القضاء نائم !
أفق نيوز – بقلم – عبدالملك سام
كثرت القضايا هذه الأيام التي نجد فيها أن أصحاب القضايا متذمرون ، ومن يحاولون الإصلاح بين الناس متعبون ! ولا أحد راض بما يحدث ، والمشكلة غالبا لا تتعلق بهؤلاء ولا هؤلاء ، بل إن المشكلة أساسا تتعلق بالقضاء بالدرجة الأولى والذين كان يعول عليهم بأن يكون لهم الدور الرئيسي والأساسي لحل هذه القضايا والمساهمة في إرساء الاستقرار والعدل بين الناس ، الناس الذين استبشروا خيرا بعد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لنيل حقوقهم بعد عقود من الظلم .
أنا لست هنا بصدد الدفاع عن المحكمين بين الناس ، وللأمانة لقد حملوا على عاتقهم مسؤولية كبيرة خاصة في هذا الظرف الاستثنائي ، وفي وقت اختباء وقصر فيه من كان يجب أن يقوموا بهذا الدور .. لكن لنعترف أن معظم هؤلاء غير متخصصين في حل النزاعات بين المتخاصمين ، ولعل أكبر ما يؤخذ عليهم هو إصرارهم على إتباع أسلوب التوفيق بين الخصوم ، وهو أسلوب لا يتفق مع العدالة فيما يخص الأملاك والعقارات المنهوبة ، بل هو أسلوب يناسب القضايا العائلية والاجتماعية فقط ، ولا يمكن بحال أن يتم حل نزاع بين لص وصاحب حق بالتوفيق ! وأما مسألة الإلمام بالقوانين والأعراف وغيرها من الأساليب فتحتاج وقتاً أكبر لشرح ما نواجهه في هذا الجانب من قبل أشخاص غير متخصصين أصلا ساهموا في تعقيد الأمور بتساهلهم وترددهم في اتخاذ تدابير توقف تفاقم الظلم على الأقل ، ناهيك عن المندسين الجدد الذين تعمدوا أن يعقدوا الأمور أكثر لتحقيق أهداف لا تخفى على الجميع .
أما فيما يخص المتنازعين فحدث ولا حرج ، فهناك نزاعات وقضايا تراكمت لعشرات السنين وفجأة لم يعد لديهم صبر ولا وقت لحلها ، ولا يحتملون أي تأجيل ، وغير راضين لإعطاء أي مهلة ، بل وعندهم استعداد لاتهام كل من يطلب مزيدا من الوقت للتحري بأنه يداهن وشريك للصوص ! جميعنا يعرف ما يمر به البلد من عدوان وحصار ومؤامرات لتدمير مؤسسات الدولة التي استطاع الثوار الحفاظ عليها ، وجميعنا مقدرون الجهود الجبارة التي يبذلها القلة الذين أخذوا على عاتقهم حل المشاكل ، ولكن يجب أن نفهم أن التزاحم سيعقد الأمور أكثر ، وأن التهور سيساهم في خلق مشاكل أخرى ، وحق صبرت لعقود ولم تنلْه فلا بأس بأن تنتظر لمدة قصيرة حتى تحصل عليه ، المهم أنك أثبت حقك وأوقفت الاعتداء عليه ومستمر في متابعة ما يستجد ، وخطوة إيقاف من كانوا يسمون أنفسهم “أمناء” تدل على التوجه الصادق لحل هذه المشاكل .
الأولوية يجب أن تكون لإيقاف ما يقوم به البعض من إجراءات تهدف لفرض واقع مجحف على حقوق الغير ، ويجب أن يستنفر القضاء للقيام بواجبه بمساعدة الجميع ، فالقضاة هم المعني الأول بحمل هذا الأمر لما له من تأثير في انسجام المجتمع واستقراره، كما يجب محاسبة القضاة الفاسدين ليكونوا عبرة للآخرين ، ولدورهم السلبي في نشر الفوضى وعدم الرضا بين الناس .. أخيرا لا ننسى أن العدل أساس الملك ، وجزء مهم من تكليفنا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو واجب يحتم علينا التناصح بالخير وفهم الأمور التي يعمل من خلالها العدوان لتفكيك المجتمع ، وبإعادة الحقوق لأصحابها نسد أي ثغرة يمكن أن ينفذ منها العدوان .