مفاوضات جنيف 2 المقبله بين اطراف الحرب على. اليمن ” دلالات قبول عقدها وامكانيه نجاحها ….
بقلم / صلاح القرشي
لقد مر تسعه اشهر منذ بدايه الحرب على اليمن من قبل التحالف السعودي والامريكي فيما يعرف بعاصفه الحزم مرورا بكل مسمياتها التي اعلنت عبر ناطقها العسكري احمد العسيري.
وخلال هذه المده الطويله فشلت كل المطالبات للاطراف الحرب على اليمن بوقف هذه الحرب والجلوس الي مائده المفاوضات للتفاوض حول الوصول الى تسويه تنهي هذه الحرب، ولقد رأينا الكثير من المبادرات والطروحات من الطرفين، منها مبادره النقاط السبع ، و شروط تنفيذ القرار الدولي 2216 ، وغيرها من الافكار التي طرحت عبر الوسيط الدولي ودول اقليميه ودوليه ، لكن وخلال هذه المده لم تصل كل اطراف الحرب الى قناعه في انهاء هذه الحرب او البدء بجديه في عقد مفاوضات حقيقيه، لان كل الاطراف وخاصه الطرف السعودي كان يرى انه لن يسمح بانهاء ووقف هذه الحرب الا بعد ان يكون قد حقق كل الاهداف الاستراتيجيه والرئيسيه التي وضعها ومن اجلها دخل هذه الحرب ويرى ان تحقيقها امر ضروري لا يمكن التراجع عنه ، وان وقف. الحرب بغير ذلك يضع السعوديه بمشاكل داخليه وخارجيه وينتقص من هيبتها ونفوذها في المنطقه وقد يمثل بدايه الانتكاسه للاسره ال سعود وتراجع دورها وتأثيرها وما الي ذلك،
وبالتالي فقد كان الدور السعودي اكثر تصلبا في هذا الموضوع مستندا الى الفارق الكبير في التوازن العسكري التسليحي والاقتصادي والى قوه دول التحالف. التي ضمت العديد من الدول الاقليميه والدوليه، الى. جانب قوه تأثيرها الاقتصادي والمالي في شراء ولائات الدول المؤثره في العالم او ضمان سكوتها ، بالاضافه الي تحيد وتعطيل الدور المهم للمجلس الامن و بقيه منظمات الامم المتحده وجعلها تخدم استراتيجيه عاصفه الحزم ،لذلك استمرت الحرب طوال كل ذلك الاشهر التسعه.
ويبدو اننا اليوم نشهد ونسمع تحرك جديد للمبعوث الدولي والقياده العمانيه حول الوصول الى اتفاق بين الاطراف اليمنيه و الى قبول اطراف الحرب عقد مباحثات ومفاوضات للانهاء الحرب وقد حدد الموعد لهذا هو تاريخ 15/12/215 اي منتصف هذا الشهر مع اقرار هدنه بين الطرفين اثناء هذه المفاوضات.
*ماهيه دلالات قبول الاطراف لعقد مفاوضات جديه وحقيقيه. ..
ويمكن لنا نستعرض اهم الدلالات على هذا الموضوع
1- يجب ان يعرف الجميع انه ولولا موافقه السعوديه وحلفائها من الدول الاقليميه والدوليه المؤثره على ما اتفق عليه في مسقط
من هدنه وبدأ اجراء مفاوضات في منتصف هذا الشهر لما حصل هذا الاتفاق المبدئي ، لان ما يسمى الشرعيه بقياده هادي وحكومته لا تملك قرارها وهم مرتهنين في الموافقه على ذلك من عدمه على رضى التحالف السعودي ، وهذا يعد تحول كبير عن الموقف المتصلب للمملكه السعوديه كما ذكرنا سابقا في هذا الخصوص حيث انها كانت تسعى للتحقيق انتصار ساحق وكامل وتحقيق اهدافها الرئيسيه التي وضعتها.
2- ان طرفي الحرب قد يكونوا قد. وصلوا الى. نوع من القناعه وخاصه الطرف السعودي والدول المتحالفه معه الى ان الخيار العسكري المحض قد وصل الى فشل في تحقيق اهداف الحرب ، وانه لايمكن ان تحل هذه الازمه او الصراع عسكريا، وان كل ما تم اعداده من قبل السعوديه وتحالفها عسكريا فشل في تحقيق الانتصار الكامل وتحقيق الاهداف.
وان هناك خيارات اخرى يمكن ان يتم تحقيق بعض هذه الاهداف من خلالها ، مثل خيار المفاوضات او اعاده رسم التحالفات في الداخل اليمني او الاقليمي والدولي وغيرها من الخيارات الاخرى المتاحه.
والا كيف تفسرون قبول السعوديه والامارات وحلفائهما بعقد هذه الهدنه و وبدء المفاوضات في جنيف بالتزامن مع نجاح الجيش اليمني واللجان الشعبيه بتشغيل اذاعه باسم الجمهوريه اليمنيه من داخل وعلى الجبال المطله مباشرتا على مدينه نجران.
وقدتكون هذه الموافقه من السعوديه وتحالفها تكتيك مرحلي للتمتص ضغط المجتمع الدولي المتواضع في المطالبه ببدايه احلال السلام في اليمن.
لكن في اعتقادي ان التحالف السعودي وافق وهو مجبر على ذلك لان الواقع الميداني على الارض يجري بغير صالحه ، سواء بفشله وتراجعه في جبهه نجران وجيزان وعسير ، او في فشله بتحقيق اي نتائج ملموسه في جبهه تعز او جبهه مارب، بالاضافه الى ابتداء العد التنازلي للضعف وتبخر شرعيه هادي وحكومته.، واكتشاف العالم ان نتيجه هذا القصف والحرب الا توسع داعش والقاعده واخواتها في كل الجنوب.
فلقد رأينا ان هادي وحكمومته اكتشفوا انه لا يوجد لهم اي تأثير قوي على الارض في كل المحافظات الجنوبيه والشرقيه التي انسحب منها الجيش اليمني واللجان الشعبيه ، وان كلما كان يصور لهم بأن مليشيات ما يسمى المقاومه تعمل تحت اوامرهم وتحت قرارهم اكتشفوا انها كذبه كبيره ، وان هذه المليشيات الذي تشكل ما يسمى المقاومه تنتمي في معضمها للقاعده واخواتها والتي لم تعد تخضع لهم وانها توالي اطراف اخرى وهي التي فعليا تسيطر على الارض ،
ولقد رأينا تجليات هذا في اعلان سقوط مدن ابين وشبوه ولحج وخاصه عدن والمكلا وغيرها في يد القوى السلفيه والوهابيه. القاعده واخواتها ، وكلنا شاهدنا وتابعنا خلال كل هذه الاشهر ومنذ انسحاب الجيش اليمني واللجان الشعبيه الاغتيالات المتواصله في عدن بشكل شبهه يومي والفلتان الامني في الجنوب والتي كان من ضمنها اغتيال محافط عدن المعين من هادي ، وما يحدث في ابين من اعدامات وتصفيات وضرب كل القيادات والمليشيات التي كانت توالي هادي وغيرها وغيرها
لذلك التحالف لا يريد تكرار تجربه ما حدث للاتلاف السوري المعارض الذي مقره في استطنبول الذي كان يتمتع في البدايه بكل الدعم والشرعيه واعلنت عشرات الدول انه الممثل الشرعي للشعب السوري حتى ان الجامعه العربيه منحته مقعد الجمهوريه السوريا ، ولكن كل شرعيته تلاشت وضعف دوره الى حد الانعدام في الازمه السوريا بسبب التبدل في الموازين على الارض واحلال مكانه جيوش وكتائب المجموعات المسلحه من داعش وجبهه النصره وغيرها من المئات من المسميات للقاعده واخواتها.، وهذه قضت على اي تواجد او تأثير له على ارض الواقع ، كما هو يحصل الان في خطوات متسارعه تجري في عدن والجنوب
وقد يكون تسليم الجنوب للقاعده واخواتها من قبل التحالف هو من احد الخيارات الاخرى الذي تعول السعوديه عليها ، بعد فشلها خلال التسعه الاشهر في المواجهه العسكرية المباشره
ويعد انعقاد جنيف 2 اذا ما حدث بدايه مرحله جديده للطرفين واختبار كل منهما الطرف الاخر حول ما يستطيع ان يمليه او يحصل عليه من كل طرف ، وبدايه الاعتراف بالاهداف الحقيقيه والواقعيه التي يمكن ان يحققها كل طرف وحسب امكانيه تحقيقها فعليا على ارض الواقع
لكننا نقول ان هذه المفاوضات في جنيف قد لا يعول عليها كثيرا في النجاح بسبب تعدد الاطراف والقوى المتداخله والمهيمنه ، وقد يكون ما حدث في جنيف 1 وجنيف 2 الذي عقدته اطراف الصراع في سوريا ولم يودي الي وقف الحرب او اي نتائج تذكر على ارض الواقع اكبر مثال لنا .
وايضا صعوبه التوفيق بين كل المطالب والشروط والمكاسب التي تبتغيها كل الاطراف الفاعله في هذه الحرب.
فالسعوديه ستطالب بكل ما تطمع به تجاه اليمن وما تصبو اليه في استمرار نفوذها وتدخلها في اليمن ، وكذلك دوله الامارات ،بالاضافه الى محور تركيا قطر الاخوان ، والدول الكبرى وخاصه امريكا التي تعتبر اليمن واقعه ضمن المنطقه الحيويه للامن القومي الامريكي والسياسين واساتذه العلوم السياسيه يعلمون ذلك التصنيف الامريكي للمنطقه ،
وفي المقابل سيصر الطرف المدافع عن اليمن والذي يحارب قوات التحالف على فرض شروطه وتحقيق اهدافه التي. ومن البدايه لم يقبل التازل عنها ، وآثر ان يقدم كل هذه التضحيات الكبيره في سبيل تحقيقها، وبالتالي لاشك ان هذه المفاوضات ستكون صعبه ومعقده وشرسه.
وفي اعتقادي انه قد تجري مفاوضات اخرى موازيه وبعيده عن الاعلام والاضواء بين اطراف الحرب على اليمن ، وبشكل سري ويمكن ان تكون في الحقيقه هي التي قد تكون مؤثره وعمليه او قد تحدث نقله نوعيه او تحريك حقيقي في الازمه اليمنيه وهذه الحرب .، وقد تكون القصد منها خدمه طرف على حساب الطرف الاخر او خدمه كل الاطراف ، او اعاده صياغه التحالفات الداخليه بين الاطراف اليمنيه ،
وهناك بعض المؤشرات التي نرى انها ترسل رسائل لاي متابع او محلل سياسي تسير في هذا الطريق ومن اهم هذه المؤشرات
دلاله استدعاء. نائب الرئيس. اليمني السابق علي سالم البيض الى دوله الامارات. العربيه المتحده
والدلاله الثانيه هو الاستقبال الحافل للاخ الاستاذ علي البخيتي في السعوديه ومقابلاته التي اجرها مع الاطراف اليمنيه والسعوديه ، وخاصه زياره السفير الامريكي في اليمن له في مقر اقامته ولاول مره يتحرك السفير الامريكي على هذا النحو وبصوره علنيه ومتعمده ، والذي نعتقد ان القصد منها ارسال رساله الى طرف ما من اطراف الصراع، اما لقاء السفير الامريكي بالبخيتي فقد يكون تم مباشرتا منذ دخوله الى ارض المطار في السعوديه وقد يكون توجه مباشرتا الى مقر السفير الامريكي ،
واهميه علي البخيتي ليس لانه يملك اي تأثير في الداخل اليمني او انه مقرر قوي علي ارض الواقع في الميدان ، لكنه بما قديكون يحمله البخيتي من مبادرات او رسائل من احد الاطراف الداخليه المؤثره على ارض الواقع في الميدان .هو السبب لهذه المقابلات التي قام بها في السعوديه،
لان كل المحللين السياسين وكل المتابعين يعلمون ان علي البخيتي لابد ان يكون ممثلا للطرف ما حقيقي ومؤثر على الارض في اليمن كي يقول انه طرح مبادرته علي السفير الامريكي بخصوص تنفيذ القرار الدولي 2216 وغيره مما قاله على صفحته في الفيس بوك،
وان البخيتي ما هو الا ناقل للافكار ومبادرات مرسله عبره من طرف فاعل داخلي في اليمن وفي هذه الحرب ، وقد يكون المؤتمر بقياده الرئيس السابق علي صالح او حزب الاصلاح او حتى حركه انصار الله ، المهم انه يعبرعن طرف او اطراف فاعله في الداخل اليمني ،
و كل ما نقوله في هذا الموضوع هو من وحي التجارب الواقعيه التي حدثت في تا ريخ. العلاقات الدوليه بين الدول والمنظمات واطراف النزاعات بين اعضاء دول المجتمع الدولي ، ونذكر مثال لذلك ،
انه عندما كان يجري عقد مؤتمر مدريد للسلام بين العرب والكيان الصهيوني وتحت مضله الامم المتحده، وعبر. مسارات.عربيه مشتركه تفاوضيه للوفود العربيه والتي حددتها اليات مؤتمر مدريد ، كان يجري في الخفاء وفي الضل مفاوضات موازيه في مدينه اوسلوا. الاوربيه وبعيدا عن الاعلام بين منظمه التحرير الفلسطينيه والكيان الصهيوني اثمر في اعلان معاهده اسلوا سيئه الصيت التي كانت لصالح الكيان الصهيوني في معظمها وكلنا نعرف ذلك ، اما مؤتمر مدريد الرئيسي فشل ، وغيرها من الامثله التي تدعم ما نقول.
وفي النهايه ايا كانت المفاوضات الحقيقيه التي ستجري سواء في جنيف او الموازيه في اي دوله اخرى ، فان الدول الكبرى تراقب وتشرف على ماسينتج من جراء هذه المفاوضات ، والتي ستسعى ان تكون نتائجها تخدم مشاريعها وتثبت نفوذها وخاصه امريكا ، واذا كانت نتيجه هذه المفاوضات لم ترضي امريكا والدول الدائمه في مجلس الامن ،فأنها قد تقلب الطاوله على رؤوس المتحاورين ، وتعود الى استخدام الخطه (ب) ، والتي ومنذ البدايه قد عملت احتياطاتها ووضعت اليمن تحت الفصل السابع ، وتستطيع التدخل المباشر تحت الكثير من المبررات الواهيه ، مثل محاربه تنظيم داعش والقاعده ،او تنفيذ وتطبيق بنود القرار الدولي 2216 او التدخل العسكري لحمايه طرق الملاحه الدوليه من التهديد وغيرها من المبرارات، وقد لاتقتصر هذا التدخل فقط على امريكا ولكن كل الدول الكبرى ستسعى الى التدخل من اجل المقاسمه والحصول على المصالح ، وحتى الصين يمكن ان تتدخل بحجه محاربه الارهاب ، وخاصه وان الصين بدأت بالتوسع في المنطقه وتبحث لها عن موطئ قدم ، وخاصهوهي بالفعل قد بدأت بالشروع ببناء قاعده بحريه لها على الاراضي الجيبوتيه.
وفي الاخير نقول ان السلام ووقف الحرب وتحصيل الحقوق كلها تعتمد في الاول والاخير على التوازن العسكري والواقعي على الارض، والصمود في الحرب ، وان هذا الواقع على الارض ينعكس في علاقه طرديه علي طاوله المفاوضات وتحصيل الحقوق ، وهذا ما نتابعه ونلمسه من الطرف المدافع عن اليمن ضد قوى التحالف المتمثل في الجيش واللجان الشعبيه الذي يمارس سياسه ذكيه تقوم على النفس الطويل في الحرب والدفاع عن الوطن حتى اخر نفس ، وامتصاص قوه الخصم وافشال كل خططه واستنزافه ، وصبره في هذه الحرب ، والتشبث بتحقيق اهدافه ومن اهمها انتزاع وامتلاك القرار اليمني من الهيمنه الخارجيه و الاصرار على وحده وطنه وعدم الانتقاص من سيادته
والشعب اليمني سيكون وراء جيشه ولجانه الشعبيه داعما ومناصرا له حتى النهايه ، وخاصه انه لم يعد يوجد ما يخسره اكثر ماخسره فقد ضربت معظم البنى التحتيه ووكل الاهداف التي حددها عدوه ، وايضا دفع الالاف من ابناء هذا الشعب حياتهم من جراء القصف المدمر. الضالم. العشوائي للدول التحالف ، وماعليه الا ان. يستمر في ذلك في سبيل انتزاع كامل حقوقه العادله التي لا تقبل التنازل عنها او التفريط بها.
نتمنى لوطننا السلام والامن وان تنجح المفاوضات في وقف هذه الحرب. وان يعود الامن الي وطننا ، لكن في ظل عدم التفريط باي من الثوابت الوطنيه او الانتقاص من استقلاليه دولتنا وقرارها او من سلامه ارضنا ووحده هذا الوطن..