الموت يبدأ من مطارات ومنافذ المرتزقة.. العبور غير الآمن للمسافرين!
أفق نيوز – تقارير
توقف قطار الحياة، بمجـرد أن وطئت قدماه مدينة عدن المحتلة، وهو الذي كان يحلم بالعودة إلى قريته لعناق الأهل والأحبة، بعد غربة استمرت لأكثر من سبع سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولأن الحدث جلل، فـإن قصة استشهاده باتت على كـل لسان، سواء داخل اليمن أو خارجه، فعبد الملك السنباني (20) عاما العائد من غربته في أمريكا، قد قتل ظلما وعدوانا، بعد أن نهبت أمواله وعذب واخترقت ظهره عدة طلقات نارية، لتسجل في محافظة لحج “المحتلة” جريمة “حرابة”، أبطالها اللواء التاسع صاعقة الموالي للاحتلال الإماراتي.
ويكتب عبد الملك أحمد السنباني، عم الشاب المغدور به توضيحا لما حدث، قائلا: “تعرض ابن أخي الشاب الذي كان مغتربا في أمريكا لمدة عشر سنوات، وعند عودته تعرض للتقطع في طور الباحة، حيث قاموا باختطافه وتعذيبه، ثم قاموا أيـضا بسلب أمواله، وكان يحمل آلاف الدولارات، وقتله بدم بارد عمدا وعدوانا، وبمبررات أنه “قيادي حوثي”، بغرض تغطية جريمتهم النكراء، التي لا سابق لها، وتشكل جريمة “حرابة” يجب أن يخضع قائد اللواء وجميع من ساهم وشارك وحرض في هذه الواقعة وفي ما تعرض له ابن أخي، يستحق القائد والمشاركين معه الإعدام حدا وقصاصا وتعزيرا”.
ويكشف رئيس تحرير صحيفة “عدن الغد” المرتزق فتحي بن لزرق أن تهمة “الحوثية” أصبحت لصيقة بكل شخص يتعرض للاختطافات والاغتيالات في مدينة عدن المحتلة، ولهذا يقول في منشور له: “علمتني 6 سنوات من التعامل مع مثل هذه الوقائع التي يكون فيها الضحية تهمته بأنه قياديا حوثيا أو متآمرا أو جاسوسا، إنه لا شيء من ذلك، وليس إلا ضحية امتلك شيئا من المال، لكي يتم نهبه وتدميره، فـإن التهمة جاهزة.
وعلى الرغم من محاولات عصابة التقطع للواء التاسع الموالي للاحتلال الإماراتي تبرير جريمتهم، إلا أن وقعها كان “صاعقا” على الرأي العام اليمني، سواء في المحافظات المحتلة أو الحرة، فالكثير من الناشطين والإعلاميين في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرهم، عبروا بأسى عن الحال الذي وصلت إليه المحافظات المحتلة، وتمادي العصابات الإجرامية، في ارتكاب كـل ما هو محرم ضد المواطنين الأبرياء العزل.
الشيخ عبد المنان السنبلي كتب عن هذه الواقعة قائلاً: “حشروه في إحدى زوايا الطقم وحيدا أعزل، وأوسعوه سبا وتعذيبا، ثم قتلوه، ثم قالوا: أنت حوثي”.
ويواصل السنبلي: “هكذا وبدم بارد، فعل أرخص مخلوقات الله، بالشهيد الأعزل عبد الملك أنور السنباني، في طور الباحة بلحج مؤخرا في جريمة بشعة اهتزت لهولها وفظاعتها الأرجاء”، مشيرا إلى أن المغدور به لم يكن يحمل معه مدفعا رشاشا، أو مخططا تخريبيا، أو نزعة انتقامية أو تآمرية على أحد حتى يقتلوه، بل كان حلمه الوحيد فقط هو أن يحط برحاله على أرض الوطن، فرحلة الوصول بعد ذلك إلى داره وأهله ستكون محفوفة بالبشر والترحاب على طول الطريق من مطار عدن إلى حيث سكناه في صنعاء، أو هكذا للأسف الشديد كان يحلم، لكنه لم يكن يعلم أنها ستكون أوعر الرحلات، وأطولها وآخرها على الإطلاق.
ويعتبر محافظ عدن طارق مصطفى سلام، ما تقوم به قوى الاحتلال وأدواتها في المحافظات الجنوبية المحتلة سلوكا عدوانيا همجيا لا يمت للأخلاق والمبادئ الإنسانية بصلة، مشيرا إلى أن ذلك يعزز من حالة التشظي والانقسام التي أسس نواتها العدو، ويسعى إلى نشرها في كـل أراضي الوطن.
ويؤكـد المحافظ سلام، أن ما تعرض له المواطن السنباني العائد من أمريكا إلى اليمن عبر مطار عدن من اختطاف وتعذيب، وقتل في نقطة طور الباحة بلحج، جريمة نكراء لا يجب السكوت عليها، ويجب محاسبة قوى العدوان وأدواتها على ما اقترفوه بحق الإنسان اليمني؛ باعتبارها ليست الأولى ولن ينتهي إجرامهم بهذه الجريمة النكراء، مشددا على ضرورة الوقوف بحزم أمام هذا الجرائم، والتصدي لهذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع اليمني، ومعاقبة مرتكبيها.
نماذج مشابهة للتوحش
وتأتي جريمة اغتيال الشهيد عبد الملك السنباني، لتعيد إلى الأذهان وقائع مشابهة، لجرائم متوحشة لمرتزقة العدوان الأمريكي السعودي، وهم يمارسون جريمة “الحرابة” على المسافرين في الطرقات، سواء في المحافظات الجنوبية المحتلة، أو في محافظة مأرب المحتلة، حيث لا يزال الطالب في كلية الإعلام بجامعة صنعاء محمد عبد الله مفتاح، في غياهب سجون المرتزقة بمأرب.
واعتقل مفتاح وهو من أبناء محافظة حجـة مديرية بني العوام في 19 إبريل من العام الجاري، حيث توجـه إلى مدينة مأرب لقطع جواز سفر، غير أنه تعرض للاختطاف غير المبرر وإلى اليوم ما زال الطالب محمد مغيبا في سجون مليشيا الإصلاح بمأرب.
وقبل أربعة أعوام، اعتقلت عناصر تابعة لمليشيا حزب الإصلاح الدكتور والباحث الأكاديمي المتخصص في المجال الاقتصادي بجامعة صنعاء مصطفى حسين المتوكل، أثناء عودته من دولة المغرب والتي سافر إليها للمشاركة في مؤتمر دولي علني حول الاقتصاد العالمي.
كان ذنب المتوكل الوحيد هو لقبه، وقد برر الإصلاح حينها هذه الجريمة، بزعم أن الدكتور مصطفى “قيادي حوثي”؛ ولأنه “متوكل” لم ينل حتى حقه من التضامن، أو الإدانة لجريمة اختطافه.. اختطف المتوكل أثناء سفره على باص نقل جماعي في نقطة الفلج في مأرب، وفي ذات النقطة اختطف الدكتور أمير الدين جحاف، أثناء عودته إلى مصر لإكمال دراسته العليا بعد إجازة قضاها في اليمن.
لا أحد يعرف مصير المتوكل حتى الآن، وقد واجهت عائلته عناء كبيرا في البحث عنه، إلى أن فقدت الأمل، وأطلق سراح جحاف بعد سنوات من التعذيب الوحشي.
نموذج آخر لما تمارسه هذه العصابات هو اختطاف الشيخ عبدالقادر الشيباني، في عدن أواخر 2020م أثناء محاولته السفر عبر مطار عدن لإجراء عملية جراحية في الخارج.
وإلى جانب هذه القصص، هناك مئات القصص وربما آلاف، وصل منها القليل إلى الإعلام، والكثير منها ظل معتقلا مع أصحابها خلف قضبان العصابات.
تغيير الطريق
ونتيجة لاستمرار هذه الجرائم المتوحشة بحق المسافرين اليمنيين، وضمان عدم تكرارها، يدعو الحزب القومي الاجتماعي قوى العدوان الأمريكي السعودي باتخاذ قرار عاجل بفتح مطار صنعاء الدولي، وذلك لمنح العائدين إلى اليمن من الخارج، المعبر والطريق الآمن للوصول إلى مناطقهم سالمين، بدلا عن عدن وطرقها المحفوفة بقطاع الطرق، مؤكـدا أن دم المغترب السنباني، ودم كـل يمني ويمنية، سفك على يد دول العدوان سيظل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي والأمم المتحدة ودينا مستحقا لليمنيين لدى دول العدوان.
وتعزو وزارة شؤون المغتربين اليمنيين أسباب حادثة الاعتداء، وقتل المغترب عبدالملك السنباني في محافظة لحج، إلى إغلاق مطار صنعاء الدولي من قبل تحالف العدوان بقيادة أمريكا والسعودية، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإنسانية إلى الضغط باتجاه فتح مطار صنعاء والمنافذ والموانئ اليمنية.
من جهتها، تعتبر الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام في بيان لها، أمس، ما تعرض له السنباني أثناء عودته إلى وطنه، جرائم وانتهاكات وحشية لا يرتكبها إلا من فقدوا بشريتهم وكل معاني الرحمة والإنسانية، مؤكـدة أنها تأتي ضمن جرائم الاختطاف والتعذيب والنهب والقتل، وتؤكـد حقيقة ما حذر المؤتمر من مخاطره وهو ترسيخ البغض، لثقافة الكراهية وإثارة النعرات المناطقية والعنصرية والانفصالية بين أبناء البلد والشعب الواحد، وقضايا يغذيها العدوان وتحالفه لأهداف وأجندات ترمي لتمزيق وحدة الشعب اليمني ونسيجه الاجتماعي.
ودعت أمانة المؤتمر الشعبي العام المنظمات المحلية والدولية إلى إدانة هذه الجريمة والضغط؛ من أجل إنهاء الحصار لكافة المطارات والموانئ اليمنية وفي المقدمة مطار صنعاء الدولي، وبما يكفل لكل يمني العودة والتنقل والمرور بعيدا عن سلبه هذا الحق أو تعريضه لمثل هذه الجرائم النكراء التي ترتكبها المليشيات المدعومة خارجيا.
المسيرة