أفق نيوز
الخبر بلا حدود

المياه.. جعلها الله مصدراً للحياة وأرادها العدوان مصدراً للموت!

326
أفق نيوز – تقرير – نجيب علي العصار

خلّف العدوان على اليمن وما يزال بقيادة السعودية في 26 مارس 2015م أضرارا كارثية على البيئة والطبيعة، بسبب التعدي على عناصرها الأساسية من ماء وهواء وتربة.

ورصّد تقرير برلماني المخاطر التي تعرضت لها البيئة في اليمن الناجمة عن العدوان الذي يقوم به التحالف بقيادة السعودية على بلادنا، مؤكداً أن هذا العدوان فاقم التداعيات السلبية على البيئة ومكوناتها.

وصّنف تقرير لجنة المياه والبيئة في مجلس النواب الصادر أواخر العام 2019م الأضرار البيئية جراء العدوان إلى أضرار مباشرة وغير مباشرة ، موضحا أن الأضرار المباشرة هي تلك التي تتصل ماديا ومباشرة بالعمليات العسكرية وأثرها المباشر على البيئة وغالبا ما تنشأ في المدى القصير المباشر، أما الأضرار غير المباشرة فهي تلك الأضرار الناجمة عن العدوان ولكنها تتفاعل مع شبكة من العوامل ولا تظهر كاملة إلا على المدى المتوسط والبعيد ، ومن الأضرار المباشرة التلوث البيئي الناجم عن قصف الطائرات والبوارج بالصواريخ.

 

تسميم المياه

ويشير تقرير البرلمان إلى أن الحرب الهمجية لتحالف العدوان بقيادة السعودية عمدت منذ اللحظات الأولى إلى استهدف قطاع المياه والصرف الصحي، إذ بلغت التكلفة التقديرية للأضرار التي لحقت بالبنى التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي جراء العدوان حتى العام 2018 م في أمانة العاصمة وعدد من محافظات الجمهورية وهيئات ومؤسسات المياه خلال العام 2018م ، بلغت (48.557.134.903) ريال.

 

أكثر من 9 آلاف منشأة مائية استهدفت

وبيّن التقرير أن عدد المنشآت المستهدفة (8010) منشآت مائية (سدود ، حواجز ، خزانات مائية ، قنوات ري) وألف مضخة مياه آبار وغطاسات وشبكات ري حديثة وعشرة حفارات آبار.

ولفت التقرير إلى أن استهدف قطاع المياه من قبل طيران العدوان تسبب في تدمير وتأثر العديد من خزانات مياه الشرب والآبار والمضخات و الشبكات في أمانة العاصمة وعدد من المحافظات، كما نتج عنه النقص الحاد في إمدادات مياه الشرب النظيفة كمورد بيئي بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر المشتقات النفطية لتشغيل مضخات المياه، إذّ وصل نصيب الفرد من مياه الشرب إلى أقل من 10 لترات يوميا خاصة في أمانة العاصمة ، ومحافظتي الحديدة وإب، وأدى إلى زيادة معاناة المواطنين في الحصول على مياه الشرب الصالحة والمأمونة .

وفي ذات السياق، أكد تقرير البرلمان تزايد التلوث البكتيري في مياه الشرب المأمونة في أغلب الآبار في أمانة العاصمة وبعض المحافظات، ما أدى وبشكل مباشر إلى انتشار الأمراض والأوبئة التي حصدت أرواح المدنيين الأبرياء، كوباء الكوليرا .

ورأى التقرير أن هذا الاستهداف المباشر لقطاع المياه في اليمن خلق مشكلات صحية حادّة ومزمنة وتدهوراً بيئياً، وأفضى إلى تدمير البنية التحتية لهذا القطاع ناهيك عن استمرارية العدوان والحصار الذي أثر على شبكات الصرف الصحي في العديد من محطات معالجة مياه الصرف الصحي في أمانة العاصمة ومدن المحافظات، ونتج عنه مشاكل بيئية كعدم قيام تلك المحطات بمعالجة مياه الصرف الصحي بالشكل المطلوب، وظهور أنواع مختلفة من الفيروسات والبكتريا، إضافة إلى تركيزات عالية من المواد الكيميائية التي لا تتم إزالتها في مراحل المعالجة المختلفة.

كما أوضح تقرير لجنة المياه والبيئة في البرلمان أن العدوان تسبب في أضرار كارثية أدت إلى انسداد شبكات الصرف الصحي في الأمانة وبعض مدن المحافظات وتصريفها في الشوارع ، ما نتج عنها مستنقعات ساهمت في انتشار الأوبئة والأمراض المعدية وخاصة وباء الكوليرا، كما لفت التقرير إلى أن توقف محطات المعالجة أدى إلى التلوث في بعض المناطق التي تصب فيها أو المناطق المحيطة بها.

وقال التقرير إن المخاطر التي سببتها الانسدادات الكبيرة التي حصلت في خطوط نقل الصرف الصحي في منطقة السائلة المجاورة لمدينة صنعاء القديمة- المصنفة عالميا ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو- جراء تعرضها ومنطقة وزارة الدفاع ومناطق أخرى مجاورة للسائلة لقصف طيران العدوان أدت إلى انهيارات كلية وجزئية في انابيب الصرف الصحي(الاسبستوس) في منطقة السائلة تسببت في تلوث البيئة والهواء وانتشار الأمراض كوباء الكوليرا .

وخلص التقرير إلى مخاطر تلوث مياه الخزانات الجوفية ومياه البحر في عدد من المحافظات ، لتوقف محطات معالجة الصرف الصحي وتسرب المياه العادمة إلى المياه الجوفية أو تصريفها إلى البحر، ناهيك عن تلوث التربة الزراعية وانسداد شبكات الري الزراعية.

 

كيف تؤثّر المخاطر البيئية في الصحة العامة؟

حقيقة لا ادعاء ليست التداعيات التي يمارسها التلوث البيئي المرتبط بالعدوان على الصحة العامة في المديين القصير والطويل واضحة للعيان بصورة مباشرة دائماً، ولذلك لا تحظى في معظم الأحيان بالتغطية الكافية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتلوث المياه والمجاري والتربة، أو البيئة أو الهواء .

فهكذا دمّر العدوان السعودي الهمجي المشاريع المرتبطة بالبيئة كالمياه والصرف الصحي ما خلف تأثيرات صحية حادّة واضحة للعيان على المدنيين وأدت إلى ظهور أوبئة وأمراض عدّة كانت قد اختفت قبل العدوان على اليمن منذ التسعينيات، غير أنها عادت بعد اندلاع العدوان (كوليرا، ودفتيريا، وحصبة، وجدري، وحمى الضنك، وإنفلونزا وغيرها من الأمراض الفتاكة) في أمانة العاصمة صنعاء وعدد من محافظات اليمن ، وراحت تضرب بقوّة بعد تفاقمها فتصيب مئات الآلاف من السكان في ظل ضعف الخدمات الصحية وانعدامها أحياناً.

 

أم مرام تحكي بمرارة

تحّكي أم مرام بمرارة عن وفاة ابنتها بوباء الكوليرا في ذمار، على الرغم من إسعافها إلى هيئة مستشفى ذمار العام وتزويدها بالأدوية اللازمة والعناية بها.

وتقول لـ”الثورة”: أعراض المرض كانت ظاهرة على ابنتي (5 سنوات)، لكنني تجاهلت أنه مرض خطير وقاتل.

وتضيف أم مرام “الأطباء قرروا وضعها في العناية المركزة من دون أن يخبرونا بأنها فقدت الكثير من السوائل، وبعد ثلاثة أيام وهي في المستشفى تحت الملاحظة توفيت “.

 

40 % من الأطفال ماتوا بالكوليرا

من جهته، قال الدكتور يوسف الحاضري الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة لـ “الثورة” إن حالات الإصابة والاشتباه بالكوليرا منذ العام 2016 حتى 22 فبراير 2020م بلغت (2,314,113) مليون حالة.

وأوضح الحاضري “منذ ظهور الكوليرا في منتصف العام 2017م وحتى الآن بلغ عدد الوفيات 3786حالة وفاة، وأن نسبة الوفيات من الأطفال المصابين بهذا المرض تتجاوز الـ40 % “.

وعزا ذلك إلى تهالك الكثير من البنية التحتية بسبب القصف العشوائي لطيران العدوان، وعدم وجود ميزانيات لإصلاح أو تجديد ما يتم تدميره من شبكات المياه والصرف الصحي.

 

18 مليون نسمة يحتاجون إلى مياه مأمونة

ها هي مأساة اليمنيين تتحول إلى أرقام لا تنفك تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية عن نشرها، ووفقا لتقرير المجلس الوطني للسكان “حال السكان في اليمن لعام 2019″، فإن حوالي 18 مليون نسمة يعانون من انعدام الامن الغذائي والمياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية الكافية، كما أن 60% من المنشآت الصحية دمرت ولم تعد قادرة على تقديم الخدمات الصحية الأساسية وخدمات الصحة الإنجابية والخدمات التوليدية والرعاية للأم والوليد.

وأشار التقرير الممول من صندوق الأمم المتحدة بصنعاء إلى ظهور وانتشار الأمراض والأوبئة التي كانت قد اختفت من البلاد منذ عقود حيث ظهرت وتفشت أمراض (الكوليرا، والاسهال المائي، والدفتيريا المعدي والخناق في 20 محافظة من أصل 23 محافظة في اليمن.

 

التفشّي القبيح لوباء الكوليرا

ويقول عمر الخطاب مسؤول برنامج اليونيسف لتوفير المياه وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية (WASH) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال زيارته لليمن:” قضيت ما يزيد عن شهرٍ في اليمن عام 2017، وتزامن ذلك مع التفشّي القبيح لوباء الكوليرا/الإسهال المائي الحادّ، وفي أحد الأيام زُرتُ العديد من الأسر في منطقة سوق السمك بصنعاء كي أفهم على نحوٍ أفضل سلوكيات الناس ووسائلهم للحصول على الماء”.

وأضاف “بمجرّد أن غادرتُ المنطقة، وقع ناظري على امرأةٍ طاعنةٍ في السنّ تجلس في شرفتها. اقتربت من المرأة وسألتها عن صحّتها وأحوالها، فأجابت: “لقد فقدنا سُبل كسب العيش، وخسرنا أسرنا، والآن أصبح الماء مصدراً للأمراض، وهأنذا أجلس في شرفتي أترقّب الموت”.. أصابني الذهول من هول كلامها، بيد أني كنت عاجزاً عن فعل أي شيء في تلك اللحظة، فما كان مني إلا أن ربّتُ على كتفها ولثمت جبينها ودعوتُ لها.

 

78 ألف بلاغ عن أمراض فتاكة‎

“إنها أسوأ كارثة إنسانية شهدها العالم منذ 50 عاما” هكذا وصفت ما يحدث في اليمن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ، من جهتها أكدت منظمة الصحة العالمية أنها تلقت أكثر من 78 ألف بلاغ عن أمراض في اليمن منذ مطلع العام 2019م.

وقالت المنظمة الأممية “يوجد حالياً ألف و991 موقع ترصد يعمل على الرصد والتبليغ إلكترونيا عن 28 مرضا وبائيا فتاكا مثل الكوليرا وحمى الضنك والنزفية الفيروسية والحصبة والسعال الديكي وشلل الأطفال”.

وذكرت أن نطاق هذا التوسع يعد كبيراً مقارنة بـ400 موقع ترصد تم إنشاؤها في بداية الحرب عام 2015، كانت تبلغ عن 16 مرضا فقط.

 

تدمير محطة الأزرقين لجمع النفايات

ويبرز التقرير نتائج العدوان السعودي على قطاع النفايات الصلبة والآثار البيئية الخطيرة التي تسبب فيها تكدس وتراكم آلاف الأطنان من النفايات في طرقات وشوارع وأزقة مدن اليمن، بسبب عدم التمكن من ترحيلها ونقلها إلى مكبات النفايات وعدم قدرة آليات وشاحنات النفايات الصلبة على التحرك في ظل استمرار العدوان والحصار الخانق على دخول المشتقات النفطية إلى البلاد.

وإلى جانب خطر الأوبئة المعدية والأمراض الذي يظهر في ظل تدمير تحالف العدوان منظومة جمع النفايات أقدمت طائرات العدوان على قصف المحطة الرئيسية لمعالجة المخلفات والنفايات في منطقة الأزرقين الواقعة خارج أمانة العاصمة صنعاء فأصبحت مساحات شاسعة من الأراضي ملوّثة مع استخدامها بمثابة مكبّات غير منظَّمة للنفايات المنزلية والطبية والصناعية، ما يؤدي إلى تسرّب هذه النفايات السامة إلى المياه الجوفية فتلحق أضراراً طويلة الأمد .

وقالت لجنة المياه والبيئة في مجلس البرلمان- التي يرأسها المهندس حسن عمر سويد ،ومقررها خالد محمد العنسي- إن كمية المخلفات القمامة التي يقدر وزنها بـ (10) ملايين طن تقريبا والواقعة خارج أمانة العاصمة في منطقة الازرقين تمثل خطرا بيئيا محدقا على الصحة العامة للسكان.

وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن قصف طائرات تحالف العدوان المحطة الرئيسية لمعالجة المخلفات والنفايات في منطقة الازرقين أدى إلى حدوث تسرب نفايات سامة إلى المياه الجوفية وهذا يؤثر على المدى البعيد على صحة السكان.

واستخلصت لجنة المياه والبيئة في البرلمان جملة من التوصيات في سياق دراستها ومتابعتها للأضرار البيئية الناتجة عن العدوان، وطالبت حكومة الإنفاذ الوطني برفع دعاوى قضائية محليا وخارجيا لمحاسبة مرتكبي الجرائم والمتسببين في التلوث البيئي في اليمن جراء قصف طائرات العدوان باستخدام الأسلحة والقنابل المحرمة دوليا.

كما دعت الحكومة إلى مخاطبة المنظمات الدولية للضغط على تحالف العدوان بقيادة السعودية لوقف الحرب والعدوان على اليمن كون التلوث البيئي الناتج عن العدوان وصل إلى مستويات خطيرة ومدمرة للبيئة في اليمن.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com