في الـيَـمَـن كُلّ شيء ينادي: لبيك يا رَسُــوْل الله
275
Share
كتب/ رضوان سبيع:-
إيذاناً بقُرب حلول ذكرى المولد النبوي الشريف وكما جرت العادة في كُلّ عام تجري الاستعداداتُ على قَدَمٍ وساقٍ في سائر بلدان العالم الاسلامي وفي شتى أنحاء المعمورة عموماً، وحيث تتموضَعُ البلدةُ الطيبة في يمن الإيمان والحكمة خصوصاً لإحياء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف إحتفاءً وإجلالاً وتعظيماً لذكرى قُدوم رحمةِ الله للعالمين مُحَمَّــد – صَلَـى اللهُ عَلَيْه وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- في 12 ربيع الأول لعام 1437 هجرية والذي يصادف يوم الأربعاء 23-12-2015، ومما لا شكَّ فيه ولا جدالَ أنه لا يختلفُ اثنانِ في فرادةِ وتميُّزِ يمَنِ الأنصار في ترجمته الفعلية وتجسيده الواقعي لاهتمام الـيَـمَـنيين الكبير وحرْصِهم الشديد على إثبات تمسُّــكِهم بوَلائهم لله ولرَسُــوْله وضرورة اقتفاء أثره والاقتداء به بتجسيد القيَم والمبادئ الأخلاقية السامية التي شرَعَها ورَسَمَ خطوطَها العريضةَ دينُنا الإسلاميُّ المُحَمَّــديُّ الذي تمثَّل في ما جسّده نبيُّ الهُدَى قولاً وفعلاً وتقريراً وكما جسّده من بعده أعلامُ الهُدَى الأطهار من عترته أهل بيته عليه وعليهم أزكى الصلوات وأتمّ التسليم.
وكالمعتاد ومن بداية شهر ربيع الأول من كُلّ عام تقامُ بمناسبة المولد النبوي الشريف العديدُ من الاحتفالات والفعاليات الثقافية والفنية التي يتم إحياؤها في مختلف المحافظات الـيَـمَـنية وُصُولاً إلَـى الاحتفالات الكبرى في 12 من ربيع الأول والتي تحضُرُها حشودٌ مليونية تتوافَدُ إلَـى ساحتين رئيسيتين الأولى في العاصمةِ صنعاء والثانية في محافظة صعدة، وفي ذلك اليوم تكونُ الأبصارُ شاخصةً على المستويين المحلي والدولي في ترقب للحظة التي سيطلُّ فيها السيدُ القائد/ عبدُالملك بن بدرالدين الحوثي لإلقاء خطاب متوقَّع يتحدثُ فيه عن المناسبة، وكما يتطرق بالحديث عن آخر المستجدات، مواصلاً فيه ومن خلاله قيادةَ ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المجيدة بمراحلها الإستراتيجية ورسم الخطوط العريضة وما الذي يجب أن تتحركَ على أَسَـــاسه جماهيرُ الشعب الثائر حتى يتمكنَ في نهاية المطاف وبعَون الله تعالى من الوُصُول إلَـى ساحل الأمان وتحقيق الهَدَفِ المنشود والمتمثل بالتحرّر والاستقلال الوطني كاملاً غير منقوص.
يمانيون في رحاب المصطفى
نادرةٌ هي الحالاتُ التي يجد المرء نفسَه وقد أصبح أسيراً في قبضة طوفان الانبهارِ وخاضعاً لا يتردد أو يأبى مستنكفاً من إعلان الاستسلام أمام جحافلِ الدهشة الغازية والمُصرّة على احتلَال كيانه واستيطان كُلّ أحاسيسه ومشاعره وأنفاسه وكل شيء في أعماقه وَوجدانه.
وبالطبع أنه ولأسباب ودواعيَ مختلفةٍ ومتفاوتةٍ من شخص لآخر قد يشعُــرُ المرءُ بمثلِ هذه الحالات الرائعة والنادرة في أي مكان أو زمان إلا أنها بالتأكيد لن تبلُغَ ذروتَها ولن يصلَ مداها إلَـى مستوى ذروة ومدى الحالة التي قد يشعُرُ بها إنْسَـانٌ تواجَدَ في الـيَـمَـن في فترة أيام وساعات ولحظات ما قبل فجر الثاني عشر من ربيع الأول ذكرى مولِد المصطفى صلواتُ ربي وسلامُه عليه وعلى آله الطاهرين، وذلك حين يستمتعُ بمتابعةِ لحظات انتظار أولئك العُشَّاق ومدى لهْفتهم وشوقهم إلَـى لحظة بُزُوغ فجر ذكرى مولد النور.
حقاً إنَّها لحظاتٌ يجدُ حينَها المرءُ نفسَه مسكوناً بكمٍّ هائلٍ من المشاعر التي تتدفَّقُ منها ينابيعُ الإطراء والإعجاب باتجاه حدائقَ مليئةٍ بورود وأزهار الإكبار والإجلال لأبناء الشعب الـيَـمَـني العظيم، حيث لا يسع مَن يطيلُ النظرَ ويمعنُ في التأمل إلَـى ما يصنعُه أحفادُ الأنصار وهم يعدون ويستعدون للاحتفاء بذكرى مولد خير خلْق الله، وبالرغم من الظروف القاسية والاستثنائية والمرحلة الحرجة التي يمرُّ بها بلدُهم في ظل استمرار همَجية وإجرام وحصار تحالف العدوان الصهيومتصهين على الـيَـمَـن الأرض والإنْسَـان.
يأتي حرْصُ ومبادَرة الأمة الإسلامية بما فيها شعبُنا الـيَـمَـني على إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف لاعتباراتٍ عده، بل إن ذلك يعتبرُ استجابةً لموجبات وتلبيةً لدعوات دينية وأخلاقية وإنْسَـانية، وسنتطرق إليها بإيجاز وعلى سبيل الاختصارِ لا الحصر. بداية لا شك أن إنْسَـاناً وقائداً تأريخياً ونبياً كريماً كمُحَمَّــد صلوات الله عليه وعلى آله وهو مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين وليخرجَهم من ظلمات الجهل والجاهلية إلَـى نور العلم والإسلام وأن رجلاً جعل اللهُ من مولده وابتعاثه بمثابة نقطة تحول ونقلة نوعية وحركة تغيير جذرية وكان هو من أسسها وانطلق بها وقاد مسيرتها ومَن مَثل رسالةَ خيرٍ أرسلها الله رحمة لعباده ، ورجلاً أرسله الله بالخير والصلاح والهداية لكي يُحِقَّ الحقَّ ويُزهِقَ الباطل ولكي يحرر الناس من عبودية الطواغيت ومنقذاً للمستضعفين من استذلال واستبداد المستكبرين.. إن رجلاً أرسله الله إلَـى مجتمع لينقذه من الحالة المزرية التي كان يعيشها ولكي يبدل تلك الحالة التي يسودها الشر ويهيمن فيها الأشرارُ بأخرى يسودها الخير والأخيار، ومن أرسله الله منقذاً للبشرية كيلا يستمرَّ الفسادُ والإفسادُ هما السائد الطاغي لَهو جديرٌ بأن يكرَّمَ ويُحتفى به ويخلد ذكره وذكرى مولده. احتفاؤنا بذكرى مولد حبيبنا ونبينا مُحَمَّــد – صَلَـى اللهُ عَلَيْه وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- ليس إلا تجسيداً لمعاني التعظيم والإجلال والتقديس التي تسكن في أعماقنا وَوجداننا وتعتقدها وتؤمن بها أحاسيسنا ومشاعرنا وكل جوارحنا ونبضات قلوبنا. نحيي مولدَه الشريفَ؛ لأنه يمثل لنا شعيرة من شعائر الله ولأن في إحيائه وتعظيمه يزدادُ إيمانُنا ويسكّنُ اللهُ التقوى في قلوبنا، كما بشّرنا وحثنا على ذلك المولى تعالى في قوله تعالى ﴿ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾. نحتفل بمولده الشريف كي نستلهم منه العظمة والعزة والكرامة ولأنه يجب أن نحتفل ونفرح بفضل الله علينا وبرحمته لنا تماماً كما وجهنا بذلك الرحمن الرحيم في قوله تعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، وهل هناك ما هو أفضل وأرحم من فضل الله علينا ورحمته لنا من نبي الرحمة مُحَمَّــد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله في كُلّ وقتٍ وأوانٍ وحين الذي خاطبه الله في محكم كتابه بقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)؟؟!!!. نُحيي المولدَ النبوي الشريف بالحديث عن مَن أرسله الله بالدين المشهور والعلم المأثور والكتاب المسطور والنور الساطع والضياء اللامع والأمر الصادع إزاحةً للشبهات واحتجاجاً بالبينات وتحذيراً بالآيات وتخويفاً بالمَثُلات.
نحتفلُ بمولد النبي مُحَمَّــد الإنْسَـان والقائد العظيم بالحديث عن سيرته كي نستفيد من مواقفه بما فيها من الدروس والعبر العظيمة. نحيي المولد النبوي الشريف كي نتحدث عن عظمة النبي وعن ما عُرف به من القيم والمبادئ الإنْسَـانية والآداب والأخلاق النبوية العظيمة. وكيف لا يتذكر المؤمنون نبيَّهم الذي أرسله الله رحمةً وهدىً ونوراً وشاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلَـى الله بإذنه وسراجاً منيراً؟!!. وهو الذي قال في شأنه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إلَـى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا..) إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليس سوى تعبير عن تعظيمنا وإجلالنا ومحبتنا للنبي الذي لولاه لكانت البشرية بأجمعها غارقة في الضلال المبين ومُنْحَطَّةً تعبُـــدُ الأصنامَ ولولاه لاستمر البعض من الناس في ارتكاب جريمة الجاهلية الأولى والتي كانت تتمثل في جريمة وأد البنات إلَـى يومنا هذا، وكما قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُــوْلاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
لم يعُدِ الأمرُ غريباً في زمن تصدّر فيه أدعياء التدين المموَّلون من خزائن براميل البترودولار إن أتى مهرولاً نحوَك أيُّ دعيٍ متلبس بالدين ومصابٍ بجراثيم وأوبئة ترسبات الفكر الوهابي التكفيري بمفاهيمه المغلوطة وأفكاره الهدامة كي يعلن عن رفضه واستنكاره لإقدامك على المشاركة في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف وأنت تنظر إلَـى ملامح هذا المتظاهر بالغيرة على الدين يبدو لك كيف أن شرر الغضب والحقد يتطاير من عينيه باتجاهك وفي اللحظة التي يحدثك فيها عن محبته لك، مؤكداً على ذلك بتكرار قسَمه أنه لك من الناصحين وأن ما يريدُه منك هو أن تتخلى عن هذه الممارساتِ الشركيةَ والتي ما كان لك أن ترتكبها لولا أن ذلك كان نتيجة لانخداعك بمعتقدات الجماعات الشركية الضالة!!!.
ورغم ذلك نقول لكل أولئك الموبوءين بالمفاهيم والأفكار النكرة _التي شرعها وسنَّها لهم قرن الشيطان مُحَمَّــد بن عبدالوهاب النجدي والتي على إثرها ومن مخلفاتها ما تزال الجماعاتُ التكفيرية الإجرامية مستمرةً في مواصَلة ارتكاب جريمة التشويه والإساءة المتعَمَّدة والممنهجة لقيَم ومبادئ وأخلاقيات الدين الإسلامي الحنيف بشتى الطرُق والوسائل_: كيدوا كيدَكم واسعوا سعيَكم وناصبوا جهدَكم، فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميتوا وحينا، وهل أيامكم إلا عدد وجمعكم إلا بدد. فقد كشف أمرُكم وبانت حقيقةُ إساءتكم وعدائيتكم ومعاداتكم للإسلام والمسلمين حتى وإن واصلتم التمظهُرَ بالتدين الكاذب فقد اتضح للجميع أنكم بلا أخلاق ولا دين ولا مروءة وإن كان لكم رابطٌ أو علاقةٌ بدين من الأديان فليس سوى ما لديكم من علاقة وانتماءِ بدين القتل والذبح التفجير، فهو دينكم الوحيد المعروف والمشهور بـ “دين وشريعة براميل البترودولار”.
فمن كان هذا دينه وهكذا هي شريعته تبيحُ وتستبيحُ القتلَ والذبحَ والسحلَ وارتكاب جرائم الإعدامات الجماعية باستهدافِ التجمُّعات والمساجد بالتفجيرات وقتل المئات من المسلمين بالأحزمة والعُبْوات الناسفة وهم رُكَّعٌ سُجَّدٌ أثناء الصلاة فأنّى له أن يتدخل في شؤون المسلمين وفيما يجب وما لا يجب عليهم فعله من أمور دينهم؟؟!!!!
كيف لمن هذه أعماله وهكذا ممارساته اللا أخلاقية واللا إسلامية واللا إنْسَـانية أن يستنكر قيام المسلمين بإحياء ذكرى مولد نبي الرحمة وهادي الأمة. وبكل وقاحة يصر على تشنيع وتسفيه فعلهم بدعوى أنه بدعة ومن الشركيات التي يجب القضاء عليها؟؟!!!!
ثم على أي أَسَـــاس يا معشرَ الوهابية أجزتم لأنفسكم أن تطلقوا العنان احتفاءً وابتهاجاً بمناسبات أعياد جلوس الأمراء والملوك على عروش المشيخات والممالك الوهابية وإلى الحد الذي رأينا الكثير من مشايخكم يتنافسون على إصدار الفتاوى التي تجيز وتحث لا بل تجزم بوجوب الاحتفال وإبداء كُلّ مظاهر الحفاوة والابتهاج بيوم جلوس الأمير أو الملك على عرش هذه الإمارة الصحراوية أو تلك المملكة الأعرابية.
تماماً كما جاء في إحدى فتاوى حفيد قرن الشيطان النجدي عبدالعزيز آل سعود والتي احتفت بها كُلّ وسائل الإعلام ونشرتها جميع الصحف السعودية حيث قال فيها إن الاحتفال بما سماه اليوم الوطني _ يقصد يوم جلوس الملك على العرش _ أمرٌ ضروري وبالغ الأهمية؛ كونه مظهراً من مظاهر الطاعة والشكر لله تعالى، حسب زعمه.!!!!!
لكنه وفي فتوىً أخرى، وهذه من المفارقات العجيبة والغربية، وُجد متلبساً بإصدار فتوى تكفيرية يشنع فيها ويستنكر ما يسميه ارتكاب جماعات وفرَق شركية ضالة جريمة إقامة وإحياء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف باعتبارها والاحتفاء بها من أبشع البدع الشركية الضالة والتي يجبُ على جميع المسلمين تجاه هكذا بدع أن يبادروا إلَـى تفعيل دورهم والقيام بواجبهم في النهي عن ارتكاب هذا المنكر الشنيع والذي يتمثل في السماح بانتشار مثل هذه البدع والمنكرات الشركية.
وأكد على ضرورة السعي وبكل الوسائل إلَـى القضاء عليها ومنع وملاحقة من يفكر ولو مجرد تفكير بإقامتها، حسب ما يعنيه مضمونَ فتوى مفتي عام المملكة الوهابية السعودية.
الفنونُ والإبداعاتُ الـيَـمَـنية في بطولة تعظيم وتمجيد النبي في مولده الشريف
بالنسبة لما تتضمنُه الاحتفالاتُ والفعاليات الثقافية والشعبية وما يحتويه برنامجُ فقراتها المتنوعة والهادفة فإلى جانب ما تتضمنه من خطب ومواعظَ روحيةٍ وإرشادية يُبدي الـيَـمَـنيون اهتماماً كبيراً وحرصاً شديداً على التعبير عن ما يكنونه من مشاعر التعظيم والإجلال لرَسُــوْل الله عليه وعلى آله أزكى الصلاة وأتم التسليم ولذكرى مولده الشريف، حيث يتبارى الجميعُ وكلٌّ من موقعه وبأسلوبه، الكل يحرص على أن يُدلي بدلوه في هذه المناسبة العظيمة، فنرى العلماء والخطباء وهم يتسابقون إلَـى الحديث والخطابة عن مآثر ومناقب وعظمة صاحب الذكرى الشريفة، وكذلك الحال بالنسبة لباقي النُّخَبِ في المجتمع الـيَـمَـني، مثقفين وصحفيين وشعراء وإعلاميين وفنانين، حيث أن أحداً من هؤلاء لا يمكن له أن يرضى لنفسه أن يستقبلَ هذه الذكرى بالتجاهل واللامبالاة، فالجميع حريص على أن يضع بصمتَه في سجلها، فلهذه الشعيرة ومن أجل تعظيمها يكتبون المقالاتِ ويَنْظْمُون القصائد والأشعار ويعبّرون عن فرحهم وابتهاجهم بإحيائها بترديد الأهازيج والزوامل المعبّرة والأناشيد والمعزوفات الفنية الجميلة والهادفة.
كلُّ الأجواء تشدو فرحاً ومظاهرُ الحياة تزدانُ بحُلَّة المناسبة
يدهشُك المنظرُ وأنت تشاهد الـيَـمَـنيين وهم يتسابقون ويتنافسون على تعظيم وتكريم النبي في ذكرى يوم مولده الشريف من خلال إظهار مختلف الإبداعات والفنون يتسابقون إلَـى التعبير عن ابتهاجهم وفرحتهم وحبهم وانتمائهم وولائهم لنبيهم بإبراز مظاهر وتشكيلات متنوعة وبالألوان الجميلة الزاهية عادةً ما يشعُرُ ويتمادى الناظرُ إليها في استمتاعه بروعتها وجمالها.
وكما يعبر الـيَـمَـنيون عن حقيقة ولائهم وعمق ارتباطهم بنبيهم وتمجيدهم له وفرحهم وسرورهم بحلول ذكرى مولده الشريف بأساليب وطرق شتى، حيث يحرصون على طبع وتعليق اللافتات وإلصاق الملصقات وكتابة العبارات الملهمة والهادفة والمعبّرة على جُدران المنازل وفي واجهات المؤسسات والمنشآت والشوارع والأحياء العامة والمهمة.
فحين تتابعُ مظاهرَ الحياة والأجواء العامة تشعر بالمفاجأة والإعجاب وقد تسيّدا الموقف بعد أن مزجتهما روعة المشهد ثم تحدث نفسك متسائلاً عن كيف استطاع الـيَـمَـنيون أن يحولوا الحياة والأجواء العامة خلال أيام الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف إلَـى حياة وأجواء فرائحية وبهذا الشكل البديع والعجيب.
حيث تعجز ألسنة أرباب الفصاحة والبلاغة عن الوفاء لذلك المشهَد بما يستحقه ويليقُ به فماذا عسى المرء أن يقولَ وهو يشاهد الانتشارَ الواسع للأعلام والرايات ذات اللون الأخضر وهي ترفرف عالياً بشعار المناسبة المكتوب عليها باللون الأبيض “لبيك يا رسول الله”.
في الـيَـمَـن وفي أيام المولد تجد كُلّ شيء يحتفل برَسُــوْل الله، البشر والشجر والحجر، فالمنازل والمحلات التجارية وكذا السيارات وكل وسائل النقل ترتدي زينتها احتفالاً بمولد نور الهدى كما تتزين الحواري والشوارع العامة بألوان المناسبة الأخضر والأبيض.
يفعل الـيَـمَـنيون كُلّ ذلك تعظيماً لنبي الإسلام وابتهاجاً بمولده الشريف كمسلمين أولاً وكيمنيين أحفاد أنصار نبي الأمة وخاتم النبوة.
مما لا شك فيه أن عُشَّاقَ المصطفى من أبناء الشعب الـيَـمَـني العظيم يدركون جيداً مدى أهمية إحياء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام، حيث أن إحياءَها والاحتفاء بها بشكل واسع وبحشد كبير ومنقطع النظير، خصوصاً في ظل ما تعيشُه الـيَـمَـنُ من عدوان صهيوأعرابي استهدف واستباح كُلَّ شيء في الـيَـمَـن؛ ولأن في الاحتفاء بالمناسبة من قبَل الـيَـمَـنيين وبحضور واسع وحشد كبير سيبعث الـيَـمَـنيون من خلاله رسالةً مفادُها أنهم في موعد لإعلان التفافهم واجتماعهم حول رَسُــوْلِ الله وتحت رايته للمُضي قدماً على دربه وكي يسلكوا سبيلَه ويسيروا على نهجه ويقتفوا أثره، تماماً كما في مسيرة ومنهاج من اقتفى أثره وسار على دربه من عترته أهل بيته.
فهذه المناسبة ليست عبارة عن فعالية سياسية ولا وسيلة للكسب السياسي كما يتوهم الكثير من الحاقدين والمرضى.
وما يجب على كُلّ الشرفاء والأحرار من أبناء الشعب الـيَـمَـني العظيم هو استشعار المسؤولية الجماعية وأن يسعى الجميع النساء والرجال والعلماء والمشايخ وكل النخب والمثقفون، مدرسين ومهندسين وأكاديميين وتجاراً ورجال أعمال وكل الشخصيات الاجتماعية، وليتحرك الجميع كلٌّ من موقعه نحو الدفع والحشد والحث على أهمية إحياء ذكرى المولد الشريف هذا العام والذي يأتي خلال ظروف استثنائية يمر بها الـيَـمَـن في ظل العدوان عليه من قبل تحالف دول التخلف الأعرابي العبري الغربي الجبان.
ولما يمثل الحشد الكبير والاحتفاءُ منقطعُ النظير بالمولد النبوي الشريف من إدانة قوية وصفعة مدوية لعبيد الأمريكان وعبيدهم وأذيالهم من مرتزقة الداخل الذين تجرّأوا على اقتراف جريمة استهداف الـيَـمَـن أرضاً وإنْسَـاناً من خلال هذا العدوان الغاشم والحصار الظالم، بالرغم من كوننا جزءاً من هذه الأمة الاسلامية التي حقن المصطفى دماء وأعراض وأموال أبنائها، إلا أن هؤلاء الأعراب الذين استوطنت عقولَهم وأفئدتهم الصهيونية وصلفها، أصروا على أن يشنوا العدوان علينا وأن يوجهوا أسلحتهم لاستهدافنا في وقت ما يزال الفلسطينيون يقاومون إجرام ترسانة الكيان الصهيوني بالحجارة، وقد كان الأولى والأحرى بعصابات الأعراب ومشيخاتهم وممالكهم الصحراوية أن يتوجهوا بعاصفة حزمهم وترسانة أسلحتهم لدعم ومساندة مقاومة الحجارة الفلسطينية. كي تتمكنَ من دحر الاحتلَال والإجرامِ الصهيوني المستمر منذ ما يزيد عن السبعين عاماً، ولكن أنّى لهم ان يفعلوا ذلك وهم مَن شنوا العدوانَ علينا وهدفهم من ذلك أصلاً حماية إسرائيل.