها، كذلك لم تستجيب لها واشنطن بدعم قوي بشأن هذه القضية، لذا يبدو أن سلوك الرياض جزء من الرغبة للتفاوض بدلاً من تفاقم التوترات في التي تزايدت في الأشهر الأخيرة مع إيران.
وتتابع الباحثة إليزابيث كندال حديثها بالقول: كان السعوديون يتحدثون إلى الحوثيين، بدلاً من الحكومة اليمنية أو الشرعية، وتشير بأن المحادثات تجري بمستوى أعلى من اتفاق ستوكهولم حيث الوفود اليمنية التي كانت حاضرة فقط.
أما كريستيان أولريشن، وهو أيضاً باحثاً ومهتم بقضايا منطقة الشرق الأوسط بمعهد باكير للسياسة العامة» بجامعة رايس «يقول يبدو أن الاتجاه الدبلوماسي ينطبق على قضايا أخرى في شبه الجزيرة العربية مع تسارع وتيرة إنهاء الحصار الذي تفرضه الرياض وحلفاؤها على قطر، فقد اتهموها بأنها تقوم بتمويل الإرهاب، أيضا يمكن أن يكون لها علاقات وطيدة مع طهران. ومع ذلك يبدو أن استهداف السفن البحرية والهجمات على منشآت النفط في المملكة العربية السعودية دفعت السعوديين والإماراتيين إلى نزع فتيل التوتر في المنطقة، خيراً من الرد السري لإدارة دونالد ترامب، الأمريكية، ويضيف أن الشكوك حول المواقف السياسية للولايات المتحدة أدت إلى قيام اللاعبين الإقليميين بمراجعة حساباتهم.
أفضل اتفاقية
لقد شجعت المملكة الوهابية اتفاقية الرياض، التي تم توقيعها في 5 أكتوبر، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، حيث أن هذه الاتفاقية تنص على الاتحاد ووضع حد للخلافات والمواجهات التي تحدث في عدن، والعودة إلى المفاوضات مع الحوثيين، المسيطرين على العاصمة صنعاء منذ 21 من أيلول 2014م وبقية المحافظات الشمالية، لذلك يجب أن يمثل اتفاق 5 ديسمبر أول خطوة للرياض بينما الفترة المحدودة له 30يوماً من أجل تشكيل حكومة جديدة تتكون من أربعة وعشرين وزيراً، كما سيتم تعيين محافظين جدد لمحافظة عدن والضالع وأبين، ويجب أعاده نشر قوات يمنيه حول مدينة عدن تحت قياده الرياض.
ألا يكون هذا كافياً من أجل بناء علاقة قوية وثقة بين الطرفين؟ علاوة على ذلك تقول إليزابيث كيندال: هناك علامات إيجابية ولكن كل شيء لا يزال هشاً، بيد أن في الأسابيع الأخيرة انخفض العنف، إلا أنها استؤنفت في الأيام الأخيرة في محافظة صعدة عندما أعلن الحوثيون أمس أنهم أسقطوا طائرة هليكوبتر سعودية من طراز أباتشي وقتلوا الطيارين، وقال الباحث يبدو أن العنف الأخير يوحي بأن اتفاق الرياض قد لا يكون طريقاً مباشراً للسلام وإنهاء الحرب، ولكن يبدو أنها حرب عدوانية لذلك قبل كل شيء يجب التفكير في السلام وإيقاف الحرب، وتضيف إليزبيث كيندال أن التحالف لديه طريقتان: أما المحادثات في عمان، أو تكثيف القصف، لذا يجب علينا جميعاً الضغط بشكل أكثر من أجل الحصول على اتفاق أفضل لإيقاف الحرب وإعادة الأمن والسلام في اليمن.
المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية APF