وكيل وزارة الزراعة سابقاً: قطاع الزراعة يلعب دوراً محورياً في تحريك عجلة الاقتصاد وبنسبة 19% من الناتج الإجمالي
أفق نيوز – حوار/ أسماء البزاز
الدكتور محمد عبدالله عبدالرحمن الحميري -وكيل وزارة الزراعة والري لقطاع الخدمات الزراعية سابقا- خبير وأكاديمي في الاقتصاد الزراعي والتخطيط الاستراتيجي، يتحدث لـ«الثورة» عن أهمية توجه الدولة لدعم القطاع الزراعي وحجم الخسائر التي طالت هذا القطاع نتيجة إهماله سابقا وما تعرض له من تدمير واستهداف من قبل تحالف العدوان.. ودور مخرجات التعليم الزراعي والمؤسسات التمويلية في تنمية الزراعة في البلاد وغيرها من القضايا الزراعية الهامة التي تطرق إليها الدكتور الحميري في سياق الحوار الآتي.. نتابع:
بداية ما أهمية مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي؟
في الحقيقة إن مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي تراوحت معدلاتها في السنوات العشر الأخيرة بين 13 – 19 %، بينما كانت تلك المساهمة قد تراجعت كثيرا خلال العقود الأربعة الماضية من نحو 40 % في منتصف السبعينات لتصل إلى أقل من 17 % في السنوات الأولى من هذا العقد، إذ لم يتجاوز متوسط نسبة مساهمة قطاع الزراعة بما في ذلك القات خلال الفترة 2011 – 2019م ما نسبته 17 % من إجمالي الناتج المحلي للبلد، غير أن ذلك التراجع للمساهمة النسبية للزراعة في الناتج المحلي الإجمالي لليمن كبلد نام أو لأي دولة نامية يعد من الناحية النظرية مؤشرا إيجابيا، له دلالة واضحة تؤكد على نجاح خطط وأهداف التنمية التي نفذت في اليمن منذ 75 /1976م في زيادة الأهمية النسبية لمساهمة قطاعات اقتصادية هامة أخرى كانت مساهماتها متدنية جدا في تركيبة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وبخاصة قطاعات كقطاع الصناعة الاستخراجية وقطاعات التجارة والسياحة والإنشاءات والخدمات وغيرها من القطاعات التي نمت بالفعل وزادت مساهماتها النسبية في تكوينات الناتج المحلي الإجمالي، على حساب الأهمية النسبية للقطاع الزراعي التي يفترض أن تتراجع، بالرغم مما تم تحقيقه من تحسن وزيادة في القيمة المطلقة للناتج المحلي الإجمالي للقطاع الزراعي سواء بالأسعار الثابتة أو الأسعار الجارية، إلا أن ذلك التراجع في المساهمة النسبية للقطاع الزراعي -كما سبقت الإشارة إليه – يعتبره خبراء التنمية والاقتصاد أهم مؤشر وشاهد على نجاح خطط التنمية التي تستهدف نمو مساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى التي كانت تساهم بقدر ضئيل نسبياً في الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بهدف نقل اقتصاد البلاد من اقتصاد بدائي يعتمد بدرجة رئيسية على الزراعة والصيد إلى اقتصاد نام ومتطور تتنوع مكوناته وتزداد قيمة نواتجه السنوية لتساهم جميعها بنسب أكبر في تركيبة الناتج المحلي الإجمالي.
في ظل الاستهداف المتكرر لهذا القطاع الهام من قبل العدوان.. كيف يمكن استعادة قدرته الاقتصادية؟
نؤكد وبكل إصرار أن قطاع الزراعة ما يزال يؤدي دورا محوريا وحيويا ليس فقط في دعم الأمن الغذائي في اليمن بل وفي تحريك عجلة الاقتصاد بشكل عام، كونه كقطاع يتعامل مع أكبر نطاق جغرافي وسكاني في الجمهورية، كما تزايدت أهميته في ظل العدوان بل لقد باتت الزراعة اليوم تشكل الميدان الرئيسي الذي يولد من الناحيتين الواقعية والنظرية الافتراضية أكبر قدر من فرص العمل الواسع، ويحتضن أكثر شرائح المجتمع وسكان البلاد سواء أولئك الذين يقطنون في الريف ويشكلون النسبة الغالبة، نحو أكثر من 70 % من إجمالي سكان الجمهورية، أو الذين يعيشون في المدن والمناطق الحضرية، وخاصة الذين يمارسون أنشطة التسويق والتجارة الزراعية.
ولأن قطاع الزراعة بهذه الأهمية فقد حظي باهتمام أكبر من قبل الدولة والقيادة السياسية، التي أعطته الأولوية في الاهتمام والدعم والتخطيط، خاصة وأن القطاع الزراعي وفقا لما تقدم بات يشكل في ظل العدوان رافعة رئيسية للاقتصاد، وللصمود في وجه الحصار الجائر سواءً هذا الحصار الراهن الذي فرضته قوى العدوان على بلادنا، أو الحصار الأشد الذي قد نواجهه في المستقبل من أجل تحقيق مزيد من الضغط ومحاولة فرض الهيمنة على شعبنا اليمني الحر الأبي، ولا سبيل حينها للصمود إلا إذا سعينا من الآن للتعامل مع القطاع الزراعي كأهم مكون في اقتصاد اليمن وفي مجال تعزيز صمود الشعب ومقاومته لمخططات العدوان البشعة التي تصبح كل يوم أكثر بشاعة وإجراما من ذي قبل.. ومن هذا المنطلق يمكننا أن نفهم لماذا يجب أن ينظر الكل قيادة وشعبا للقطاع الزراعي بتلك الدرجة من الأهمية التي قد توازي أو تزيد قليلا على أهمية العمل العسكري الجهادي في جبهات المواجهة المباشرة مع الآلة العسكرية للعدوان ومرتزقته، ولا شك أن تطورات العدوان على بلادنا وعلى هذا القطاع تحديداً، قد أظهرت مدى أهمية الدور الحيوي لهذا القطاع، وماذا يريد تحالف العدوان من هذا الاستهداف الممنهج له.!
توجه الدولة الجاد اليوم لدعم القطاع الزراعي ومؤسساته ومخرجاته التعليمية.. كيف تقيمون ذلك؟
هذا التوجه يفرضه الواقع وتفرضه الأهمية البالغة لهذا القطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني لليمن والتحديات المتزايدة للأمن الغذائي، وتزداد أهمية هذا التوجه في ظل ما تسبب به تحالف العدوان الإجرامي من إلحاق أضرار كبيرة بالقطاع الزراعي وبالثروة النباتية والحيوانية والبحرية للبلاد، ولذلك فإن من الأهمية بمكان أن يتم التعامل مع هذا القطاع الهام وفق استراتيجية إدارية واستثمارية جديدة وخاصة لهذا القطاع، تتناسب مع أهميته الاقتصادية والمستقبلية من جهة، وأهميته الأمنية الراهنة والاستراتيجية في مواجهة مؤامرات وأضرار العدوان من جهة أخرى. وإسهاما من جانبي الشخصي في ترتيبات إعداد هذه الاستراتيجية لتكون استراتيجية نوعية وفعالة وعملية، فقد حاولت وضع رؤية عملية وعلمية تركز على تحليل تطورات الأوضاع الإدارية وأهم أنشطة هذا القطاع بمنهجية نقدية تهدف إلى الخروج بهيكلية إدارية تمكن الدولة والمجتمع بشكل عام ومجتمع المزارعين وسكان الريف بشكل خاص من رفع درجة كفاءة استثمار الموارد والإمكانيات الهائلة المستخدمة منها وهي الأقل، والمهدرة وهي الأكثر التي يزخر بها هذا القطاع الحيوي الهام، وتجنب كثير من السلبيات التي نشأت وبعض سياسات وخطط إدارة القطاع الزراعي الخاطئة خلال المرحلة الماضية بأقصى ما يمكن أن نتجنبه من تلك السلبيات، كونها قد ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في إهدار الكثير من الطاقات والقدرات والموارد الطبيعية والمادية والبشرية، الأمر الذي تسبب في إضعاف قيمة وإنتاجية مختلف مواردنا المتاحة والهائلة في القطاع الزراعي من جهة، ومن جهة أخرى ساهمت تلك السياسات الخاطئة في جعل كفة الواردات الزراعية -وجعل قاعدة الخدمات التجارية والزراعية وخاصة الحكومية التي تقدم لتسهيل تدفق الواردات من المنتجات الزراعية ومستلزمات الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني- جعلتها تتحسن وتنمو على حساب الخدمات الزراعية التي يفترض توجيهها للجوانب الإنتاجية والتسويقية والتصنيعية والتصديرية للمنتجات الزراعية المحلية، ولتطوير وتنمية قاعدة خدمات الإنتاج والاستثمار في القطاع الزراعي وخاصة في الريف، لتحقيق المزيد من التنمية الرأسية والأفقية في المساحات وفي مختلف القدرات الإنتاجية والتسويقية.
وماذا يتطلب الأمر لتحقيق ذلك؟
إعادة النظر في بنية ومكونات الخدمات الحكومية المكرسة لخدمة وتطوير القطاع الزراعي وتحقيق غايات النمو الريفي في البلاد، خاصة تلك التي تؤديها وتتولى إدارتها وزارة الزراعة والري كممثلة للحكومة في هذا الجانب من خلال القطاعات الرئيسية الثلاثة للوزارة (تنمية الإنتاج – الخدمات الزراعية – الري) وهي القطاعات التي لا خلاف على أهمية بقائها بنفس التسمية كونها قد جاءت مترجمة لخلاصة جهود علمية سابقة في هذا الاتجاه، ومن خلال مكونات وفروع الاتحاد التعاوني الزراعي، وأيضا من خلال العديد من الهيئات والمؤسسات التابعة للوزارة والتي تتمثل حاليا في كل من: هيئة البحوث الزراعية، والهيئة العامة لتطوير تهامة، والمؤسسة العامة لإكثار البذور، والمؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب، والمؤسسة العامة للخدمات الزراعية، والشركة العامة لإنتاج البطاطس، وصندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي، وبنك التسليف التعاوني والزراعي، ومكاتب الزراعة والري في مختلف المحافظات، وفي بقية المكونات أو المشاريع الزراعية التي تتبع الوزارة والدولة عموما.
في إطار ما ذكرته.. هل توجد رؤية وطنية مشتركة لتنمية القدرات الإنتاجية؟
هناك العديد من الرؤى والاستراتيجيات المرسومة سابقا لتنمية الإنتاج الزراعي، لكن لا بد أن أنوه هنا لأهمية وضرورة تكوين رؤية يمنية استراتيجية مشتركة ومحددة، لتنمية القدرات الإنتاجية تستند إلى نهج اقتصادي إنتاجي تسويقي فعال مثل سلاسل القيمة التي تتعدد على أساسها منافع السلعة وقيمتها الاقتصادية وأرباحها السوقية، وتعمل على تحقيق مواءمة مستقبلية بين مختلف الاستراتيجيات والسياسات في مختلف مكونات الاقتصاد الإنتاجية الرئيسية في القطاعات (الزراعية – السمكية – الصناعية – التجارية –السياحية والخدمية) على الصعيد الوطني، بهدف تسهيل مسألة تطبيق الآلية التنفيذية لكل من تلك الاستراتيجيات، وضمان عدم تعارض أداء تلك القطاعات الخمسة الرئيسية والمسائل المتعلقة بالقدرة التنافسية، وذلك بواسطة إجراء عمليات تقييم ومتابعة حكومية بصورة منتظمة، وإبراز الأولويات القطاعية كجزء من مراحل معينة من سلسلة القيمة للمنتجات والمحاصيل التي تتمتع فيها اليمن بميزة نسبية، كل ذلك ينبغي استيعابه في إطار مبادرات تحقيق الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.. ولترجمة ذلك لا بد من إنشاء وتكوين مشروعات وبرامج وبُنى مؤسسية وطنية حكومية وتعاونية وخاصة، تضمن استمرارية دعم وتعزيز القدرات الإنتاجية والتسويقية الزراعية، وتحقق الكفاءة والتوظيف الأمثل لموارد الدعم المتاحة سواء في صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي، أو لدى الصناديق والمشاريع والمؤسسات التمويلية التنموية الأخرى، بحيث يؤطر الدعم الحكومي للقطاع الزراعي ولغيره من القطاعات الإنتاجية من خلال مجموعة البرامج الوطنية والتمويلية، ليتكون للبلد في نهاية المطاف بيئة خدمية زراعية مناسبة أو ما يسمى بـ “حاضنات الأعمال في القطاع الزراعي” والتي يمكن الوصول إليها بخطة متكاملة في إطار مجموعة من الاقتراحات العملية التي يمكن أن تستكمل فيما بعد، والتي ستكون مقدمة من مؤسسات وطنية وإقليمية وممثلين للقطاع الخاص ضمن إطار وطني شامل يمكن أن نطلق عليه اسم “المائدة المستديرة” لمشاريع التنمية في مجال الأعمال بشكل عام والأعمال الزراعية بشكل خاص.
وما التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في البلاد؟
الزراعة في اليمن لم تستطع أن تتخلص -في كافة المراحل التنموية التي مرت بها- من أبرز عوامل الضعف التي كانت تتسم بها عند خط البداية، فما بالنا ونحن نشهد اليوم تحديات إضافية حاضرة ومستقبلية كبرى، ومن أبرزها محدودية المياه والأراضي الصالحة والمستصلحة للزراعة، ومنافسة أسعار وجودة المنتجات الخارجية من جهة، ومن جهة أخرى ضعف القدرات الإنتاجية والاستثمارية الأساسية المحلية كالعمالة الماهرة ومحدودية الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي، والتي يجب أن تتضاعف كماً ونوعاً لخدمة هذا القطاع الهام.
وإزاء هذا الوضع كان لا بد من الوقوف بمسؤولية وحزم يستند على مراجعة تقييمية شاملة لا تقف عند حدود الأضرار التي أحدثها العدوان خلال ما يقارب الستة أعوام، بل يجب أن تمتد هذه المراجعة لتستوعب مجمل الأوضاع والتحديات الراهنة والسابقة للقطاع الزراعي وتستخلص كافة الدروس والعبر التي يجب استخلاصها من مختلف المراحل التي مرت بها تجربتنا التنموية ومسيرة العمل والإنتاج بغية تصحيح المسار وإنعاش الاستثمار في هذا القطاع الهام للوصول به إلى مرحلة التشغيل الكامل لكل الطاقات والموارد التي يتمتع بها، وتجنيبه من الوقوع في أكبر الأخطاء المتعمدة وغير المتعمدة التي جعلت أداءه حتى الآن يبدو متخلفا ومخيبا للآمال والتوقعات كقطاع واعد كان ينتظر منه إنعاش الاقتصاد اليمني بشكل عام وجذب الاستثمارات المحلية والخارجية وامتصاص أكبر قدر من البطالة في القوى العاملة التي عانت منها اليمن جراء الظروف والتحديات الصعبة التي تزايدت حدتها في العقدين الماضيين، وتجلت بشكل كبير خلال سنوات العدوان الست تحديدا.
برأيكم.. ما هي أهم المعالجات التي تقودنا إلى رفع القدرات الإنتاجية الزراعية الحالية التي تحقق الكفاءة الإنتاجية العالية والتي بدورها تسهم في تعزيز حالة الأمن الغذائي وإنعاش ونهضة الاقتصاد اليمني؟
بداية لابد من القول إنه لا حل إلا في حشد كل الطاقات المتاحة لرفع القدرات الإنتاجية والتسويقية للقطاع الزراعي، والانطلاق إلى ذلك من خلال الإقرار بأنه لا تزال هناك فجوة كبيرة بين احتياجات المنتجين الزراعيين وبين القدرة على الاستجابة لها من قبل المؤسسات الزراعية القائمة ممثلة بوزارة الزراعة والري وكافة الهيئات والمؤسسات والمكاتب الزراعية التابعة لها في مختلف المحافظات اليمنية، وضعف كفاءات وقدرات أغلب الهياكل والبنى المؤسسية الراهنة المعنية بحسن إدارة واستغلال الموارد الزراعية الطبيعية والمادية والبشرية بالمستوى والشكل الذي يمكن الاعتماد عليها في تنمية وتطوير العديد من المحاصيل الزراعية الرئيسية للأمن الغذائي، بما في ذلك محاصيل الحبوب والبقوليات والمحاصيل الزيتية وكذا بعض محاصيل الفاكهة والمحاصيل النقدية ذات الجودة العالية والشهرة العالمية والتاريخية، كالبن والعسل والزبيب والعنب اليمني بمختلف أصنافه ومميزاته، بالإضافة لمحاصيل الخضر والفاكهة الهامة ذات المساحة الكبيرة حاليا أو التي يمكن التوسع في زراعتها لأهميتها كالبطاطس والطماطم والبصل والنخيل والرمان والمانجو والباباي واللوز والتفاح وغيرها من المحاصيل التي تجود زراعتها في اليمن بشكل عام.
وهنا.. فإن الحل يتطلب حسن توظيف مجموعة المكاسب المتحققة في القطاع الزراعي اليمني حتى الآن، والعمل على استثمارها بأقصى كفاءة ممكنة والبناء عليها في إطار خطة ومنهجية جديدة لها هدف واضح واحد ومحدد هو رفع القدرات الإنتاجية للموارد والإمكانيات الزراعية في اليمن لتحقيق مهمة الدولة وهدف المجتمع وتطلعهم إلى تنمية الإنتاج الزراعي، من خلال إقامة مجمعات ومراكز الخدمات الزراعية الخاصة في الريف اليمني لخلق ثورة إنتاجية زراعية وتسويقية تؤدي إلى رفع القدرات الإنتاجية، حيث يمكن القيام بذلك من خلال الاستفادة من أهم عناصر القوة أو المكاسب المتحققة حتى الآن، والتي من بينها:
– وجود العديد من الخبرات والكفاءات الزراعية اليمنية المؤهلة والمدربة التي يتطلبها العمل في المراحل الأولى لتنفيذ خطة رفع القدرات الزراعية الإنتاجية والتسويقية في البلد.
– وجود مجموعة لا بأس بها من المؤسسات العلمية من الكليات والمعاهد الزراعية تتضمن العديد من الأقسام والتخصصات العلمية التي تحتاج إليها مسألة تنفيذ هذه الرؤية في مختلف المراحل المستهدفة، ويتطلب الأمر فقط إعادة النظر في آليات العمل والتنسيق الفعال مع المؤسسات الإدارية للعمل الزراعي الرسمية منها وغير الرسمية.
– وجود الهيئة العامة للبحوث الزراعية التي تمتلك الكثير من الخبراء والباحثين والمحطات الإقليمية المناخية والمراكز البحثية المتخصصة والمختبرات وغيرها من مقومات تطوير العمل البحثي في القطاع الزراعي.
– توفر العديد من الأجهزة والمختبرات التخصصية والخبرات البشرية التي توفر بنية خدمات زراعية مهمة في المجالين النباتي والحيواني، تقوم بمهام وأنشطة إدارية وفنية وميدانية هامة وحيوية في خدمة التجارة الزراعية والغذائية وخدمة الزراعة والمزارعين عموما في اليمن، غير أنها تظل محدودة الفعالية والكفاءة، كونها في الغالب خدمات مركزية ومحدودة القدرة والعدد على تغطية كل ما يجب عليها تغطيته من الخدمات التي يحتاجها المزارعون في مختلف المديريات في الجمهورية، ومع ذلك فإن هذه النقطة تعد من أهم عوامل القوة التي سوف تمثل ركيزة أساسية في تحقيق غايات هذه الرؤية وتأكيد فاعليتها في رفع وتعزيز القدرات الزراعية الإنتاجية والتسويقية.
في جانب ليس ببعيد.. ما مدى نجاح مخرجات التعليم الزراعي.. ودور المؤسسات التمويلية لدعم مشاريع الخريجين؟
علينا أن نتجه لفتح مراكز ومجمعات زراعية خاصة في مختلف المديريات والمناطق الزراعية تكون مهامها خدمية وإرشادية وتنموية… تعمل على إنعاش الخدمات الزراعية وتنمية إنتاج المحاصيل النباتية والحيوانية وتطوير البيئة الزراعية الاستثمارية بمقترحات ميدانية للمجالات التي تحتاج إلى استثمار وتنمية وتطوير في كل منطقة وتعمل على متابعة المستثمرين من نفس المنطقة/المديرية أو من خارجها لتبني تلك الاستثمارات… ولا يمكن لهذه المراكز أن تؤدي دورها بشكل كامل إلا إذا دُعِمَت بالخريجين وتم تشجيعهم للانخراط فيها والمساهمة في تملكها لأنها أساسا ستعد لتكون شركات قطاع خاص، وهنا سيأتي دور مؤسسات الدعم الفني والمالي لمساعدة الخريجين للحصول على التسهيلات الفنية والتدريبية والتمويلية لتمكينهم من سداد قيمة مساهماتهم المقررة، في سبيل تملك وإدارة أنشطة تلك المراكز/المجمعات، وهذا بدوره سوف يخلق بيئة مهيأة لربط مخرجات التعليم الزراعي بالسوق الريفي، هذه المراكز والمجمعات سوف تخلق طلبا على الخريجين من جهة وعلى التخصصات المناسبة وعلى نوعية ومستوى الخبرات المطلوبة لتعزيز وتقوية أنشطة تلك المجمعات/المراكز التي ستمارس أدوارا تجارية في بيع مستلزمات الإنتاج وأدواراً في تسويق المنتجات وتحسين الممارسات اللازمة لتقليل الفاقد بعد الحصاد من قطف وفرز وتدريج وتعبئة وتخزين ونقل ومعلومات تسويقية وستلعب أدوارا إرشادية وتخطيطية للإنتاج في المنطقة وستؤدي أدوارا مهمة في تطوير ودقة الإحصاءات الزراعية وفي تنشيط الزراعة بشكل عام وعلمي واستثماري، وكل هذا يقوم على ما ستقدمه مؤسسات التعليم من مخرجات وعلى ما ستقدمه مؤسسات التمويل من تسهيلات ائتمانية ومالية.
هذه هي خلاصة أفكاري التي ضمنتها في مبادرتي أو مشروعي الذي أرجو أن يجد سبيله للتنفيذ في بلادنا لتحقيق نهضة زراعية وتنموية ريفية سريعة ومتكاملة.. وأسأل الله أن يجد طريقه للتنفيذ سواء بي أو بغيري المهم أن يتم تبنيه لأنه من وجهة نظري قد أصبحت كل العوامل جاهزة ومهيأة لتنفيذه، خاصة بعد دخول اليمن في المدار الاستوائي الذي سيزداد فيه هطول الأمطار بكميات قد تؤدي لكوارث إن لم نستعد لتخزينها وتجنب مخاطرها وتحويلها إلى فرصة للخروج من مشكلة محدودية المياه التي نحتاجها لاستصلاح الأرض والزراعة وجعل الظروف في اليمن أكثر من مهيأة لتنفيذ هكذا مشروع طموح.. كما أن تنفيذ مثل هذا المشروع لن يكلف الخزينة العامة للدولة إلا أقل القليل وسيعتمد على الاستثمارات الخاصة والتعاونية والتمويلات المخصصة لتنمية الزراعة، وذلك وفق ما أوضحته في مبادرتي الخاصة بتنمية وبناء القدرات الإنتاجية والتسويقية الزراعية.