هل يجلب البحر الأحمر السلام الى اليمن؟
أفق نيوز – تقرير – ابراهيم الوادعي
عملية غير مسبوقة ، وغير متوقعة ، نفذتها البحرية اليمنية لتترك تحالف الرياض واشنطن ابو ظبي في حيص بيص ، وتصيب العالم بالذهول عما جرى وكيف جرى وماذا بعد ما جرى في مياه البحر الاحمر التي تغلي منذ 7 سنوات ببوارج عسكرية تابعة للتحالف الامريكي السعودي وتفرض حصارا على اليمن ، بذريعة منع وصول اسلحة الى انصار الله والحكومة في صنعاء .
لكن هذه البوارج تقوم منذ سبع سنوات بمهة غير تلك المعلن في منع وصول اسلحة فتحتجز سفن الغذاء والوقود لأشهر رغم تفتيشها من قبل بعثة الامم المتحدة في جيبوتي ” يونيكم “وحصولها على تصاريح اممية بالدخول الى الموانئ لكنها اما تحتجز في عرض البحر لأشهر ، او تقاد الى ميناء جيزان وتبقى هناك لأشهر ايضا قبل ان يسمح لها بالدخول بغية تعميق الازمات الاقتصادية وبعد تكبيد الطرف اليمني غرامات باهظة جراء ما يسمي ” بالديمرج ” وهي غرامات تدفع عن كل يوم تأخير يتحملها الطرف اليمني للشركات المالكة للسفن .
لم تتكشف بعد ظروف عملية البحرية النوعية في احتجاز السفينة الاماراتية روابي من قبل البحرية اليمنية ، الا ان وفي ظل تعقيد الوضع القائم في البحر الاحمر ، تعد عملية بغاية الحرفية والتعقيد نفذتها القوات البحرية اليمنية وفي مساحة عمليا محاصرة ومحمية ببوارج التحالف السعودي الامريكي ، وعجز كل تلك القطع عن نجدتها رغم اطلاقها نداءات استغاثة بانها تتعرض للخطف مايعطي دلالات مهمة في العملية تؤشر لمابعدها:
سفينة الشحن روابي احتوت على منظومة انذار مكبر نظرا للشحنة التي كانت تحملها وهي اسلحة ومعدات عسكرية سعودية كانت في طريقها الى المناطق المحتلة بغرض فتح جبهة عسكرية او توسيعها بحسب ما كشفته الصور التي بثها الاعلام الحربي للسفينة وبعض من حمولتها .
نقطة الاعتقال تمت في منطقة تعتبر عمليا محاطة بالكثير من البوارج العسكرية التابعة للتحالف السعودي الامريكي ، وعدم القدرة على نجدتها او انقاذها يعكس فشلا ذريعا للتحالف وخيبة جديدة تفوق خيباته مجتمعة على البر اليمني .
اعتمدت المجموعة البحرية اليمنية على الزارق السريعة في الاحاطة بالسفينة ، ومهارة المجموعة المهاجمة في الصعود الى سطح السفينة والسيطرة عليها رغم امتلاكها حماية ، وعدم امتلاك الطرف المهاجم غطاء جوي للنزول على سطح السفينة او تهديد القطع الاخرى التي هبت لنجدتها .
عكست عملية احتجاز السفينة العسكرية الاماراتية تفوقا استخباراتيا يمنيا ، حيث تمت مهاجمة السفينة واعتراض طريقها وهي محملة بالغنائم ، عوضا عن كون السفينة مدنية بالأصل وجرى تحويلها لأغراض عسكرية واطفاء جهاز التتبع الخاص بها بالمخالفة للقانون الدولي .
منذ اللحظات الاولى لعملية الاحتجاز اصيب التحالف بالتخبط ولم يجرؤ على الاعلان عن العملية حتى اعلنت صنعاء من طرفها ، املا في ان يتم لملمة العملية المذلة له بعيد عن الاعلام ، وانتزاع تأثير استراتيجي يصل مداه الى دول العالم ، لكن صنعاء متفطنة لذك واي ثمن لا يساوي شيئا مقابل الكشف عن الذل الذي تعرض له التحالف واحدى سفنه تختطف من وسط بوارجه وتقاد الى الساحل اليمني دون ان تفعل شيئا سوى البقاء بموقع المتفرج .
وحين هم التحالف عقب الاعلان بالقصف وفق مصادر عسكرية تلقى تحذيرا شديد اللهجة بان طاقم السفينة موجود على السفينة وبان القصف للموانئ اليمنية واية حماقات سيتم الرد عليها في حينه ودون خطوط حمر .
وبحسب معلومات فان غنيمة اخرى ثمينة غير الاسلحة والمعدات النوعية وقعت بأيدي صنعاء ، وفرضت على التحالف التراجع عن تهديداتها وبلع لسانها والبحث عن وسطاء للملمة الفضيحة .
احجم التحالف رغم التهديدات في الرد على العملية ، وبلع لسانه منذ ذلك الحين بعد ان حدد ساعات للإفراج عن السفينة بحمولتها
في دلالات العملية ما يعلن عن صنعاء كطرف قوي وضامن للملاحة البحرية والخط التجاري الدولي الذي تمر منه ثلث التجارة الدولية وفقا لدلالات العملية :
اقليميا :
فقد التحالف السعودي الامريكي ورقة ثانية وهي البحر في عدوانه على اليمن بعد تحول الميدان البري لصالح الجيش واللجان الشعبية .
رغم الحصار وفرض الدولة المالكة للسفينة الامارت الحرب على اليمن فإن صنعاء راعت قواعد القانون الدولي في احتجاز السفينة روابي كما يوضح ذلك الدكتور محمد دعيس استاذ القانون الدولي بجامعة صنعاء والذي اشار الى ان السفينة روابي انتهكت كافة قواعد المرور البريء في المياه الإقليمية لأي دولة ، بحملها شحنة معدات واسلحة متوجهة الى طرف يمني ولتغذية الصراع في اليمن ، و شكلت بمرورها عبر المياه الاقليمية اليمنية تهديدا على الدولة المشاطئة ، ناهيك عن كونها سفينة تجارية بالأصل وجرى تحويلها لأغراض عسكرية بالمخالفة للقانون الدولي والبحري ، وبالتالي انتهكت كافة قواعد المرور البريء ، وحق للقوات البحرية وخفر السواحل اليمني اعتقالها واحتجازها في الموانئ اليمنية .
كشفت العملية عن كون التحالف السعودي الامريكي هو من ينتهك القانون الدولي في حربه على اليمن باتخاذه السفن المدنية غطاءا لنقل شحنات ومعدات واسلحة عسكرية ، وانفضاح دعايات المواد الطبية والتي تذرع بها في قضية السفينة روابي والسفينة سويفت التي دمرت قريبا من شاطئ المخا وبيعت كخردة بعد ذلك في مزاد باليونان .
كشفت العملية بالصورة والدليل العملي زيف ادعاءات الامارات لمرتين متتاليتين انسحابها من اليمن وانتهاجها سياسة صفر مشكلات ، وفي المقابل مصداقية صنعاء بان الامارات لاتزال تمارس عملا عدائيا في الميدان اليمني ، ومساء الاربعاء اعلنت القوات المسلحة اليمنية عن اسقاط طائرة تجسس اماراتية في سماء عسيلان شبوة كانت توفر الدعم لمرتزقتها الى جانب الطيران الحربي الذي يشن عشرات الغارات منذ بداية الاسبوع على مديريات عسيلان و بيحان شبوة.
تضع العملية مجددا الامارات في خانة الطرف الفاعل في سفك الدم اليمني ويجعلها عرضة مجددا للضربات اليمنية ما سيهز حتما ثقة المستثمرين بها بعد ان عاد اقتصادها للتعافي عقب اعلانها الانسحاب من اليمن وسياسة صفر مشكلات وتدخلات في الاقليم ، وكذا وضع مزيد من الغموض حول استمرارية استضافة معرض اكسبو الدولي 2020م .
دوليا :
لم بعد البحر الاحمر في الوقت الحالي مساحة حصرية على التحالف الامريكي ، ووجب التعامل مع هذا الطرف الجديد والذي اعلن عن نفسه بقوة بهذه العملية النوعية التي شكلت صفعة للتحالف السعودي الامريكي وصدمة حتى للأصدقاء .
حقيقة ان الحصار الذي تمارسه دول التحالف على اليمن بقدر ما صنع ازمة انسانية غير مسبوقة على صعيد العالم ، فهو يهدد اليوم دول العالم بأجمعها بجعل البحر الاحمر بيئة غير مستقرة مرشحة للاشتعال اكثر في القترة القادمة ، فالطرف الذي اعلن عن دخوله الميدان البحري بهذه القوة والجرأة لن يقف مكتوف الايدي بعد اليوم امام استمرار الحصار وقرصنة سفن الغذاء والوقود ، ما ينعكس ذلك على الملاحة الدولية قطعاً .
تفتح العملية النوعية للبحرية اليمنية بابا جديد لوقف العدوان ورفع الحصار وورقة قوة جديدة بيد صنعاء والمفاوض الوطني ، اهتمام العالم ” المنافق ” بأمن التجارة الدولية يتقدم على اهتمامه بصون مبادئ وحقوق الانسان وبنود القانون الدولي الذي ينتهكه التحالف كل يوم منذ سبع سنوات في اليمن مرتكبا الاف جرائم الحرب .
انتهاك التحالف للقانون البحري والدولي باستخدام السفن التجارية لأغراض عسكرية ، يضع دول التحالف وفي المقدمة الرياض وابوظبي في الخانة الصفراء الدولية بشان مصداقيتها وكون تواجدها لمصلحة امن التجارة الدولية في البحر الاحمر ومضيق باب المندب .
القدرات البحرية اليمنية المتنامية ستجبر العالم على اعادة تقييم علاقاتها بصنعاء نحو توطيدها كطرف قوي يجب التعامل معه في تامين التجارة الدولية ، وبالتالي تلبية متطلباته واولها ايقاف بلطجة التحالف بحجز سفن الغذاء والوقود لأشهر عديدة قبل السماح لها بدخول الموانئ اليمينة ، وصولا الى رفع الحصار ووقف العدوان ، وانطلاقا من بوابة المصالح العالمية هذه المرة .
ما من شك في ان العملية البحرية اليمنية شكلت منعطفا جديدا في الحرب على اليمن ، لصالح الشعب اليمني المستضعف ، باعتبار الاهتمام الدولي بالمصالح التجارية والتي تتفوق على المبادئ الانسانية ولمس اليمنيون ذلك جيدا على مدى سبع سنوات ، ووصل صداها الى كل بيت في الاقليم العربي والمسلم ، و غرف القرار الدولية ، لا تكف هواتف مسئولي صنعاء يستفسر العالم عن ظروف العملية ، ومتطلبات صنعاء التي صم المجتمع الدولي اذانه عنها طويلا .
الموقف المتقدم الذي اعلنه رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام بالتأكيد على الحق اليمني بحماية ارضه وممارسة حقوقه السيادية ، وان ما حصل قبالة ميناء الحديدة غير خاضع لأي مزايدة إعلامية أو سياسية، باعتبارها معركة كرامة وسيادة وشعبنا مستمر فيها حتى النهاية ، يوحي بشكل دقيق حجم الصدمة الدولية ، وعم صنعاء قطف ثمار العملية كاملة دون أي التفات لضغوط هنا او هناك او وساطة صديق من هنا او هناك .
تجاهل العالم على مدى ثماني سنوات مأساة الحرب العراقية الايرانية ، لكن ما عرف بحرب الناقلات في الخليج اجبرها على التدخل ووقف الحرب ، ثمة بابا كبير للتفاؤل فتحته العملية البحرية وربما يكون الاقرب من كل الميادين البرية المشتعلة منذ 7 سنوات ، من دون ان يدور بخلد المجموعة البحرية وهي تقتاد السفينة روابي الى الساحل اليمني انها تجر السلام معها الى الشعب اليمني المنكوب بلؤم جيرانه والغطرسة الامريكية.