أفق نيوز
الخبر بلا حدود

لمن كل هذه القناديل؟!

211

أفق نيوز – بقلم – أحمد يحيى الديلمي
استقيت العنوان من كلمات الشاعر الكبير أحمد الجابري، التي صدحت بها حنجرة الفنان الكبير أيوب طارش، بعنوان (لمن كل هذه القناديل) فأجاب لأجل اليمن، ويسمح لي هنا أن أوظفها لمن هو أجل وأعظم وأعز قدراً من اليمن وكل بقاع الأرض، إنه النبي الخاتم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف صلى الله عليه وآله وسلم، الذي أخرج الناس من دياجير الظلام إلى حدائق النور والبهجة والسرور، ومن ظلمة الجاهلية إلى طريق الحق السوي المتصل بالخالق سبحانه وتعالى، ما دفعني إلى توظيف هذا العنوان ذلك التساؤل الغريب الذي استمعته من أحد المثقفين وهو يقول لما كل هذه البهرجة والأضواء وهذه القصاصات المعلقة؟! لم أجب عليه ساعتها، لكني أخذته في مساء نفس اليوم إلى عصر ورأينا كيف أن سماء صنعاء مزينة باللون الأخضر، وهو يُغطي كل مكان ويشرق في كل زاوية من أمانة العاصمة، ولعله كذلك في بقية محافظات اليمن التي تنعم بالحرية والسلام والأمن، قُلت هنا ستجد الإجابة الشافية على سؤالك، انظر من هذا المنظر العظيم ممكن أن تستشعر مكانة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وتحس بعظمة هذا الإنسان الذي اصطفاه الله ورباه أحسن تربية ووصفه بأنه على خلق عظيم، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم) رأيت الرجل مدهوشاً وعلى وجهه ابتسامة حاول أن يخفيها لكنها ظهرت رغماً عنه وهو يتذكر تلك السنوات الأليمة التي حاول فيها أصحاب النفوس المريضة أن يمنعوا اليمنيين من إحياء هذه المناسبة، ذكرته حينها بواقعة كان شاهداً عليها حدثت في جامع النهرين، فلقد حضرت طقوم الأمن بكل توجهاته لمنع إحياء المولد النبوي كون العلامة الحجة المرحوم حمود عباس المؤيد- قدس الله سره- يُحيي المناسبة في كل عام ويقوم خطيباً في الناس يُقدم لهم المواعظ ويتحدث عن عظمة الرسول وسمو أخلاقه لكي يستوحي منه الحاضرون الكثير من المُثل والأخلاق والقيم الإنسانية التي عُرف بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ويجب على كل مسلم أن يتمثلها في سلوكه ويقتدي بها في ممارساته اليومية لكي يكتمل إيمانه، بدا الرجل فعلاً في حالة ذهول وهو يقارن بين ما كان قائماً وما يشاهده أمام عينيه في تلك اللحظة من أضواء تبهر العقول، قال – وقد ظهرت الابتسامة على شفتيه – فعلاً هذا هو رد الفعل الحقيقي على الممارسات اللإنسانية، وهي لحظات مجيدة تمثل رداً عملياً على كل من يتقول على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويقول إن إحياء يوم مولده بدعة، وفي نفس الوقت صفعة لغير المسلمين للذين حاولوا النيل من الرسول ومن دلهم على هذه المواطن التي انطلقوا منها، وهم من المسلمين للأسف وأحياناً علماء أقدموا على تأويل القرآن الكريم وآياته الخالدة بنصوص بعيدة كل البُعد عن المضامين الثابتة فيه، خدمة للأعداء وتمكيناً لهم كي يقللوا من شأن هذا النبي العظيم، أياً كان الأمر فإن المناسبة جليلة وتستحق أن تضاء لها المدن والقرى والمنازل والشوارع، بل أن تظل الإضاءات قائمة في كل لحظة، ولا تكتمل الفرحة بمعانيها السامية إلا إذا أتممنا الفعل بأصوله الحقيقية التي جسدها إمام المتقين وقائد الغُر المحجلين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام حينما قلّد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بصيام يوم الاثنين باعتباره يوم مولده وزاد على ذلك بأنه تصدق بأربعة دراهم هي كل ما يمتلكه في ذلك الزمن، أنفق الدرهم الأول في المساء والثاني في النهار والثالث سراً والرابع علانية، فسأله أحدهم كيف أنفقت كل ما تملكه وماذا أبقيت لأولادك، فقال لا يكفي أن نقلد الرسول في الصيام فقط للاحتفاء بيوم مولده المجيد، لابد أن نضيف فعلاً يُقربنا إلى الله سبحانه وتعالى أكثر، وهذا الفعل لا تقوم به إلا الصدقة بكل صفاتها، فجاء الرسول يخبره قائلاً لقد نزل فيك قرآن يا علي، وهذا ما أجمع عليه أكثر من ثلاثين تفسيراً: القرطبي وابن كثير والطبطبائي وغيرهم، قالوا إن الآية نزلت في الإمام علي والمتمثلة في قوله تعالى ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة “274”، أعتقد أن الآية وحدها تكفي للرد على من يقولون إن إحياء مولد النبي بدعة، وهناك نصوص أخرى لكني أكتفي بالآية وفعل الإمام علي عليه السلام، فهي أعظم مثال يمكن الاستدلال به للتأكيد على مشروعية إحياء هذه المناسبة بكل معانيها، فمن غير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يمكن أن نحتفل به ونقيم مثل هذه الأضواء وننير أسطح المنازل والشوارع وكل شيء في حياتنا من أجله، يجب أن ننيره كما أناره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشكل معنوي فأحيا الإيمان الصادق بالله سبحانه وتعالى وملأها حباً لله ولرسوله وللمؤمنين، واليوم لابد أن نُحيي هذه المناسبة في الجانب المادي لكي نذكر العالم من هو محمد بن عبدالله هذا الإنسان العظيم بصفاته وأخلاقه الجليلة التي حالت بين البشر وعبادة الأصنام والأوثان، ودعتهم إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة .
من أصعب الأشياء على الإنسان المسلم أن يستمع لإعلام ما يُسمى بدويلة الإمارات وهو يصف الفعل بالبدعة ونسي أن الشيوخ الماجنين في هذه الدويلة الطارئة ينفقون المليارات لإحياء مولد المسيح عليه السلام بما يرافق العملية من مجون وخلاعة وأعمال تتنافى مع أبسط القيم والأخلاق التي حثنا عليها الإسلام، المفارقة عجيبة وتحتاج إلى أكثر من موضوع وإن شاء الله نتناولها في مواضيع قادمة، صلى الله عليك يا رسول الإنسانية وعلى آلك الطيبين الطاهرين وأصحابك المنتجبين، وكل عام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بخير، ومن نصر إلى نصر، والله من وراء القصد ..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com