أجندةٌ مشبوهةٌ للعدوان الأمريكي السعوديّ.. مسار شيطاني لعسكرة البحر الأحمر
أفق نيوز – تقرير – محمد الكامل
تجري استعداداتٌ كبيرةٌ لإجراء مناورات عسكرية في البحر الأحمر تقودُها أمريكا، حَيثُ أعلنت البحريةُ الأمريكيةُ عن بَدْءِ ما وصفتها بـ “أكبر” مناورة بحرية في منطقة الشرق الأوسط، بمشاركة 60 دولة ومنظمة دولية، من بينها المملكة العربية السعوديّة، والإمارات العربية المتحدة، والكيان الصهيوني.
وتأتي هذه المناورةُ بالتزامُنِ مع تصعيد كبير لقوى العدوان ضد بلادنا، ودخول العدوّ الإماراتي في واجهة المشهد، ولجوء القوات المسلحة للرد بقصف العمق الإماراتي بثلاث عمليات إعصار خلال أقل من شهر، ما يدفع الكثيرين للتساؤل عن هذه المناورة، وما جدواها، وهل تأتي كدعم للنظام الإماراتي أم أنَّ لها أبعاداً أُخرى؟
وبموازاةِ هذه المناورة، كان لافتاً إعلان وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” أنها سترسل “طائرات مقاتلة من الجيل الخامس بالإضافة إلى مدمّـرة لمساعدة الإمارات في مواجهة التهديدات والتصدي لما أسمته “الهجمات الحوثية”، مؤكّـدةً خلالَ بيان نشر سابقًا أن الولاياتِ المتحدة تقفُ إلى جانبِ الإمارات كـ “شريكٍ استراتيجيٍّ طويلِ الأمد”.
وتزامناً مع هذا التصعيد الأمريكي الصهيوني الأخير حذرت وزارة الخارجية اليمنية على لسان وزيرها هشام شرف من مغبة انزلاق المنطقة إلى ساحة صراع وتحالفات عسكرية دولية جديدة بذريعة مقاومة الإرهاب والقرصنة وتعزيز أمن المنطقة، بينما حقيقة الأمر وجود أجندات وأهداف مشبوهة لتحويل منطقة البحر الأحمر وبحر العرب إلى ساحة صراع مباشر وبالوكالة.
وقال شرف: إن شعوبَ ودول المنطقة هي المتضرر الأول من مثل تلك الترتيبات العسكرية، التي تدعو إليها تل أبيب وواشنطن، بل ستكون وقوداً لها والمتضرر الرئيسي في أية حروب ستنشأ عنها، موضحًا أن “إسرائيل” من خلال هذه المناورة تحاول أن توجِّـهَ عدة رسائل هيمنة وتهديد لدول منطقة الجزيرة العربية والبحر الأحمر والخليج، أملاً في تعزيز التوجّـه نحو المزيد من التطبيع والتبعية والتهويل لقدراتها العسكرية أمام دول المنطقة غير المنضوية تحت لوائها”.
وأكّـد شرف أن “صنعاءَ ترى في هذه المناورات ترتيبات وبدايات لأحداث تصعيد وتنفيذ مخطّطات ستؤدي في حال تنفيذها إلى عسكرةِ منطقة البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، وخدمة أهداف خبيثة عدة للكيان الصهيوني على رأسها الدفع نحو التطبيع معه”.
زعزعةُ أمن الملاحة الدولية:
ويرى مديرُ مكتب رئاسة الجمهورية، أحمد حامد، أن تصريحَ وزير الدفاع الأمريكي المتعلق بتقديم المزيد من صفقات الأسلحة لنظام العدوّ الإماراتي هو استمرارُ في الابتزاز والاستغلال لصهاينة العرب وبعرانها الخونة، مُضيفاً في منشور له عبرَ تويتر أنه يأتي كذلك في سياق المزيد من الحَلْب والتوريطِ لبلدانهم.
ويؤكّـد عددٌ من المستشارين والخبراء العسكريين الاستراتيجيين أن اعتزامَ واشنطن إرسالَ المزيد من الدعم العسكري للإمارات، لن يفيدها في شيء سوى ارتكابِ مجازرَ أُخرى في اليمن إلى جانب حلب الإمارات والتي سبق أن فعلتها وتفعلُها مع السعوديّة، كما أنه يكشفُ طبيعةَ الدور الأمريكي في العدوان على اليمن؛ كونها اللاعبَ الأَسَاسيَّ والمحركَ الأولَ لهذا العدوان، فالحربُ والعدوانُ على اليمن هي حربٌ أمريكية صهيونية، وَالمناورات التي أعلنتها أمريكا في منطقة البحر الأحمر تأتي تحت لواء أمريكا وحلف شمال الأطلسي وبمشاركة أكثرَ من 60 دولة، ولها مخطّطات وأهداف أُخرى تسعى لها الإدارة الأمريكية تحت غطاء أمن الملاحة الدولية، وهذا سيؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار للملاحة الدولية في البحر الأحمر، أَو في مناطقَ أُخرى من العالم تتحملُ مسؤوليتَه أمريكا والكيان الصهيوني.
ويقول مستشارُ المجلس السياسي الأعلى محمد مفتاح: إن هذا التصرُّفَ الأمريكي بشكلٍ بسيطٍ دليلٌ على انكشاف مؤامرة على شعوب المنطقة، وإظهار حقيقة الحرب العدوانية على اليمن حَيثُ إنها ليست حرباً بين فرقاء يمنيين ولا حتى بين دول الإقليم، وإنما العدوان والحرب هي أمريكية صهيونية أطلسية بامتيَاز.
ويوضح مفتاح في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن الحضور الأطلسي وإقامة مناورة عسكرية ضخمة وكبيرة في البحر الأحمر، خطوة لمحاولة عسكرة البحر الأحمر، والتي تعتبر تهديداً جدياً وكبيراً للملاحة الدولية، مُشيراً إلى أن اليمن حافظت على ضبط النفس لمدة 7 سنوات من العدوان والحصار المطبق عليه وعلى موانئه واحتلال أجزاء من الأراضي اليمنية، حتى جاء الآن التصعيد الأمريكي الصهيوني الأطلسي بإقامة مناورة عسكرية كبرى في محيط البحر الأحمر بأكمله على قُرْبِ من شواطئ الجمهورية.
ويؤكّـد مفتاح أن هذه التصعيدَ سيؤدِّي إلى زعزعةِ الأمن والاستقرار للملاحة الدولية في البحر الأحمر، أَو في مناطقَ أُخرى من العالم، وبالتالي على الأمريكيين وحلف الأطلسي تحمل المسؤولية الكاملة عن حرية الملاحة وعن أمن ملاحة البحر الأحمر وفي المنطقة عُمُـومًا، ومعرفة أن إدخَال “إسرائيل” الكيان المؤقت إلى المنطقة عبر حلف الأطلسي، وإقامة هذه المناورات سيؤدي فعلاً إلى إشعال فتيل المشاكل في المنطقة لمدة طويلة، لافتاً إلى أن إرسال المزيد من الدعم العسكري للإمارات كما جاء في إعلان البنتاغون هو تأكيد أمريكي ودعم لكل الجرائم التي ارتكبتها الإمارات ضد الشعب اليمني، وهي جرائم إبادة بحق عشرات الأسر، ولم تكن آخرها الجريمة التي تم ارتكبها في صعدة، بالإضافة إلى جريمة إبادة حي وتدميره بالكامل، وإبادة عدد من الأسر في صنعاء، مبينًا أن هذا العملَ يؤكّـدُ على استمرار أمريكا في مواصلة جرائمها ضد الشعب اليمني عبر إحدى أياديها في المنطقة وهي الإمارات.
من جانبه، يرى المحلِّلُ والخبيرُ في الشأن العسكري زين العابدين عثمان، أن إعلانَ البنتاغون الأمريكي تعزيز التعاون العسكري مع الإمارات وقيامه بإرسال إحدى مدمّـراته “يو إس إس كول” ومجموعات من القاذفات والطائرات الشبحية أمر لا ينذر بأية أبعاد جديدة بقدر ما هو استعراض للقوة والإرهاب المعنوي والنفسي الذي تمارسه الإدارة الأمريكية حَـاليًّا ضد اليمن والقوات المسلحة، وكذلك محاولة لتوريط الإمارات أكثر في التصعيد العسكري.
ويوضح زين العابدين في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن أمريكا بعد استهداف “قاعدة الظفرة” والتي تعد إحدى أضخم القواعد الجوية، حَيثُ يتمركز فيها نحو 300 جندي أمريكي قد فهمت الرسالة ودخلت في حالة ارتباك وقلق، خُصُوصاً أن مجموعاتها الدفاعية فشلت في التصدي للصواريخ الباليستية والمسيَّرات التي عبرت أكثر من 1400 كم وضربت أهدافها الاستراتيجية بدقة وبفاعلية عالية، منوِّهًا إلى أن العديد من المسؤولين الأمريكيين وصفها بأنها كادت أن تودي بحياة العديد من قواتهم المتواجدة في القاعدة.
ويتابع حديثه بالقول: “أمريكا لا تريد أن يتوقَّفَ التصعيدُ الإماراتي في اليمن؛ سعياً منها إلى شن حرب نفسية موجهة ومتعددة الاتّجاهات من خلال الطائرات والمدمّـرات، بالإضافة إلى إجراء المناورات العسكرية البحرية في البحر الأحمر، والتي جميعها استعراض عضلات وإرهاب معنوي ضد اليمن بالدرجة الأولى وضد محور الممانعة في المنطقة”، مؤكّـداً أن أمريكا اليوم فهمت أبعاد عمليات قواتنا المسلحة للعمق الإماراتي ما جعلها تعيش حَـاليًّا أسوأ حالاتها الاستراتيجية والعسكرية، فقد باتت غير قادرة عمليًّا على حماية حلفائها الإمارات والسعوديّة، أَو حتى قواتها المنتشرة في القواعد العسكرية، مُشيراً إلى أن مسألة نشرها لقوات إضافية منها مدمّـرة U-S-S كول” التي تم تفجيرها قبالة سواحل عدن في عام 2000 هي مُجَـرّد محاولة لإحياء ذكرى هذه المسرحية التي نفذتها مخابرات CIA وجعلت منها مبرّراً وتدخلت على إثرها القوات الأمريكية لاحتلال اليمن وتدميره طيلة سنوات، وبالتالي هذه صورة واضحة على أن أمريكا في صَدَدِ مواصلة عدوانها على اليمن والتصعيد العسكري مع الإمارات.
وينهي عثمان حديثَه بالتأكيد على أن قواتنا المسلحة مُستمرّة في خوض معركة الدفاع والردع، وهي تقف اليوم في مستوى التهديد بعون الله تعالى ولديها الجاهزية العملياتية والتسليحية لتثبيت معادلة التصعيد بالتصعيد على جميع أفق المواجهة الجوية والبرية والبحرية، “فإما أن يكون الأمنُ للجميع أَو لا أحد”.
مخطّطٌ أمريكيٌّ لم يتضح بعد
وفي السياق، يقولُ الخبيرُ الاستراتيجي والمحلل العسكري العميد محمد هاشم الخالد: إن الجميعَ يعرفُ بأن دولة الإمارات ما هي إلا أدَاة من أدوات أمريكا وإسرائيل في المنطقة، وبالتالي أقحمت نفسها في هذه الحرب الخاسرة على اليمن منذ سبع سنوات تنفيذاً لرغبة أمريكية وصهيونية.
ويؤكّـد العميد الخالد في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن دويلة الإمارات لم تكن دولة ذات قوة تستطيع أن تهاجم اليمن -البلد الحضاري، بلد الإنسان اليمني- الذي استطاع وأثبت أنه قادرٌ على رد العدوان، لكنها مرغمة على تنفيذ أجندة خارجية للعدو الصهيوني وأمريكا.
ولا يستغربُ الخالد إعلانَ البنتاغون عن إرساله المزيدَ من الدعم العسكري للإمارات والتي تسعى عبره إلى ابتزاز الإمارات بأكثر قدر ممكن من المبالغ المالية الهائلة، والتي يتم تحويلها إلى البنوك الأمريكية مقابل صفقات تسليح بحجّـة حماية الإمارات من مسيَّرات وصواريخ قواتنا المسلحة، كما يدّعون.
ويضيفُ أن أمريكا هي اللاعِبُ الأولُ، وهي الداعمُ الأَسَاسي، وهي العدوّ الحقيقي لليمن، فهي تقود هذا العدوان حقيقة على اليمن، عبر أدواتها في المنطقة أمثال السعوديّة والإمارات، مؤكّـداً أنه مهما عملت أمريكا وقدَّم البنتاغون من دعم عسكري لن يفيدَ الإماراتِ في شيء سوى ارتكاب مجازرَ أُخرى في اليمن، وبالتالي لن يجديها إلا الانسحاب الكامل من اليمن، الوقوف عند حجمها وقدرها الواضح والحقيقي.
ويلفت العميد الخالد إلى أن المناورات العسكرية في البحر الأحمر تنبئ عن أن هناك شيئاً يخطّط له الأمريكان في البحر الأحمر، حَيثُ يريدون تحرير الملاحة الدولية ثم يقومون برمي هذه التهمة على الحوثيين، مؤكّـداً أن اليمنيين يدركون كما تدرك القيادة السياسية ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشَّاط، والقيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حقيقة هذا المخطّط، والذي نصح الإماراتيين في أكثر من مناسبة، وحذرهم في أكثر من خطاب أن ارفعوا أيديكم عن هذا البلد ولكنهم لم يأخذوا بالتهديدات على محمل الجد، منوِّهًا أنه تم إرسال عدة رسائل تباعاً إلى الإماراتيين على مدى سنوات وُصُـولاً إلى آخر الرسائل ما عرف بإعصار اليمن الأول والثاني والثالث.
ويؤكّـد أن هذه المناوراتِ العسكريةَ في البحر الأحمر ستزيد المشاكل، وسيزيد الأمر تعقيداً، وتقلل من فرصة أية حلول ممكنة، مُضيفاً ربما تحفظ للأمريكي والصهيوني التواجد في الملاحة الدولية، ولكن ستكون هناك معادلة أُخرى سيفرضها اليمن بحكم سيطرته على باب المندب، وما يمتلكه من قوة بحرية، التي ستكون حارساً أميناً للشواطئ اليمنية، إلى جانب قيامها بحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وينهي كلامه في الأخير “هذه المناورات العسكرية كما قلت تأتي من باب الابتزاز للإماراتيين، كذلك إرسال المزيد من الدعم العسكري والجنود الأمريكان إلى الإمارات والقواعد العسكرية لن يفيد الإمارات شيء، فهي من تتحمل وزر وعبء العدوان على اليمن إذَا لم تراجع حساباتها وتنسحب وقد أعذر من أنذر”، محذراً الإماراتيين بأن عليكم الانتباه لخطابات ناطق الجيش اليمني ولجانه الشعبيّة، الكُرةُ الآن في ملعبكم إن أردتم الانسحابَ من اليمن بقواتكم ورفع اليد عن الميليشيات التي تسلحونها وتنفقون عليها، وإلَّا فَـإنَّ القادمَ أعظمُ وستدركُ الإماراتُ حقيقةَ غزوها لليمن وعدوانها الغاشم على اليمن.