مصير الهدنة الإنسانية!
أفق نيوز – بقلم – زيد الشُريف
الهدنة هي بمثابة فرصة للسلام يجب استغلالها وتفعيلها بشكل أكبر للوصول إلى السلام الدائم والشامل، وينبغي أن تكون الهدنة إعمال مواقف إيجابية وليس فقط تصريحات وخطابات إعلامية، لأن الشيء الممكن الذي من خلاله سيتحقق السلام في اليمن، هو الجدية والمصداقية والمواقف العملية الإنسانية، وهذا يتطلب توجهاً صادقاً من قبل دول تحالف العدوان ومرتزقتها وكذلك يتطلب دوراً إيجابياً من الأمم المتحدة بما يدفع الهدنة إلى الأمام، ولكن للأسف الشديد ما يلمسه الشعب اليمني هو التسويف والمماطلة من قبل دول العدوان التي لا تزال تصر على حصار الشعب اليمني من خلال إغلاق مطار صنعاء ومن خلال استمرارها في احتجاز السفن اليمنية وتلكؤها في ملف الأسرى الذي كان من المفترض أن تبادر هي للإفراج عن الأسرى، لما فيه مصلحتها، خصوصاً أن هناك استجابة كاملة واستعداداً كبيراً من قبل القيادة في صنعاء.
الشهر الأول من عمر الهدنة الإنسانية الأممية انتهى دون تحقيق نتائج إيجابية عملية ملموسة، وفق ما نصت عليه بنود الهدنة، ولا تزال دول تحالف العدوان تماطل وتراوغ وتمارس القرصنة تجاه سفن المشتقات النفطية اليمنية وتمنع فتح مطار صنعاء وتتهرب من ملف الأسرى، وهذا يعني أن مضمون الهدنة يختلف تماماً عن التسمية، فهي خالية من الإنسانية ولم تتقدم إلى الأمام على المستوى الإنساني سوى خطوات قليلة لا تتوافق مع حجم الكارثة الإنسانية التي صنعها العدوان في اليمن ولا تنسجم مع بنود الهدنة وتسميتها، ومعلوم للجميع أن دول تحالف العدوان تتحمل المسؤولية الكاملة تجاه عرقلة الهدنة، إضافة إلى أن دور الأمم المتحدة الهزيل الذي اقتصر على التصريحات الإعلامية النادرة جداً وغلب عليه الصمت طول هذه المدة، يمثل عاملاً من عوامل ركود الهدنة ودورانها حول نفسها وعدم تقدمها إلى الأمام بخطوات إنسانية عملية ملموسة لكي تصل إلى النتائج التي كان من المفترض تحقيقها.
اذا بقيت الأمور كما هي عليه ولم تتقدم الهدنة إلى الأمام، فهذا يعني أن مصيرها هو الفشل وأن الأمور ستتفاقم أشد مما كانت عليه في السابق وستتعرض دول العدوان للمزيد من الضربات الجوية والصاروخية اليمنية، لأن الشعب اليمني وقواته المسلحة لن يقفوا مكتوفي الأيدي ولن ينتظروا دول العدوان وهي تستغل الهدنة وترتب أوراقها لتستأنف عدوانها مجدداً، فهم يملكون الخيارات الاستراتيجية الكثيرة والكبيرة والمتعددة ولكنهم يفضلون إتاحة الفرصة للسلام من خلال الهدنة ويقدمون المبادرات ويثبتون جديتهم ومصداقيتهم وحرصهم الشديد على تحقيق السلام في اليمن لما فيه مصلحة الجميع، ولكن دول تحالف العدوان تصر على غطرستها وعنجهيتها وتواصل مشوارها نحو السقوط في مستنقع الطغيان والإجرام الذي بدأت الخوض في غماره منذ عام 2015م وهي تدرك أنها تخوض معركة عدوانية إجرامية باطلة وخاسرة وأنها تعرّض نفسها للهلاك على يد الشعب اليمني الذي يستحق السلام وليس لأحد الحق في التعدي عليه والتدخل في شؤونه الداخلية.
ما الذي تراهن عليه دول تحالف العدوان؟ ألم تأخذ الدروس والعبر مما حصل في السنوات السبع الماضية؟، في مختلف ميادين الصراع العسكرية والاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها جربت دول العدوان كل ما لديها وفشلت في تحقيق أهدافها ووصل الجميع إلى قناعة بأن استمرار العدوان والحصار لن يجلب للمعتدين سوى المزيد من الفشل، فلماذا تحاول دول العدوان إفشال الهدنة وهي تعلم أن الذي ينتظرها هو الفشل والهزيمة والخسارة؟، ولا تزال الفرصة قائمة ومصير الهدنة مرهون بجدية والتزام دول تحالف العدوان بما تضمنته بنود الهدنة وفي حال قررت دول العدوان إفشال الهدنة فهي من ستتحمل المسؤولية الكاملة، لما ستترتب على ذلك من تبعات كارثية على دول العدوان نفسها، لأن القوات المسلحة اليمنية لن تقف مكتوفة الأيدي وهي مجبرة للرد القوي والرادع على غطرسة العدوان وحينها ستندم دول العدوان في وقت لا ينفعها فيه الندم.