مغامرة تحولت إلى محرقة.. هروب مرتزقة الإمارات من الساحل الغربي لم يكن إلا فراراً من الموت إلى شبوة
أفق نيوز../
منذ انطلاق العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على اليمن قبل قرابة سبع سنوات، واستراتيجية التحالف العدواني تتكشّف، مع توالي الهزائم المريرة التي يُمنى بها على مختلف الأصعدة، مهما حاول تغيير قواعد المواجهة ونقل مرتزقته المأجورين من جبهة إلى أخرى، تبقى المعادلة الوازنة هي تلك التي وضعتها صنعاء، بأن أي وجود للغزو الخارجي ومرتزقته في الجغرافيا اليمنية سيكون إلى زوال، طال الزمن أو قصُر، تقدمت معارك التحرير في مكانٍ ما أو تراجعت، وما التراجع إلا للانقضاض، كما ثبُت ذلك في المعارك الأخيرة بشبوة.
بعد أن وجدت نفسها بين كماشة الموت التي تحيط بها من كل الاتجاهات، وأيضاً بعد معارك التنكيل التي طالتها في الساحل الغربي، انسحبت مليشيات ما يسمى بـ “العمالقة” التابعة للإمارات في نوفمبر الماضي من المناطق التي احتلتها في الحديدة، في هزيمة معلنة لم تستطع إنكارها، حاولت بعدها إحراز تقدم في جبهة حيس، بالتزامن مع حملة ضجيج إعلامي بعيدة عن الحقيقة الدائرة في المعارك، روجت الأبواق فيها لوصول ما يسمى بالقوات المشتركة إلى محافظة إب، وهو ديدن المرتزقة إبّان هزائمهم في كل المعارك، التي مصيرهم فيها إما القتل أو الأسر أو الفرار.
فرار إلى الموت
مطلع يناير الحالي، أعلنت قوات ما يسمى بـ “العمالقة” ما أطلقت عليها عملية “إعصار الجنوب” في شبوة، ومن يراجع واقع مرتزقة تحالف العدوان يجد أن هذه العملية لن تكون إلا على غرار عمليات سابقة أعلنها التحالف باءت بالفشل، منها “عملية النجم الثاقب” التي جاءت نتائجها عكسية باستكمال تطهير القوات المسلحة لمديريات محافظة البيضاء وبعدها امتداد معركة التحرير إلى شبوة.
إن من أهم ما تميزت به المعركة الأخيرة التي يخوضها أبطال القوات المسلحة ضد قوى الارتزاق، هو التنكيل بالمرتزقة قادةً وأفراداً، في الحين الذي يكشف واقعهم أن هروبهم من الساحل الغربي لم يكن إلا فراراً من الموت إلى شبوة، دون علمٍ منهم بأنهم سيلاقون حتفهم ينتظرهم في الأراضي التي ترفض أن تدنس بالاحتلال.
في هذا الشأن أكّد متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، في تصريحٍ له الأربعاء الماضي، أن عدد قتلى المرتزقة وصل إلى أكثر من 515 قتيلاً بينهم قادة، فيما تجاوز عدد الجرحى 850 جريحاً، فضلاً عن أكثر من 200 مفقود وفقاً لمصادر استخباراتية، أي ما يزيد عن 1500 بين قتيل وجريح ومفقود خلال بضعة أيام.
قبل أيام وبعد فضيحة الفبركة التي لحقت بناطق تحالف العدوان تركي المالكي، وعلى خلاف ما أعلنه الأقزام “إعصار الجنوب”، أعلن الأول عن إطلاق ما وصفها ب عملية “حرية اليمن السعيد”، في مؤتمر صحفي يدّعي أنه أقامه في شبوة، في الحين الذي أصبح تحالفه مكشوفاً للعالم بأنه تحالف احتلال لليمن.
لم يكتب لذلك التهريج أن يصدقه أحد، خصوصاً أن مرتزقة العدوان كشفوا حقيقة الدور المناط بهم، من تنكيل وتشريد للمواطنين، وتمزيق وعبث بالممتلكات، وإهانة وإحراق العلم اليمني، الذي يدّعي تحالف الشر بأنه جاء لحماية شرعية مزعومة، كانت سبباً في كل ما تعرض له اليمن من عدوان وحصار حتى اليوم.
كسر زحوف
في سياق المواجهة المباشرة مع دواعش ومرتزقة الإمارات، يسطّر أبطال الجيش واللجان الشعبية أعظم ملاحم الجهاد والتضحية والذود عن الوطن، منذ بدء المرتزقة عملياتهم العدوانية مطلع العام الجاري، ويستبسلون في تمريغ أنوف المرتزقة وكسر زحوفهم، التي لم تتوقف ساعة واحدة بمساندة من طائرات تحالف العدوان.
في الشأن، أكّد متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، الأربعاء الماضي، أن المجاهدين كسروا زحفاً كبيراً للمرتزقة باتجاه مديريات عين بشبوة وحريب، استمر لساعات، دون إحراز أي تقدم رغم الغطاء الجوي المكثف، وتم تكبيد مرتزقة الإمارات خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، حيث سقط منهم العشرات بين قتيل ومصاب.
كما تصدى أبطال القوات المسلحة لزحف واسع لمرتزقة الإمارات باتجاه مديريات حريب وعين، الجمعة، ليمنى المرتزقة بعدم إحراز أي تقدم، رغم الغطاء الجوي المكثف بأكثر من 24 غارة جوية، علاوة على تكبدهم خسائر فادحة بتدمير وإعطاب ست مدرعات وإصابة أكثر من 40 مرتزقاً بينهم قادة ألوية وكتائب، وفقاً للعميد سريع.
تمريغ أنوف
الزوبعة الإعلامية وضجيج المرتزقة على مواقع التواصل الاجتماعي، – خلال المعارك الأخيرة في شبوة – لم يصمدا لأيام، حيث وجد المرتزقة أنفسهم بعد التغني بالانتصارات الوهمية، يتباكون على سقوط قياداتهم في ضربات دقيقة، حشرت تلك القيادات التكفيرية ومرافقيها إلى الجحيم، ودمّرت معنويات مقاتليها، الذين أَصبحوا كأجساد بلا رؤوس.
بعد أن استدرج أبطال القوات المسلحة مرتزقة الإمارات إلى مناطق مفتوحة، ليتمكنوا من حصد رؤوسهم، بدأ المجاهدون عمليات الحصاد، التي طالت قيادات الصف الأول من ميليشيات الإمارات السلفية التكفيرية، من بينها المدعو سميح جرادة الصبيحي قائد “اللواء الثاني عمالقة”، الذي اصطادته قنّاصة الجيش واللجان في عسيلان، ومقتله يمثّل خسارة كبيرة للإمارات.
إلى ذلك، قائد ما يسمى بـ “اللواء الأول عمالقة” رائد اليافعي، تؤكد المصادر العسكرية، إصابته بقذيفة هاون، فيما لقي إلى جانبه عشرات الجنود المنتسبين للواء مصرعهم صباح الجمعة الماضية، وأكدت المصادر أن اليافعي هو المسؤول عن إعدام أغلب الأسرى من الجيش واللجان في الساحل الغربي، وأن إحدى قدميه بترت إثر ضربة تلقاها، وتم نقله إلى الإمارات.
كما تلقت ميليشيات الإمارات ضربة موجعة في المعارك الأخيرة بشبوة، بمقتل قائد ما يسمى بـ “اللواء الثالث عمالقة”، المدعو مجدي الردفاني، وأكدت المصادر العسكرية أيضاً مقتل قائد كتيبة في “اللواء الخامس عمالقة” يدعى ممدوح الأهدل بقذيفة هاون استهدفته مباشرة، كما قتل عدد من مرافقيه.
“اللواء الخامس عمالقة” تواترت الأنباء عن مصرع قائده المدعو عبد الفتاح السعدي وبرفقته عدد كبير من المرتزقة، ويشار إلى أن المرتزق السعدي هو نائب قائد ما يسمى بـ “ألوية العمالقة” التكفيري المدعو “أبو زرعة المحرمي”.
ما يسمى بـ “اللواء السادس عمالقة”، أكدت المصادر العسكرية مؤخراً مقتل قائده المدعو ناصر قاسم الكعلولي، مع عدد من القيادات، وإصابة آخرين، خلال قصف طال تجمعاتهم أثناء معارك غرب شبوة، فيما تفيد مصادر بمقتل قائد اللواء 11 عمالقة، ومصير مجهول للقيادي التكفيري المدعو حمدي شكري.
في سياق حصد رؤوس قيادات ميليشيات الإمارات، لقي العديد من أركان ورؤساء عمليات الألوية، وقادة الكتائب، وقادة السرايا، والمسؤولين العسكريين، والقادة الميدانيين التكفيريين، حتفهم ونشرت العديد من المواقع أسماءهم وصورهم.
لم تستطع أبواق تلك الميليشيات تغييب خسائرها الفادحة جرّاء المعارك الأخيرة، وما ذُكر من أسماء وصور نُشرت، سوى قليل من مئات الجثث التي فحّمتها ضربات القوات المسلحة المسددة، التي قلبت الطاولة على شرذمة الإمارات رأساً على عقب في أيام.
يسوق تحالف العدوان قطيع مرتزقته إلى معارك خاسرة دائماً، وها هي معركة شبوة الأخيرة تكشف ذلك، كما تفضح فجاجة وزيف التسميات التي يطلقها على عملائه، وماذا تبقى من اسم “العمالقة” التي لقي جُل قادة ألويتها مصرعهم، فضلاً عن مقتل المئات من العناصر التكفيرية المنضوية في هذه الألوية، التي تلاشت واضمحلت وستختفي للأبد.
جحيم الأقزام
شهدت المعارك الأخيرة في شبوة ضربات مؤلمة وجهتها القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير للعدو، لم يُعلن عنها بعد، لدرجة أن رمال شبوة في الأسبوعين الماضيين، تحولت إلى محرقة لمرتزقة ودواعش الإمارات.
المعركة الأخيرة التي دخلها مرتزقة الإمارات دون حساب لعواقبها، ربما هي الأولى التي لحق بهم فيها من القتل الذريع خلال أيام، مالم يكونوا يتوقعونه، حال هروبهم من الساحل، ومع بدء انتفاشتهم حال الوصول وبدء المعركة.
في هذا الصدد، لفت متحدث القوات المسلحة الخميس الماضي، إلى أن مرتزقة ودواعش الإمارات طالتهم العشرات من الضربات الصاروخية، التي خلّفت أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى في صفوفهم، وسوف توزع تفاصيلها لاحقاً، بحسب المتحدث.
من العمليات التي نفّذتها القوات المسلحة ما كشف عنها الناطق، الذي أكّد قبل أيام مهاجمة القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر لتجمعات كبيرة لمرتزقة الإمارات في شبوة، وإصابتها بدقة، أثناء تجمعهم للزحف باتجاه مواقع الجيش واللجان في مديرية عين، حيث سقط على إثرها أعداد كبيرة من القتلى والجرحى.
القوة الصاروخية دكّت تجمعات للعدو بصاروخين بالستيين، وكانت الإصابة دقيقة، كما خلّفت أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى، وتم مشاهدة سيارات الإسعاف وهي تهرع لنقل المرتزقة بعد استهدافهم، وهذه العملية كشف عنها المتحدث العسكري في سياق الكشف عن كسر زحف للمرتزقة، الخميس الماضي.
بالتزامن مع كسر المجاهدين لزحف المرتزقة، الجمعة الماضية، هاجمت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر تجمعات العدو، بأربعة صواريخ باليستية وطائرة مسيرة، بإصابة دقيقة أسفرت عن مصرع وإصابة العشرات، وفقاً لتصريح العميد يحيى سريع.
المتحدث أكد أن الضربات تسببت في حالة رعب وانهيار كبير في صفوف العدو، وهو ما يحدث جرّاء كل عملية للقوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر، لأن الاستهداف بهذه الدقة، يحمل في طياته دلالات عديدة، من بينها القدرة الاستخبارية العالية للقوات المسلحة، التي باتت قادرة على تحديد مواقع تجمعات المرتزقة وتستهدفها في أي منطقة وأي توقيت.
مجزرة العتاد
بقدر الخسائر التي تكبدها مرتزقة الإمارات في الأرواح، بلا شك ستكون الخسائر في العتاد، حيث شهدت المعركة عمليات استهداف دقيقة نسفت تجمعات العدو بمدرعاته وآلياته، لتحترق الآليات بنيران البالستيات والمسيّرات، كما اشتوت أجساد الأقزام الذين يقاتلون لتمرير مشاريع التقسيم والدمار التي جاء من أجلها تحالف الشر.
بحسب متحدث القوات المسلحة، وصلت الخسائر المادية التي تكبدها العدو إلى أكثر من 102 آلية ومدرعة، بالإضافة إلى تدمير عدد من المدافع الكبيرة والمتطورة، خلال أيام فقط منذ مطلع يناير الجاري الذي بدأ فيه المرتزقة زحفهم على مناطق محررة بشبوة.
خلال المعارك الأخيرة مع مرتزقة الإمارات في شبوة، اصطادت الدفاعات الحوية للقوات المسلحة طائرتين تجسسيتين مسلحة من نوع (وينق لونق2) صينية الصنع تابعة لسلاح الجو الإماراتي، أثناء قيامهما بأعمال عدائية في أجواء عسيلان وعين بشبوة، جرت عملية الإسقاط بصاروخي أرض جو محليي الصنع.
“حتى آخر شبر”
عشرات الكيلوات في مناطق مفتوحة تقدّم فيها مرتزقة ودواعش الإمارات، أنسَتهم الحقيقة المرة التي جرّعتهم كؤوس الموت في الساحل الغربي، وتجرعها رفاقهم في العمالة بعدة جبهات، حيث حرّر أبطال الجيش واللجان الشعبية ما يزيد عن 12 ألف كم2 خلال 2021.
لم يكن كل ما لحق بالمرتزقة خلال الأيام الماضية في شبوة سوى تمشيط، بدأت بعده عمليات التطهير والتحرير لاستكمال حصد رؤوس ما تبقى منهم في الأراضي التي خال لهم أنها ستكون مأوى لهم يفرون إليها من نيران الحديدة التي طردتهم، وبقيت آثارهم فيها شاهدة على قبح مشروعهم ورخص نفوسهم التي باعوها بالريال السعودي والإماراتي.
يخوض الشعب اليمني معركة يبذل فيها الغالي والنفيس، ليحرر فيها بلده كل بلده، إلا أن العدوين الإماراتي والسعودي ما زالا يمارسان الغطرسة على الأراضي اليمنية، وكان السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أكد ذلك في خطابه بمناسبة جمعة رجب 1438 قائلاً ” بالنسبة لنا تَقَدَّم العدو أو تأخر، معركتنا مستمرة معه حتى تحرير آخر شبر في هذا البلد، في بره، وبحره وجزره، وحتى يكون بلدنا مستقلًا، سنبقى دائمًا نتحرك لصالح أن يستقل بلدنا، وأن يتحرر بلدنا”.
السيد القائد أشار حينها إلى “أن الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني والسعودي والإماراتي ومن معهم من لفيفهم، من شذاذ الآفاق، ومن القوى البائعة والمشترية، الكل هو في معركة يخوضها ضد الشعب اليمني، وضد استقلال اليمن، وبهدف احتلال اليمن.”
القوات المسلحة عبر متحدثها الرسمي، دعت مؤخراً أبناء وأهالي مرتزقة الإمارات لسحب أبنائهم من الزج بهم في معارك لا تخدم سوى أمريكا وأذنابها في المنطقة، لكون القوات المسلحة “عقدت العزم متوكلة على الله للدفاع عن الشعب والبلد بكل السبل المتاحة وإن مناطق القتال ستكون محرقة لهم بإذن الله”.
على أساس الجهوزية الكاملة للقوات المسلحة للدفاع عن البلد والشعب ومواجهة التصعيد الكبير للعدو الإماراتي، بُنيت قواعد المواجهة مع أبو ظبي التي لحق بها مؤخراً عار الهزيمة بالاستيلاء على سفينة شحن عسكرية تابعة لها، إلا أنها لم تدرك عواقب عودة الصاروخية والطيران المسيّر لافتتاح بنك الأهداف في مراكزها الحيوية، كرد طبيعي على عربدتها في اليمن، ومؤخراً أكّد العميد السريع أن عواقب تصعيدها الأخير ستكون كبيرة، وأن عليها تحمل نتائج تصعيدها، والبادئ أظلم.
الثورة / عبدالجليل الموشكي