تدرس ترتيبات امنية واقتصادية ..هل حسمت صنعاء قرار تحرير مأرب؟
بعيدا عن ما يدور على ارض المعركة، بدأ الحديث في صنعاء الأن عن مرحلة ما بعد تحرير مأرب، فهل قررت صنعاء حسم ملف المحافظة الاهم في تاريخ الحرب على اليمن عسكريا، وما تأثير ذلك على مستقبل الحرب التي تمتد لـ6 سنوات؟
بالنسبة لمحافظ مأرب، محمد علي طعيمان، الترتيبات الأن تتركز على الجانب الأمني لفرض الامن والاستقرار بعد التحرير، فمأرب، بحسب تصريحاته الاخيرة، اصبحت الأن مدينة مترامية الأطراف وذات كثافة سكانية كبيرة تستدعي اخذ الاحتياطات الامنية بموازاة التقدم العسكريـ أما بالنسبة لعضو المجلس السياسي، محمد الحوثي، فالأمر يتطلب الان اقرار قانون “الثروات السيادية” والذي يقضي بمنح المحافظة الثرية ما نسبته 20% من انتاجها، وهو بذلك يشير إلى تنمية المحافظة بعد تحريرها.
فعليا، تبدو معركة مأرب، قد حسمت مسبقا، ولم يتبقى – كما يقول طعيمان- سوى تطهير جيوب التحالف والاصلاح في ما تبقى له من مديريتين بينهما المدينة من اصل 14 مديرية، وحتى دخول قوات صنعاء هذه المديريتين لا يعكس وجود بذور “مقاومة” بل تأتي لترتيبات من شأنها الحفاظ على ممتلكات المواطنين العامة والخاصة خصوصا وأن لدى مأرب الكثير من المنشأت ذات الابعاد الحيوية والاستراتيجية التي يمكن للتحالف الثأر منها.
خارطة المعارك الاخيرة تشير إلى أن استراتيجية قوات صنعاء ترتكز حاليا على الحصار لإجبار الطرف الاخر على التسليم، سواء بفرضها طوق امني مع قطع خطوط الامداد إلى قواعده الاساسية في ماس وتداوين، أو خنق فصائله في المدينة بالسيطرة على الخطوط المؤدية اليها مع ابقاء مناطق صحراوية مفتوحة لمنح ما تبقى من عناصره فرصة النجاة بأنفسهم والهدف من ذلك، كما يقول طعيمان، تقليل الخسائر في صفوف المواطنين كون المناطق التي يتحصن فيها اتباع التحالف اهلة بالسكان الذين يتخذهم التحالف دروع بشرية.
بغض النظر عما يدور في الميدان، وجميع المؤشرات تؤكد بأنها لصالح صنعاء، تنصب الانظار الان عن تبعات تحرير هذه المحافظة، وما ستحققه للمواطنين المحاصرين من قبل التحالف السعودي – الاماراتي والذي شدد مؤخرا حصاره على دخول البضائع والمشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، فهذه المحافظة ستحقق الكثير لليمن على كافة الاصعدة، وقد تشكل نقطة تحول في الحرب على اليمن، أولها تأمين احتياجات المواطنين من النفط والغاز والتي تذهب حاليا لصالح جيوب فاسدين في حكومة هادي وأخرى لتمويل حرب التحالف على اليمن، وثانيها أن تحرير المحافظة سيقرب فرص السلام في اليمن التي ترفضها قوى ما تسمى بـ”الشرعية” وربما تكون انطلاقة لتحرير ما تبقى من المحافظات جنوب وشرق البلاد، بحكم موقعها الاستراتيجي.
ستغير مأرب الكثير على الساحتين العسكرية والسياسية، وستحسن من الوضع الاقتصادي ليس لمأرب فحسب بل لجميع المدن اليمنية المحاصرة، ووحدها قوى النفوذ والفساد في “الشرعية” إلى جانب تحالف الحرب من سيخسر بل وستوجه له مأرب صفعة قوية وهزيمة مدوية قد تنهي طموحه ومستقبله في احتلال اليمن مستقبلا أو حتى التفكير بشن حرب اخرى على المدى البعيد.
طوت صنعاء ومعها قبائل مأرب ورقة التحالف في مأرب، وما تبقى مجرد ترتيبات سواء على الصعيدين العسكري أو السياسي لكن النصر المرتقب سيلقي بمكاسبه على سكان المحافظة قبل غيرهم ومعها ستقف اليمن مجددا على قدميها في مواجهة مؤامرات اقليمية ودولية لإخضاع هذا البلد الذي يشكل منعطفا مهما في تاريخ الامة، وبارقة امل في استعادة كرامتها.