تسابق بين المعارك والوساطات: قوات الجيش واللجان تقترب من ضواحي مأرب
أفق نيوز | الأخبار | رشيد الحداد
تتقدّم قوات الجيش واللجان الشعبية نحو ضواحي مدينة مأرب من الاتجاهين الشمالي والغربي منذ أيام. يأتي ذلك في وقت تتواصل فيه المفاوضات مع الوفود القبلية في العاصمة من أجل الوصول إلى تسوية تُجنّب المدينة القتال، على رغم ممانعة الجانب السعودي الذي لا يزال يعيش صدمة استهداف ثاني أهمّ معسكراته في مأرب بصاروخ بالستي نوعي.
وأحرزت قوات الجيش واللجان الشعبية، خلال الأيام الماضية، تقدّماً جديداً على الأرض غرب مدينة مأرب، حيث تمكّنت من السيطرة على منطقة أم الحنا الواقعة بالقرب من منطقة أسداس في أطراف مديرية رغوان السبت الماضي. وواصلت التقدّم الثلاثاء لتُسيطر بعد معارك عنيفة خاضتها مع القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، على منطقتَي الفتيخة والعجوز الواقعتين شمال غرب مدينة مأرب، بما يتيح للجيش و»اللجان الشعبية» تطويق مركز أسداس التابع لرغوان، والاقتراب من مقرّ تحالف العدوان الواقع بين محافظتَي مأرب والجوف في منطقة تداوين.
بالتوازي مع ذلك، أطلقت القوة الصاروخية التابعة للجيش واللجان الشعبية ، السبت، صاروخاً من نوع «بدر بي» على غرفة عمليات «التحالف» في معسكر تداوين. وأفاد المتحدّث الرسمي باسم الجيش واللجان، العميد يحيى سريع، بأن «الضربة الصاروخية نتج عنها مصرع وإصابة 15 من قادة وجنود العدو السعودي، منهم 8 قتلى بينهم قادة». في المقابل، اعترفت شخصيات موالية للرياض (إعلاميون ونشطاء) بمقتل سبعة من كبار القيادات السعودية في العملية، هم: العميد طيار سعيد حمدان الأسمري، والعقيد عبد الله عايض البقمي، والرائد محمد سعد المبارك، والنقيب عبد الله صالح الغامدي، وخالد عزيز العتيبي، ومشاري مساعد اللحياني، وفهد بطاح الشمري. وفيما شنّت الطائرات السعودية سلسلة غارات على العاصمة صنعاء وضواحيها، أفيد عن تشكيل لجنة تحقيق في ما اعتُبر «اختراقاً استخبارياً خطيراً». ووفقاً لمصادر مقرّبة من قوات هادي في مأرب، فإن لجنة عسكرية سعودية وصلت الإثنين إلى المحافظة، ووَجّهت باعتقال جميع القيادات العسكرية الموالية لهادي التي كانت موجودة في المعسكر قبل الاستهداف الصاروخي وأثناءه، وإحالتهم للتحقيق.
عَزّزت السعودية القوات الموالية لهادي بشحنات جديدة من السلاح والعتاد
وفي الوقت الذي تمّ فيه تداول مقطع فيديو يظهر الصاروخ المستخدَم في الهجوم على «تداوين»، أوضح مصدر عسكري في القوات الجوية في صنعاء لـ»الأخبار» أن «الصاروخ المستخدَم هو واحد من منظومة بدر المحلية الصنع، ويتميّز بفاعلية تدميرية دقيقة، وأثبت دقته العملياتية في تحقيق الأهداف خلال المناورات والعمليات النوعية»، مضيفاً أن «هذا النوع من الصواريخ دخل الخدمة مطلع العام الماضي، وهو يمتلك رأساً متفجّراً يحمل الآلاف من الشظايا التي تغطّي قرابة 350 متراً بشكل دائري، وينفجر قبل وصوله الأرض بـ25 متراً».
وفي شرقي مدينة مأرب، أفادت مصادر قبلية، بأن قوات الجيش واللجان الشعبية تَمكّنت من السيطرة الكاملة على مناطق نخلا الواقعة بين مدينة مأرب ومديرية صرواح، ونجحت في نقل المعركة مع قوات هادي إلى مناطق السحيل شمالي مدينة مأرب. وبيّنت المصادر أن «المواجهات دارت خلال الساعات الماضية في مناطق وادي الراء والجفينة والطلعة الحمراء وبيرعبيد ومزارع الفاو وتبة الخزان الواقعة ضمن منطقة السحيل، والقريبة من منطقة أيدات الراء الواقعة في الضاحية الشمالية لمدينة مأرب، ضمن مناطق قبيلة عبيدة». ووفقاً للمصادر، فإن «مسار المعركة يؤكد أن الجيش واللجان الشعبية يتقدّمان نحو ضواحي مدينة مأرب من الاتجاه الغربي والاتجاه الشمالي ببطء منذ أيام». وعزت ذلك إلى أن «خيار اقتحام مدينة مأرب من قِبَل قوات صنعاء، على رغم تقدّمها العسكري الكبير إلى ضواحي المدينة، لا يزال آخر الخيارات التي تتّبعها في حسم المعركة حتى الآن، وهناك محاولات مكثّفة لتجنيب المدينة ومحيطها» القتال.
وفي هذا الإطار، تكشف مصادر مطّلعة أن وفداً قبلياً كبيراً وصل العاصمة صنعاء منتصف الأسبوع الجاري، في محاولة لوقف التقدّم العسكري نحو المدينة، والتوصّل إلى اتفاق سلام. وتلفت المصادر إلى أن «هناك ترحيباً كبيراً من قِبَل قبائل مأرب وبعض قيادات السلطة المحلية في المحافظة بمبادرة زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي التي طرحها في نيسان/ أبريل الماضي لتجنيب مأرب الدمار وحقن الدماء»، مستدركة بأن «السعودية لا تزال ترفض أيّ حلول توافقية». وبعد أن عمدت إلى سحب العتاد العسكري الثقيل من مأرب خلال الفترة الماضية، عَزّزت القوات الموالية لهادي خلال اليومين الماضيين بشحنات جديدة من السلاح والعتاد المتوسّط والخفيف.
وكانت قوات صنعاء مهّدت الطريق إلى البوابة الشمالية لمأرب بتحقيقها تقدّماً كبيراً على الأرض في جبهات شرقي المدينة. وخلال الأسابيع الأولى من شهر أيلول/ سبتمبر الفائت، سيطرت على الخطّ الإسفلتي الواقع في نطاق مديرية مدغل في مناطق الجدعان وجبل نبين، وصولاً إلى سائلة الخولاني شمالي مدينة مأرب. وفي أواخر الشهر نفسه، تَمكّنت، بعد معارك عنيفة، من السيطرة على منطقة الحزمة الاستراتيجية وجبل دش الخشب الاستراتيجي المطلّ على المدينة، لتستكمل خلال الأيام الماضية تأمين نخلا والسحيل، وتَنقُل مناطق التماس إلى الطلعة الحمراء وتبات إيدات الراء، والتي حاولت قوات هادي بناء خطّ جديد فيها للدفاع عن مدينة مأرب.