العدوان والحصار زاد من حرص اليمنيين على التكاتف والتكافل في الملمات:
بنك الدم.. إقبال المتبرعين يقابله نقص في المحاليل
تحقيق/ سارة الصعفاني
من القضايا مالا يحتمل التسويف أو المماطلة خاصة عندما تتصل بحياة البشر لذا وجب السعي الجاد لإيجاد حلول لها .. هذا تماما ما ينطبق على المركز اليمني لنقل الدم وأبحاثه الذي يعاني من نفاد في مخزون المحاليل وقرب الدم نتيجة عدم صرف الموازنة الخاصة به من قبل وزارة المالية واستمرار حصار العدوان على بلادنا مما أدى إلى توقف بنوك الدم في المستشفيات وإطلاقها نداءات استغاثة للجميع عل ذلك يساعد لإيجاد حل, فحياة جرحى العدوان ومرضى السرطان والدم الوراثي والفشل الكلوي وغيرهم ممن تستدعي حالتهم الحصول على دم في خطر وقد يفارقون الحياة جراء تقاعس البعض عن التبرع بالدم . التحقيق التالي يسلط الضوء على جزء من المعاناة:
عبدالصمد الخالد /موظف حكومي في الأربعينيات من عمره، أحد المتبرعين بالدم، تأخر عن الدوام ليأتي إلى المركز للتبرع ، يقول : حقيقة لم أكن أتبرع بالدم لاعتقادي أن غيري سيأتي لكن بعد العدوان والحصار اللانساني والبعيد عن الأخلاق شعرت بمسؤولية وضرورة مساندة الأبرياء من المرضى والجرحى خصوصاً بعد إطلاق بنوك الدم نداءات استغاثة، وأدعو الجميع للتبرع بالدم كونه عمل إنساني يساهم في إنقاذ حياة الملايين ، يكفي أن الله عز وجل يقول في سورة المائدة ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) .
محمود العبيدي/ أب لطفلة عمرها 6 سنوات أجريت لها عملية جراحية ، أكد الأطباء أن حالتها خطيرة ؛ كونها بحاجة ماسة وسريعة للدم بعد أن فقدت كثيراً منه أثناء العملية لكنه لم يكن يملك فصيلة دمها ، يقول : شعرت حينها فقط كيف تنقذ دماء الآخرين حياة إنسان ما بين الحياة والموت؛ فصرت ملتزماً بالتبرع باستمرار، وبعد أن سمعت في وسائل الإعلام عن الحاجة للمتبرعين زاد حماسي .
أما عبدالسلام غلاب /مواطن في الخمسينيات من عمره تعاني زوجته من فشل كلوي منذ أربعة أعوام ، يأتي لبنك الدم باستمرار للحصول على الدم لإنقاذ حياتها يقول : دائماً أحضر لبنك الدم وأحصل على الدم بسهولة لكن الفترة الماضية عانيت في الحصول عليه لعدم توفر قربة دم !
( نقص في الأساسيات )
د. سعيد الشيباني – مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه – تحدث معنا عن الصعوبات التي تواجه المركز في ظل الظروف الراهنة وأفاد قائلاً : نعاني من عدم توفر الإمكانات المادية لتوفير المحاليل وقرب الدم وتنفيذ خطط المركز لرفع المخزون الاستراتيجي من الدم ، كما أن موازنة المركز محتجزة في وزارة المالية منذ بداية عام 2015 م ، بالإضافة إلى نفاد المخزون وعدم قدرة الموردين على توريد المناقصات؛ ما أدى إلى نفاد مخزوننا من المحاليل وقرب الدم ، وتوقف بنوك الدم في المستشفيات الحكومية والخاصة من إبريل وحتى اليوم زاد العبء على المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه، وفاقم المشكلة انعدام هذه المواد من السوق المحلية .
(عودة بعد التوقف)
أما منير أحمد الزبدي – مدير إدارة الإعلام والتوعية في المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه فقد صرح قائلاً / في ظل العدوان والحصار توقفت معظم بنوك الدم في مستشفيات أمانة العاصمة نتيجة عدم توفر محاليل وقرب الدم فتلقينا دعماً محدوداً من منظمة الصحة العالمية وبعد فترة توقف المركز تماماً لأكثر من شهر حتى تم دعمنا بقرب الدم والمحاليل مجدداً من قِبل منظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود فعاودنا العمل منذ ما يقارب 20 يوماً .
وأضاف: بدأنا بحملات إعلامية لجمع أكبر كمية من الدم لتزويد المستشفيات ، والنتيجة كالعادة إقبال كبير من قبل المتبرعين بالدم رغم الظروف الراهنة.. فاليمنيون أرق قلوباً وألين أفئدة.. لكن المشكلة التي تواجهنا كثيراً عدم وجود المحاليل الطبية وقرب الدم.
(إقبال كثيف)
من جهته يقول :مصطفى السامعي ممرض بأن المركز يستقبل هذه الأيام المتبرعين بشكل متزايد خصوصاً في هذه الظروف المأساوية ، ويتم اختيار المتبرعين وفحص قدرتهم على التبرع بالدم وتحديد مدى فاعليته وفق نظام عالمي حددته منظمة الصحة العالمية .
الإقبال غير متوقع حتى أن عدد المتبرعين يصل في أيام الحملات إلى أكثر من 300 متبرع في اليوم ؛ فالأمور على ما يرام لكن ما تزال كمية المخزون من الدم قليلة لا تفي بالاحتياج المستقبلي لذلك يفترض أن تستمر حملات التبرع بالدم لفترات طويلة لا أن تحدد بخمسة أيام أو أسبوع .
(التبرع بالدم صحي)
للتبرع بالدم أهمية من الناحية الإنسانية والوطنية والصحية والدينية فالمتبرع بالدم ينقذ حياة إنسان ، وكانت وزارة الصحة العامة والسكان قد وجهت نداء استغاثة بالتوجه إلى المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه الذي تأسس في عام 2006م ومراكز التبرع بالدم في مستشفى الجمهوري وهيئة مستشفى الثورة والمستشفى العسكري بصنعاء والتي تعاني من نقص كبير في الدم نتيجة العدوان والحصار، والتبرع بالدم هو سحب كمية بسيطة من دم المتبرع تقدر بنحو (450 – 500 مل) في أقل من ربع ساعة، وهي مهمة لتلبية الحاجة المستمرة للدم ، وبحسب الأطباء للتبرع بالدم فوائد صحية تتمثل بخفض ضغط الدم المرتفع وزيادة نشاط الدورة الدموية حيث يتم تنشيط نخاع العظم لإنتاج خلايا الدم المختلفة ( كريات حمراء وكريات بيضاء وصفائح دموية ) كما أنه يقلل نسبة الحديد في الدم والتي ثبت علمياً أن زيادة نسبة الحديد تزيد من نسبة الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين كما أثبتت الدراسات أن الذين يتبرعون بدمهم مرة واحدة على الأقل كل سنة هم أقل عرضة للإصابة بأمراض الدورة الدموية وسرطان الدم. فضلاً عن كونه عمل إنساني ينعكس إيجابياً على الصحة النفسية ، ويتم تعويض سائل الدم خلال 12 – 72 ساعة ، وبروتينات الدم خلال 3 – 4 أيام ، فيما كرات الدم الحمراء تتجدد بعد ثلاثة أيام وتكتمل خلال 4 – 8 أسابيع ، ويستطيع الإنسان التبرع بالدم مرة كل شهرين، على أن لا يزيد عدد مرات التبرع عن خمس مرات في العام.
وبإجراء الكشف الطبي يتم التأكد من خلو المتبرع بالدم من الأمراض المعدية، التي تنتقل عن طريق الدم مثل أمراض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) والتهابات الكبد الفيروسية والزهري والملاريا، وذلك بعد إجراء الفحوصات المخبرية .
( نصائح)
عند الفحص الطبي يمنع التبرع بالدم في حالة المتبرع الذي أجريت له عملية نقل دم أو أجريت له عملية جراحية قبل أقل من عام ، الشخص المصاب بمرض معد كالإيدز أو الالتهاب الكبدي الفيروسي والزهري والملاريا أو المصابين بالسرطان والقلب والصرع وارتفاع ضغط الدم والسكري بالإضافة للمصابين بأمراض الدم الوراثية والربو وفقر الدم الحاد .
من المهم أن يتبرع بالدم كل إنسان يتمتع بصحة جيدة وبشكل منتظم، لأن هذا سوف يضمن توفر الدم ومشتقاته للمرضى والمصابين الموجودين بالمستشفيات على مدار الساعة مما ينقذ حياتهم، حيث يعطى الدم للمرضى المصابين بأحد أمراض الدم الوراثية مثل الأنيميا والهيموفيليا والثلاسيميا واللوكيميا ،ولمرضى السرطان لحاجتهم إلى دم مفصول المكونات ولمرضى لفشل الكلوي والمصابين في الحوادث والفاقدين جزء من دمهم في العمليات الجراحية وللسيدات الحوامل عند حدوث مضاعفات قبل وخلال وبعد الولادة ،وغيرهم ممن تستدعي حالاتهم الحصول على دم ، وفصل الدم إلى العديد من المكونات يحقق الاستفادة القصوى من كل وحدة دم، بحيث تخدم أكثر من مريض، بالإضافة إلى تجنب الآثار الجانبية للعناصر التي قد يتم نقلها ولا يحتاج إليها المريض .
وللتبرع بالدم شروط تتمثل في أن يكون عمر المتبرع بين 18 و 65 سنة ، ولا يقل وزنه عن 50 كجم ، وأن تكون نسبة الهيموجلوبين للرجال 13– 17.5، أما النساء فتكون بين 12.5– 14.5على أن يتراوح الضغط بين 60/100 إلى 90/140، والنبض بين 50 و100 في الدقيقة ، ويجب أن لا تزيد درجة حرارة الجسم عن 37 درجة مئوية .
ويتم صرف الدم مجاناً بدون أي رسوم بعد إحضار طلب نقل دم رسمي من المستشفى مدون عليه بيانات مهمة كاسم المريض وعمره ونسبة الدم أو المكون المطلوب نقله للمريض ونوعه وكميته والتشخيص الطبي وختم الطبيب المعالج .