محمد علي الحوثي : العدوان لم ينفذ أياً من خطوات بناء الثقة ولايزال يصعَّد على كل المستويات
أفق نيوز /
جدد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي أن الجمهورية اليمنية حاضرة للجلوس مع الدول المؤثرة على طاولة مستديرة للنقاش الجاد من أجل السلام العادل.
وقال محمد علي الحوثي في حوار مع صحيفة الثورة نشرته في عددها الصادر اليوم” نرحب بالحوار الجاد والبنّاء، ولا نوصد الأبواب، ولكن لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بتغيير الطاولة مع الفاعلين الحقيقيين الذين قادوا دول تحالف العدوان علينا فهم أصحاب القرار، وليس مع مرتزقتهم الذين يفتقدون القرار وليس الأمر بيدهم”.
وأَضاف ” العدوان على اليمن لا يزال يراوح مكانه لا سيما وأن تحالف العدوان لم ينفذ أياً من خطوات بناء الثقة وعلى عكس ذلك لا يزال يصعَّد في كل المستويات “.
فيما نص الحوار :
* كيف قرأتم بيان القمة الخليجية الأخيرة وهل هو مؤشر لتصعيد مرتقب؟
– البيان هو بيان سعودي بنكهة خليجية، ويُظهر أن كل ما ورد في البيان يدلل على الهيمنة السعودية على مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي لا يمكن أن نسمع رؤى حقيقية ورؤى ناضجة يستطيع الأشقاء الخليجيون الخروج بها، فهناك وصاية سعودية على مجلس التعاون الخليجي.
ما تحدث عنه البيان في ما يتعلق باليمن هو التصريحات السابقة نفسها التي تحدث عنها، وما يقوم به من إجرام ضد الشعب اليمني وحصار هو أعظم بكثير مما قاله في بيانه الذي تغلب عليه النزعة العدائية الواضحة وشديدة الملامح، وهذا دليل على أن ما يريدون أن يتشدقوا به في المجلس هو التعالي وعدم التخاطب بندية مع جيرانهم.
* هل تعتقد بأن هناك جدية لدى تحالف العدوان في المفاوضات؟
– كنا قد أشرنا إلى بعض التصريحات الإعلامية التي أدلى بها قادة النظام السعودي وقلنا بأنها إشارات تفاؤل إيجابية بوقف الحرب، لكن تبقى هذه التصريحات في إطارها حتى تنعكس على الأرض.
فالحاصل اليوم أن العدوان على اليمن لازال يراوح مكانه على المستويات العسكرية والاقتصادية والإنسانية، وهو ما يثبت أن الذي ثبّت استمرارية العدوان والحصار هو قرار النظام الأمريكي بتوقيع ترامب للفيتو ضد قرار الكونجرس الداعي لإيقاف الدعم الأمريكي.
إن الواقع الذي نجده حتى الآن هي مرحلة انتظار لوصول الدفعة الجديدة من الأسلحة والقوات الأمريكية، فكل خطوة يعلنها التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي وحلفاؤه نجدها منقوصة ولا نرى حماساً لتنفيذها، ومنها إعلان إطلاق عدد مائتي أسير، فما تم فعلاً هو إطلاق دفعة أولى فقط.
عدم رفع الحظر الجوي وتطبيق آلية دفع الرواتب وغيرها من خطوات الثقة التي تم الوعد بها قبل ستوكهولم، وبدلا من الوفاء بخطوات بناء الثقة يستمرون باستهداف الشعب اليمني عسكريا اقتصاديا، فما زالوا يقطعون الرواتب ويتلاعبون بالصرف، وبالأسعار، ويفرضون العراقيل على كل شيء، وما يزالون يرتكبون جرائم منع السفن الغذائية والنفطية وغيرها من الوصول إلى الحديدة، وكل ذلك لا يمثل نوايا إيجابية، ولا يدل على توجه عملي نحو السلام.
* ما الذي يجعل النظامين السعودي والإماراتي يتجهان إلى التفاوض ووقف العدوان والحصار؟
– النظامان السعودي والإماراتي فشلا في تحقيق الأهداف الأمريكية المرسومة طوال الخمس سنوات، أصيبا بنكسات كبيرة أدت للاستنزاف الحاد لاقتصادي بلديهما.
ولعلك لاحظت أنه أقرت بالأمس القريب موازنة السعودية بعجز، أعلنوا أنهم يتوقعون عجزا كبيرا في موازنة سنة 2020م، ونحن نبشرهم بأنهم إذا استمروا في المعركة ضدنا فستصاب المملكة العربية السعودية وغيرها بالشلل التام وليس العجز في الموازنات.
ونذكرهم بأنهم لم يستطيعوا تغطية موازنة 2020م رغم كل الجبايات التي فرضوها على المواطنين وحتى على المغتربين في السعودية من أجل أن يغطوا العجز، وقالوا إن العجز الفعلي قد يصل إلى 133 ملياراً أما المتوقع فهو 186 مليار ريال.
نقول لهم: عجزكم في موازنتكم هو أيضا عجزكم في كل الجبهات، عجزكم في موازنتكم هو بإذن الله عجزكم أمام الشعب اليمني الذي حتما سينتصر عليكم.
وأيضا هناك بين السعودية والإمارات خلاف كبير أدى إلى طرد الإماراتي عقب مسرحية طرد بعض المرتزقة من عدن بعد الأحداث الماضية، والذي مثّل الطُعم، مع أنه كانت قد سبقته إشارات كثيرة للخلاف بينهما بدأت بتصريحات وحملات إعلامية تمجد السعودية وتستفز وتذم الإمارات.
ولذلك فالواقع اليوم يفرض عليهما البحث عن بدائل، ولهذا يحاولان البحث عن مخرج مع إبقاء دور لكليهما من خلال التشبث بمخلفات نظام المبادرة الذي لفظه الشعب اليمني من قبل أن يُستخدم شماعة للعدوان، وازدادت بشاعتهم مع كل جريمة من جرائم العدوان وكل معاناة جراء حصاره، وبات الشعب ـ في كل يوم تزداد معاناته ـ تزداد نقمته على مرتزقة نظام المبادرة الذين يتمتعون بما نهبوه من أموال الشعب في وطنهم البديل الذي أعدوه لهم ولأقاربهم في مصر والأردن والإمارات وتركيا والبعض في أوروبا، حيث أمّنوا لأبنائهم المدارس الخاصة وغيرها، بينما الشعب يعاني بسبب ارتزاقهم وتنفيذهم لمؤامرة دول العدوان.
* هل من شواهد تؤكد وجود تحركات صهيونية تستهدف اليمن.. أو أن الأمر يقتصر على دفع النظام السعودي للتصعيد؟
– تصريحات قيادة الكيان الصهيوني معلنة منذ بداية العدوان، لكنها باتت أكثر صراحة ووضوحا من ذي قبل، وقد يكون ذلك عائدا كما ذكرت في سؤالك، سواء بدفع النظام السعودي لمواصلة دوره في العدوان إرضاء الكيان الصهيوني الذي يطبع معه شيئا فشيئا، أو لتشجيعه على الاستمرار لكونه وصل إلى مرحلة العجز فكان لا بد من تحفيزه بالإعلان الصهيوني ليشعر أن هناك عنصراً قوياً سيعينه في القضاء على الشعب اليمني، خاصة بعد الانسحابات المتتالية لعدد من الدول من تحالف العدوان، أو لتحفيز السعودية وحلفائها على المزيد من الغرق في المستنقع.
لقد وصفنا إعلان نتنياهو الأخير بأنه ليس إلا رسالة لاستمرار العدوان على الشعب اليمني، خصوصا أنه كان بحضور الوزير الأمريكي، وأكدنا في حينه أن مثل هذه التصريحات تخدم الوعي اليمني فهي تؤكد له وتزيده اطمئنانا بما يعلمه جيدا عن الشراكة الأمريكية الصهيونية البريطانية السعودية الإماراتية الحقيقية في العدوان عليه.
* ماذا عن التحركات الأمريكية في السياق نفسه؟
– نحن على يقين بأن أمريكا تقتل الشعب اليمني، وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تعيق السلام في اليمن، إن من يقف ضد السلام اليوم هو ترامب، والإدارة الأمريكية، فترامب هو من استخدم الفيتو أمام دعوات الكونجرس لوقف المشاركة الأمريكية في العدوان على اليمن، وهو من يعتبر استمرار الحرب مهما جدا لاستمرار الحلب للسعودية، كما أن السفير الأمريكي كان يدخل إلى داخل المفاوضات ويوقفها سواء في سويسرا أو الكويت أو غيرها.
ومؤخرا تم إرسال آلاف العناصر العسكرية الأمريكية إلى منطقة الشرق الأوسط وإلى السعودية تحديداً للإمعان في مفاقمة أسوأ أزمة إنسانية في العالم صنعتها أمريكا ومن معها في تحالف العدوان على الشعب اليمني.
الأمريكان لم يغيروا بعد سياستهم العدوانية، والتي بالتأكيد لم يحصدوا من ورائها غير السخط والخسارة، لم يتعلموا الدرس من حروبهم العبثية في فيتنام أو العراق أو في اليمن، وضد كل الشعوب الحرة.
ونقول لترامب وإدارته: شعبنا اليمني الذي لم تخفه قواتكم السابقة وسلاحكم وقيادتكم للعدوان والذي أثبت أن أمريكا تقتل الشعب اليمني هو بالتأكيد لا تقلقه زيادة أعدادكم، فهو على الله توكل وعليه اعتمد، ومهما فعلتم فأنتم الاخسرون بإذن الله.
والتحذير الذي أصدره قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله هو تحذير للمملكة وله أيضاً؛ لأنه قال إذا لم يتوقف العدوان واستمر في تصعيده فسنضرب ضربات أشد إيلاماً للنظام السعودي ولمن خلفه، فإذا أراد أن يبقى نفطه فليترك اليمن وشأنه، وليوقف عدوان بلاده على الجمهورية اليمنية، فالولايات المتحدة الأمريكية شريك أساسي في العدوان على اليمن، وهي المعيقة للسلام فيه، والحرب ستنتهي عندما يتوقف الدعم الأجنبي للسعودية من قبل الأمريكيين والإسرائيليين والبريطانيين والفرنسيين.
* حتى الآن كيف تقيمون ردود فعل قوى العدوان تجاه مبادرة الرئيس المشاط؟
– هناك بعض التواصل الذي لا يرقى إلى مستوى التفاوض، وترتيبات بخطوات متثاقلة تنتج كواليسَ نأمل أن ترى النور، فنحن لم نلمس حتى اللحظة رد فعل يستدعي التصريح به، ولو وجد لصرّح به الطرف الآخر بسرعة، وهذا ما اعتدناه من الطرف الآخر “دول العدوان”.
وقد مَدَدنا أيدينا أكثر من مرة للسلام وقدمنا عدة مبادرات لنثبت للعالم أجمع بأننا أهل للسلام، وكان آخرها مبادرة رئيس المجلس السياسي الأعلى في ليلة 21 سبتمبر الماضي المعلنة عن وقف كافة أشكال استهداف الأراضي السعودية، مقابل وقف العدوان ورفع الحصار، وإزاء ذلك نصحهم قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله بالتعاطي معها في خطاب المولد النبوي الشريف.
* هناك تسريبات بأن مفاوضات تجري بين صنعاء والرياض وأن ثمة وساطة دولية فعلا؟ هل تجاوزت هذه المفاوضات تحركات المبعوث الأممي؟
– التسريبات تبقى كما هي تسريبات، والتسريبات التي قدمتها بعض الصحف الأمريكية لا تعكس الواقع عادة، ومن ذلك ما تناولته عن اتفاق مع السعودية لوقف القصف على أربع مناطق، وستبقى تسريبات حتى تقف جهة رسمية خلفها، وكذلك ما تسربه عن المفاوضات الواردة في سؤالك، فلا توجد مفاوضات بمعنى التفاوض، فأي تفاوض سيكون معلناً.
ولا أعتقد أن لدى الشعب اليمني حماساً لإجراء مفاوضات في أي دولة قبل توقف العدوان وفك الحصار والحظر الجوي عليه؛ فهذه جرائم حرب مستمرة يوميا بدون أي مسوغ، هذا فضلاً عن أن تجارب الحوار أو المباحثات السابقة لم تؤد إلى نتيجة، فالطرف الآخر ما زال يتهرب عن تنفيذ التزاماته، لهذا فنحن نرى أن بالإمكان عقد جولة مشاورات سياسية شاملة بعد وقف العدوان وفك الحصار.
وطبعا نحن نرحب بالحوار الجاد والبنّاء، ولا نوصد الأبواب، ولكن لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بتغيير الطاولة مع الفاعلين الحقيقيين الذين قادوا دول تحالف العدوان علينا فهم أصحاب القرار، وليس مع مرتزقتهم الذين يفتقدون القرار وليس الأمر بيدهم.
ولذلك نؤكد مجددا أن الجمهورية اليمنية حاضرة للجلوس مع الدول المؤثرة على طاولة مستديرة للنقاش الجاد من أجل السلام العادل.
بالنسبة للمبعوث “مارتن غريفث” فهو منذ فترة يرتب لجولة جديدة لكنه لم يفلح حتى اليوم، ولم يحصل على نتيجة لوقف العدوان أو فك الحصار أو الحظر لعدم وجود دول التحالف على الطاولة، وهذا عائد إلى رفض الولايات المتحدة لأي خطوات جادة نحو السلام من جهة، وإلى عدم استيعاب مارتن لضرورة التفكير بأسلوب يدرك الواقع من جهة أخرى، ولهذا لم تتغير نتائج جهوده وظل في مكانه لم يحرز تقدماً ملموساً، حتى على صعيد إنهاء الحظر الجوي على مطار صنعاء الدولي، ولهذا فقد اعتبرنا أن مارتن قد قدّم في إحدى إحاطاته الأخيرة لمجلس الأمن الدليل على فقدانه للأمل بالوعود التي تلقاها بفتح المطار، لكن الشعب اليمني الرافض لاستمرار الحظر الجوي والإجرام بحقه سيعمل بكل الوسائل من أجل إزالة الظلم وفك الحظر والحصار، وسيستمر بنضاله في كل المجالات حتى النصر بإذن الله، ومن هنا فقد أكدنا على الوفد الوطني الامتناع عن القبول بالتفاوض تحت ما يسمى المرجعيات لكونها غير شرعية، وقد أكد ما يسمى اتفاق الرياض عدم صحة شرعيتها.
* تتابعون الوضع في المحافظات الجنوبية، في الأيام الأخيرة كانت الأوضاع قد تفجرت من جديد.. هل هي مؤشر لفشل اتفاق المرتزقة والأدوات؟
– أولاً يجب التأكيد على أن الاتفاق وإن كان لا يعني الشعب كونه بين طرفين عميلين لدول العدوان، إلا أنه يؤكد عدم شرعية العدوان على اليمن، وأن لا شرعية لقتل وحصار أبناء الشعب بمبرر إعادتها، وأن لا مشروعية لما يسمى المرجعيات أو البند السابع، لأن المفترض بهؤلاء العملاء الانطواء تحتها بغير اتفاق ولو تضمنها.
ثانياً لقد كان واضحا لنا منذ البداية أن الاتفاق شكلي لا قيمة له ولن يطبِّق على أرض الواقع، فالأدوات لا تملك إلا ترجمة أوامر من يحركها ومن تتبعه، لهذا فسينعكس الخلاف السعودي الإماراتي دوماً على الأرض .. لقد قاموا بفرض التوقيع على الاتفاق مع من لا إرادة له واعتبروا ذلك إنجازا لوقف عدوانهم وحربهم على اليمن، ونحن قلنا في حينه إنه لو كان الاتفاق من أجل مصلحة اليمن وليس نتيجة الخلاف لتم الاقتناع به وإعلانه بدون حرب وبدون إعادة تموضع للقوات، ولما تواجد بن زايد خلال مسرحية التوقيع للاعتراف بالواقع أمام ميلشياته.
إن التحالف الذي أفشل اتفاق موفنبيك – الذي أنجز تحت مظلة أممية قبل بدء عدوانه بمبرر استمرار سريان المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية – يؤكد اليوم رسميا أن لا صحة ولا مشروعية لما برّر به العدوان على الجمهورية اليمنية المستقلة، فلا فرق بين ما ادّعاه بزعمه بالأمس والآن إلا تأكيد التعسف والإجرام، وهكذا يمضي المعتدون ومرتزقتهم من فشل إلى آخر.
* هل ترون تأثيرا لاتفاقية الرياض بين أدوات السعودية والإمارات على مستقبل التسوية السياسية؟ وما شكل الجنوب مع أي تسوية مرتقبة؟
– قلت لك لا يوجد لما يسمى اتفاق الرياض أي قيمة ولا يعني الشعب اليمني، لأنه تم بين عملاء لا يملكون قرارهم، فمن لم يستطع بكل ميلشياته تأمين مبيت طائرة اليمنية في مطار يدَّعي تحريره لا يستطيع تأمين شعب وجمهورية، فكيف يكون له دور في مستقبل التسوية السياسية؟ لا يمكنه ذلك إطلاقاً.
فمرتزقة الاحتلال الجديد باعوا وطنا بلا فائدة، إنهم حتى لا يتساوون في الحقوق مع مرتزق الاستعمار القديم، إذ لا يمكن منحهم الجنسية، ولا يمكن منحهم الإقامة الدائمة، ولا يستطيعون السفر بمن يشاؤون ومتى يشاؤون، ولا يمنحون حقوق المواطنة في بلد المحتل، ولا يمنحون الحقوق المتساوية مع الجنود المحتلين لليمن.
أما بالنسبة للجزء الثاني من السؤال فنؤكد أننا مع شعبنا العظيم، وموقفنا هو موقف شعبنا، والشعب هو الذي سيحدد خياراته، ونحن لن نقف حجر عثرة، نحن ثابتون في مواقفنا إلى جانب شعبنا مصرين على أن ينال حريته الكاملة واستقلاله التام وأن يمتلك قراره وإرادته دون أي وصاية خارجية، وندعو إخواننا في المحافظات الجنوبية إلى تقييم سلوك العدوان خلال السنوات الماضية، لمعرفة أهدافه الحقيقية، ومن ثم الوقوف بجد أمام مشروعه ومخططاته الخطيرة، فالمهمة الواحدة التي على أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية والشرقية والغربية أن ينجزوها هي العمل من أجل طرد الاحتلال والغزو حتى يستعيدوا حريتهم وكرامتهم وعزتهم واستقلالهم والخروج من المربع الذي هم فيه.
* هناك من يقول إن اتفاق الرياض جزء من تسوية سياسية قادمة بدأت ملامحها تتشكل من خلال التقاسمات بين المرتزقة؟
– هناك تباينات حادة بين المرتزقة عملاء كل من السعودية والإمارات، وإذا كنا نجزم بفشل ما يسمى اتفاق الرياض فنحن نجزم بأن أي تفاهمات بين المرتزقة ستفشل أيضا لقد لاحظ الجميع أن المرتزقة لم يُدينوا قتل طيران العدوان إخوانهم الذين قصفهم الطيران في كتاف، بينما تعالت صيحاتهم فقط على قتلى مرتزقتهم المقصوفين بالطيران في نقطة العلم، كما يتنافس المجلس الانتقالي وشرعية 7/7 على إدارة المشهد في الجنوب وتزعم التمثيل الشرعي والحصري له.
هناك احتقان واضح، وتبادل للاتهامات بين طرفي ما يسمى اتفاق الرياض، كما حدث من منع تقدم ما تسمى كتيبة الحماية الرئاسية، ووقوع مواجهات خلّفت قتلى وجرحى في شقرة وغيرها.
وهناك تناقضات واضحة لا يقع فيها سوى المرتزقة الذين لا يملكون قرارهم، فالانتقالي أعلن سابقاً أنه مع التحالف الذي تعهد مرارا للأمم المتحدة بالحفاظ على يمن موحد، ثم خاطب هادي بالرئيس مثبتا الولاء والاعتراف به، بينما الانتقالي ذاته يدَّعي أنه ضد رموز 7/7، وفي المقابل هناك هجوم إعلامي تقوم به ماكنة هادي والإصلاح ضد الانتقالي لم يتوقف رغم الاتفاق على التهدئة.
وكل ذلك كنا نتوقعه منذ البداية وتحدثنا عنه مبكراً، أن المنافسة ستشتد بين قيادات كانت في المشهد سنة 90 و7/7، وبين قيادات تحاول أن تضفي على نفسها صفة قوات التحرير، إضافة إلى من سيعمل التحالف على تلميعهم في مواجهة الكل، بمن في ذلك عناصر من القاعدة وداعش ألحقوهم بصفوفهم العسكرية والأمنية وذلك باعتراف القاعدة نفسها.
إن المرتزقة لا يهتمون سوى بمصالحهم فقط وليس بالوطن، ولهذا هم سيبقون في اختلافات دائمة، ولأجل ذلك نوجه حديثنا لثوار ثورة 14 أكتوبر المجيدة، ولأحفاد الثوار ولغيرهم من أبناء المحافظات الجنوبية، بألّا تضعوا آمالكم على كل من يدَّعي أنه يعمل من أجلكم أو من أجل مصالحكم بينما هو يمد يده للمحتل ويأخذ أوامره منه ويتحرك وفق مشروعه، لأن كل ما يقومون به لا يمكن أن يقوموا به إلا من أجل مصالحهم الشخصية أولاً، ومن يتحرك من أجل مصلحته الشخصية فلا يمكن على الإطلاق أن يسعى من أجل مصالح المواطنين، لا في الجنوب ولا في الشمال، نقولها بأعلى صوت للأخوة في المحافظات الجنوبية، ستثبت لكم الأيام أن كل هؤلاء المرتزقة لن يجرؤوا على الإطلاق أن يحققوا أي مشاريع مستقبلية للوطن، ولن يجرؤوا على الإطلاق أن يقفوا في وجه الغزاة أو المحتلين، لأنهم أولياء نعمتهم، بل لقد قال قائلهم إن الثوب الذي يلبسه هو ثوبٌ ما كان له أن يلبسه لولا أنه في أحضان الرجعية، فلذلك نقول لهم: الثوار العظام خرجوا – كما قال عنترة – خرجوا وهم عشرون شخصا وانطلقوا من الضالع وهم عشرون ألفاً، لأن كل من خرج معه كان يقال له “أنت لا تخرج معي من أجل المال بل من أجل الوطن، وإذا لم تكن معي من أجل الوطن فستحاكم”، هكذا كانت نظرة الثوار، الخروج من أجل الوطن.
* ما طبيعة الخلافات بين النظامين السعودي والإماراتي .. وهل هي خلافات متحكم فيها أم أنها تتجاوز ذلك؟
– هناك خلاف سعودي إماراتي واضح وبيّن، وقد وصل إلى مستوى القتال بين ميليشياتهم المستأجرة من اليمن، وإلى مقتل غزاة إماراتيين في عدن، ثم مقتل غزاة سعوديين في حضرموت، وبسبب هذا الخلاف بدأ الأول بالضغط على الثاني للخروج من اليمن، وبالفعل تغلب، وشكر الإماراتي على الخدمة، وبدوره قام السعودي بالتموضع بدلاً عن عناصر الإمارات وقواتها.
لقد قال بيان تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي نهاية أكتوبر الماضي إن السعودية تتولّى قيادة القوات الموالية للتحالف في عدن بدل الإمارات، وهذا أكد أن الخلاف بينهما كان على أشده، ولو كان غير ذلك لبقيت قوات الإمارات وإن تحت القيادة السعودية، لكن السعودية استغنت عنها، وأكدت ذلك بشكر الإمارات على خدماتها.
وقد أثبت قدوم القوات السعودية أن المعركة كانت بين الحلفاء لا المرتزقة، وأن اندفاع مليشيات المرتزقة للقتال وقصف بعضهم البعض إنما هو نتيجة لخلاف الرعاة، وأن كل طرف من المرتزقة قد حقق ما حققه حليفه من انتصار أو هزيمة.
لقد تفوق ابن سلمان على ابن زايد في هذه المعركة، وعلى الإمارات أخذ الدرس للمستقبل فقط، حيث لم تفلح محاولاتها في لم الخلاف وكبح جماح السعودية بشأن توليها القيادة في عدن وبعض المحافظات، وكان من أهم محاولاتها إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي كان فشله حتميا، ولم ينعقد باجتماعات دورية، باعتبار ضرورة المعركة، واحتياج التنسيق المستمر.
* أي مستقبل ينتظر القوى السياسية التي انخرطت في صفوف العدوان؟ وهل ترى أن قواعد اللعبة السياسية ستتغير جذريا؟
– مستقبل تلك القوى مظلم طالما لم تغير مواقفها، وهي من حكمت على نفسها بهذا، بعمالتها وقبولها بسفك دماء أبناء شعبها، ولا نستبعد في القريب مغادرة بعض الأحزاب والمليشيات الإرهابية التي وقفت ضد الوطن المشهد بمسمياتها، وقد نشهد تغييرات بين المرتزقة، وأحداثاً قريبة ناجمة عن تأجج الخلاف بينهم.
وكما فرض الشعب اليمني قواعد الاشتباك على تحالف العدوان بفضل الله فهو سيفرض أيضاً قواعد اللعبة السياسية وغيرها، والتي لا مكان فيها إلا للعب النزيه والتنافس الشريف خدمة لأبناء الشعب وحفاظا على سيادة الوطن.
* تلعبون دوراً محورياً في العمل على حلحلة قضايا الثارات والنزاعات القبلية.. ماذا عن القضايا التي قمتم بحلها؟ ما خلفياتها وما أدت إليه من مشاكل؟ وما أهمية ذلك وانعكاسه على صون النسيج الاجتماعي وتقويته؟!
– نحن سعداء جدا بجميع اتفاقات الصلح التي تمت، فهي تؤكد أن رهان تحالف العدوان على إثارة النزاع بين القبائل باء بالفشل.
ونحن حريصون على حقن دماء أبناء شعبنا، وعلى وحدة الصف، وحلحلة القضايا المُعلّقة بما يكفل تعزيز الاصطفاف والتلاحم في خندق الدفاع عن الوطن ومواجهة العدوان، فاليمنيون على مرّ العصور عندما يأتي إليهم الغزاة يتغلبون على كل القضايا الداخلية ويتآلفون فيما بينهم حتى أصبح مثلاً مشهورا يقولونه “أنا عدو ابن عمي وعدو من يعاديه”، هذا هو مثلٌ حاضر في الوعي اليمني منذ القدم وإلى اليوم، ونحن فخورون جداً بأبناء شعبنا الذين يسارعون إلى هذه المواقف المشرّفة، فهي رسائل لكل القبائل اليمنية التي لديها ثارات لتحذو حذو القبائل البطلة التي تحركت في الاتجاه الصحيح بلملمة الصفّ والتآخي والتوحد ليسير الناس جميعاً في طريق واحد هو مواجهة أعدائهم، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل أيضاً على فهم الواقع والعودة الصحيحة نحو بناء الوطن، فمثل هذه القضايا وإصلاحها والتحرك فيها هي لبنة أولى لبناء الوطن، لأنه لا استقرار بدون أمن، ولا تنمية دون أمن، ولا يمكن أن تحصل تنمية مع وجود الاختلاف بين أبناء المناطق، فالكثير من المشاريع تتعثر بسبب المشاكل، وبإذن الله تعالى سيخطو الناس جميعاً في هذا الاتجاه.
ونحن نشكر شكراً كثيراً كل من أسهم وسعى في جهود الصلح بين أبناء شعبه، أما العدوان ومن خلفه فنقول: إن رهانك على أن تجزئ أبناء الشعب اليمني، وأن تثير الضغائن والأحقاد في قلوب الشعب اليمني، وأن تقطع أواصر الأخوة بين أبناء الشعب اليمني رهان فاشل، فها هي القبائل تتحد بعضها مع بعض وتتغلب على ثاراتها، وستتجه بإذن الله للانتقام ممن يريد القضاء على أبناء الشعب اليمني جميعا.. إن دول العدوان يكرهون الشعب اليمني كله، ونحن كلما اتحدنا وتآلفنا وتوحدنا كان لكلمتنا حضورها على المستوى المحلي والمستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي، ويجب أن نبقى بهذه القوة وبهذا الصمود، والقبيلة لن تكون إلا في صف الدفاع عن الوطن، فإذا كان أبناء القبائل يتقاتلون من أجل حدود قبيلتهم فإنهم سيقدمون دماءهم ويستشهدون من أجل وطنهم، فهم لن يقبلوا إطلاقا أن يكونوا جزءا من العدوان بالاقتتال فيما بينهم، لأن من يتحرك لإثارة مثل هذه القضايا في هذا الوقت تحديدا يُعتبر يداً من أيدي العدوان الخفية، التي يحركها.
نحن سنعمل باستمرار في حل هذه القضايا مع مشائخ اليمن وعقلائه ومسؤولية وأحراره ممن ينبض فيهم الدم والغيرة على وطنهم ويرفضون أن يكونوا جزءاً من معادلة الدمار التي يشنها العدوان على اليمن، فالوطن أغلى، والتضحية من أجله هي الخيار الوحيد.
وقد تمكنا بفضل الله تعالى وتأييده من إبرام اتفاقات صلح عديدة لا مجال لحصرها كاملة، لكن يمكن الإشارة إلى بعضها كنماذج، فمثلاً الصُلح القبلي الكبير الذي أنهى النزاع بين أبناء مديرية “الجميمة” في محافظة حجة وأبناء مديرية “صوير” في محافظة عمران والذي طوى ملف 30 حرباً أهلية بين هذه القُبُل أودت بحياة ما يقارب 150 قتيلاً وأكثر من ألف جريحا خلال العقود الماضية حيث امتد هذا النزاع لأكثر من نصف قرن.
وكذلك توقيع وثيقة الصلح الشامل بين جميع قبائل مديرية كشر، والتي أدى النزاع فيما بينها إلى أن يبلغ عدد القتلى150 قتيلا تقريبا، وجرحى يصل عددهم إلى ألفين جريح تقريبا، ومن هذه القضايا قضية بين قبيلة “ذو ريبان” وحليس، وقضية ريبان والدريني فقط بدون القضايا الأخرى التي بلغت 40 قضية تقريبا، البعض منها بدأت الحروب فيها قبل 40 عاما.
وكذلك الصلح القبلي والحل التام الذي أنهى قضايا الثأر بين قبيلتي بني مطر والحيمة الخارجية، بإنهاء قضية خلاف وثأر بين القبيلتين دامت 18 عاما وراح ضحيتها أكثر من 40 قتيلا، وغيرها بفضل الله تعالى.