الوحدة اليمنية.. حلم اليمنيين الذي تصر الرياض وأبوظبي على اغتياله
أفق نيوز – تقرير – محمد شرف
تمر اليوم الذكرى الـ32 لقيام الوحدة اليمنية، في ظل مخططات تآمرية تهدف لتقسيم وتجزئة اليمن، من قبل تحالف العدوان السعودي الإماراتي الذي يدخل عدوانه على اليمن عامه الثامن، مستنفراً كل إمكانياته ومرتزقته في القضاء على حلم اليمنيين (الوحدة اليمنية)، وإعادة البلاد إلى عهد التشطير والتجزئة، موغلاً في التقسيم والتفكيك.
الوحدة التي تحققت لليمن عام 1990، بإرادة أبنائها العظماء وسعيهم الدؤوب الذي استمر على مدى عقود من الزمن، يُمارس اليوم النظامان السعودي والإماراتي، حرباً شعواء على أي جهود ومساع تهدف إلى الحفاظ على الوحدة اليمنية، من خلال مرتزقتهما .
قديماً، ظل النظام السعودي يتصدى لأي تقارب وحدوي بين شمال اليمن وجنوبه، منذ مطلع السبعينيات، ممولاً الحروب بين شطري اليمن بهدف تعميق الخصومة والقطيعة بين أبناء الوطن الواحد.
في المقابل؛ عمل النظام الإماراتي على إنشاء ما يُسمى (المجلس الانتقالي الجنوبي) بنزعة انفصالية بحتة، أما عسكريا؛ فأوجدت قوات الحزام الأمني بعدن والنخبة الحضرمية في حضرموت والنخبة الشبوانية في شبوة والنخبة المهرية في المهرة والنخبة السقطرية في سقطرى وقوات المقاومة الجنوبية والمقاومة التهامية، وغيرها من المسميات ذات عقيدة انفصالية .
دور تاريخي »قذر« للسعودية في إفشال مشروع الوحدة اليمنية
تاريخياً؛ لعب النظام السعودي دوراً كبيراً في إفشال قيام الوحدة اليمنية، فقد ظلت المملكة السعودية طيلة أعوام ما قبل الوحدة المباركة تضع العراقيل والمخططات الرامية إلى إفشال مشروع الوحدة اليمنية الذي كان يحلم بتحقيقه كافة اليمنيين في أرجاء المعمورة وكان للمملكة السعودية من الوحدة اليمنية موقف سلبي وسيىء جداً سيسجله التاريخ ولن ينسى لها ذلك التآمر القبيح على أحلام اليمنيين .
فالوحدة التي كانت هدفا للشعب اليمني في شمال اليمن وجنوبه منذ ستينيات القرن العشرين حيث كانت الدولتان –آنذاك- قد أنشأتا مؤسسات خاصة لشؤون الوحدة ولكن اختلاف النظام السياسي والاقتصادي كان عاملا معرقلا ولكن العامل الأبرز والمعرقل الأول لقيام الوحدة هم العملاء الذين رفضوا الوحدة مع الجنوب بحجة أن اليمن الجنوبي ماركسي وامتداد للاتحاد السوفيتي ، بدعم من النظام السعودي .
لقد كانت السعودية من أبرز المعارضين الإقليميين للوحدة بين شطري اليمن، فبعد المصالحة الوطنية في شمال اليمن، والمصالحة القومية في الخرطوم، تحولت العدائية السعودية من ظاهرها العسكري إلى باطنها التآمري المخابراتي، فحاربت محاولات النضال الوطني في سبيل العمل على تحقيق الوحدة اليمنية، وساهمت في تأزيم علاقات الأخوة بين الشطرين، لتشعل بينهما حربين مستغلة الظروف الذاتية حينها في الشطرين والتي فجرت حربين بينهما، غير أن التآمر السعودي علي الوحدة تجلى في مؤامرة اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي في 11تشرين الأول (أكتوبر)1977م، وقبل يوم واحد من زيارته المقررة إلى الشطر الجنوبي للاحتفاء بعيد ثورة أكتوبر وإنجاز خطوات إستراتيجية في الاتجاه السياسي نحو توحيد الشطرين.انتصرت الإرادة الوحدوية لدى الحركة الوطنية لتصنع اتفاق الوحدة الاندماجية في( 30نوفمبر1989)، ولتحقق هذه الوحدة في 22 ايار (مايو)1990 الإنجاز الذي أذهل الأسرة السعودية بهول المفاجآت فأسقط قدرتها على التآمر في الفترة بين اتفاق عدن في ) نوفمبر1989، والاجتياح العراقي للكويت في 2 أغسطس1990، حينها توافرت الفرصة للتآمر السعودي على الوحدة من البوابة الاقتصادية، حيث تم طرد مليوني عامل يمني، وقد مثلت هذه الجريمة ضد المغتربين اليمنيين في الجوار العربي، مدخلاً للتآمر على الوحدة من خلال الإنهاك الاقتصادي لدولتها الفتية وإضعاف قدراتها وإفشال مساعيها للنهوض الاقتصادي الشامل، ثم امتد هذا التآمر بأذرعه المخابراتية إلى الداخل اليمني ،فعمدت السعودية إلى تصعيد حدة الصراع ودفعه باتجاه الحرب التي لم تتأخر كثيراً، فانفجرت في صيف 1994م، لتشهد أول محاولة للانفصال، ولتشهد على التآمر السعودي الذي سارع إلى دعم المحاولة الانفwصالية بمليارات الدولارات، وأحدث معدات الأسلحة.
بدأ الاعتراض السعودي على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية منذ اتفاقية القاهرة الوحدوية في 28 أكتوبر 1972، واستمر حتى حرب صيف 1994، كما كانت السعودية تغذي الصراعات والحروب بين شطري اليمن قبل الوحدة لوأد أي تقارب بين الطرفين يؤدي إلى التسريع بتحقيق الوحدة بينهما، واحتضنت قوى المعارضة اليمنية من شماليين وجنوبيين.
وقبل الإعلان عن تحقيق الوحدة بمدة زمنية قصيرة 1989م، أرسلت السعودية مسؤولاً رفيعاً، وهو وزير ماليتها (محمد أبا الخيل) إلى جمهورية اليمن الديمقراطية- حينها -، التي كانت في نظرها نظاماً شيوعياً يجب استئصاله، ناهيك عن مساعدته، ليعرض على قيادتها الوحدوية مساعدات مالية تصل إلى 17 مليار دولار مقابل التخلِّي عن اتفاقية الوحدة، لكنها فشلت .
لقد أقدمت السعودية على عدة خطوات من شأنها الإطاحة بالوحدة، وقامت باغتيال قيادات سياسية وعسكرية جنوبية مما فاقم من حدة الخلافات بين اطراف النزاع “الشمال والجنوب ” وسعت بكل ما أوتيت من قوة لدعم القوى الجنوبية الداعية إلى الانفصال عام 1994م حينما أعلن علي سالم البيض جمهورية اليمن الديمقراطية من عدن لم يعترف أحد بهذا الإعلان وعملت السعودية على جمع اكبر قدر ممكن من الاعترافات الدولية بدولة البيض.
ووفقاً لمصادر إعلامية، فقد عمل النظام السعودي على إخراج اعتراف من مجلس التعاون الخليجي ووافقت الإمارات والبحرين والكويت في حين رفضت قطر وعمان الاعتراف بدولة الانفصال وبعدها توجهت السعودية للأمم المتحدة للدفع بقرار أممي وفشلت السعودية في عرقلة الوحدة فتوجهت صوب الولايات المتحدة الأمريكية مطالبة إياها الاعتراف بالانفصال ، كما سعت إلى استعمال عملائها في الداخل عبر المشائخ القبليين ولكنها فشلت .
أبوظبي.. دور مشبوه لدعم لانفصال والتقسيم
التمزيقُ والتفتيتُ والتفكيك، مشاريع تقسيمية استماتت قوى العدوان على مدى سبع سنوات في فرضها على اليمن، واجهها الشعب اليمني بقيادة أنصار الله مقدمين تضحيات كبيرة ، مؤكدين على أن الأرض والإنسان والجغرافيا اليمنية “ترفض الامتهان والتقسيم والتجزئة”، فالشعب اليمني جسد واحد لا يمكن أن يُجزأ أو يقبل القسمة.
لقد وجدت دول تحالف العدوان، بإعلان الحرب على اليمن، فرصة ذهبية لتحقيق مخططاتها التآمرية على وحدة اليمن، بل إنها سعت إلى أبعد من ذلك من خلال السعي إلى تقسيم وتفتيت البلاد .
فعلى مدى سبعة أعوام، عمل التحالف السعودي- الإماراتي على تشكيل قوات عسكرية بمسميات وتفرعات مناطقية وأخرى سياسية، وبحسب تقرير صادر عن لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، فقد عملت دول العدوان على تأسيس دويلات داخل الدولة اليمنية .
سياسياً؛ أنشأت أبوظبي ما يُسمى (المجلس الانتقالي الجنوبي) بنزعة انفصالية بحتة، أما عسكرياً؛ فأوجدت قوات الحزام الأمني بعدن والنخبة الحضرمية في حضرموت والنخبة الشبوانية في شبوة والنخبة المهرية في المهرة والنخبة السقطرية في سقطرى وقوات المقاومة الجنوبية والمقاومة التهامية، ودعمت كتائب أبو العباس في تعز وسعت لإنشاء حزام أمني هناك .
وفي مايو 2017، أعلن محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي وبدعم من الإمارات، عن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يهدف إلى فك ارتباط جنوب اليمن عن شماله، وتحقيق استقلال جنوب اليمن عن سلطة صنعاء، بحدوده قبل إعادة تحقيق الوحدة عام 1990، بحسب نص البيان.
فقد بلغ المخطط السعودي- الإماراتي في اليمن ذروته؛ حيث تحولت مؤشرات المخطط بإنشاء كيانات مسلحة ذات عقيدة انفصالية، تضمن نجاح مخططات دول العدوان في مشاريع تقسيمية تخدم المصالح الصهيوأمريكية العليا، تتقاسم فيه الإمارات والسعودية الغنائم عبر وكلاء لهما على الأرض .
قامت السعودية والإمارات بعمليات تسليح وتجنيد واسعة في المحافظات الجنوبية، قاتلوا جميعهم ضد قوات الجيش واللجان الشعبية، ووصلت إلى الحدود “الشطرية” مع الشمال وتوقفت هناك دون تحرك.
كما أنشأت أبوظبي ميليشيات محلية تصل إلى200 ألف مرتزق، إضافة إلى هيئات متعددة، تُطالب بالانفصال عن الشمال، أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسس في 2017م، بدعم من الإمارات والذي تنضوي تحته ميليشيات شبه عسكرية أبرزها مليشيا الحزام الأمني بعدن الذي يصل عدد قواته إلى نحو30 ألف جندي في عدن وحدها.
كما توجد قوات تابعة للإمارات مناظرة للحزام الأمني بنفس التسمية في «الضالع ولحج وأبين» وبمسميات أخرى مثل النخبة في “شبوة وحضرموت”،بالإضافة إلى إنشائها قوات تابعة لدول العدوان في الساحل الغربي ومحاولة فصل المخا عن مدينة تعز .
وشكَّل سقوط مدينة عدن، بأيدي الميليشيات المحسوبة على أبوظبي، حلقة من مخطط سعودي ـ إماراتي يؤسّس لجولات من الاقتتال الأهلي، ويستهدف إعادة البلاد إلى ما قبل 1990م (قبل الدخول في الوحدة).
وشهدت مدينتا عدن ولحج من خلال ميليشيات «الحزام الأمني» الموالية للإمارات، عمليات تهجير وترحيل واسعة للسكان من المحافظات الشمالية، وهو ما اعتبره مراقبون أساليب تعكس رغبة أطراف سياسية وقوى إقليمية في تعميق الفجوة المجتمعية بين أبناء الجنوب والشمال وتمرير مشاريعها الصغيرة في تمزيق اليمن الموحد، كما لم يسلم المسافرون في الضالع ومارب وعدن من الانتهاكات والجرائم الجسيمة من قبل مليشيات الرياض وأبوظبي.
يقول التاريخ: إن دعم تقسيم اليمن ليس مخططاً إماراتياً حديثاً يسعى إليه أبناء زايد؛ فوالدهم زايد بن سلطان سبق وأن دعم الانفصاليين في حرب صيف 1994، لكن النتائج لم تأتِ كما تشتهي سفن أبوظبي وبعض العواصم الإقليمية، وانتصرت إرادة اليمنيين.
التصدي لمشروع التقسيم
انطلق العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، فجر الخميس 26 مارس 2015م، وكان الهدف هو تنفيذ مخطط قوى العدوان في فرض مشروع تقسيم اليمن بالقوة بعد أن فشلت محاولاتها المستميتة في تمريره من خلال عملائها من مرتزقة الداخل .
فقد تصدرت جماعة أنصار الله وكل الشرفاء في اليمن، جبهة التصدي لمشروع تقسيم البلاد قبل مارس 2015م؛ من خلال خوضها معركة سياسية لا تقل شراسة عن المعارك العسكرية التي خاضها الجيش واللجان الشعبية طيلة السبع سنوات الماضية من العدوان .
ونجحت حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء إسقاط تلك الرهانات، من خلال معركة جسد فيها الشعب اليمني العزيز أنصع القيم الدينية والوطنية، وتجلت فيها الحقائق التاريخية والحضارية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، إذ قدم اليمنيون التضحيات الجليلة، وسطروا فلسفة صمود فريد تفوق على تحالف العدوان وآلته العسكرية الحديثة وجحافل مرتزقته، واصبحت هناك قناعة باستحالة فرض مشروع التقسيم على مناطق شمال اليمن التي تُديرها حكومة الإنقاذ بصنعاء بقيادة مُكون «أنصار الله»، الذي يمتلك مشروعاً وطنياً مناهضاً للوصاية والتقسيم، رافضاً أي محاولات ومساع لانفصال اليمن الموحد أو تقسيمه.