اتفقت القوى السياسية اليمنية على عقد جولة من المفاوضات في العاصمة السويسرية ” جنيف” ، وتأتي هذه الجولة المزمع عقدها في الخامس عشر من الشهر الحالي بعد عقد العديد من المشاورات واللقاءات السرية والعلنية في عاصمة سلطنة عمان ” مسقط ” مروراً بالمشاورات التمهيدية وابداء الآراء والمقترحات الذي انبثق عنها النقاط العشر ومن ثم السبع واتزانها مع تطبيق القرار الأممي 2216، لاسيما بعد الفشل الذريع في حسم الصراع الداخلي بصورة نهائية من قبل جميع الأطراف السياسية والرهان الخاسر لبنك الأهداف جملة وتفصيلا.
ومازال المواطن اليمني يتطلع إلى بقعة ضوء باحثاً عن بارقة امل لإيقاف عدوان التحالف المتوحش بقيادة السعودية ، ورفع الحصار ، واحلال السلام ، في حين يشاطر شعب نجد والحجاز المختزل مجازاً بالشعب ” السعودي” وكافة الشعوب المحبة للسلام التحرر من الطغاة والمضي نحو الأمن والاستقرار .
ويأتي إعلان المبعوث الاممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ عن عقد جولة جديدة في جنيف وتأكيده على حسن النوايا للتوصل إلى حل سياسي دائم ، الا انعكاس لعدة مشاورات مكثفة بين أطراف الصراع اليمني والجهات الإقليمية والدولية التي أفضت إلى عدد من الإجراءات من بينها وقف إطلاق النار وتسيير الامدادات الإنسانية والإفراج عن السجناء ووقف عمليات التحالف دون قيد أو شرط لبلوغ السلام.
فالرياض التي فشلت في حسم المعركة بعد عدوانها على اليمن وسقوط ” بنك” الأهداف بعد ان أعلنت منذ اليوم الأول نجاحه بنسبة 99% بعملية إعادة الامل ومروراً بالعاصفة وانتهاء بالسهم الذهبي ، ليكتشف المواطن السعودي والخليجي والمجتمع الدولي زيف تلك الأسطورة الإعلامية ، كما أكدها الناطق عسيري ونفاها عين الرجل بصورة مخجلة ومهينة ، مبرراً ان السعودية تخوض حرباً شرسة ضد الحرس الجمهوري اليمني ورابع جيش في العالم بعد ضربات اسكود وصمود وانتصارات الجيش واللجان الشعبية في نجران وعسير وجيزان وسقوط العديد من الجنود والمرتزقة والمواقع العسكرية والطائرات والآليات والبوارج الحربية ، ما أوقع النظام السعودي في قمة الحرج والابتزاز ومزيد من الضغوط والاتهامات المحلية والإقليمية والدولية بمجازر الإبادة والدمار المهول وتفاقم الوضع الإنساني بعد ان أصبح المجتمع الدولي أكثر إدراكاً واطلاعاً على الجرائم التي ارتكبتها دول التحالف بقيادة السعودية أنفقت خلالها وماتزال مليارات الدولارات بالتناغم والتنسيق مع النظام الإماراتي الطامع في ” ميناء ” عدن بضوء اخضر بريطاني حتى لو اقتضى الأمر إلى تحويل محافظة عدن إلى برميل من البارود ومجزرة لذبح الأبرياء .
ورغم الانتصارات الإعلامية الزائفة ، بدليل عدم استقرار عدن وتسليم حضرموت للقاعدة وداعش والسقوط في تعز وحالة الكر والفر والفرار من المخا وباب المندب ونفاد صبر المجتمع الدولي في حسم الحرب وانخفاض سعر النفط والعجز في الموازنة السعودية وإعلان حالة التقشف وإلغاء المشاريع العملاقة وتصدع الجبهة الداخلية في السعودية والحراك الشعبي الإماراتي والصمود الأسطوري للشعب اليمني .. كل هذه الانتكاسات والخسائر طيلة تسعة اشهر، ربما تصعق حكام السعودية والإمارات وتيقظ الضمائر وتساهم في تحكيم العقل وعدم التشدد وتقديم تنازلات من الجميع من اجل الشعب والوطن ووضع نهاية للحالة المأساوية للخروج من المستنقع اليمني وحفظ ماء الوجه ، كون اللعبة اكبر مما نتصور ففي غياب التنازلات الوطنية والإنسانية ، فاللاعبين الكبار وفي طليعتهم أمريكا وروسيا ومروراً ببعض دول أوروبا من مصلحتهم استمرار الحرب لتشغيل مصانع السلاح والقضاء على الأزمات الاقتصادية والبطالة لابتزاز ثروة الأمة العربية والسيطرة على منابعها حتى لوحرقت الأرض ومن عليها ، وطالما واصلت مصانع الأسلحة إنتاجها وصفقاتها المشبوهة وسوقتها الى بؤر الصراع المصطنعة في الشرق الأوسط تجاوزاً والتفافاً على القوانين فأنها تثبت بما لايدع مجالا للشك انها أصل الإرهاب والحامي له ويصبح السلام بين فرقاء العمل السياسي في اليمن ” معجزة ” ، في حين اذا صدقت نوايا الكبار في محاربة الإرهاب فان جنيف2 اليمني قد يكون بارقة امل للوصول إلى تسوية سياسية حقيقية وفاتحة خير لحل الأزمة السورية ، فهل يحتكم الجميع الى العقل ومنطق الحكمة وتفويت الفرصة ما لم اذا قضى الله أمراً سلب أهل العقول عقولهم؟.