كيف انتصر اليمن على “كوفيد -19″؟!
عندما تغيب المبادئ والقيم والاعتبارات الإنسانية فإن معاناة البشرية تصبح وجبة دسمة يستفيد منها أرباب السياسة والاقتصاد فيستبشرون بتفشي وباء معين وحصده لأرواح آلاف الناس حتى يستطيعوا من خلال هذا الوضع حصد مكاسب سياسية ومادية من خلال الترويج لمواقفهم وأدويتهم (ترامب وشركات أمريكا الدوائية أنموذج لهؤلاء).
د.يوسف الحاضري
طالعتنا في الأيام الأخيرة صحيفة the week البريطانية بتقرير عن أسباب انتصار اليمن على مرض كوفيد19 الذي يسببه فيروس كورونا رغم ما تمر به اليمن من حصار وعدوان منذ أكثر من 2079 يوما دمرت فيه البنية التحتية بشكل شبة كامل ، وقامت عدد من القنوات والمواقع العالمية والعربية بتناقل الموضوع كل حسب نظرتها وفلسفتها وتوقعاتها وارتكزت هذه الأطروحات على استمرار هذا الفيروس في اجتياح دول العالم بقوة وضراوة لدرجة أن الأعداد تجاوزت الـ60مليون حالة وعجزت أمامه اقوى الدول اقتصاديا وصحيا وعلميا وعلى رأسها أمريكا وألمانيا وغيرهما ، فأرجعت بعض هذه المواقع والصحف والقنوات الإعلامية إلى عدة أسباب (حسب رؤيتها) كمناعة القطيع وتعاطي القات وارتفاع نسبة الشباب في اليمن مقارنة بكبر السن ونحالة أجساد اليمنيين وغيرها من أسباب لا يلامون في هذه الرؤية لنقص الرؤية السديدة لديهم أو لمكابرتهم في رؤية الحق أو لنظرة الاستنقاص التي ينظرون بها لليمن مقارنة بالتطور والقوة الصحية الاقتصادية التي عجز أصحابها أمام هذا الفيروس ، ومن هذا المنطلق سأنسف أطروحاتهم واضعا الأسباب الحقيقية للوضع الحالي في اليمن .
المعركة الصحية في اليمن لم يختلف التعاطي معها كما تم التعاطي مع المعارك الأخرى التي واجهها ويواجهها اليمنيون كالمعركة العسكرية والاقتصادية وغيرهما حيث لم تكن قلة الإمكانيات والبنية التحتية الهشة والحصار الاقتصادي الخانق عوائق أمام قيادة القطاع الصحي ولم تكن عوامل مثبطة لهم بل تحركوا لما امتلكوه من إمكانيات شحيحة قليلة معتمدين في ذلك على الله تعالى حيث لم يكن الجانب الروحاني الديني بعيدا عن الجانب العلمي الصحي العملي ، فانطلقت القيادة الصحية من نفس المنطلق الذي انطلقت منه القيادات العسكرية والسياسية والاقتصادية وهي التوجيه الإلهي الملزم للتحرك بالإمكانية المتاحة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) دون أن تنظر القيادة الصحية للإمكانيات التي يمتلكها الآخرون وضرورة مواكبة إمكانياتهم مستندين على عون الله المرتكزة على عدم تكليفنا ما هو فوق طاقتنا وإمكانياتنا (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ضمن الدعاء واللجوء إلى الله بـ(ربنا و لا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) بالإمكانيات التي نمتلكها لأن عون الله لا يأتي إلا في حالة القيام بكل ما يمكن للإنسان أن يقوم به وما فوق الإمكانية والقدرة يأتي عون الله تعالى ويتكفل الله بما هو فوق القدرة والاستطاعة ، ولكن كيف يأتي عون الله تعالى ؟
عون الله يأتي من خلال الالتزام بتوجيهاته وصراطه السليم السوي المستقيم الذي خطه حيث لا يمكن أن يتوفر في صراطه أي أمراض أو ضعف أو هوان أو هزالة ، ومن هذه القوى الربانية التي زودنا بها في معركتنا الصحية (وبقية المعارك) هي (الولاية ) ولزوم اتباع القيادة الذي جعله الله لنا في اليمن رحمة ورأفة والمتمثلة في السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حيث كان أول توجيهاته للقيادة الصحية بأن يقوموا بكل ما يمكن لهم القيام به من استعدادات صحية ومستلزمات صحية وأدوية وكوادر صحية وغيرها ثم بعد ذلك عليهم الخروج من الصندوق الذي صنعه الغرب وعلومهم وبقي متصندقاً فيه كل العالم يتحركون فيه بين جوانبه الستة كـ(الحجز في المنازل ، الخوف من الفيروس ، التشديدات في التحرك والعلاقات المجتمعية ، التعقيم المبالغ فيه وغيرها من أمور تواجدت داخل هذا الصندوق) أما الخروج من الصندوق فهو ألزمنا بنظرية السيد المتمحورة في العبارة التاريخية الأشهر في عالم الصحة (لا تهويل ولا تهوين) فالتهويل هو أشد عنفا وتأثيرا من الفيروس ذاته كون الخوف والقلق السلبي المرضي الناتج عن عنف الإعلام وتعاطيه السلبي مع المرض يصيب الناس في مقتل ويجعلهم عرضة لهذا المرض ويضعف مناعتهم لدرجة أن هذا الفيروس بضعفه يصبح أقوى من جسد الإنسان وما جعل الله فيه من مناعة وقوة للتصدي لأي وباء أو فيروس أو مرض ولكن هذه النفسية يجب ألا تخرج من نطاق (لا تهوين) ولا استهتار في التعامل مع هذا الفيروس ومع بقية الأمراض وذلك من خلال الالتزام بعوامل النظافة والتعقيم والصحة العامة المعروفة للجميع .
خرجنا من التقوقع في الصندوق العالمي ودساتيره إلى فضاء واسع ممتلئا بدستور الله وتوجيهاته فتعاطت القيادة الصحية مع خطر هذا الوباء عندما وصل لليمن بكل صمود وصبر وثقة فمن ثبتت حالته تم تطمينه وتخفيف قلقه بدون تهويل وبدون تهوين أيضاً فكسب المجتمع ثقة نفسية وطمأنينة قلبية أدت إلى ارتفاع روحهم المعنوية التي أدت إلى ارتفاع مناعتهم فتلاشى الفيروس من عقولهم وأفكارهم الإعلامية فأدى ذلك إلى تبخره من أجسادهم فيما اذا أصيب أحدهم به فتخلوا عن الكمامات وعن التعقيم المشدد مع التزامهم بالنظافة كممارسة يومية طبيعية اعتيادية حياتية ، كما أن القيادة الصحية لم تقع ضحية التوجيهات التي جاءت من منظمة الصحة العالمية بضرورة الإعلان المستمر عن الحالات وعددها وأماكن تواجدها كون هذه النظرية هي أخطر نظرية وقرار أدى إلى تفشي الوباء في نفسيات المجتمعات قبل أن يصل إلى أجسادهم بل تعاملت معه كما تتعامل مع بقية الأمراض الأخرى من خلال توفير الرعاية الصحية المتوفرة وإعطاء نصائح لأهل المصاب ، أيضا لم تتعاط القيادة الصحية مع من تثبت إصابته بالمرض بالتمييز الصحي والتعامل معه كأنه مجرم يتم اقتياده بقوة السلاح وبرجال مدججين بثياب خاصة مخيفة مرعبة تقتل المصاب وأهل بيته قبل أن يتمكن الفيروس ذاته من قتلهم ، بل تعاطت معه كما تتعاطى مع من يصاب بأي مرض آخر دون تهويل وأيضا دون تهوين قد يؤدي إلى انتشاره لمقدمي الخدمات الصحية وهنا تبقى مناعة المصاب قوية وتزداد قوة من خلال التعامل اللامهول من مقدمي الخدمة الصحية له فيتلاشى الفيروس منهم دون أدنى إصابات.
عندما يوجهنا الله بضرورة الالتزام بمبدأ الولاية وأن النصر مرتبط بهذا المبدأ بقوله (ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) فالانتصار لا يعني فقط في جبهات القتال العسكرية بل أيضا في جبهات القتال الصحية والاقتصادية والسياسية وغيرها لذا كان هناك التزام دقيق في اتباع توجيهات وتوصيات القيادة المتمثلة في توصيات السيد سلام الله عليه فتلاشى الخوف المجتمعي الذي كان قد وصل في فترة من الفترات إلى مستوى عال حتى وصلنا اليوم إلى أن يتحدث العالم بحيرة عن كيفية انتصر اليمنيون على هذا المرض في وقت انه يجتاح العالم اجتياحا.
عامل الاستعلاء والغرور طالما أعمى الكثير عن معرفة الحق وأدى بهم للهلاك لذا نرى الكثير ينظر إلى التجربة اليمنية في هذا الجانب باستصغار فكيف يمكن لشعب لا يمتلك بنية تحتية صحية ومحاصر ومدمر أن ينتصر على أشد أنواع الفيروسات فتكا (حسب توصيفهم) لذا لم يروا حقيقة امتلاكنا قيادة قرآنية عوضتنا عن كل ما لم نمتلكه كبنية تحتية واقتصادية وهؤلاء لا يريدون أن يؤمنوا بهذا العنصر الأهم في أي انتصار ونجاح ، فامتلاكهم لبنية تحتية صحية واقتصادية قوية لم تغن عنهم شيئا في فقدانهم لقيادة قرآنية سليمة لذا لجأوا للبحوثات الطبية كاللقاحات والنظريات والحجز المنزلي والكمامات وغيرها لم ولن تغني عنهم شيئا والأرقام التي يعلنونها يوميا تؤكد ذلك وانا من هنا ادعوهم للتعامل مع تجربة اليمن المرتكزة على صوابية قضيتهم وقرآنية قيادتهم وسلامة توجههم واستقامة طريقتهم تعاملا جديا إن كانوا بالفعل يبحثون عن سلامة شعوبهم أما دون ذلك فهم يتاجرون بهذا الوباء متاجرة سياسية واقتصادية (كحال ترامب) في أمريكا وستذكرون ما أقول لكم .
*الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان اليمنية