لو كان الطغاة يقرأون تاريخ أسلافهم ويتعلمون من نهاياتهم لما كان هناك طغاة ، ولو كان الغزاة وخاصة الذين يغزون اليمن يتعلمون من حصاد مغامرات من سبقهم من الغزاة لما غزوا اليمن، ولو كان مرتزقة الغزو وقوادوه يتعلمون من مصائر من سبقهم من المرتزقة لكانوا في مقدمة صفوف المناضلين بوجه الغزاة .
التاريخ لا يصنعه إلاَّ العظماء ولا يقرأه إلاَّ الحكماء ولا يستفيد منه الأذكياء ، أما الأغبياء سواء كانوا طغاة أو غزاة أو مرتزقة فإنهم لا يقرؤونه وان قرأوه لا يستفيدون منه، وان استفادوا منه فإن استفادتهم تقتصر في أخذ أسرار الغباء في تجارب من سبقهم .
يكرر العدوان السعودي ومن خلفه تحالف شيطاني مغامرة سبق وان فشلت في حقب متباعدة ومتقاربة من الزمن وكانت نتائجها كارثية على منفذيها ومن وقف معهم .
ومنذ تجارب غزو اليمن قديما التي نفذها الأحباش والفرس إلى تجارب غزو الأيوبيين ثم تجارب الأتراك والبريطانيين وانتهاء بتجربة المصريين التي كلفتهم ثمنا لايزالون يدفعونه وجرحا لايزالون يتألمون منه إلى اليوم ، بقيت اليمن بشعبها ذي التكوين الغيور والجينات الأبية والشجاعة الوراثية ، وبسهلها الحار وجبالها المفخخة وأسوارها العذراء التي لا تقبل الغرباء ومدنها الطاهرة التي ان دنسها الغريب تطهرت بدمه .
هذه الحقيقة مكتوبة في صفحات التاريخ الأولى وليس بإمكان أي قوة أن تمحوها ، وفي كل حقبة من الزمن يأتي الأغبياء ليجددوا تلك الحقيقة .
اليوم نشهد في تعز ومارب والضالع والبيضاء وفي جيزان وعسير أيضا ، ملاحم تجدد تلك المفاهيم التي كادت ان تمحى من ذاكرة الأغبياء من طغاة العالم ومرتزقة البشرية ، وتعززها في وعي اليمنيين الذين يعرفون جيدا إمكانياتهم وأرصدتهم التاريخية ومكانتهم في ذاكرة البشرية .
هاهي تعز تضع بصمات اليمن الإنسان والأرض والتاريخ على كل شبر حاولت قوات الغزو ومرتزقته أن تدنسه في جبال العمري أو شوامخ الوازعية والمسراخ والضباب وكرش وصبر ، لتقول للعالم الذي لايزال يراهن على المملكة المدللة ذات النظام الغبي المتهالك غير الصالح للعيش في القرن الواحد والعشرين ، أن ينجز شيئا من شأنه أن يركع اليمن واليمنيين ويعيدهم إلى حضيرة الطاعة للوصاية والفساد ليحكمه ثلة من القتلة والمجرمين الجبناء .
تعز التي باتت أكثر وعيا وتماسكا وشجاعة من أي وقت مضى استفادت من تجربة عدن التي غرقت في مستنقع الدعششة ومأزق الاحتلال وباتت ملجأ للمطرودين من صنعاء على حساب قضية أهل الجنوب ومظلوميتهم ومستقبل أبنائهم ، ومن غير الممكن أن تسمح تعز للإصلاح وهادي وعلي محسن ان يجعلوا منها مسرحا لحروبهم وصراعاتهم ومشاريعهم التي لم تقبلها صنعاء وعمران والجوف وغيرها ، ولا أن تكون قطعة أرض تعطيها السعودية للإصلاح والقاعدة وداعش بدلا عن عدن التي كما يبدو باتت من نصيب الإمارات ومشروعها .
ولن يسمح أبناء تعز أن يتم الغاؤهم لصالح مشروع تسكين وتوطين مرتزقة السعودية الذين باتوا بلا موطن ، لينطلقوا من أرضهم لينفذوا مخططهم في إعادة الأوبئة إلى كل اليمن . تعز وأبناء تعز أصبحوا عند مستوى المسؤولية والوعي ليعيدوا المجد لليمن عبر تطهير أرضهم من الغزاة بدماء الغزاة .