كان لافتاً حلول العام الثامن من “عاصفة الحزم” والأدخنة تعلو المدن السعودية .. ماذا بقي للرياض كي تراهن عليه ؟!
أفق نيوز../
كان لافتا ان يتزامن دخول العام الثامن للعدوان السعودي الامريكي على اليمن ، والسنة اللهب تشتعل في جدة وسط المملكة السعودية وليس في صنعاء او أي مدينة اخرى لم يتوقف عنها القصف السعودي الاماراتي ودول اخرى مشاركة في الحلف المرعي امريكيا طوال 7 اعوام .
أعلنت الحرب على اليمن من واشنطن من ساحة البيت الابيض ، كان السفير السعودي الجبير منتشيا ويتبختر امام الصحفيين وهو يعلن عن بدء غزو لليمن تقوم به بلاده بالمشاركة مع الولايات المتحدة ، وعلى بعد الاف الاميال كانت وسائل الاعلام السعودية تنقل صورا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان والذي لم يكن انقلب حينها على ابن عمه محمد بن نايف وهو يمسك سماعة الهاتف من مركز ادارة العمليات الجوية في الرياض ،يخاطب الطيارين الذين نفذوا اولى الغارات الجوية على صنعاء بوصفه وزير الدفاع يبارك لهم العملية العسكرية التي وصفت بعاصفة الحزم واخذت تتغنى بها وسائل الاعلام السعودية وحتى وسائل اعلام عربية واجنبية بالخصوص بريطانية وبينها مؤسسات عريقة كالبي بي سي ، والتي تجاهلت الردود اليمانية في بداية الحرب قبل ان تفرض نفسها لاحقا مع تطورات الاحداث خلال السنوات الماضية .
وبعدها بساعات عقد المتحدث باسم عاصفة الحزم حينها العقيد احمد العسيري اولى مؤتمراته الصحفية ليلعن نجاح الموجة الاولى من القصف ، والسيطرة على الاجواء اليمنية في ربع ساعة كما زعم حينها .
تجنب العسيري الحديث عن أول مجزرة ارتكبها طائرات التحالف في حي بني حوات المجاور لمطار صنعاء بعد دقائق فقط من بدء العدوان والذي راح ضحيته 32 مدنيا بينهم 14 طفلا واصابة 103 مدنيا بينهم 12 طفل و20 إمرأة ،
لم تكن تلك المجزرة سوى حلقة اولى في سلسلة مجازر اكثر بشاعة وقتامة سيشهدها اليمن على مدى السنوات اللاحقة حصدت ارواح مايقارب 50 الف مدني شهداء وجرحى بينهم نحو 4017 طفلا قتلوا ومقتل 20434 إمراة ، لم تبق حرمة لشي ء على الارض اليمنية التي استبيحت كليا ، وافسح المجال للسعودية وحلفها ان تفعل ماتريد لقاء المال .
توهم السعوديون والاماراتيون انهم سيدخلون صنعاء في غضون اسابيع ، كانت الاوضاع في اليمن توحي بذلك ، ثوار ال 21 من سبتبمر كانوا لتوهم ورثوا دولة فاشلة وجيشا منهك ومقسم ، وليس لديه سلاح جو فعلي بضع طائرات متهالكة وقديمة من بقايا الحرب الباردة ، وطيران لايستطيع الاقلاع ليلا ، اما اسلحة الدفاع الجوي فقد جرى تدمير جلها باشراف الامريكيين وبالتعاون مع قيادات امنية تابعة وموالية للخائن عفاش الذي اظهر مواقف منددة بالعدوان لكنه عاد وايد العدوان على بلده وقاد انقلابا بالتعاون مع الامارات بعد اقل من ثلاثة اعوام على انطلاق العدوان حاول من خلاله فتح الطريق للتحالف للوصول الى صنعاء غير انه ذلك الانقلاب فشل ولقي الرجل جزاء أعماله السيئة .
يقتصر الانجاز الوحيد للتحالف السعودي الامريكي في السيطرة على عدن والجنوب في مايو 2015م ، ومنذ ذلك الحين لايمكن الحديث عن تقدم جوهري باستثناء الهجوم على الحديدة في العام 2018م حيث تمكن التحالف من فرض شبه حصار على مدينة الحديدة وقطع الطريق الرابطة بين صنعاء والحديدة ، غير ان ذلك الانجاز جرى التخلي عنه بصورة مفاجئة بعد وصول المعارك في مارب الى نقطة باتت تهدد اخر نقاط التحالف ومرتزقته في شمال شرق اليمن .
خلال الاعوام من نهاية 2015م وحتى نهاية العام 2019م انتهجت صنعاء خطة دفاعية في مواجهة نحو 40 جبهة مفتوحة قاتلت في جميعها تمتد بطول وعرض الجغرافيا اليمنية ، وابقت على جبهة الحدود مع السعودية مشتعلة في محاولة لايقاظ القادة السعوديين من احلامهم حيث وصلت طلائع القوات اليمنية الى تخوم مدينة نجران غير انها لم تدخلها خشية ارتكاب النظام السعودي جرائم بحق السكان الذين يخالفونه العقيدة .
ظلت الصواريخ اليمنية التي كان يجري تطويرها محليا وتعديلها بخبرات يمنية عن نماذج روسيه وكورية تضرب جنوب المملكة بشكل متقطع ، غير انه في فبراير 2017م ضرب صاروخ يمني هدفا له في غرب العاصمة السعودية الرياض ماعد تطورا في الحرب تجاهله القادة السعوديون ظنا منهم ان قواتهم وحلفائهم التي كانت تواصل تقدمها البطىء في نهم باتجاه العاصمة صنعاء ستنهي هذا التهديد الخطير قبل تفاقمه .
ومثلهم ارتكب الاماراتيون الخطأ الجسيم اذا تجاهلوا رسالة صاروخية وجهتها صنعاء باستخدام اول صاروخ مجنح ضرب قاعدة الظفرة في ابو ظبي في ديسمبر 2017م عقابا لهم على دورهم في الاحداث الخيانية التي قام بها عميلهم عفاش – يقيم نجله وافراد اسرته حتى اليوم في ابوظبي ويملكون استثمارات بمليارات الدولارات جرى نهبها من المال العام ، ولاحقا ضرب صاروخ اخر محطة براكة النووية – قبل ان تضرب مسيرات اهداف لها في مطاري ابوظبي ودبي .
في فبراير 2020م نفذت قوات صنعاء عملية البنيان المرصوص لتزيح التهديد كليا عن العاصمة صنعاء وتنقل المعركة الى تخوم مدينة مارب ، وتسيطر في الطريق على الجوف ، وسبق هذه العملية الكبيرة التي اطاحت باكثر من 17 لواء تابع لمرتزقة التحالف عملية اخرى جريئة على الحدود في منطقة كتاف واطاحت كليا بالوية الفتح التي كانت تمولها الرياض بشكل مباشر ، وايضا لم تحسن الرياض قرأءة المشهد الجديد ، كما لم تحسن قراءة تطور الترسانة التسليحية لصنعاء والتي اخذت في التنامي وخروج اجيال من الصواريخ الذكية والمتشظية والمجنحة والتي اخذت في الخروج الى النور تباعا مع كل هدف نوعي يضرب في المملكة .
ومجددا كابرت المملكة في مواجهة المسيرات اليمنية التي اخذت هي الاخرى تزداد قوة وفاعلية وانتقلت من خانة الازعاج الى القلق الكبير بعد ان ارتفعت قوتها التدميرية ومدياتها ودقة اصابتها للأهداف ، ووصل القلق الى ” إسرائيل ” .
في العام 2021م واصلت صنعاء قلب الطاولة عسكريا على التحالف في اليمن واخمدت العديد من الجبهات وقضت على اهم اوراق التحالف في البيضاء منفعة بقوة نحو مارب وتمكنت من الوصل الى اطراف مدينة مارب من جهة الجنوب الشرقي لتبدوا الهزيمة تلوح في الافق للسعودية التي استنفرت كل قواها لمنع سقوط المدنية عسكريا وسياسيا ، فاخذت بالقصف الجوي الهستيري على مدار الساعة ، وضغط باتجاه تقديم مبادرات تحتوي على تنازلات تراها مؤلمة لكنها لاتتضمن رفعا للحصار .
ومع بداية العام وجهت صنعاء ضربات صاروخية ومسيرة مؤلمة للإمارت التي تفاجئت بحجم القدرة اليمانية واضطرت للانكفاء وتجميد تدخلها في مارب وانكفاء قواتها عن حريب مارب ، مقابل وقف الضربات اليمنية التي حملت شعار الاعصار اليماني ، في مواجهة تصعيد الامارت والذي اتخذ شعار ” اعصار الجنوب ” بالنظر الى كون قوات العمالقة غالبة افرادها ينتمون الى مناطق جنوبية ويتشكلون من خليط من القاعدة والسلفية المتشددة.
سريعا ادرك قادة ابوظبي سوء تقديرهم تجاه القدرات اليمنية وخطأ الحسابات التي اعادتهم الى الميدان اليمني بعد تخفيض مستوى عملياتهم منذ اتفاق السويد نهاية 2018م. غير ان اعصار اليمن اتجه الى الداخل في شكل عمل توعوي و تعبوي وتحشيدي كبير وغير مسبوق لحسم المعركة مع التحالف في العام الثامن للصمود .
في سبتمبر 2019 م وجهت صنعاء ضربة قاصمة لمنشئات النفط السعودية في بقيق وخريص اعتبرت الاعنف بين الضربات اليمنية التي طالت منشئات اقتصادية وبالاخص نفطية سعودية ، توزعت الضربات على امتداد الخارطة السعودية من راس تنوره شرقا على الخليج الى ينبع غربا على البحر الاحمر ، غير ان القيادة السعودية ظلت تكابر وتراهن على الجهود الامريكية لكسب الحرب وتعويض ما خسرته في الميدان ، وتشديد الحصار الاقتصادي والحرب الاقتصادية بغية ايلام صنعاء واجبارها على تقديم تنازلات وهو مالم يكن اذ ظلت صنعاء متمسكة بموقفها رفع الحصار وفصل الملف الانساني عن الملف العسكري .
قبل ايام ومع اطلاق صنعاء لسلسة هجمات باتجاه اهداف اقتصادية جديدة تدخل لاول مرة قائمة الاهداف اليمنية تحت عنوان ” كسر الحصار “، وصف حسين العزي نائب وزير الخارجية الحصار بالترف الذي لاتحتاجه السعودية في اشارة الى ان القادة السعوديون يتلذذون برؤية طوابير السيارات تنتظر لاميال عدة لتملىء خزاناتها بالوقود الذي انعكست شحته على كل مناحي الحياة ارتفاعا في الاسعار وتوقفا للعديد من الخدمات .
ووجه مناشدة للمرة الاولى للعقلاء بمنع انزلاق الوضع عقب عملية كسر الحصار الثانية الى وضع معقد لايريده الجميع ، ولن تقبل صنعاء ان يبقى سيف الحصار مصلتا .
اطلاق صنعاء لعمليات كسر الحصار يوحي بتنامي قدراتها العسكرية باتجاه اجبار السعوديين على فك الحصار وليس تخفيفه ، فالاوضاع في العالم عقب الصدام الروسي الامريكي في اوكرانيا يمثل فرصة ذهبية لصنعاء لكسر قيد الحصار ، حيث الغرب يبحث عن نفط وغاز الشرق الاوسط في مسعى للتخلي عن مصادر الطاقة الروسية ، وذلك يشكل ضغطا اكبر على السعوديين وحلفائهم الغربيين الذين صموا اذانهم عن المعاناة اليمنية طوال 7 سنوات.
تصاعد ادخنة اللهب الكثيفة والسوداء من منشاة ارامكو جدة وتلك المتصاعدة من اوكرانيا قد فعلت فعلها، يجري الحديث عن طلب سعودي من دولة اقليمية للتوسط لدى صنعاء لوقف الهجمات على ارضيها مقابل استعدادها رفع الحصار وفتح مطار صنعاء و ميناء الحديدة، ويبدوا ان المبادرة التي اعلن عنها رئيس المجلس السياسي الاعلى مهدي المشاط هي مجرد تخريجة لإنزال السعودي عن الشجرة .
تتحدث مصادر في داخل مرتزقة الرياض ان السعوديين عرضوا نحو مائة مليار دولار على صنعاء مقابل احتفاظ التحالف ببعض النقاط المهمة في داخل الاراضي اليمنية .
صنعاء رفضت العرض واشترطت الخروج النهائي والكامل من الاراضي اليمنية ، واعتذارا رسمي سعودي عن الحرب ، إن ارادت تحويل مبادرة ال 3 ايام الى هدنة دائمة.
ثمة مؤشرات تبعث على التفاؤل اذا ماربط اعلان رئيس اللجنة الوطنية للأسرى عبد القادر المرتضى حصول صفقة تبادل قد تعد الاكبر في حال تنفيذها تضم نحو الفي اسير من الطرفين ، وتمثل ضعف الرقم الذي جرى تبادله في اكتوبر 2021م.
وبالنظر الى تأكيد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في التحضير لشهر رمضان للسعوديين بانهم سيندمون في حال فوتوا الفرصة المقدمة لهم من صنعاء للنزول عن شجرة العدوان وفك الحصار، فالكرة في ملعب السعوديين ورعاتهم أصبحت ..
انتهت الهدنة بمكابرة سعودية تهربت من رفع الحصار الى وقف العمليات التي بات استمرارها مكلفا للسعودية دون جدوى ..
الامور الان تتجه عقب بيان صنعاء الاسيف لعدم استجابة الرياض د الدخان الاسود تغطية المدن السعودية ، يعلم الله وحده أين تقف مدياته.
المسيرة نت – إبراهيم الوادعي