بكثير من الترقب ظهر أخيرا المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ على الشاشة ساردا أمام أعضاء ورئاسة مجلس الأمن نتائج جنيف2 ما إن أكمل قراءة كلماته المكتوبة أمامه في مسودة التقرير حتى أجهز حالا على آخر بصيص أمل لدى كل مواطن يمني يستبشر ببوادر حل قريب لا سيما في وجود مثل هذا الرجل الإنحيازي.
ومن المؤسف حقا بل من المعيب في أداة السلم التي يفترض أنها مكلفة بالتوسط وتقريب وجهات النظر بين طرفين أن تكون بهذه الجاهزية على المغالطة والتضليل وهذا الإستعداد على تزييف الحقائق التي تجري على أرض الواقع.. إذ أنه كيف بمقدورنا كمواطنيين يمنيين أن نثق به وفريقه وهو لا يتحلى بالنزاهة والشفافية وصدق القول والعمل أو كيف يمكن أن تسفر المفاوضات القادمة التي أعلن عنها عن بشائر تدعو للتفاؤل بينما هو مواظب على نقل صورة المشهد اليمني بأسلوبه المتحيز الخالي من المهنية والإنصاف.
قرأ ولد الشيخ تقريره في نقل حي ومباشر وليته كان سكت ، سمعت منه المكتوب في المسودة الماثلة أمامه بصوته وأنا أضع كفي على خدي من هول ما هو مكتوب ، تساءلت هل الرجل وهو يقول ما يقول مقتنع صدقا بما كان يقول ؟!
صدقا وأنا أعتذر عن عدم التزامي بالدبلوماسية في هذا الظرف المعقد أقول: إن ولد الشيخ ومن خلال تقريره في تقديري ليس إلا آلة من آلات تغذية الحرب وتأجيج الصراع القائم ، لقد كان في تقريره مجحفا جدا وظالما بل إنه في رأيي لا يقل إجراما عن الطائرات التي مازالت تقصف البلد يوميا وتدفن العشرات من أبنائه تحت منازلهم بتعسف واستهتار ولا إنسانية.
فكيف لمثله وقد طالع بعينيه كارثية العدوان أن يستمر في تصوير الحرب على أنها بين الأطراف التي جاءت للحوار وأن كل الجرائم بحق المدنيين مجرد صراع داخلي محض متجاهلا طرف الحرب الرئيسي الذي يمتلك أسلحة الدمار الشامل والمسؤول الأول عن القصف البربري الذي عاث في أرجاء البلاد شمالا وجنوبا. بل كيف يتحدث عن استهداف منظمة أطباء بلا حدود ويذكرها بالاسم دون أن يحدد الطرف الذي ارتكب الجريمة؟ ولماذا كان يكرر ويؤكد التزام عبدربه منصور بالهدنة ويشكره على مواقفه الإيجابية حسب زعمه بلا شفافية توضح أين اخترقت ومتى وكيف؟
أما المغالطة العظمى هي حديثه عن تنظيم الدولة الإسلامية وانتشاره في أبين وشبوة والمكلا دون ذكر تحت سيطرة من تخضع تلك المناطق وتحت مظلة من بالتحديد.. ثم إنه كان إنتقائيا جدا حين ذكر ما يحدث في تعز دون الإشارة ولو بالتلميح لما حدث لصعدة وحجة ومارب وما وقع في ذباب وسنبان والحديدة
والمهم في نهاية كل هذه الصدمات أعلن ولد الشيخ عن إطار تفاوضي جديد لم يحدد ميقاته لكنه لم ينس أن يشكر الحكومة اليمنية عبدربه منصور والمخلافي على موقفهما الإيجابي حد تعبيره ثم يلحق ذلك بشكره للأخ الزوكا والأخ عبدالسلام على التنازلات الجريئة دون أن يقول إنهما طرف الحوار الآخر القادم من الداخل.
لكن الأهم هو أنه في خلاصة الأمر لم يمنح المواطن اليمني المتعطش للسلام ما ظل ينتظره طيلة كل تلك الشهور من المعاناة ، وبهذا يسدل ستار المشهد الثاني لجنيف الذي أعده للمسرح المخرج الخطير الذي جهز لولد الشيخ هذا النص المشوه والذي يبدو أنه ينوي تمديد الحرب إلى أجل لا يعلمه سوى علام الغيوب.