30 نوفمبر 15-20م والمحتلون الجدد
أحمد المالكي
الوعي الثوري الذي على ضوئه تحرك الشهيد قاسم لبوزة والأحرار في الجنوب والشمال حتى تم طرد آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن في الـ 30 نوفمبر 1967م كان وعياً ثورياً وطنياً عروبياً وقومياً تشكّل إبان بروز الحركات العربية والثورية التحررية التي ظهرت في العشرينيات ،وتنامت بشكل أكبر في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ، في مصر والجزائر وليبيا وسوريا والعراق وفلسطين ولبنان وغيرها من البلدان العربية التي كانت ترزح تحت نير الاحتلال والاستعمار الغربي الأوروبي ، ذلك الوعي الوطني التحرري الذي استوطن وجدان الأحرار والنخب السياسية والثقافية والاجتماعية والعمالية متأثراً بالفكر والمفاهيم والشعارات الثورية والقومية والعروبية التي ظهرت في ذلك الوقت ، للتحرر من الاستعمار والوصاية والهيمنة الأجنبية وانتقلت من عواصم عربية كالقاهرة وبغداد ودمشق وطرابلس وبيروت وغيرها ، وتحولت إلى شرارات ثورية في عدن وصنعاء وتعز ، وأقضَّت مضاجع المحتل البريطاني ، وأشعلت وعياً ثورياً وطنياً تحول إلى قصائد وأناشيد وأغان وطنية خلدها التاريخ بعد أن ترسخت في وجدان الشعب ، الذي صار يتغنى بها في كل بيت وكل شارع ومدرسة ومقهى كأنشودة “برع برع يااستعمار برع من أرض الأحرار” للفنان محمد عطروس ، وغيرها من الشعارات والقصائد والأناشيد والأغاني الثورية التي كانت تستنهض الهمم لمقاومة الاحتلال في الجنوب.
الآن مع الأسف الشديد تغيرت المفاهيم والمصطلحات ، وقُلبت الشعارات الثورية والتحررية رأساً على عقب ، وأصبحنا نشاهد ونسمع شخصيات ونخباً سياسية تتشدق بالعروبة وهي منضوية في أحزاب تعتنق القومية وتناهض الرجعية “كالسعودية” وصرنا نرى ونسمع هؤلاء يظهرون في قنوات الرجعية نفسها ، وقد باعوا القضية وتخلّوا عن شعارات العروبة والقومية ، ورموا خلف ظهورهم مبادة وقيم الحرية والاستقلال ومناوأة الاستعمار والاحتلال ومعاداة الصهيونية والإمبريالية الغربية والأمريكية . بل وباعوا الوطن اليمني بكله في حالةٍ تعكس النفسيات الوضيعة التي تعودت على النفاق وبيع القيم والمبادئ الوطنية والقيم الأخلاقية مقابل المال ،وبيع الضمائر من أجل المصالح الشخصية والحزبية، وهو الوضع نفسه الذي كوّن هذه الحالة العجيبة والغريبة التي نرى فيها هؤلاء يكتبون ويتحدثون عن الـ 30 من نوفمبر عيد الجلاء وطرد آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن عام 1967م ، وهم يرتمون في أحضان الاحتلال القديم الجديد الذي يستوطن ويعيث في أرض اليمن الفساد وينهب الثروات والمقدرات الوطنية في المحافظات الجنوبية والذي يطبّع مع إسرائيل ، بل وهو المحتل الجديد الذي يعتدي على اليمن ، ويقتل الشعب اليمني ويرتكب أبشع الجرائم قرابة ست سنوات من العدوان والحصار الغاشم ، وهي نفس الحالة العجيبة والغريبة جداً جداً والتي قلبت المفاهيم وغيَّرت المصطلحات الوطنية التي تشرعن للغزاة والمحتلين الجدد الذين يعملون على احتلال وتقسيم الوطن اليمني الواحد ، على نحوٍ يخالف الواقع والحقيقة والحق الواضح الذي يسطع كالشمس في كبد السماء.
فمن أعجب العجائب وأغرب الغرائب التي صرنا نسمعها ، والتي تردد كل يوم في وسائل إعلام دول العدوان ومرتزقتهم ، بل في وسائل إعلام دول العالم بكله ، هي تلك المفاهيم والمصطلحات المقلوبة التي تجعل الخونة والعملاء وكل النفايات القذرة من السياسيين والفاسدين والقتلة والمجرمين والكذابين والدجالين ، وداعش والقاعدة وغيرهم من الشواذ والمنحرفين هم في نظر ومقاييس الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول العظمى الديمقراطية وغير الديمخراطية والعالم بكله هم “شرعية ” الفنااادق والكبريهات “الشررررعيييية ، الشرررعييين ، وأصبحت المناطق والمحافظات المحتلة من قبل السعودية والإمارات الرجعيتين والعميلتين لأمريكا وإسرائيل وبريطانيا هي المناطق والمحافظات الحرّة “المحررة” بينما المناطق والمحافظات التي تخلصت من الوصاية الأمريكية والسعودية والغربية وتعيش حالة التحرر والحرية الحقيقية والتي يديرها ويحكمها الأحرار اليمنيون الرافضون للهيمنة والوصاية الأجنبية من داخل اليمن ومن عاصمة كل اليمنيين صنعاء هي المناطق والمحافظات المحتلة التي يجب تحريرها!! فيا للعجب ويا للزمن الذي جعل دولار النفط الخليجي العميل يشتري النفوس ويسكت ضمير المعمورة !
موقنون بالنصر المبين الذي نراه قريباً بلا شك يلوح في الأفق.