سياسات أمريكا العدائية في العالم تستوجب وجود نظام عالمي جديد
أفق نيوز../
بات العالم الآن يدرك أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى بسياستها المتبعة الى افتعال الحروب والمشاكل في كثير من دول العالم خدمة لمصالحها الأنانية، كما تسعى الى إسقاط الحكومات الوطنية في كثير من البلدان وتنصيب حكومات تابعة تتوافق مع سياساتها العدائية.
لكن واشنطن عندما تفشل في سعيها لتغيير الأنظمة في تلك البلدان تتبع سياسات عدائية بديلة من خلال فرض حصار اقتصادي وسياسي على تلك الدول والحكومات التي أفشلت سياستها وقد يؤدي الأمر أحيانا الى تدخلها العسكري.
العالم اليوم لم يعد يحتمل الممارسات الأمريكية المنفردة والسياسات القائمة على العصا الغليظة في العالم التي تحدد نوع العقوبات التي تفرضها بين الحين والأخر تحت أي ذريعة ترغب أن تلصقها بهذه الدولة أو بتلك والتي قد تصل في بعض الأحيان الى التدخل عسكريا، أو على اقل تقدير الى عقوبات اقتصادية تؤدي الى تجويع الشعوب وخراب اقتصاد البلدان.
ومعلوم لدى الجميع أن النظام العالمي الذي تريده أمريكا بإداراتها المتعاقبة هو السيطرة على مقدرات الشعوب ونهب الثروات وبقائها شرطي العالم الذي يتهدّد أيّة دولة، بفرض الحصار المالي عليها، ومقاطعتها من جانب الشركات والدول متى تشأ، وهو الأمر الذي يستوجب معه البحث عن نظام عالمي آخر جديد أكثر انضباطا لتحقيق درجة من العدل النسبي، ولتخفيف درجة أو أكثر من الظلم العالمي.
ولتبيان الأمر “الحرب في أوكرانيا” (نموذج) ، الولايات المتحدة الأمريكية هي التي أوصلت الوضع الجديد في أوكرانيا إلى تهديد خطير للأمن القومي الروسي، ومن ثم إجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على شنّ الحرب في 24 فبراير 2022 على أوكرانيا فيما أطلقت واشنطن منذ ساعاتها الأولى، أشد العقوبات على روسيا، وتسعى لفرض عزلة دولية عليها، مع توريطها في حرب تستنزفها مع الجيش الأوكراني الذي سلحته بالمضادات المتطورة للطيران والدبابات، وأمنت له كل دعم للمضيّ في الحرب إلى أبعد مدى.
والحرب في شكلها الظاهري بين روسيا وأوكرانيا، لكنها في الجوهر حرب عالمية بين روسيا وأمريكا، مع امتدادها الى التحالف بين روسيا والصين، وامتدادها كذلك بين أمريكا وبريطانيا وأوروبا عموما، وذلك على الرغم من أن انخراط أمريكا وأوروبا في الحرب إلى جانب أوكرانيا لم يتخذ سمة مشاركة عسكرية مباشرة، ولكنها مشاركة عسكرية أو شبه عسكرية، وانخراط الصين إلى جانب روسيا لم يتخذ شكل دعم عسكري ولكن دعماً سياسيا ومالياً واقتصادياً.
وهكذا كانت أمريكا وراء مساعي ضمّ أوكرانيا للناتو، والأهم كانت وراء ما حدث من انقلاب في 2014 في كييف، وتشكّل نظام معادٍ لروسيا، وما نجم عن ذلك من انقسام “أوكراني- أوكراني: غرب وشرق”.
ومع تدفق المساعدات العسكرية الغربية لكييف،واستمرار العقوبات الاقتصادية على موسكو ، والتلويح بدعم واشنطن القوي لتايوان في أحدث خلاف لها مع بكين ليكرس ذلك توتر العلاقات الروسية- الأمريكية والأوروبية، كما الصينية- الأمريكية وهو الأمر الذي سيؤثر على نتائج الحرب في تشكّل العالم من بعدها.
ويرى الكثير من المراقبين أنه عندما تنتهي الحرب فلا شك أن أمريكا ستواصل حربها الاقتصادية والسياسية والإعلامية ضد روسيا، وامتدادها ضد الصين، الأمر الذي سيدفع روسيا والصين لإيجاد عالم اقتصادي خارج عالم الدولار والسويفت؛ عالم العقوبات. وقد أخذ هذا العالم الاقتصادي- السياسي يتشكل أثناء الحرب في أوكرانيا.
ويرى المراقبون أنه بدأ حاليا تشكل نظام عالمي اقتصادي موازي يخوض الحرب العالمية من خلال روسيا والصين أثناء الحرب في أوكرانيا وهذا النظام مرشح لجعل العالم أمام نظامين اقتصاديين يحمي كل منهما قوى عسكرية موازية أيضا.
وعلى ضوء التغيرات “الجيوسياسية” يبدو أن العالم بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا سيتغير ومن الطبيعي أنه لن تكون مصالح روسيا والصين متطابقة في كل القضايا” ،بحسب المراقبين.
سبأ: عبدالعزيز الحزي