#مجزرة_تنومة.. مائة عام من العدوان السعودي على #اليمن
أثريت ندوة علمية ندوة حول مجزرة تنومة ومائة عام من العدوان السعودي على اليمن بالعديد من الأطروحات لعدد من الأكاديميين والباحثين التي سلطت الضوء على بعض التفاصيل التي تكاد تكون خفية أو أخفيت عمدا من قبل عملاء النظام السعودي.
التقييم الأولي لمجريات الندوة التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية اليمني وما تضمنته من أوراق عمل يخلص إلى نجاح ذاك الثراء في المعلومات في لفت الاهتمام إلى أهمية تبني هذه الأوراق وتفويت الفرصة على أولئك الذين أرادوا لمجزرة تنومة بحق الحجاج اليمنيين أن تظل طيّ النسيان. الندوة حملت عنوان “مجزرة تنومة ومائة عام من العدوان السعودي على اليمن وعلى حجاج بيت الله الحرام”، نظمها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني، وكان الهدف إحياء ذكرى المجزرة والتحفيز للتحرك الجاد لمواجهة قوى الاستكبار.
تعتبر الذكرى المئوية لمجزرة تنومة محطة يستلهم أبناء اليمن منها الدروس لمعرفة ما يكنه النظام السعودي من حقد عليهم، ما يتطلب تعزيز التلاحم والاصطفاف لمواجهة العدوان الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق اليمن أرضاً وإنساناً.
الندوة ؤسمت من خلال أوراق العمل صورة واضحة للمتورطين في الجريمة بشكل مباشر أو غير مباشر، ضمن خطة عامة لتشكيل المنطقة العربية والإسلامية وفق رؤية المستعمر.
ولفتت الندوة إلى دور المؤرخين والباحثين والكتّاب الموالين للسعودية في تزييف ذاكرة الأمة وتغيير الوقائع والأحداث المتعلقة بتأريخ الدولة السعودية، وكيف ان النظام السعودي اتخذ جملة من الأساليب منها استخدام النفوذ السياسي والاقتصادي للتأثير على كتابة التاريخ والضغط على الدول أو المؤرخين والباحثين والكتّاب للتأثير على الكتابات التاريخية بعدم التعاطي مع أي موضوع يتعلق بهذا الشأن، إلا بما يتوافق مع سياسة السعودية.
“الثورة” حضرت فعاليات الندوة وسجلت عن قرب آراء عدد من المُحاضرين.. فإلى التفاصيل:أفق نيوز/ اسماء البزاز
الدكتور حمود الأهنومي – مؤلف كتاب مذبحة الحجاج الكبرى أكد أنه لمن الطبيعي أن تصطف مجزرة تنومة مع مجازر العدوان القائم على بلدنا اليوم في مسار واحد لتشكل وعيا راسخا لدى عموم الشعب بأن عدو الأمس هو نفسه عدو اليوم ولهذا لم يكن بغريب أن نجد أحفاد شهداء تنومة وسدوان في مقدمة الصفوف والجبهات انطلاقا من الوعي التاريخي الذي يلزم كل حر أن يكون في هذا الموقف .
وأضاف الأهنومي أن عدوان آل سعود الوهابيين على اليمن لم يبدأ في تنومة بل سبق ذلك اعتداءات فظيعة كاعتداء 1196هـ حيث تعرض الحجاج اليمنيون في طريق عودتهم إلى اليمن لاعتداء تكفيري من قبل بعض قبيلة بني تغلب ومن قبائل خثعم وغامد وقتل منهم نحو خمسين حاجا وفر كثير منهم في الشعاب والآكام ونهب عليهم نحو مائتين من البغال والحمير موقرة بالبضائع والتجارة بأمر من أمير الدرعية عبدالعزيز بن محمد بن سعود، وأحياناً كان الحجاج يعودون دون حج بسبب تهديد الوهابيين للمسلمين المسافرين وما كان البعض من الوهابيين يطلق على الحجاج بالمشركين ومنعهم من وصول مكة .
وبين الأهنومي أن السعودية أبدت إنزعاجا كبيرا إزاء مدى وعي المجتمع اليوم بمجزرة تنومة ومعرفة أبعادها وخلفياتها ومظلومية شعبنا وتداول العديد من الوسائل المحلية والدولية تفاصيلها التي حققت صدى قويا ومجلجلا، مؤكدا أن استمرار العدوان على بلادنا يحتم إحياء ذكرى هذه المجزرة ولاسيما الذكرى المئوية الأولى بشكل قوي ولائق يعزز واقع الصمود والثبات والانتصار ، ورسالة لكل الطغاة بأننا قوم لا ننسى شهداءنا ولو تقادم العهد بهم عقودا وقرونا من الزمان .
ودعا الأهنومي إلى التحرك السياسي والقضائي لمقاضاة مجرمي تنومة أمام المحاكم الدولية والمحلية وطرح القضية في أية مفاوضات سياسية قد تنشأ بين شعبنا والنظام السعودي لكون باب القضية لم يغلق سياسيا ولا قضائيا ِ
الدور البريطاني
من جانبه أوضح البروفيسور أحمد العرامي – رئيس جامعة البيضاء أنه وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عملت بريطانيا على تضمين صك الانتداب على فلسطين تنفيذا لوعد بلفور، ومن أجل نجاح ذلك عملت بريطانيا على جعل عبدالعزيز أقوى حكام شبه الجزيرة العربية وجعله للمسلمين شبيه البابا للمسيحيين ولفصل اليمن عن الحرمين الشريفين وإيجاد حاجز بين اليمن وفلسطين، وقبل تمكين عبدالعزيز بن سعود من الاستيلاء على الحجاز ولمنع التحالف بين الإمام يحيى وأمير مكة تم ارتكاب المجزرة بحق الحجاج بحق الحجاج اليمنيين في تنومة وسدوان .
وبين العرامي أن الاسباب التي تم فيها ارتكاب المجزرة بدور ودعم كبير من بريطانيا توزعت على عدد من المحاور منها عقائدية وسياسية وسيطرة ابن سعود على شبه الجزيرة العربية لضمان نشأة وبقاء الكيان الصهيوني مشيرا إلى أن الوهابية قامت على مبدأ تكفير المسلمين المخالفين لها ووجوب قتلهم ولم تكن جرائم الوهابيين بحق اليمنيين محصورة في مجزرة الحجاج اليمنيين في تنومة فقبلها بعدها ارتكب الوهابيون جرائم بحق المسلمين في العراق والشام والحجاز .
ولفت العرامي إلى أن موقف الإمام يحيى الرافض للتحالف مع بريطانيا في حرب الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى وتغاضيه عن التحاق رعاياه للقتال مع الدولة العثمانية ضد بريطانيا وحلفائها وإمداده الدولة العثمانية بالحبوب والمواد الغذائية أثناء الحرب العالمية الأولى كان قائما على أساس ديني يحرم التحالف مع بريطانيا وحلفائها النصارى ضد الدولة العثمانية المسلمة، الأمر الذي أدى إلى انزعاج بريطانيا التي كانت تعمل على تشكيل الوضع السياسي في شبه الجزيرة العربية بما يحقق مصالحها فقامت بمحاربته وحصاره وإضعافه والعمل على عدم تواصله مع الأماكن المقدسة في الحجاز وعملت على تقوية ابن سعود ودفعته لارتكاب المجزرة بحق حجاج اليمن في تنومة وسدوان عام 1341هـ – 1923م.
وأكد العرامي ضرورة إعادة بناء المناهج التعليمية في التعليم العام والتعليم العالي في مواد التاريخ والتربية الوطنية وفق أسس علمية ووطنية ومراجعة كل الدراسات التي تناولت تاريخ العلاقات اليمنية السعودية واستكمال النقص فيها بالإضافة إلى استكمال جهود وتوثيق ضحايا أهل اليمن نتيجة دموية آل سعود ودراسة الجوانب القانونية المترتبة على المجازر التي ارتكبها نظام آل سعود بحق أهل اليمن بشكل عام والحجاج بشكل خاص .
طمس التاريخ
من جهته، قال البروفيسور فؤاد عبدالوهاب الشامي أن السعودية تشعر بقلق كبير من المؤرخين والباحثين وكتاب التاريخ لأسباب عديدة من أهمها العمر القصير للدولة السعودية الذي يتجاوز مائتي عام فقط مقارنة بالدول المجاورة لها مثل اليمن والعراق اللذين يتجاوز عمر كل منها آلاف السنين وبسبب ارتكابها جرائم عديدة أثناء توسعها في نجد والإحساء والحجاز وعسير ونجران وجيزان وتدخلها الدائم بطريقة غير مشروعة في شئون الدول العربية والإسلامية المجاورة لها وغير المجاورة ِ ومن أجل التأثير على الكتابة التاريخية المعاصرة لمجزرة تنومة أبرز نماذج ذلك بين الشامي أن السعودية تقوم بشراء الذمم وممارسة الترهيب والعقاب بحق المؤرخين لتغطية جرائمها خاصة فيما يتعلق بتنومة التي كانت قد غيبت في المراجع والمصادر اليمنية والعربية.
وقال أن السعودية تقف وراء تغييب المجزرة وبتواطؤ من السلطات اليمنية المتعاقبة وأن هناك الكثير من القضايا والممارسات السعودية في حق اليمنيين لازالت غامضة ولم يتطرق لها أحد من المؤرخين والباحثين والكتاب .
ودعا الشامي الجامعات والمراكز العلمية اليمنية إلى إقامة الفعاليات التي تناقش تفاصيل العلاقات اليمنية السعودية لكشف الحقائق التي تم تغييبها، مطالبا السلطات السياسية اليمنية بمتابعة حقوق الضحايا في المحافل والجهات المختصة الدولية .
مقاضاة وحقوق
من ناحيته دعا البروفيسور عبدالرحمن المختار إلى البدء بخطوات عملية لملاحقة نظام آل سعود قانونيا وقضائيا والاستمرار في مطالبة نظام آل سعود بالاعتراف بجريمة الإبادة وعبر مختلف الأطر السياسية والحقوقية والإعلامية والعمل على إبطال معاهدة الطائف واتفاقية جدة نظرا لانتهاك السعودية لبنود اتفاقية الطائف وتدليسها وغشها وخداعها في اتفاقية جدة . والكشف عن مصير رفات شهداء جريمة إبادة الحجاج اليمنيين وإقامة مقبرة رمزية في المكان الذي استشهدوا فيه بالإضافة إلى تفعيل العمل الحقوقي باتجاه الحصول على اعتراف إقليمي ودولي وعالمي بالمذبحة بوصفها تمثل جريمة ضد الانسانية لا تعني اليمن فحسب بل تعني كل البشرية والتنسيق بين المنظمات الحقوقية اليمنية ومثيلاتها العربية والاجنبية لخلق رأي عام مساند ومؤيد ومتعاطف مع موقف اليمن من المذبحة واستمرار جمع الوثائق المتعلقة بجريمة الإبادة وفرزها وأرشفتها ورقيا وإلكترونيا تمهيدا لعرضها على محكمة الجنايات الدولية وغيرها من محاكم الدول ذات الاختصاص العالمي.
تعاطف عربي
وتحدث الدكتور والباحث التاريخي محمد الشافعي من جمهورية مصر العربية عن الأسباب والتداعيات السياسية والتاريخية لمجزرة تنومة والمظلومية اليمنية المغيبة على مدى مئة عام وخطورة طمس الحقائق التاريخية عن هذه المجزرة ومن يقفون وراءها.
وتطرق الأستاذ والناشط والأديب محمد العابد عن التراكمات العدائية للعدوان السعودي على حجاج بيت الله الحرام بدم بارد وعن الأصول اللا تاريخية لآل سعود الذين تم زرعهم في قلب الوطن العربي والاسلامي خدمة للمشروع الصهيوني والبريطاني وبكونهم لا دولة تتبع أسرة حاكمة هي سعود قامت على القتل والفتك والتكفير والاستيطان.
وقال العابد : لا غرابة في ان تنفذ هذه الأسرة تلك الجرائم والمجازر مادام وحكامها هم أعداء العروبة والإسلام والحضارة والتاريخ.
حالة عداء
عبدالله هاشم السياني عضو المجلس السياسي الأعلى أكد من جانبه أن مجزرة تنومة تعبير عن حالة العداء لدى الوهابيين وبكوننا لديهم مجرد مشركين كفرة وما يحدث اليوم من عدوان هو امتداد لتلك المجزرة البشعة .
وقال السياني : أن قتلهم للحجاج هو كتفجيرهم للمساجد والمقدسات فهم لا يقدرون حرمة دين ولا دم سوى ما يملي عليهم مذهبهم الذين فاقم جرائمهم اليوم في البلاد من قتل وبطش وتعذيب وانتهاكات لا حصر لها .
غياب الإعلام
من جانبه أوضح الباحث يحيى جحاف ان اليمنيين لن ينسوا جرحهم ولو مرت عليه آلاف السنين لأن هذه مسألة دم وكرامة شعب وتاريخ لا بد من مقاضاة الجناة .
وقال جحاف: إن الجريمة جريمة دولية شنعاء بحق عزل ذاهبين للحج لله لا للحرب ولا للغزو غيبها الظروف الغامضة آنذاك خاصة في ظل حصر الوسائل الاعلامية وغياب التقنية الإعلامية الحديثة التي كانت ستسهم في فضح الجناة وبيان الفادحة وحجم الكارثة ولكن احفاد الشهداء لم ينسوا ولن يتناسوا دماء أجدادهم وهاهو الوقت حان للقصاص .
وأضاف جحاف ان الفكر الوهابي المتحجر والمتطرف هو أهم الأسباب المنفذة للجريمة والذي يقصي الآخر بل ويحل دمه بمجرد خلافه مع الوهابية المستمدة أدبياتها من الماسونية العالمية .
الثأر قادم
طارق عبدالله قائد ناصر صبر أحد أحفاد شهداء مجزرة تنومة الشهيد قائد ناصر صبر يستلهم الأخبار التي تواروها عن أبيه عن المجزرة ومدى الفاجعة التي أصابت أهله وقريته بهده المجزرة غير المتوقعة .
وقال : استشهد جدي مع رفاقه الخمسة الذين ذهبوا للحج من منطقة حلملم الأشمور محافظة عمران وإحدى قريباتنا من النساء والتي بفضل الله نجت من المجزرة بأعجوبة وهي من نقلت للقرية الحادثة المروعة بسطو الجيش المتعدي على الحجاج العزل والرصاص يحاصرهم من كل حدب وصوب فصاح الحجاج مرحبا بالموت فنحن في كل الأحوال عزمنا الرحيل إلى بيت الله أو جنته .
واسترسل صبر قائلا : كان جدي مسلحا حينها فأعد مترسا ليحتمي وتدافع من خلاله ولم يقتل جدي إلا بعد أن نفدت ذخيرته من السلاح وقد قتل سبعة من الوهابيين القتلة، أما الآخرون الحجاج اليمنيين ملم يكن معهم سوى الجنابي قاتلوا بها ودافعوا عن أنفسهم وأعراضهم حتى آخر قطرة من دمائهم!!
وقال صبر : لقد عم الحزن كل أرجاء البلاد ولكن مادامت أنفاسنا تخلج بها صدورنا لن يهدأ لنا بال حتى نثأر لقتلانا .. ولا نامت أعين الجبناء .