تقرير ميداني.. هذه المنطقة الزراعية الهامة في اليمن مهددة بالانجراف؟
أفق نيوز//
خلال الأيام القليلة الماضية شهدت غالبية مناطق اليمن أمطاراً غزيرة رافقتها عواصف رعدية ورياح شديدة، وأدت إلى انهيارات صخرية حوّلت مديرية “جبل برع” في محافظة الحديدة إلى كارثة طبيعية يعود ضررها على سكان المديرية، وهم غالبية من المزارعين الفقراء الذين يعتمد دخلهم بدرجة أساسية على ثمرة البن الموسمية، خاصة بعد جرف وانهيارات العديد من المدرجات الزراعية الموزعة في أعالي الجبل ووديانه الممتدة بين ريمة وصعفان وسهل تهامة.
الثورة /عبدالقادر عثمان
استمرت الأمطار في الهطول بكثافة على عزل المديرية الست لساعات، بحسب ما نشر النشطاء المجتمعيون في المنطقة وبعض الأهالي، ما أثار الرعب في قلوب السكان الذين يقطنون مرتفعات شديدة الوعورة ويبنون منازلهم بطرق عشوائية دون اكتراث لاحتياطات السلامة، ما يجعل قراهم مهددة بالانجراف حال حدوث أي انزلاق صخري قادم من المدرجات التي تعتليها.
“رجن” المحاصرة بالانهيارات
من بين تلك المناطق، قرية رجْن في عزلة بلاد الشرف، والتي أحاطت بها الانهيارات وأدت إلى تهدم جزئي في ثلاثة منازل ووفاة طفل ورجل آخر يعمل في البناء. يقول الدكتور مطهر عثمان، من أبناء القرية، إن “أحد الانزلاقات جاء من مدرج زراعي يعتلي المنحدر باتجاه قلب القرية، الأمر الذي كان سيؤدي إلى جرف عدد من المنازل، لكنه انحسر مغيرا طريقه باتجاه السائلة (مجرى الماء الرئيسي) مع اقترابه من منزل يقع عند مدخل القرية، لكنه أدى إلى تهدم جزء من البيت مع زرائب المواشي وسحب ما بداخلها، دون سقوط ضحايا بشرية.
يضيف مطهر في حديث لـ “الثورة” أن “الانهيار الثاني أدى إلى تدمير غرفة الضيوف بجوار إحدى منازل القرية، حيث كان بداخله رجل خمسيني يعمل في البناء، بينما جرف الانهيار الثالث منزلاً صغيراً لشاب كان بداخله طفل لم يتجاوز ربيعه الثاني، عثر عليه ميتاً ثاني أيام الكارثة”، ويردف: “أصبحت القرية اليوم مهددة بانفجار السدود التي تقع فوقها خاصة بعد انفجار عدة سدود في المديرية”.
وفي عزلة الشرف أدت الانهيارات إلى تدمير الممتلكات الزراعية لعشرات الموطنين والتي تضم الآلاف من أشجار البن، في قرى (بينين، مبعورة، والقريتين)، كما تحدث الدكتور راشد الصمدي لـ “الثورة”، إضافة إلى ردم عين القابل الذي يعد مصدراً وحيداً لمياه الشرب لقريتي المرخام والنشة، وغيلاً لري مساحات شاسعة من مدرجات البن.
من جانبه يضيف حميد الشيخ، الذي يتحدر من عزلة الموسطة الغربية، أن الأمطار تسببت في تهدم سدين مائيين، في قرية العزبة وتضرر منزلين، فيما دمرت السيول المزارع في وادي المسيل وجرفتها إلى السائلة.
معزولة عن العالم
أما في عزلة بني عبد الباقي فيقول بشير محمد مقعادة، أحد كبار مزارعي العزلة، إن الأمطار جرفت مدرجات البن الزراعية وألحقت بها أضراراً جسيمة، وأن الأهالي لن يستطيعوا إعادة بناء وإصلاح ما حل في مزارعهم من دمار، لافتا، في حديثه لـ “الثورة” إلى أن المشكلة بحاجة لتدخل عاجل وإيجاد حل طارئ من قبل المعنيين؛ لمساعدة المزارعين والسكان على تجاوز الكارثة”.
لم تقف الأضرار عند هذا الحد، بل “ساهمت هذه الانزلاقات الصخرية في انقطاع الكثير من الطرقات المؤدية إلى المديرية، أبرزها الطريق الرئيسي المؤدي إلى مركز المديرية (يعتمد عليه 50% من السكان) والذي تعرض للعديد من الانقطاعات في مناطق: زريق واللحجة والجرايب”، حسبما نشر التربوي عبد الله فتيني، في صفحته على “فيسبوك” وأضاف: “انقطع الشريان الرئيسي الذي تتغذى منه الكثير والكثير من القرى والعزل المستفيدة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المتوفرة في المحلات التجارية، وحال دون إسعاف المرضى لا سيما الذين يعانون من الأمراض المزمنة”، وبحسب المواطن عبد الله الصمدي، فقد تسببت الأمراض في قطع الطريق الرابط بين عزلة بني الخزاعي ومنطقة السخنة بالقرب من قرية المغربة، ما يشير إلى أن المديرية أصبحت معزولة عن العالم.
وفي عزلة بني سليمان، كاد انزلاق أن يجرف بيتاً في قرية المغارب، بينما يقول المواطن منيرتب، لـ “الثورة”، إن جبل الصلو الواقع بين قريتي عنترة وشعيب انهار جراء الأمطار، وتسبب في تدمير الطريق الرابط بين القريتين والمدرجات الزراعية الواقعة في طريقه، وألحق خسائر كبرى بممتلكات المواطنين.
مجرد حصر
يقول الشيخ عبد القادر يغنم، رئيس مجلس التلاحم القبلي في المديرية، إنهم رفعوا بتقارير أولية إلى مدير عام المديرية والمشرف العام وممثل المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية، من أجل القيام بواجبهم، وإشعار المعنيين بمعاناة الناس، ويضيف في حديث إلى “الثورة: “تواصلت بالمحافظ وأفاد أنهم سيشكلون لجاناً للنزول الميداني لحصر الأضرار والرفع بها لاتخاذ اللازم”.
إلى ذلك، يقول مدير عام المديرية ورئيس المجلس المحلي في برع، العقيد سعيد حكمي، إن السلطة المحلية في المديرية قامت بزيارة بعض الأماكن وحصر الأضرار وتسجيلها، ومناشدة السلطة المحلية في المحافظة، لأن إمكانيات سلطة المديرية لا تؤهل لتقديم شيء للمتضررين من السيول، وليس لديها أي أرصدة”، وأشار إلى تواصلهم ببعض المنظمات الإنسانية، من أجل التدخل العاجل وتوفير أغذية ومستلزمات إيوائية لمن تشردوا من جراء تهدم أجزاء من منازلهم أو باتت بيوتهم عرضة للانهيار.
ولفت حكمي إلى أن السلطة المحلية في الحديدة أرسلت جرافات لفتح الطرق التي ردمتها الانهيارات، مبينا أن “الحواجز المائية في المديرية تفجرت في جميع العزل، إضافة إلى أن الأضرار التي خلفتها السيول جسيمة وكارثية، ويمكن القول إن الضرر لحق بجميع السكان والمزارعين، وكل يوم نتلقى العديد من الاتصالات والصور من قبل مواطنين يشكون من الدمار”، على حد قوله.
يضيف العقيد حكمي إن وادي سهام، القادم من جبال حراز وبرع وآنس، جرف ما يقارب ألف شجرة من أشجار المانجو في سهل مديرية برع، بينما غالبية السكان غير قادرين على فعل شيء لأنهم يعانون من الفقر، مؤكداً: “نحن بصدد الرفع بمناشدة من العقال والسلطة المحلية للمطالبة بإنزال لجنة عليا على ضوء توجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، للوقوف على الأضرار بصورة عاجلة”.
وتسببت السيول الجارفة القادمة من الجهة الغربية لجبل برع بتدمير ما تبقى من الخط الأسفلتي في المحمية الطبيعية التابعة للمديرية، ما يجعل من المنطقة بشكل عام بحاجة إلى إغاثة طارئة من قبل السلطة ومنظمات المجتمع المدني للتخفيف من معاناة المواطنين وتعويضهم.