ليلة الإذلال الطويلة للسعودية!
ليست المرة الاولى التي تستهدف فيها عاصمة العدو السعودي او اهداف حساسة في العمق السعودي، سبق واستهدفت مصافي الشيبة وبقيق وخريص والمدن الصناعية في الدمام وينبع، واهدافا عسكرية في الرياض كقاعدة سلمان ووزارة الدفاع. ثمة تساؤل عن الجديد التي حملته عملية توازن الردع الرابعة واوقعت السعودية في حيرة من امرها، وعاجزة عن الرد بما يتناسب وحجم العملية الكبيرة والاذلال الذي تعرضت له؟
في المقابل كيف نجحت القوات المسلحة اليمنية في ايصال رسالة جديدة للعدو السعودي والعالم مستخدمة نفس الاهداف وبالتكتيك الجديد للإعلان عن مرحلة الوجع الكبير ومرحلة جديدة من استعراض القوة واذلال الخصم، لم يسبق ان تعرضت له السعودية حتى من العراق في حرب عاصفة الصحراء؟ حيث مكث قادة النظام السعودي تحت الارض لا يعرفون متى يتوقف الهجوم اليمني، فيما الحليف الامريكي هو الاخر عاجز عن الإجابة امام مرتزقته واكتفى ببيان هزيل حذر فيه رعاياه من مغادرة الملاجئ المحصنة.
مساء الاثنين وحتى صبيحة الثلاثاء ظلت الانظار موجهة نحو السعودية والانباء القادمة , هجمات متناسقة ومتسقه ومتتابعة تطال اهدافا حساسة وسيادية في العاصمة السعودية الرياض, لم يتوقع السعوديون انفسهم هذا المستوى من الهجوم ، ووقعت الماكينة الاعلامية السعودية وحلفائها في مستنقع التخبط فلا تلبث ان تعلن عن ما تدعيه اسقاط اهداف معادية وتطمئن مواطنيها ، حتى تعلن عن ان الدفاعات السعودية تبحث عن اهداف اخرى وهكذا حتى انتهى المشهد بانفجار ضخم هز العاصمة السعودية قبيل شروق الشمس واعمدة الدخان تتصاعد من اكثر من مكان ،في مشهد درامي ودراماتيكي قصده المهاجم ليكون ختاما لأطول ليله عاشها النظام السعودي من الترقب والرعب والاذلال .
كان بإمكان الجانب اليمني ان يهاجم بشكل مباغت الاهداف التي انتقاها بعنايه القصور الملكية مقر الاستخبارات مقر وزارة الدفاع مقر قيادة الطيران في قاعدة سلمان الجوية ، واهداف اخرى في جيزان ونجران ، لكنه فعل ذلك على مدى ليلة كاملة – 10 ساعات من الهجوم – ولم يفعل على قاعدة اضرب واختفي كما اعتمدتها عمليات الردع الاولى والثانية والثالثة وهجمات محطتي الدودامي وعفيف في التاسع من رمضان قبيل الفائت.
ثمة دلالات عظيمة لعملية الردع الرابعة والسيناريو التي جرت عليه:
اولا: اعلان القيادة اليمنية عن نفسها عملانيا وبالنار بنها بلغت مرحلة ادارة عمليات هجومية متواصلة على شكل موجات متناسقة ومتسقة مع بعضها، طويلة الوقت استمر الهجوم لمدة تزيد عن 10 ساعات، متعددة الاذرع والاسلحة المستخدمة طائرات مسيرة صواريخ مجنحة صواريخ بالستية وسلاح جديد لم يكشف عنه، الاهداف مقرات قيادة وقواعد عسكرية حساسة والمناطق من الرياض وحتى جيزان ونجران.
ثانيا: اظهرت العملية براعة في التنسيق لدى الطرف المهاجم من حيث ادارة العملية بشكل أربك العدو السعودي وجعله مشلولا طيلة ساعات العملية الطويلة لا يدري ما لذي يحدث في سمائه، ويمكن القول ان الجيش اليمني سيطر على السماء السعودية طيلة الهجوم حتى انتهاء العملية او كانت له اليد الطولى لنكون دقيقين.
ثالثا: البراعة والدقة في انتقاء الاهداف و السلاح المستخدم ، وكذا تنظيم اطلاق والسيطرة على الاسلحة المتعددة – صواريخ مجنحة ومسيرة وبالستية – والمختلفة من حيث سرعاتها لتصل كل موجة بما تضمه من اسلحة متعددة وتطال الهدف الكلي لموجة الهجوم في وقت متزامن ودقيق يضمن توثيق الإصابة للهدف بالفيديو، وبشكل اربك منظومات الدفاع الجوي السعودي
رابعا: التفوق القيادي العسكري فرغم مضاعفة احزمة الدفاع الجوي لدى السعودية ، الا أن الجانب اليمني اثبت قدرته على اختراقها بسهوله والتلاعب بها لساعات ، وهذا العنصر تحديدا وضع السلاح الامريكي والمشغل الامريكي على الارض السعودية في موضع احراج للمرة الاولى امام عملائه الذين اجبروا على دفع المليارات ليبقوا كي يديروا منظومات الدفاع الجوي التي جرى تعزيزها واستقدمت منظومات على عجل من اليونان ودول اوروبية .
اما عن تأثيرات القوة الجديدة التي اظهرها اليمنيون في مواجهة العدوان على بلدهم منذ ست سنوات وحصار قاس فيمكن التطرق الى عدة نواح ارتبط بها توقيت العملية او استدعى تنفيذها:
سياسيا: ينظر المتابعون الى ان النظام السعودي في وضع صعب حتى لو قام بعملية رد واسعه كما يروج له ، فبعد ست سنوات من الحرب وانفاق الملايين يصل اليمنيون بهذا المستوى من الهجوم الواسع الذي وضع المملكة تحت رحمة المهاجمين لشعر ساعات كاملة وهرب قادتها حتى الارض بعد استهداف مقار القيادة بمافيها قصر الملك وولي عهده ، وذلك يفرض على دول العالم ان تضع في حسابها المعادلة الجديدة للقوى حيث لم تعد السعودية بذلك الموقع عند شنها الحرب على اليمن .
داخليا: عاش النظام ليلة كاملة من الاذلال أمام شعبه الكلوم بالضرائب القاسية وتكميم الافواه والحريات ومصادرة الحقوق ، لم يمحوها تشديد القبضة الامنية ، فالشعب في المملكة الذي يعاني فرض الضرائب ويطالب بإيقاف الحرب وقف متشفيا في النظام وان منعت السياسة القمعية ظهور ذلك ، لكن جزءا من ذلك كان واضحا على مواقع التواصل الاجتماعي رغم القيود والتهديد بالسجن لعقود .
التوقيت: سبق عملية الردع الرابعة مئات الغارات السعودية وهستيريا لمنع تقدم الجيش واللجان تجاه مدينة مأرب التي يترنح فيها نظام اقامه العملاء والمرتزقة بحماية التحالف.
الكيان الذي انشأه التحالف لعملائه وليكون مأوى وعاصمة لداعش والقاعدة يوشك على السقوط، بعد الرسالة المؤلمة التي حملتها عمليات الردع الرابعة لن يكون عبث الرياض باستقدام القاعدة وداعش من سوريا وبلدان اخرى لقتال الجيش واللجان وهستيريا الغارات دون رد، ذلك ما تدركه القيادة السعودية وتدركه قيادة المرتزقة من تنظيم الاخوان الذين سرعوا بنقل اموالهم وعوائلهم الى تركيا ومناطق اخرى.
وفي جانب اخر سيكون من الصعب على النظام السعودي استهداف منابع ومنشئات النفط كما فعل في كوفل سابقا مبرقا بذلك رسالة الى المجلس السياسي الاعلى انه سيستهدف منشئات النفط في حال فكر الجيش واللجان في الاقتراب من مارب ومواصلة الهجوم، لكن تحذيره جرى تجاهله وهم الان يقتربون من أربع جهات، وعملية الردع الرابعة حملت رد المجلس السياسي الاعلى الى نظام الرياض.
وفي جانب اخر حملت عملية الردع الرابعة مصاديق وعد قائد الثورة الشعبية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بان الحصار والحرب الاقتصادية لن تبقى دون رد عسكري، عملية الردع الرابعة اتت على وقع ازمة مشتقات نفطية تعيشها المناطق الحرة بعد منع السعودية لسفن النفط من دخول ميناء الحديدة منذ اكثر من شهر، ثمة رسالة تفهمها الرياض في هذا الاتجاه ويدرك كنهها الشارع اليمني الذي يثق بأن الضربات العسكرية ستجبر العدو السعودي على التخلي عن اللعب بأقوات الناس ورفع الحصار الاقتصادي ووقف العدوان في نهاية المطاف .
وقف العدوان هو الخيار المتاح حاليا امام السعودية بحسب خبراء وصحفيون، يرون بأن كل خيارات النظام السعودي مرة ولا تلغي انه في الطريق الرضوخ لوقف الحرب ورفع الحصار.
ويشير هؤلاء الى أن الطرف اليمني بشكل عام على مدى سنوات الحرب والحصار نجح في ادارة لعبة الحرب وامتصاص تأثيرات الحصار أكثر من الطرف السعودي رغم توفر الامكانيات والخبراء للأخير، وأن وقف الحرب يصب اليوم في صالح السعودية أكثر منه في صالح الطرف اليمني الذي يقترب اليوم من استعادة السيطرة على أحد مواقع الثروة النفطية واستعادتها من يد التحالف.
ويؤكد هؤلاء بأن اليمنيين لم يكشفوا بعد عن كل قوتهم وأوراقهم حتى في عملية الردع الرابعة بعكس السعودية التي استنفدت كل ما في جعبتها، وفي حال استمرار النظام السعودي في غيه بالحرب والحصار فانه مقدم على فقدان هيبته اكثر فاكثر امام شعبه والعالم، والنتائج لن تتوقف عند الانهيار الاقتصادي وانما قد يتجاوز ذلك الى انفراط عقد المملكة برمتها.