سطور في تجليات علم الهدى!
رجلٌ من أُولئِك الذّين وُجِدوا في العَتمة، لكنهم أبوا أن ينصاعوا لسلطةِ الظُلمات، اختاروا النُور وجعلوه شِعارَهم، أشعلوا أرواحَهم مصابيح لِمن حولهم، وبنورِها أطفأوا ظلامَ الجهلِ والطُغيان، وحين أقول ذلك فأنا أقصد نور الدجى، وعلم الهدى، وماحي دياجير الظلام، قائد المسيرة القرآنية، السيد ا (عبدالملك بن بدرالدين الحوثي) عليه سلام الله.
وُجدَ السيد عبدالملك في وطنٍ ضجَّ من قسوةِ حالِه، ومرارة ما آلَ إليه، حروبٌ وفتن، حصارٌ وعدوان، أمراضٌ وأوبئة، ما أن يكادَ ينفكُّ من نواجذ مأساة حتى يقع في شراك مأساة أخرى.. وطنٌ بشسوعه الممتدة يقبع جنوبه تحت وطأة الاحتلال، وسيطرة العملاء ويقاسي شماله مرارة حصار اقتصادي وعدوان امريكي صهيوني بأدوات عربيه وهو عدوان فقد إنسانيته ومبادئه منذ أول قذيفة ألقاها ليقتل أرواح البسطاء من أبناء الشعب اليمني العظيم.
وفي حين أن سنة الله تأبى أن يسود الظلم أو أن يجتمع عسران على عباده المغلوبين على أمرهم، فقد قيض من رحم المعاناة رجلاً له النصيب الأوفى في حفظ أمن وسلامة الوطن ومستقبله.
نعم، لقد بعثه الله لأرضنا يزرع فيها وَردًا، ويترك عِطرًا، ويبقى عُمرًا، ويُزهر الوطن في كُلّ مرةٍ هو فيه، يجعل للحياة ألوانًا وللصَّمتِ كلمات، يجعل لكلّ شَيْءٍ معنى ومن كل تفصيلٍ حكاية، هو جيشُ اليمن الأشَدّ، وجمهوره الأشم، ثبّت دعائم أخلاقه ومبادئه ومضى في سبيل خدمة الوطن، يقف بجانب أبناء شعبه كظهرٍ لا يُحنى، كسَدٍّ يحول بينهم وبين الغرق، ورضيَ به الشعب حُبًا، واختاره الله ليمحو دياجير العتمة والظلام التي عاشها اليمن أرضاً وإنساناً لعقودٍ عديدة.
ولقد صدق قول الشاعر:
مَرّوُا علينا كأنَّ الوردَ أرسلَهمْ
ففاحَ بالأرضِ مِن أقدامِهمْ عبقُ
وليس من سبيل للشك بأن علم الهدى قد صنع من ملامح الوطن البائس نوراً يشع من قلوب المؤمنين، وأنتج أعظم ثلة عرفها تاريخ البشرية في دنيا العقيدة والجهاد، فمنذ أن تدلت أستار العمالة وبدأت تحيك خيوط العتمة والشقاء لليمن السعيد، بدا ابن بدرالدين كبدرٍ يمحو قطعا من الليل مظلمة، ويشع نورا تنكشف به جحور العمالة والخيانة النتنة، التي ما برح العدوان إثما ليزرعها في قلوب ضعاف النفوس، الذين يرقصون على إيقاع الدراهم فوق جثث الأبرياء والأحرار، ويتسامرون على نايات نحيب الثكالى والأرامل والأيتام ويثملون بمدامعهم الدامية، متسترين بجنح الظلام الحالك الذي انقشع أمام إنسانية حفيد رسول الله وولى إذ تجلت عظمته.
كيف لا، وهو الذي استمد عظمته وإنسانيته من وحي القرآن، ومن عباءة وسنة خير الأنام جده المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، مستنيرا بنور الإيمان الذي توهج وسطع من تجليات وحكمة أعظم شهيد في التاريخ(الحسين بن علي عليهما السلام) اللذين سجل التاريخ تضحياتهما وجهادهما بأقلام تخط بنور السماء
كما انه امتداد لنهج خطه الشهيد القائد المؤسس والقرآن الناطق السيد حسين بن بدر الدين رضوان الله عليه .
لقد كان قائد المسيرة القرآنية – ولايزال- تلك اليد الحانية والعين الحامية للشعب اليمني، يداوي جراحهم، ويضمد على أوجاعهم، لقد جعل حماية هذا الشعب من كل نائبة همه الكبير وشغله الشاغل، فسخر من أجله كل ما بمقدوره وبمقدور دولته في ظل هذه الحرب اللعينة والحصار الجائر، وبما ألهمه الله من الحكمة والبرهان ومن الشجاعة والإقدام ما يزلزل عروش الطغاة منذ أن يلامس آذانهم صوته أو يسمعون باسمه، وبما أعطاه الله من دعائم البناء والتضحية والعدالة والمساواة بين أبناء الشعب اليمني العظيم ورجاله المؤمنين. وتتجلى انسانية هذا القائد والقدوة وهو يهتم باحفاد بلال ولا ننسى كيف كان تعامله الحكيم مع جائحة كورونا التي ارعبت واهلكت العالم فقال مقولته الحكيمة ( لا تهويل ولا تهوين ) وهي ما جعلت بلادنا تتجاوز هذه المحنة بفضل الله ثم بحكمة هذا القائد العظيم وما هذه الا قطرات من فيض عظمة هذا الرجل..
كما أن صمود هذا الشعب اليمني بقيادة السيد العظيم أبو جبريل لأكثر من خمس سنوات أمام أكبر عدوان بربري في تاريخ الأمة ورغم تكالبهم لهو أصدق دليل وأنصع برهان على قوة وعزة ورفعة هذا الرجل، فأساس حكمه العدل والعمل بما يرضي الله وتحقيق السلام لهذا الوطن المقهور، فالإيمان والعدل والعزة والكرامة والعظمة هي من صفات قائد مسيرة القرآن العظيم وحامي حمى الإسلام في أرض الإيمان والحكمة..
وإن أردت أن تعرف حفيد المصطفى صل الله عليه وسلم أكثر، ففي كل بقعة في الوطن تجد أثراً طيباً منه، ابتساماته، تلطّفه، مدَحه، كلِماته الطَيبة، ملاطفته للبسطاء، ادْخاله الَسُرور علَى منْ يسمعه ويستشعر كلماته؛ فذلك هو الإيمان يلامس شغاف القلوب فتقوى، ويؤلف الأرواح فتثأر وتزأر، ويجعل الماء الأجاج عذباً فراتاً سلسبيلا ًسائغا.
إن السيد عبدالملك بن بدرالدين رضي الله عنهما روح الوطن الأخرى، ولغة الشعب الثانية، وتطلّعاته، أفكاَره، طُموحاته، وكأنَه كيان آخر لشعبه ووطنه، فانجذب لهم دوُن سواه، يمضي بعزيمة وإيمان، لم يقنط من مشقَّة الطريق، ولم يستطِل ما يمر به شعبه ووطنه، فهو يؤمن يقيناً أن للصبرِ لظى يعقبهُ بردُ الوصول، وأن للانتظارِ شّجَواً بعدهُ فرحة الظفر.
تلك هي آثار (علم الهدى) فتقفاها، لتتعلم كيف تبقى الجبال شُمَّاً راسيات رغم عنف الزلازل، وكيف تظل الأشجار زهراء مورقة رغم صلف العواصف، وكيف يثور البركان إن أحد استخف بسكونه، فمن بين كُل من سيمضُوا بلا أثر خلفهُم، سيبقى مجدُ ابو جبريل شاهداً على أنهُ كان هُنا، على شرفاتِ الأُفقِ نجماً مُضيئاً يدلّ السائرين حين تتوه خُطاهُم على الدروب، نجماً لا يخفُت بريقُهُ أبداً. و هو بما لا يدع مجالا للشك يؤهله ليكون قائدا بامتياز للامة الاسلامية قاطبة.