لوحة 2020 كيف يلوّنها العدوان!!
ثمانية آلاف و640 ساعة هي خلاصة 360 يوماً ودعها 32 مليوناً و80 ألفاً و 300 نسمة بات الموت زائراً دائماً وملازماً لها واستوطنت الأمراض والأوبئة والجائحات بالقرب منها ومعها لتجد هذه البقعة من الأرض مرتعاً لها بعد عدوان وحصار سعودي أمريكي تتفاقم جرائمه ومجازره لخمس سنوات تكاد تنقضي.
وعملية السلام وملفات وقف العدوان وفك الحصار راكدة لا تحركها سوى آمال وتطلعات المبعوث الأممي بوصوله أرض الوطن وتوديعه لترابها.
وعند توديع 2019م واستقبال2020م لابد من التفاتة بسيطة نجزم بانتقاصها للساعات الأخيرة التي تحاكي الواقع في جانب الأمن والدفاع والصحة والاقتصاد، و(سبأ) هنا تسرد مجموعة من الأرقام والتصريحات.
خلال الساعات الأخيرة لانقضاء العام لاتزال طائرات ومدافع وصواريخ العدوان حاضرة وبقوة ليختتم عدوانيته بمجزرة سوق الرقو بمحافظة صعدة بحصيلة 24 شهيداً، فيما آلاف الجرحى تعلن أرواحهم الناطقة للصامتين أن بصمة الدم هي آخر ما يتركه الإجرام في دقائق عام مضى أو آخر مقبل.
يمن عصي على الانكسار
يظل اليمن في مواجهة مستمرة مع شتى أنواع الحروب الشرسة عدوان عسكري وآخر اقتصادي عبر مواجهة إغراق السوق بالعملة غير القانونية حيث أشار البنك المركزي اليمني بصنعاء إلى أن بنك عدن طبع من العملة خلال السنتين أكثر مما تم إصداره خلال ما يزيد عن 40 عاماً واستمر بنك عدن في عملية الطباعة ليصل المبلغ المطبوع إلى تريليون وسبعمائة مليار ريال .
وأفصح البنك أنه عند احتساب إجمالي العرض النقدي نجد أنه وصل إلى ثلاثة تريليون ريال وهو رقم كارثي ونتائجه سلبية على الاقتصاد ورأس المال الوطني والمواطن وهو ما استدعى من البنك المركزي ـ صنعاء إطلاق حزمة من الإجراءات الصارمة بحق من يتداول تلك العملة غير القانونية .
وأثبت اليمن للجميع أنه عصي على الانكسار وعصي على الاستسلام ونهض من وسط جراحه ليعلن قدرته على حل مشاكله دون الحاجة إلى وسيط خارجي، فملف الأسرى الإنساني لايزال شائكاً إذ كان من المقرر إطلاق 15 ألف أسير من الطرفين وعجز الوسيط الأممي عن اختراق هذا الملف، فتم تحرير عدد من الأسرى من أبطال الجيش واللجان الشعبية ضمن صفقات تبادل بوساطات محلية تميزت بالصدق والجدية بعكس الوساطة الأممية التي أظهرت سوء نواياها تجاه هذا الملف تحديداً وهي لاتزال تنتقل من طاولة مفاوضات إلى أخرى دون تقدم يذكر.
يترسخ في ذهن الكثيرين أن الاستحقاقات لا تأت من الأيدي التي تتظاهر بصناعة السلام بينما تغطي على القاتل وتكيل بمكاييل عديدة ومن يقرأ أرقام المأساة الإنسانية جراء العدوان والحصار يستنكر الصمت الدولي والتسليم بأن المواجهة والاتكاء على الإمكانات البسيطة المتاحة قد تصنع المعجزات وهذا ما دللت عليه وزارة الداخلية في إنجازاتها الأمنية .
حققت وزارة الداخلية انتصارات وإنجازات أمنية كبيرة تزيد عن 45 ألفاً و930 منذ بداية العدوان حيث كشفت وأحبطت 296 مخططا معاديا منها 23مخططا في العام 2019 موجهة لاستهداف الجبهة الداخلية وكذا ضبط العديد من الخلايا الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة وداعش منها 13 خلية خلال 2019م في حين بلغ إجمالي العبوات الناسفة التي تم كشفها وتفكيكها قبل أن تنفجر 1458 عبوة منذ بداية العدوان منها 61 في 2019م وقد كانت تلك العبوات تستهدف الطرقات العامة والأسواق ومنازل المواطنين والمساجد وبهذه الأرقام تكون الوزارة قد أماطت اللثام عن الوجه القبيح للعدوان وخلاياه مدفوعة الأجر.
مخاوف البقاء أو الرحيل
غزت الأمراض والأوبئة الأجسام المتعبة التي أنهكتها حرب وحصار خمس سنوات واصطحبت معها مخاوف البقاء أو الرحيل بفيروس وجد وطن الحروب مرتعاً خصباً لبقائه فقد اشتبه إصابة 20 ألفاً و 300 حالة بحمى الضنك اجتث الموت منها 68 حالة خلال شهر ديسمبر الماضي فيما كان نصيب الأطفال من هذا الوباء ألفين و498 غيّب الموت منهم 16 طفلاً وهم يمثلون 24 % بينما جرى تسجيل ستة آلاف و945 حالة إنفلونزا موسمية تزداد يوماً بعد آخر.
وتعثرت طرق السلام إلى هذا الوطن المثقل بالجراح وحوصر الجو والبر والبحر بغرور وعنجهية الطرف الآخر الذي لم تتسع لغروره طاولات الحوار والتفاوض في فتح مطار صنعاء الدولي لتخفيف وقع الكارثة الطبية ونقل الحالات الحرجة التي يستعصي علاجها في الداخل بسبب نقص الأجهزة والمستلزمات والأدوية الطبية باعتبار القطاع الصحي أكثر القطاعات تضررا.
وأوضح وزير الصحة أن 300 طفل من المصابين بشتى الأمراض بما فيها السرطان يموتون يومياً بحسب تقارير اليونيسف فيما توفيت ستة آلاف امرأة نتيجة مضاعفات الحمل والولادة ناهيك عن 93% من التجهيزات والمعدات الطبية التي خرجت عن الخدمة أو تجاوزت عمرها الافتراضي ليستقبل القطاع الصحي عام 2020م بحاجته لـ 500 مليون دولار في قطاع الطب العلاجي و400 مليون دولار لقطاع الرعاية والصحية الأولية .
2020م عام النصر
العدوان الذي يقتل ويشرد ويحاصر ويبحث كل يوم عن ضحايا جدد، يؤكد للعالم أن الصمت جريمة تعادل الرصاص والقذيفة والدمار ويجبر طرف الضحية على رسم خطوط رئيسية لخوض معركة مع عدوه بألوان مختلفة لا يفقه العدو في تفاصيلها شيئاً.
توسع القوات المسلحة بنك أهدافها لتشمل مراكز حيوية على طول وعرض جغرافية دول العدوان وهو ما صرح به متحدث القوات المسلحة وأكد أن العام 2020م سيكون عام النصر وعاماً للدفاع الجوي مع العمل على تطوير الصناعات العسكرية وتعزيز المخزون الإستراتيجي للقوات المسلحة من مختلف أنواع الأسلحة وعلى رأسها أسلحة الردع الاستراتيجي.
وما كشفه العميد يحيى سريع بالأرقام في هذا العام يدعم ما أكده وزير الدفاع أن القوات المسلحة اليمنية استكملت كل جوانب البناء التي تؤهلها لشن هجوم استراتيجي شامل يشل قدرات العدو وأن الجهوزية والاستعداد القتالي أكثر بكثير من مرحلة ما قبل تقديم القيادة السياسية للمبادرة التي انطلقت من موقع القوة.
أثبتت القوات المسلحة امتلاكها القدرة لتنفيذ عمليات نوعية واسعة بعدد ألف و 686 عملية على طول مسرح العمليات القتالية وامتداد خارطة المواجهات وهذا ما صرح به متحدث القوات المسلحة أن عام 2019 أظهر حجم ما تتمتع به مختلف التشكيلات القتالية والوحدات العسكرية من كفاءة وخبرة وأصبحت تمتلك القدرة الكاملة على صناعة منظومات صاروخية متكاملة إضافة إلى أجيال مختلفة من طائرات دون طيار هجومية واستطلاعية .
مبررات أممية زائفة
مرّ عام على توقيع اتفاقية السويد ولاتزال خروقات العدو حتى كتابة سطور هذا التقرير مستمرة في القتل والقصف والتدمير وأصبح الرصاص مع الفقر والأوبئة تتسابق للفتك بشعب مازال يأمل بحل سياسي ينهي معاناته ويضع حداً لأسوأ أزمة إنسانية في العالم لكن تلك الآمال تبددت فلا حرب توقفت ولا المنظمات التابعة للأمم المتحدة تمكنت من معالجة الأزمة بل على العكس باتت محل شك بحقيقة رغبتها في إنهاء الصراع.
فهل يحتاج اليمن بالفعل إلى قرن من الزمن ليتعافى من الأزمة كما أفصح مساعد أمين عام المنظمة الدولية مارك لوكوك أم أن الأهداف المادية التي تسعى وراءها تلك المنظمات أعمت صوابها وغضت الطرف عن لوحة تحددت ملامحها بريشة مغموسة بدماء اليمنيين تاركة للعدوان السعودي الأمريكي تلوين الأخرى.