أفق نيوز
الخبر بلا حدود

المؤامرة الأمريكية تتمثل في إخضاع الشعب العراقي والسيطرة على أكبر حقول النفط في العالم

232
التقسيم إلى ثلاث دول خيار أفشله الشعب العراقي
الفتنة الطائفية والمظاهرات بهدف السيطرة على مقدرات العراق

المؤامرة الأمريكية على العراق بدأت قبل 1991م بهدف السيطرة على أهم واكبر منابع النفط والغاز في العالم حيث استخدمت المخططات الأمريكية كافة الطرق والوسائل بما في ذلك الحرب العسكرية والتدخل المباشر في شؤون العراق أملا في السيطرة السياسية على النظام السياسي ومن خلاله تنفيذ أجندة المخابرات الأمريكية في السيطرة على مقدرات العراق الاقتصادية والثقافية، واستمرت المحاولات طيلة الفترة الماضية حتى أن الأمريكيين استخدموا داعش والمؤسسات الثقافية لتدمير الهوية الوطنية والثقافية للشعب العراقي إلا انه وقف لهم بالمرصاد وخيب آمالهم وافشل خططهم واحدة تلو الأخرى طيلة الفترة الماضية.
أفق نيوز | الثورة | محمد دماج

بدأ الاستكبار العالمي متمثلا بالإدارة الأمريكية يفكر في احتلال العراق منذ عام 1991 وهو العام الذي جيشت فيه أمريكا أكبر قوة عسكرية في القرن العشرين متكونة من أربعة وثلاثين دولة لامتلاك العراق أعقبها حصار دام ثلاثة عشر عاما تزامن مع عدة حروب أهلكت البلاد وسببت الخراب اجتماعيا وسياسيا وأخلاقياً.

الفتنة الطائفية
وبعد أن سقط البعث وانتهى وجوده في العراق أصبح العراق في حالة لا تسر الاستكبار العالمي حيث انه كان من المخطط أن تكون الأمور على عكس ما هو عليه, فكان من المتوقع أن تكون هنالك صراعات لا تنتهي بين مكونات الشعب العراقي , حيث تم زرع طاعون الفتنة الطائفية في كل مدن العراق حتى وصل الأمر إلى احتلال العراق من قبل السرطان الذي زرعه الاستكبار العالمي في بعض مدن العراق وهو الفكر الداعشي الوهابي الأمريكي الصهيوني لإنشاء ما تسمی بالدولة الإسلامية في العراق والشام , حتى جاءت المحطة المضيئة التي ولدت وسط العتمة وأنقذت البلاد من الهلاك وهي فتوى المرجعية وبطولات الحشد الشعبي فقلبت موازين المعادلات السياسية الاستعمارية في العراق خصوصا وفي المنطقة عموما حيث استطاع أبناء العراق القضاء على المشروع الصهيوني الأمريكي السعودي وسحق دولة الخرافة الداعشية ورميها في مزبلة التاريخ بلا عودة والى الأبد.

تغيير الهوية الثقافية
لذا احس الاستكبار العالمي بالخطر الذي سيواجهه من خلال هذا التماسك بين أبناء هذا الوطن فاضطر لتغيير خططه الخبيثة إلى نوع آخر حيث جندت الإدارة الأمريكية ولقيطتيها السعودية وإسرائيل خلاياها النائمة في العراق تحت مسميات مؤسسات ثقافية ومؤسسات خيرية وبأسماء لامعة وبراقة صرفت عليها ملايين الدولارات من اجل تغيير الوضع الثقافي في العراق نحو الأهداف التي تطمح الهيا الإدارة الأمريكية ,كما أنشأت مطارات وقواعد عسكرية في العراق بحجة القضاء على الإرهاب وتارة بحجة الوجود الإيراني في العراق وتارة بحجة القضاء على الطائفية وغير ذلك , ولكن مشكلتهم الأساسية كانت وجود الحشد الشعبي الذي يعتبر ذراع المرجعية في العراق.
إن دماء أبناء العراق غالية وهذا الأمر لن يترك سدى فالفتوى التي كانت الضربة القاصمة لمشروع الشرّ الأمريكي ببركة بطولات وتضحيات الحشد الشعبي والتي أوقفت الانهيار السياسي في العراق ستكون هي الأخرى قاصمة لكل ما يضمره الاستكبار العالمي وحواضنه من شر وفتنة , وستكون نهايتهم على يد أبناء العراق.

التقسيم
قررت أمريكا اليوم المضي قدما في تقسيم العراق وها هي تحث الخطى بشكل علني غير عابئة برد العراقيين بعد أن رأت تشرذمهم ونفاق النخب التي تقودهم سواء النخب السياسية أو الدينية أو رؤساء العشائر، حيث تدرك انهم جميعا لا تهمهم سوى مصالحهم ومصالح احزابهم أو مؤسساتهم الدينية بغض النظر عما سيؤول اليه وضع العراق..

وخطتها الواضحة الجلية للعيان تتمثل في ما يلي:
أولا: تحجيم الحشد الشعبي من خلال قصف مخازن أسلحته وعتاده وإجباره على وضعها في مخازن الجيش، حيث لن تتمكن من إخراج أي قطعة بدون اذن من اعلى المراجع العسكرية المرتبطة بواشنطن والمتمثلة بوزير الدفاع .
ثانيا: إقصاء جميع القادة الوطنيين الذين يتميزون بالجسارة والجرأة للتحرك وإفشال المخطط لتهيئة الأجواء للضباط الفاسدين الذين تسيطر عليهم واشنطن للتحرك القادم.
ثالثا: البدء بفتح تطوع لجيش تعداده فرقتين من أبناء العشائر التي كانت حواضن للإرهاب براتب مغر، وسيتم تدريبهم وهم اصلا مدربون على غرار تدريبات قوات مكافحة الإرهاب وسيتم تجهيزهم بنفس المعدات والأسلحة الموجودة لدى هذا الجهاز، وستحظى بدعم جوي أمريكي ومن التحالف وحتى إسرائيلي، ولن تستطيع قوة الوقوف أمامها.
رابعا: سبق أن أعدت قوات البيشمركة من قبل القوات الألمانية وتم تجهيزها بأحدث أنواع الأسلحة لنفس الغرض أعلاه.
الخطة:
أولا: استغلال الطبقة السياسية العميلة لتسليم نفط الجنوب بشكل حصري وبدون مناقصات وبحق حصري لشركة اكسون موبل . للتحكم بإنتاجه وتصديره مقابل ٥٠ مليار دولار يذهب إلى هذه الطبقة.
ثانيا: اعطاء حق حصري لنفس الشركة وبمشاركة روس نفت التي تمتلك فيها اكسون موبيل اسهم النصف لاستغلال حقول غاز ونفط عكاز، لتنتجه وتصدره بأنبوب عبر الأردن إلى الكيان الصهيوني ليصبح مركزا للغاز العالمي في الشرق الأوسط وستمد قطر أنابيب للغاز عبر السعودية والأردن إلى الكيان الصهيوني. لنفس الغرض لكسر هيمنة روسيا على سوق الغاز الأوربي
رابعا: يبدأ تنفيذ الخطة باستغلال التذمر والنقمة الواسعين على الحكومة والطبقة السياسية واستغلال التظاهرات المزمع بدؤها للقيام بانقلاب مبارك أمريكيا لتسلم السلطة وإحالة هذه الطبقة السياسية إلى المحاكم لامتصاص النقمة الشعبية. وتوطيد أركان الحكم الجديد الذي سيبدأ بعدها باتخاذ تدابير اغراق العراق في الديون لصالح صندوق النقد الدولي الذي يدين له العراق بـ ١٢٥ مليار دولار، لخطة أعمار العراق التي ستتركز في المناطق السنية حصرا، بعدها تبدأ بإجراءات تقشفية لتقليص النفقات لتوفير السيولة لتسديد فوائد الديون.
ويصبح العراق أداة بيد امريكا لمحاصرة وضرب ايران واحتوائها وعزلها عن امتدادها وتواصلها مع حركات المقاومة.
خامسا: في حالة فشل هذه الخطة ووعي الشعب العراقي أو تصدي الشيعة والحشد الشعبي لهذا المخطط ستبدأ الخطة البديلة تسمى بلان بي وتتلخص في تقسيم العراق إلى ثلاث دول كما نشرتها الصحف الأمريكية ضمن خارطة الشرق الأوسط الجديد دولة كردية في الشمال تضم اليها كركوك وأجزاء من الموصل الغنية بالنفط والغاز وأجزاء من شرق العراق أيضا الغنية بالنفط والغاز في ديالى وصولا إلى الكوت.
دولة سنية تشمل الموصل وجزءاً من صلاح الدين والأنبار وديالى وتضاف إليها لاحقا أجزاء من الأردن والسعودية لتصبح وطنا بديلا لللاجئين الفلسطينيين في الشتات.
ويتم الحفاظ على الدولة الشيعية في الجنوب تحت وطاة الديون التي سيحملون الجزء الأكبر منها لكي لا تستفيد من عائدات النفط، بفعل سيطرة اكسون موبيل عليه.
فهل تعي جماهير الشعب العراقي الواعي ومثقفوه ما يراد بالعراق ومنطقتنا؟
الآن المرحلة اخطر من مرحلة داعش بآلاف المرات.
فإذا كانت تهتم بمصلحة العراق وتفضلها على مصالحها فيجب عليها التحرك منذ الآن، وإلا سيدفع العراق طوفاناً من الدم والآلام ومزيداً من المهجرين والنازحين في وقت لم يعد هناك بلد مستعد لقبول لأجيء واحد من العراق .

مرحلة داعش
وحسب الجداول الزمنية التي وضعتها الإدارة الأمريكية، أو بالأحرى وكالة المخابرات الأمريكية المركزية لنهاية داعش فإننا نقترب منها كثيرا، خاصة بعد تحرير آخر معاقله في تلعفر، هذا التنظيم الذي حدد الأمريكان مكان وزمان ظهوره، ورسموا خارطة انتشاره فإنهم أيضا من وضعوا توقيت نهايته وانهاء وجوده في العراق وسوريا.
كلنا نتذكر، عندما سيطر هذا التنظيم الإرهابي على مساحات واسعة من الأراضي العراقية والسورية، تصريحات المسؤولين الأمريكان، سواء العسكريين منهم أو المدنيين، بأن القضاء على داعش سوف يستغرق 3 إلى 5 سنوات، واليوم تتحقق نبوءاتهم (مخططاتهم) بخصوص توقيت نهاية هذا التنظيم الإرهابي. ولكن السؤال الذي يشغل بال المحللين والخبراء والمتخصصين في علم السياسة والأمن اليوم، ماذا بعد داعش؟
من الجدير بالذكر هنا، أن الأمريكان لم يخجلوا هذه المرة من تبني صناعة داعش، بل قالوها علنا وفي اكثر من مناسبة، ربما آخرها تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب أثناء حملته الانتخابية في فورت لودرديك في ولاية فلوريدا، حين قال إن أوباما «زرع الفوضى في الشرق الأوسط». ثم قال إن أوباما «مؤسس داعش في العراق وسوريا»، هذا في الظاهر، أما في الباطن فإن أوباما وأدارته لم يكونوا سوى أدوات في أيدي وكالة المخابرات الأمريكية ويقومون بتنفيذ أجنداتها حرفيا، هذه الوكالة التي هي في الحقيقة دولة داخل دولة، وتنفذ اخطر واقذر العمليات حول العالم.

الحشد الشعبي
ولكن ما كل ما كان يتمناه الأمريكيون ادركوه من تأسيس داعش، وجرت الرياح بما لا تشتهيه سفنهم هذه المرة، حيث أفرزت مرحلة الحرب ضد داعش ظهور قوة عسكرية عراقية لا يستهان بها، ألا وهي قوة الحشد الشعبي التي بلغ قوامها أكثر من 130 ألف مقاتل، هذه القوة العراقية التي استطاعت أن تقهر واحدة من اقوى واخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، وأثبتت أنها تملك القدرة على خوض معارك صعبة وأن تحقق انتصارا تلو الانتصار، وانها لم تخسر ولو معركة واحدة منذ 2014 والى الآن. هذه القوة العراقية أصبحت كابوسا على صدر وكالة المخابرات، ودقت ناقوس الخطر في أروقتها، لذلك بدأت تخطط منذ أواسط 2015 بوضع سيناريوهات للقضاء عليها أو على الأقل اضعافها.
ولتحقيق هذه الغاية لا بد للأمريكيين أن يخلقوا عدوا جديدا للعراق وللحشد الشعبي، وذلك لجر هذه القوة إلى حرب استنزاف قوة الحشد الشعبي وأضعاف وجودة.. العدو المرشح لهذه المعركة هم قوات البيشمركة الكردية، ويبدو أن كليهما لا يريد خوض هذه الحرب، إلا أن الأمريكيين سوف يدفعون بهما إلى هذا المستنقع.

ورقة الأكراد
سوف يستغل الأمريكيون الخلافات العالقة بين المركز والإقليم لإيصال الطرفين إلى مرحلة الاصطدام العسكري، من اخطر الملفات العالقة بينهما موضوع المناطق المتنازع عليها، التي حاول المشرع العراقي إيجاد حل دستوري لها من خلال المادة 140 حيث وضع آلية لحلها، كانت منذ البداية من المستحيل تنفيذها وذلك من الناحيتين الفنية والزمنية ولظروف ذاتية وموضوعية، وبذلك تحولت هذه المادة إلى معول هدام للمجتمع العراقي وسببا للخلافات الناشئة حاليا، والتي سوف تنشأ في المستقبل، لم يكن المشرع العراقي موفقا في صياغتها، وقد برزت بعض من آثار هذه المادة ومشاكلها أثناء المعارك على داعش، حيث ارتفع سقف مطالب الجانب الكردي وذلك بإعلان رغبتهم في ضم مناطق أخرى تشمل سنجار ومناطق من كركوك وديالى، وفي هذا الصدد صرح مسؤولون أكراد بأن: (العراق ما قبل سقوط الموصل لن يعود كما كان). وتأكيدات رئيس الإقليم (مسعود البرزاني) على أن (جهود قوات البيشمركة لن تذهب سدى)، وتكرار تهديداته بإعلان (استقلال الاقليم)، والعيش كدولة مستقلة تتمتع بعلاقة «حسن الجوار» مع جارها الجديد (العراق)، وأخيرا الإعلان عن القيام بالاستفتاء على استقلال كردستان في 25 /9/ 2017.
هذه الطموحات الكردية غالبا ما تصطدم بمعارضة القوى السياسية العراقية السنية والشيعية على السواء، مع الإجماع على أن الوقوف بوجه هذا الحلم يكاد يكون هو الرابط الوحيد الذي يجمع بين المجموعتين المذكورتين.
يذهب الكثير من الخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين إلى ان هذه الحرب، أي الحرب بين قوات البيشمركة والحشد الشعبي قادمة لا محالة، آجلا أم عاجلا، وسوف يدفع الطرفان الثمن غاليا جدا، وليس من المستبعد أن تجر الولايات المتحدة الأمريكية رجل ايران إلى هذا المستنقع، إلا أن الايرانيين أذكياء بما فيه الكفاية، وأشك في أن يدخلوا هذا المستنقع مهما حاول الأمريكيون دفعهم إلى ذلك.
أن أية حرب داخلية أخرى سوف تكلف الشعبين العربي والكردي مزيدا من الأرواح، وسوف تكون تكاليفها المالية والاقتصادية باهظة الثمن لا يقدر الطرفان على تحملها، ولن يكون هنالك رابح في هذه المعركة، لذا فإن السبيل الأمثل لحل كل المشاكل العالقة بين الطرفين هو الجلوس على طاولة المفاوضات والوصول إلى حلول مناسبة لتجنيب الشعبين العربي والكردي المزيد من المآسي والكوارث التي ما عاد للشعبين القدرة على تحملها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com