نصائح للمدخنين في شهر رمضان
رمضان فرصة للتغيير
يأتي شهر رمضان المبارك حاملاً معه رحمات الله على عباده؛ فهو شهر يزخر بالهبات الرّبانية العظيمة، ويعدّ مدرسة أخلاقيّة وسلوكيّة لكلّ من أراد أنْ يخرج منها محقّقاً المقصود، وهو التّقوى، ولمّا كانت التّقوى تنافي كلّ عمل يغضب وجه الله -عز وجل- كان حريّاً بالمسلم أنْ يستغلّ أيام رمضان المعدودات في الاجتهاد على ترك كلّ ما من شأنه أنْ يبعده عن مرضاة الله عز وجلّ، ويُجمع أهل العلم والتربية والطبّ على أنّ الصيام فرصة مناسبة لتعويد النّفس على التّخلي عن الكثير من الممارسات على صعيد الأخلاق والسلوكيّات العمليّة في حياة المسلم، ومنها ما اعتاد الإنسان فعله في نظام المأكل والمشرب، وبالرّغم من أنّ المولى -سبحانه- أباح لعباده التّمتّع بالطيبات من الرّزق إلا أنّه حرّم عليهم الإسراف فيها، ومن هنا تظهر أهمية الحديث عن ممارسة التّدخين في رمضان، وكيف يشكّل هذا الشهر الفضيل فرصة استثنائية للإقلاع عن هذه العادة التي توصل فاعلها إلى حدّ الإدمان إن لم يبادر إلى تركها.
نصائح للمدّخنين في شهر رمضان
على المدخّن في البداية الإقرار أنّ التدخين شَكلٌ من أشكالِ الإدمانِ؛ حيثُ يَعتادُ جسمُ المدّخن مع مرور الوقت على مادة النيكوتين، وعند ترك الدّخان يبدأ الجسم مباشرة بعملية تنظيف ذاتيّة، يعمل الجسم فيها على التّخلص من مادَّة النيكوتين، وأول أكسيد الكربون، والمواد المسرطنة الأخرى، وهذه مرحلة حرجة يعاني فيها المُقلِع عن التدخين من سوء المزاج، ورغبة في العودة إلى التّدخين، لأنّ النيوكتين يتلاشى من جسمه بشكل تدريجيّ.
يأتي شهر رمضان ليشكّل فرصة ذهبية لترك التّدخين، وحريّ بمن ابتُلي به أنْ لا يفوّت هذه الفرصة على نفسه، إذ إنّ الصائم قد أعانه الله -تعالى- على الامتناع عنه طوال النّهار، وفي ساعات الليل بإمكانه أنْ: يُسلّي نفسه بالمباحات من الأكل، والشرب، والطيّبات من الرّزق. قضاء الوقت مع رفقاء صالحين يعينونه على تركه، والابتعاد عن المدخنين ومجالسهم. اعتماد برنامج للترويح عن النّفس بين المساجد لقضاء ما استطاع من وقته بعد الإفطار. توفّر الإرادة الصلبة والعزيمة الصادقة أمام هذا التّحدي من الأمور التي تعين المدّخن على الإقلاع عن هذا السلوك السلبي، ويمكن للمدخّن استشارة طبيب مختصّ باستخدام مواد بديلة غير مضرّة لمادة النيكوتين، أو من خلال ممارسة أنواع من الرياضة بشكل يوميّ، حيث يساعد ذلك على سرعة تخلص الرئتين والدم من سموم التّبغ، ويزيد من إفراز هرمون الدوبامين المسؤول عن الشعور بالسعادة، بالإضافة إلى الإكثار من شرب الماء والعصير الطبيعيّ، ومضغ علكة النعنع؛ فهذا كلّه وغيره من الأساليب تعين المدخّن إنْ توفّر لديه العزم على ترك التّدخين.
أحكام التدخين عموماً
ينبغي على المدخّن أنْ يعلم حكمه في الإسلام، كما عليه أنْ يعرف حكم شربه في نهار رمضان، أملاً في أنْ توفّر هذه الأحكام أثراً إيجابياً في تعامله مع هذه الآفة الخطيرة.
حكم تعاطي التّدخين
لا يخفى على كلّ عقل أنّ مقاصد الإسلام في صيانة النفس والمال تحرّم التّدخين، وذلك لاعتبارات كثيرة، وهي:التدخين من الخبائث التي تجلب الضرر لفاعلها، يقول الله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ). التدخين صورة من صور إلقاء النفس إلى التهلكة، وقد حرّم الإسلام إيذاء النفس بشتّى الصّور، قال المولى عز وجل: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا). الدّخان منتج يصنّع من مواد عالية السّمية، ومن أهمها مادة النيكوتين، إذ لها قدرة عالية بالفتك بقوى الإنسان وكفاءة أعضائه الحيوية، وقد رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (لا ضرَرَ ولا إضرارَ في الإسلامِ). التدخين إنفاق للمال على وجه مؤذٍ وضار، والله تعالى يقول: (إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا). المدخّنون يسهمون في تلويث البيئة المحيطة بهم، ويؤذون غيرهم برائحته النّتنة.
حكم التّدخين في نهار رمضان
يجب أن يعلم المسلم أنّ من مبطلات الصوم إدخال جسم مشروب أو مأكول أو غير مأكول إلى الجوف، قاصداً ومتذكّراً أنه صائم، سواء كان هذا الجسم يُتغذّى به ويميل إليه طبع الناس عادة كالطعام، أو لا يُتغذّى به ولا يميل إليه الطبع كالحصاة، ومن هنا فإنّ شرب السجائر يعدّ من مبطلات الصيام، لأنّه جرم مرئيّ ومحسوس، كما أنّ علم الطبّ يؤكّد أنّ كلّ سيجارة تحتوي على نسب من النيكوتين، والقطران، وأول أكسيد الكربون فضلاً عن المواد الأخرى.
أثر الأحكام على المدخّن
إذا علم المسلم المبتلى بالتّدخين أنّ الصيام يهدف إلى تحصيل التَّقوى في حياة المسلم؛ مصداقاً لقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فعليه أن يجتهد في تحصيلها، والتي تعني إقامة النّفس على أوامر الله سبحانه، واجتناب المعاصي والآثام، ولمّا كان شرب الدّخان من المعاصي العملية التي حرّمها الإسلام، أصبح لزاماً على المسلم المدخّن أنْ ينتهز شهر رمضان المبارك لقهر النّفس على ترك هذه العادة السيئة، والتوبة إلى الله، إذ إنّ الصِّدْق في الرغبة بترْكه يشكّل له عوناً على مُجاهدة رغباته المحرّمة، ومنِ استعان بالله سبحانه أعانه الله، وشهر الصيام خير زمان لِمن أراد وجود سبب قهريّ يُعينُه في طريقه على ترك المعاصي والذنوب، ومنها شرب الدخان.